مع ازدياد وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية، تتعرض شركات إعادة التأمين لضغوط كبيرة للتخفيف من المخاطر وإدارة المطالبات بفعالية، ويعد التحدي ملحا بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أدى تغير المناخ إلى تفاقم شدة الأحداث الجوية.
بينما تعمل إعادة التأمين كشبكة أمان مالي لشركات التأمين، ما يسمح لها بتوزيع المخاطر الناجمة عن المطالبات الكبيرة نتيجة للأحداث الكارثية.
إستراتيجيات شركات إعادة التأمين في المجال
“المال” تواصلت مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، وبيّنت أن تقييم المخاطر والنمذجة تساعد شركات إعادة التأمين على تقييم المخاطر المحتملة وتحديد الأقساط المناسبة، بينما تتضمن هذه النماذج البيانات التاريخية وتوقعات المناخ والمعلومات الجغرافية لتوقع احتمالية وتأثير الكوارث الطبيعية.
وأشارت إلى أن توزيع المخاطر عبر مناطق وأنواع تأمين مختلفة يقلل من تأثير الكارثة في أي موقع أو قطاع معين، بينما يضمن الحفاظ على احتياطيات رأس المال الكبيرة أن تكون شركات إعادة التأمين قادرة على تغطية المطالبات الكبيرة، وتعد هذه الوسادة المالية ضرورية للحفاظ على الملاءة والثقة في حالة وقوع عدة كوارث.
التكنولوجيا وإعادة التأمين
وأضافت أماني الماحي أن ظهور التكنولوجيا في إعادة التأمين أو “Reinsurtech”، حوّل كيفية استعداد الشركات والاستجابة للكوارث الطبيعية، بينما تتيح تقنيات تحليل البيانات المتقدمة والذكاء الاصطناعي نمذجة المخاطر بدقة أكبر وأوقات استجابة أسرع، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات من مصادر مختلفة، ما يوفر رؤى حول المخاطر الناشئة وإستراتيجيات الاستجابة المثلى.
وبيّنت أن تقنية الـ”بلوكشين” تعزز الشفافية والكفاءة في عملية إعادة التأمين، بينما تضمن هذه التقنية سجلات آمنة وغير قابلة للتغيير للمعاملات والمطالبات، ما يقلل من الاحتيال ويسرع التسويات، في حين توفر أجهزة إنترنت الأشياء وتقنيات الاستشعار عن بعد بيانات لحظية حول الظروف البيئية، إذ تساعد تلك البيانات شركات إعادة التأمين على مراقبة المخاطر من كثب والاستجابة بشكل استباقي.
والجراف التالي يبين إجمالي الخسائر الاقتصادية، ومنها الكوارث الطبيعية، المقدرة عالميا حتى 2022، والسنوات الـ10 سنوات السابقة عليها، منذ 2012، وفقا لبيانات شركة سوس ري العالمية لإعادة التأمين:
جاهزية التكنولوجيا وإعادة التأمين
وأضافت أماني الماحي أن حلول التكنولوجيا في إعادة التأمين أظهرت وعدا في تعزيز جاهزية شركات إعادة التأمين، وضربت مثالا بالتأمين البارامتري الذي يُحدد بناء على محفزات محددة مسبقا، مثل قوة الزلزال أو سرعة الرياح في الأعاصير، بدلا من الخسارة الفعلية المتكبدة، ويتيح مدفوعات أسرع ويقلل من الأعباء الإدارية.
وتابعت أن أجهزة إنترنت الأشياء والاستشعار عن بعد تعمل على المراقبة المستمرة للأصول المؤمن عليها، ما يوفر بيانات في الوقت الفعلي، ويمكن أن تحفز التدخلات المبكرة أو عمليات المطالبات.
وأوضحت أن منصات الدردشة التي يقودها الذكاء الاصطناعي والمنصات الرقمية تحسّن التفاعلات مع العملاء، ما يوفر معلومات ودعما في الوقت المناسب أثناء وبعد الكارثة.
احتياطات لا بد منها
وشددت أماني الماحي على ضرورة اتخاذ حزمة من الاحتياطات لشركات التأمين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كتدابير احترازية لتخفيف تأثير الكوارث الطبيعية، منها تنفيذ إستراتيجيات شاملة لإدارة المخاطر، تتضمن تخطيط السيناريوهات واختبار الضغط والمراجعات الدورية لنماذج المخاطر، والتعاون مع شركات التكنولوجيا في إعادة التأمين لاستخدام التقنيات المتقدمة لتقييم المخاطر والمراقبة وإدارة المطالبات.
وبيّنت ضرورة تثقيف حاملي الوثائق حول أهمية الاستعداد للكوارث وفوائد منتجات التأمين البارامتري، مع أهمية امتثال الشركات للوائح الإقليمية والمعايير الدولية لإعادة التأمين وإدارة مخاطر الكوارث، واستثمارها في تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتعزيز الكفاءة التشغيلية وقدرات إدارة المخاطر.