استعرض جون سعد خبير الاستثمار والضرائب عدة ملامح تؤدى للقلق و المخاوف من تملك الأفراد والمؤسسات للجامعات الخاصة فى مصر ثم طرحها لاحقاً فى البورصة.
وذكر أن الشركات يقوم قانون تأسيسها على هدف الربح وانشئت من أجل التجارة والربح ، فى حين ان الجامعات الخاصة ليس غرضها الأساسى تحقيق الربح وعائدها يضخ بشكل كبير إلى ميزانية الجامعة.
ثم يأتى التساؤل الأكبر حول إمكانية هذه الشركات وفقا لقانونها أيضا أن تطرح هذه الجامعات الخاصة فى البورصة المحلية ولا يستبعد أن تطرح فى البورصات العالمية أيضا.
التعليم أمن قومى ولا يجب الإتجار فيه
وقال جون سعد إن المخاوف تنتاب الجميع من مجرد طرح إمكانية البعض بيع أو التفكير فى بيع إحدى هذه الجامعات ، والتى لها دورا مهما وأساسياً فى منظومة التعليم العالى فى مصر.
ونبه لضرورة العودة إلى نصوص قانون الخاصة الحالية التى تمنع وتحظر كل هذا ولا تحتاج فى نفس الوقت إلى أى تعديل أو توضيح باعتبار أن الجامعات الحالية والموجودة على الساحة لا تحقق أرباحاً لاعتبارات كثيرة تتعلق بالإنفاق بشكل عام.
بخلاف التكلفة المرتفعة والمنح الدراسية لأنواع كثيرة من الطلاب نص عليها القانون أو لم ينص وغيرها من متطلبات العملية التعليمية أو قد تكون البعض منها قد حققت بالفعل القليل أو هامش بسيط من الأرباح ولأنها فى النهاية لا تهدف إلى الربح.
وتابع : من هنا يكون التخوف من قيام الشركات المحلية أو العالمية التى يمكنها أن تشترى وتتملك هذه الجامعات ببيعها مرة أخرى أو طرحها فى البورصة المحلية أو العالمية إذا شعرت أنها تحقق خسائر أو تقوم بإغلاقها دون اهتمام منها بمستقبل الطلاب الدارسين فيها والخوف هنا على المستقبل التعليمى للطلاب وإلى أين يتوجهون؟
وأوضح جون سعد أن منظومة الجامعات الخاصة فى مصر تضم نحو 28 جامعة خاصة تستوعب نحو 7 % تقريبا من طلاب التعليم العالى وصدر لها القانون رقم 101 لسنة 1992وتعديلاته بشأن إنشائها ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 219 لسنة 2002.
ألزم المشرع أن تكون أغلبية الأموال المشاركة فى رأسمال الجامعات الخاصة مملوكة لمصريين ولا يكون غرضها الأساسى تحقيق الربح وعهد المشرع بموجب هذا القانون ولائحته التنفيذية إلى الوزير المختص بالتعليم العالى بمجموعة من الاختصاصات تشمل وضع السياسة العامة للتعليم الجامعى الخاص فى إطار التخطيط العام للتعليم العالى والعمل على توجيه هذه السياسات بما يتفق مع حاجة البلاد والتنسيق فيما بين هذه الجامعات وفيما بينها وبين الجامعات الحكومية.
ومع الاعتراف بأن الدولة شجعت ومازالت تشجع على إنشاء الجامعات الخاصة لتكون رافداً من روافد التعليم الجامعى وتزيد بوجودها القدرة الاستيعابية لهذا النوع من التعليم الجامعى الذى يحتاج إليه المجتمع بشدة
المادة الأولى
نذكر فقط أن المادة الأولى من قانون 101 لسنة 1992 و تعديلاته ولائحته التنفيذية وتعديلاتها نصت على “يجوز إنشاء جامعات خاصة تكون أغلبية الأموال المشاركة فى رأسمالها مملوكة لمصريين ولا يكون غرضها الأساسى تحقيق الربح ” ،
و قد سبق وأن أصدر مجلس الدولة فى هذا الشأن الفتوى رقم 1245 بتاريخ 18/12/2005 بشأن الشكل القانونى الذى يمكن أن تنشأ الجامعات فى ظله وخلصت الفتوى بعد استبعاد أشكال الهيئة العامة والشركة التجارية الخاصة إلى أن شكل المؤسسة الأهلية التى ينظمها قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الأنسب للأشكال القانونية لإنشاء الجامعة.
تحدى للقانون وتحايل مرفوض وازدواجية معايير
وقد أصدرت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، فتوى قضائية أكدت فيها عدم جواز إنشاء الجمعيات والمؤسسات الأهلية لشركات أو المساهمة فى تأسيسها طبقاً لأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم (84) لسنة 2002 للشركات لتعارض ذلك مع أهداف وأغراض هذه الجمعيات والمؤسسات والتى تنشأ لأغراض غير تحقيق الربح المادى ، وهو ما يتعارض مع الغرض الرئيسى من تأسيس أو المساهمة فى تأسيس الشركات – أيًا كان نوعها أو شكلها – وهو السعى نحو تحقيق الربح دون غيره .
وبالنظر الي الطبيعة القانونية للجامعات الخاصة فإن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 101 لسنة 1992 و الصادرة بالقرار الجمهوري 355 لسنة 1996فى 27/11/1996 قد حظرت المادة 16 و ايضا اللائحة التنفيذية للقانون 12 لسنة 2009 و الصادرة بالقرار الجمهوري 302 لسنة 2010 المادة 31 قد حظرت ايضا التصرف في ممتلكات الجامعة لغير صالح الجامعة
و التى نصت علي الاتى : ” لا يجوز سحب الاموال المودعة لحساب او التصرف في ممتلكاتها لغير صالح الجامعة ” و يستبين من النص القانونى المشار اليه اعلاه حظر التصرف فى أصول و ممتلكات الجامعة لغير صالح الجامعة وأن طرح الأسهم يعتبر أحد أوجه التصرف فى أصول وممتلكات الجامعة بل إن الجامعة بذلك لا تملك قرارها وتفقد استقلاليتها .
كذلك حدد القانون على وجه الخصوص فى هذا الشأن طبقا للمادة (13) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بقانون رقم 12 لسنة 2009 وتعديلاته والصادرة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 302 لسنة 2010 والتى تنص على ” يتعين إخطار الوزارة قبل إجراء أى تعديل فى البيانات أو المستندات التى صدر قرار إنشاء الجامعة وفقاً لها ويحال الإخطار إلى المجلس ليوصى بما يراه
ويصدر الوزير قراره بالقبول أو الرفض خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار، وفى حالة موافقة الوزير على التوصية بقبول التعديل يتخذ الإجراءات اللازمة للعرض على رئيس الجمهورية لاتخاذ ما يراه، ولصاحب الشأن الطعن على قرار الرفض أمام محكمة القضاء الإدارى “
التعليم الجامعى الخاص يجب ألا يخرج عن سيطرة السياسة العامة للدولة
وقد اخطرت وزارة التعليم العالى الجامعات بشأن قرار مجلس الجامعات الخاصة والأهلية رقم 46 بتاريخ 7/3/2016 و الذى قرر ايقاف قبول طلاب جدد فى حالة ثبوت تغيير فى ملكية الجامعة أو فى حصص المساهمة فيها دون مراجعة الإجراءات القانونية من قبل أمانة المجلس والحصول على الموافقة اللازمة.
وفى النهاية أكد جون سعد أن هناك تخوفات يؤكدها البعض بأن هناك بالفعل جامعات خاصة تم بيعها لشركات محلية أو أجنبية والبعض الآخر يتحدث عن تلك التى فى سبيلها للبيع
والدليل على التعارض الصارخ والغير قابل إلا لهذا المسمى بين قانون الجامعات الخاصة والقانون التجارى أن الدولة قد وضعت ضوابط مشددة على التبرعات التى تقبلها هذه الجامعات ومصادرها والغرض منها ولا يجوز للجامعة قبول هذه التبرعات إلا بعد موافقة الجهات المعنية المختصة فى الدولة بذلك بما يتفق ومصالح البلاد
فكيف يُسمح للقانون التجارى التحكم فى قانون التعليم ويكون للقانون التجارى الكلمة العليا فى إدارة هذه الجامعات
ولذلك يحذر من عدم تحكم أصحاب رؤوس الأموال فى التعليم ووجوب الفصل بين الملكية والإدارة ” حيث أنه فى الآونة الأخيرة صدرت قرارات لجامعات ليس لمؤسسيها أى صلة أو خبرة بالتعليم ويتخذون من إنشاء هذه الجامعات واجهة لأعمالهم الأخرى
وطالب جون سعد بالتأنى والدراسة المستفيضة وإجراء الأبحاث اللازمة حول مؤسسى الجامعات الخاصة ومدى خبراتهم فى التعليم حتى لا تتحول وزارة التعليم إلى وزارة التعليم والتجارة .
والشئ المثير للسخرية والغير قابل إلا لهذا المسمى أن أكبر دليل على عدم قانونية تملك الشركات لجامعات خاصة وطرح أسهمها فى البورصة الآتى :
نص قانون الجامعات الخاصة رقم 101 لسنة 1992 والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية المادة الخامسة ” ….. وللجامعة الخاصة أن تقبل التبرعات والوصايا والهبات والمنح التى تحقق أغراضها سواءً من داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها ، بما يتفق ومصالح البلاد ، وتعفى مبالغ التبرعات والهبات من ضرائب الدخل ، فى الحدود المقررة فى القانون رقم 91 لسنة 2005 ” .
عرض بيع جامعة خاصة تحت التأسيس مقابل 1.3 مليار جنيه
وأن هذا يتعارض تعارض صارخ بأن تقبل الجامعة الخاصة التبرعات والوصايا والهبات والمنح وهي معروضة في البورصة و بغرض زيادة سعر السهم فى البورصة وبذلك يكون العائد على حامل السهم وليس على الدولة لأنه أدخل الوصايا والهبات والمنح من ضمن أصول الجامعة بما يتعارض مع قانون الجامعات الخاصة .
نص قانون الجامعات الخاصة رقم 101 لسنة 1992 والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية المادة الأولى ” على ألا يكون غرض الجامعة الأساسى تحقيق الربح ” وهذا يتنافى مع القانون التجارى الذى غرضه الأساسى الربح .
نصوص قانونية
فكيف تطرح أموال الشركات التى تمتلك جامعات خاصة فى البورصة وهى غرضها الأساسى تحقيق الربح فى حين أن الجامعات الخاصة ليس غرضها الأساسى تحقيق الربح ؟؟!! .
ولذلك يرى انه لا يجب ان نسمح بتحويل ابنائنا الى ارقام بالبورصة ترتفع و تنخفض و تباع و تشترى و تزيد و تقل من أجل مكاسب المضاربين على التعليم فى البورصة.
خاصة فى ظل عدم ملائمة بعض الأحكام القانونية الخاصة بالشركات التجارية مع أحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية والتى تعرض اسهم الشركة في الاسواق المالية مما يهدد العملية التعليمية وجودتها وتهديد الطلاب والاسر مما قد يعرض الجامعات للإفلاس او التصفية لاكتسابها صفة التاجر.
ان الهدف من انشاء الجامعات يختلف كليا عن اهداف الشركات التجارية وأية ذلك أن الشركات التجارية تهدف بصفة أساسية إلى الربح وهذا يتعارض مع فلسفة التعليم كقضية امن قومي بعرضها في الاسواق المالية مما يفقد الدولة السيطرة على القائمين على هذه الجامعات ومؤسسيها و نوعية المساهمين فيها مما قد يجلب عناصر موجهة تهدد أمن وسلامة المجتمع ” التعليم امن قومى “
حيث ان هذا الخلط يسلب الجامعات الخاصة خصوصيتها في أن يكون لها قانون يحكمها وينظم علمها ولا يجوز خلطه بقوانين أخرى تجارية لن تقوى على سلبيات الاتجار بالتعليم.
بالإضافة إلى أن طبيعة نشاط الجامعة وأهدافها وما تتطلبه من دوام صفة الانتظام للنشاط التعليمي قد تجعل من جواز مساهمة الشركات التجارية في إنشاء الجامعات الخاصة أو المساهمة فيها مغبة الوقوع في مخاطر التجارة والمقامرة بالعملية التعليمية وهذا ما يتعارض مع كفالة الحق في التعليم ومدى القدسية التي اضفاها عليه الدستور .
وتابع : أن كفالة الدستور لحق التعليم تنطلق من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة وأكثرها خطراً ، وإنه أداتها الرئيسية التي تنمى في النشء القيم الخلقية والتربوية والثقافية وإن الدولة مسئولة عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها.
مسئولية كبرى
فضلا عن كفالة استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي ، وإذا كان التعليم العالي – بجميع كلياته ومعاهده – يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته فإنه يتعين أن يرتبط في أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه التزاما بما تطلبه صريح نص المادة (18) من الدستور .
” ..وأنه لا يسوغ إغفال أن التعليم في مناحيه المختلفة سواء كان تعليماً حكومياً أو خاصاً تقوم على تنظيمه قوانين خاصة قائمة بذاتها كل في مجالها ” .
فتوى رقم 503 بتاريخ 24/5/1992
كما استظهرت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع أن المشرع في القانون رقم 49 لسنة 1972 أناط بالجامعات الخاضعة لأحكامه الاختصاص بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذى تقوم به الكليات والمعاهد التابعة لها تحقيقاً لأغراضها المنصوص عليها بالمادة (1) منه وقرر اتخاذها شكل الهيئات العامة ، ومنحها الشخصية الاعتبارية المستقلة ،
ودعماً للتعليم الجامعي والبحث العلمي وتلبية لاحتياجات المجتمع من التخصصات العلمية الحديثة أجاز المشرع في القانون رقم 101 لسنة وتعديلاته 1992 إنشاء جامعات خاصة تكون أغلبية الأموال المشاركة في رأسمالها مملوكة لمصريين ولا يكون غرضها الأساسي تحقيق الربح ، ومنحها شخصية اعتبارية خاصة ومستقلة.
واوضح جون سعد إن عرض الجامعة الخاصة ببورصة الاوراق المالية هى فى حقيقة الامر اقرب منها لقانون الشركات التجارية عن قانون الجامعات الخاصة بل يتعارضوا معه حيث ان قيد هذه الشركات التى تملك جامعات فى البورصة هو فى حقيقة الامر نوع من انواع المضاربة على التعليم الذى كفلة الدستور حقا لكل مواطن ولا يوجد فى العالم اجمع ” تعليم فى البورصة “.
مخاوف من تبعات الطرح
ورأى أن هذا سوف يؤدى إلى أن المستثمر الرئيسي في الجامعة سوف يعرض أسهمه لأعلى سعر ويدخل مساهمين جدد أو مضاربين جدد يكون غرضهم العائد على السهم دون النظر إلى العملية التعليمية.
وقد يصل في بعض الجامعات عدد المساهمين إلى 4000 مساهم كما هو الحال بشركات التجارية المساهمة ويخرج صاحب الحصة الرئيسية تاركاً 4000 مساهم خلفه يحوزون ما بين 10 أسهم و20 سهم و 30 سهم و500 سهم.
مما يؤدى في النهاية إلى سقوط الجامعة بعد خروج المستثمر الرئيس الذى كان هدفه بدء الجامعة بسعر سهم ضعيف وتنمية هذا السعر إلى اقصى درجة ثم بيعه والخروج من العملية بالكامل.
وهذا بموجب مشروع القانون الجديد يكون قانونى 100 % فضلا عن تسرب عناصر غير مرغوب فيها “امنيا ” وسط هؤلاء المضاربين والمساهمين ويجب الا ننسى او نتناسي ان التعليم فى حقيقته “امن قومى “.