يلعب معيدو التأمين دورا محوريا في حماية المجتمعات والاقتصادات من المخاطر التي تفوق قدرة التأمين الفردي على استيعابها، بينما كان معيدو التأمين، فيما قبل، بمثابة العمود الفقري للصناعة الذين يضمنون استقرار الأسواق وحماية الأصول، ومع تطور الزمن، أصبحت مهمتهم أكثر تعقيدا وتشعبا، ما يتطلب رؤية متجددة وإستراتيجيات مبتكرة تعيد تعريف دورهم في عالم يتغير بسرعة.
وإذا كان هناك عاملا واحدا يهدد بزعزعة استقرار صناعة التأمين اليوم فهو التغير المناخي والكوارث الطبيعية، التي كانت تُعد نادرة، بينما أصبحت الآن متكررة وبقوة أكبر، فالأمطار الغزيرة الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات كلها تشكل تهديدات متزايدة للأصول المؤمنة، وهنا يأتي دور معيدي التأمين، ليس فقط كحاملي للمخاطر، ولكن كشركاء في إيجاد حلول مبتكرة لتقليل الخسائر وتحفيز الأعمال على تبني ممارسات أكثر استدامة.
وفي عصر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، لم يعد من الممكن لمعيدي التأمين الاعتماد فقط على النماذج التقليدية لتقييم المخاطر، إذ يجب أن يكونوا في طليعة من يتبنون التقنيات الحديثة التي تمكنهم من تحليل كميات هائلة من البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتهم، بينما يمكن لمعيدي التأمين توقع المخاطر بدقة أكبر وتقديم منتجات تأمينية مصممة خصوصا لتلبية احتياجات العملاء الفردية، ما يعزز من كفاءتهم وربحيتهم على المدى الطويل.
“أماني الماحي”، خبيرة إعادة التأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي ورئيس قطاع بشركة مصر للتأمين، تعلق على ذلك قائلة إن التحول الرقمي لم يعد خيارا لمعيدي التأمين، بل أصبح ضرورة إستراتيجية في عالم أصبح أكثر ارتباطا من أي وقت مضى، بينما يجب أن تكون عمليات معيدي التأمين مرنة وسريعة الاستجابة للتغيرات السوقية، وهذا يتطلب استثمارا كبيرا في البنية التحتية الرقمية وتبني ثقافة الابتكار التي تعزز من تجربة العميل، فمنصات التأمين الرقمي ليست وسيلة لتحسين الكفاءة فقط بل هي أيضا قناة لإعادة صياغة العلاقة بين معيدي التأمين والعملاء، حيث تصبح أكثر شفافية وتفاعلية.
وأضافت أن، في ظل الاقتصاد العالمي المتغير، تواجه معيدي التأمين تحديات اقتصادية معقدة، مثل التضخم وتقلبات أسعار العملات والضغوط التشريعية والتنظيمية، بينما يتطلب ذلك التعامل مع هذه التحديات بعقلية إستراتيجية وتخطيط مالي دقيق، وهنا يمكن لمعيدي التأمين أن يظهروا قدرتهم على التكيف من خلال تطوير منتجات تأمينية مرنة ومتنوعة تلبي احتياجات الأسواق المختلفة وتستجيب بسرعة للأحداث غير المتوقعة.
والجراف التالي يبين معدلات نمو تكنولوجيا التأمين عالميا في الفترة من 2020 وحتى المتوقع في 2030، وفق “سويس ري” العالمية لإعادة التأمين:
وأشارت إلى أن وراء كل نجاح كبير فريق ملتزم ومبتكر، ومن ثم، يجب على معيدي التأمين الاستثمار في رأس المال البشري بشكل غير مسبوق، ليس فقط من خلال التدريب والتطوير، ولكن أيضا من خلال خلق بيئة عمل تحفز على الابتكار وتدعم التنوع والإدماج، ويجب أن يكون كل فرد في المؤسسة جزءا من رؤية أكبر، يعملون معا لتحقيق هدف مشترك بناء مستقبل تأميني أكثر أمانا واستدامة.
وتابعت أن التحولات تفرض على معيدي التأمين التغيير وأن يتركوا وراءهم الأفكار التقليدية وينظروا إلى المستقبل برؤية إستراتيجية جديدة، ليكونوا صناع التغيير وشركاء في بناء مستقبل مستدام، من خلال تبني الاستدامة والتحول الرقمي والابتكار، بينما يمكن لمعيدي التأمين أن يعيدوا تعريف دورهم في صناعة التأمين، ما يضمن لهم مكانة بارزة في العالم الذي يتغير بسرعة.