تعد صناعة الطيران واحدة من أكثر القطاعات تعقيدا وديناميكية على مستوى العالم، ما يتطلب حلولا قوية لإدارة المخاطر، بينما تلعب إعادة التأمين دورا حيويا في هذا النظام البيئي، حيث توفر الدعم المالي اللازم لشركات التأمين التي تغطي شركات الطيران والمطارات والمخاطر الأخرى المتعلقة بالطيران، لا سيما مع تزايد تعقيد مخاطر الطيران، الناتج عن التطورات التكنولوجية وتغير المناخ والإطارات التنظيمية المتطورة، حيث تبتكر صناعة إعادة التأمين لمواجهة هذه التحديات.
وتعد الطائرات الحديثة إنجازات هندسية، مزودة بأنظمة متطورة تعزز الأمان والكفاءة، ومع ذلك، تأتي هذه التطورات التكنولوجية مع مخاطر متزايدة، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات السيبرانية وأعطال الأنظمة، بينما تقوم شركات إعادة التأمين بتطوير منتجات متخصصة لتغطية هذه المخاطر الجديدة، لضمان حماية شركات الطيران والمصنعين من الخسائر المحتملة.
وتتأثر صناعة الطيران بشكل متزايد بتغير المناخ، حيث تؤدي الأحداث الجوية المتطرفة إلى تعطيل الرحلات وتضرر البنية التحتية وزيادة المخاطر أثناء الإقلاع والهبوط، بينما توفر شركات إعادة التأمين، من خلال دمج نماذج المناخ في تقييماتها للمخاطر وتطوير منتجات تأمين معيارية، مدفوعات سريعة بناء على محفزات محددة مسبقا، مثل سرعة الرياح أو درجات الحرارة.
التغيرات التنظيمية وتأثيرها على إعادة التأمين
“المال” تواصلت مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، للحديث عن تطورات المشهد التنظيمي للطيران باستمرار، مع إدخال معايير أمان جديدة وتنظيمات بيئية وأطر مسئولية جديدة، بينما تبتكر شركات إعادة التأمين إنشاءات سياسات مرنة يمكن تعديلها في الوقت الفعلي لتتوافق مع القوانين المتغيرة، وتضمن هذه المرونة عدم ترك أصحاب المصلحة في مجال الطيران عرضة للمخاطر عندما تدخل القوانين الجديدة حيز التنفيذ.
وبينت أن البيانات الكبيرة والتحليلات تحدث ثورة في الطريقة التي تقيم بها شركات إعادة التأمين مخاطر الطيران، من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات من سجلات الرحلات وسجلات الصيانة وأنماط الطقس وما إلى ذلك، ويمكن لشركات إعادة التأمين تطوير ملفات تعريف مخاطر أكثر دقة، وهذا يسمح بإنشاء منتجات إعادة تأمين مخصصة تتماشى بشكل أفضل مع احتياجات عملاء الطيران المختلفة.
وأشارت إلى أن تقنية البلوكشين تستخدم كوسيلة لتعزيز الشفافية والكفاءة في عملية إعادة التأمين، فمن خلال استخدام البلوكشين يمكن لشركات إعادة التأمين إنشاء سجلات غير قابلة للتغيير للسياسات والمطالبات والمعاملات، ما يقلل من احتمالية النزاعات والاحتيال، بينما يمكن للعقود الذكية أن تُؤتمت المدفوعات، مما يضمن تسوية المطالبات بسرعة وبدقة.
وذكرت أن استخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إنما يستخدم للتنبؤ بمخاطر الطيران بدقة أكبر، بينما تقوم هذه التكنولوجيا بتحليل البيانات التاريخية لتحديد الأنماط والاتجاهات التي قد تشير إلى المخاطر المستقبلية، وتستخدم شركات إعادة التأمين الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتطوير نماذج تنبؤية يمكن أن تتوقع أحداثا مثل الأعطال الميكانيكية، ما يساعد على منع الحوادث قبل وقوعها.
الاستدامة في إعادة التأمين للطيران.. احتضان المبادرات البيئية
تسعى صناعة الطيران لتقليل بصمتها الكربونية، وتقوم شركات إعادة التأمين بتطوير منتجات تدعم جهود الاستدامة، وتتيح منتجات إعادة التأمين لتعويض الكربون لشركات الطيران الاستثمار في مشاريع بيئية كجزء من إستراتيجيتها لإدارة المخاطر، بالإضافة إلى ذلك، يتم تصميم منتجات إعادة التأمين البيئية لتشجيع تبني ممارسات أكثر اخضرارا من خلال تقديم أقساط أقل للشركات التي تلبي معايير بيئية معينة.
وذكرت “الماحي” أن التحول إلى الوقود المستدام للطيران (SAFs) أصبح محورا رئيسا في صناعة الطيران، بينما تلعب شركات إعادة التأمين دورا داعما في هذا التحول، حيث يتم تخصيص منتجات إعادة التأمين لتغطية المخاطر الفريدة المرتبطة بـ(SAFs) مثل اضطرابات سلسلة الإمداد والتحديات التنظيمية الجديدة، من خلال تقديم تغطية لهذه المخاطر الناشئة، لتساعد شركات إعادة التأمين في تسريع تبني (SAFs) عبر الصناعة.
وأوضحت أن الهجمات السيبرانية تشكل تهديدا كبيرا لصناعة الطيران، مع إمكانية تعطيل العمليات وتهديد الأمان، بينما تقوم شركات إعادة التأمين بتطوير منتجات متخصصة لمخاطر السيبرانية التي توفر تغطية شاملة ضد هذه التهديدات، وتم تصميم هذه المنتجات لمعالجة كل من التكاليف الفورية للهجوم السيبراني وتأثيراته الطويلة الأمد، مثل الأضرار التي تلحق بالسمعة والعقوبات التنظيمية.
وأفادت بأن صعود الطائرات بدون طيار يشكل فرصا وتحديات جديدة لصناعة الطيران، بينما تستجيب شركات إعادة التأمين من خلال إنشاء منتجات تغطي المخاطر الفريدة المرتبطة بتشغيل الطائرات بدون طيار، بما في ذلك المسئولية عن الحوادث والأضرار بالممتلكات وانتهاكات الخصوصية.
ولفتت إلى أن تزايد السياحة الفضائية وإطلاق الأقمار الصناعية، إنما صاحبه تزايد الحاجة إلى منتجات إعادة التأمين التي تغطي المخاطر المتعلقة بالفضاء، بينما تقوم شركات إعادة التأمين بالابتكار من خلال تطوير منتجات تعالج التحديات الخاصة بعمليات الفضاء، مثل التصادمات مع الحطام وفشل الإطلاق وتأثيرات الطقس الفضائي.
والجراف التالي يبين نسب الأنشطة المتصدرة لقطاع التأمين المصري منذ سنتين، ومنها تأمين الطيران بنسبة 2.5%، وفق بيانات هيئة الرقابة المالية:
وألمحت إلى أن شركات إعادة التأمين تتعاون بشكل متزايد مع الحكومات والهيئات التنظيمية والأطراف الأخرى لتعزيز أمان وأمن الطيران، بينما يتم تشكيل شراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير إستراتيجيات إدارة المخاطر الشاملة التي تعالج جميع المخاطر المتعلقة بالطيران.
وتابعت أن التحالفات الصناعية تبقى أداة قوية للابتكار في إعادة تأمين الطيران، من خلال تجميع الموارد والخبرات، بينما يمكن لشركات إعادة التأمين وشركات التأمين والأطراف الأخرى تطوير منتجات وحلول جديدة تعالج المخاطر المتطورة التي تواجهها صناعة الطيران.
ختاما، الابتكار أمر أساسي للنمو والنجاح المستمر في صناعة الطيران، ولكنه يجب أن يتوازن مع إدارة فعالة للمخاطر، بينما تلعب شركات إعادة التأمين دورا حاسما في هذه العملية، حيث توفر الدعم المالي والخبرة اللازمة لدعم الابتكار مع تقليل المخاطر المحتملة، من خلال تبني الابتكار بشكل مسئول ومدروس، ويمكن لصناعة إعادة التأمين المساهمة في ضمان مستقبل آمن ومزدهر للطيران.