شهدت أسعار الغذاء، والطاقة، والمواد الأولية حول العالم قفزات قياسية، مع صحوة الطلب وزيادة معدلات الاستهلاك، مما يتوقع معه موجة تضخمية قوية، يرى خبراء وبنوك استثمار أنها ستؤثر على موازنة مصر، واقتصادها من عدة نواحٍ، مؤكدين أنه فى المقابل سيعادل هذا التأثير بعض العوامل الداعمة للاقتصاد.
وفيما أكد وزير المالية د. محمد معيط لـ«المال» أن مستهدفات الموازنة لن يطرأ عليها أى تغيير نتيجة الارتفاعات السعرية للغذاء والطاقة، قال الخبراء إن تأثير ذلك سيظهر فى اتساع عجز الميزان التجاري، وارتفاع فى عجز الموازنة، ورفع تكاليف الاقتراض من الأسواق العالمية، مما يضع ضغوطا على مصر فى تأمين تمويلات من الأسواق الدولية، وارتفاعات جديدة فى التضخم.
وفى المقابل أكدوا أن سعر الفائدة سيظل مستقرا حتى نهاية العام الحالي، مع عدم وجود مؤشرات حول انعكاس الموجة التضخمية العالمية على أسعار السلع محليا خلال هذه الفترة، كما سيبقى سعر الصرف مستقرا مدعوما باحتياطيات النقد الأجنبي، وتحويلات العمالة، واستثمارات الأجانب فى أدوات الدين، كما يحد التنوع الاقتصادى الذى تتمتع به مصر من التداعيات القوية لهذه الموجة التضخمية.
وتعد مصر صاحبة الأعلى تعداد سكانى فى المنطقة العربية أكبر مستورد للقمح عالميا، الذى ارتفعت أسعاره بقوة نتيجة الطقس السيء الذى ضرب المحاصيل فى أمريكا الشمالية، وروسيا.
وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية قرابة 130 نقطة فى سبتمبر الماضى بزيادة مقدارها %27.3 عن مستواه خلال الشهر نفسه من العام الماضي، ويرجع السبب الأكبر من الزيادة إلى ارتفاع أسعار معظم الحبوب والزيوت النباتية.
كان ارتفاع أسعار القمح هو الأشدّ فى شهر سبتمبر بزيادة %41 على أساس سنوي، فى ظل مواصلة انحسار الكميات المتاحة للتصدير مع الطلب العالمى الكبير.
وسجلت أسعار خام برنت منذ بداية العام الحالى وحتى 20 أكتوبر الحالى صعودا قويا بنسبة %64 من مستويات 51.7 دولار للبرميل، إلى 84.9 دولار للبرميل، فيما تعتمد موازنة العام الحالى سعر برميل برنت عند 60 دولارا للطن.
وارتفعت أسعار القمح أيضا بواقع %29 منذ بداية العام الحالي، وحتى تعاملات 20 أكتوبر الحالى، لترتفع من 213.25 دولار للطن، إلى 275.75 دولار للطن، بينما تعتمد موازنة العام الحالى سعر طن القمح عند 255 دولارا.
«إن آى كابيتال»: تنوع القاعدة الاقتصادية يخفف من التداعيات
وقال محمد متولي، الرئيس التنفيذي، والعضو المنتدب لشركة «إن آى كابيتال» – الذراع الاستثمارية لبنك الاستثمار القومي- إن موجة التضخم المتوقعة نتيجة ارتفاعات الأسعار عالميا لن يترتب عليها حدوث ركود تضخمى فى مصر، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب.
ويرى أن ارتفاعات أسعار الطاقة، والمواد البترولية عالميا سيحد من تأثيرها آلية تسعير المنتجات البترولية محليا والتى تطبقها لجنة التسعير التلقائى لأسعار الطاقة، فضلا عن الاستفادة القوية التى ستحققها مصر من صادرات الغاز فى ظل قفزات سعره عالميا.
وسجلت أسعار الغاز فى أكتوبر الجارى بأوروبا مستويات قياسية، متجاوزة مستويات 1300 دولار/ ألف متر مكعب، فيما سجلت صادرات مصر من الغاز قفزات نسبتها %315 بالربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي، لتسجل 564 مليون دولار، مقابل 136 مليونا فى الفترة المقابلة من العام الماضي، وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتابع «متولى» إن مصر ستحقق استفادة من صادرات البتروكيماويات، فى ظل قفزات أسعار الأسمدة حول العالم، حيث تستفيد المصانع المحلية من فرص التصدير للخارج، فضلا عن تحسن نسب الإشغال الفندقية، مما يعكس انتعاشة وحركة إيجابية لقطاع السياحة مع انحسار تداعيات فيروس كورونا وتعميم اللقاح، مما سيخلق انعكاسا إيجابيا على إيرادات الموازنة من خلال زيادة المتحصلات الضريبية.
وأكد أن تعافى القطاع السياحى وعودته للعمل سيكون لها انعكاسات إيجابية على معدلات التشغيل، واستعادة مئات الآلاف من فرص العمل المفقودة نتيجة انعكاس كورونا على السياحة، مما سيخلق تحسنا بالقوى الشرائية للمواطنين، والطلب على السلع والخدمات.
ولفت إلى أن هذه الموجة التضخمية ستكون لفترة مؤقتة نظرا لأن سببها الأساسى يرجع إلى عدم التوازن بين العرض والطلب الناتج عن تراجع الإمدادات فى ظل إغلاق عدد كبير من المصانع بسبب تداعيات فيروس كورونا، وعودة الطلب لمعدلات ما قبل الجائحة، متوقعا عودة التوازن بين جانبى العرض والطلب خلال عامين، مع إعادة تشغيل المصانع المغلقة وإنشاء مصانع جديدة.
وأكد أن الجزم بأن مصر ستكون فى النهاية مستفيدة أو متضررة من زحف موجات التضخم العالمية يصعب التكهن به ولكن تنوع القاعدة الاقتصادية سيخفف من تأثير التضخم فى الاتجاهين الإيجابى والسلبي.
«سى آى كابيتال»: زيادة هامشية للعجز
وقالت سارة سعادة، محلل أول الاقتصاد الكلى فى بنك استثمار «سى آى كابيتال» إن ارتفاعات أسعار السلع، والطاقة عالميا ستمتد تأثيراتها للمستهدفات الموضوعة بالموازنة، إلا أنه لن يكون بنفس الانعكاس على الأسواق العالمية، مرجعة ذلك إلى عقود التحوط التى تحمى مصر من تذبذبات أسعار البترول عالميا، وتقدير الزيادات فى الأسعار محليا بواسطة لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية، والتى قامت بزيادة الأسعار مرتين منذ بداية العام المالى الحالي، ولكن بمستويات أقل كثيرا من الصعود العالمي.
وأجرت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية زيادتين لأسعار الطاقة منذ العام المالى الحالي، الأولى فى يوليو الماضي، والثانية فى أكتوبر الحالى.
وأضافت «سعادة» أن المخزون الإستراتيجى للسلع التموينية، والذى يحول دون قبول مصر شراء سلع بالأسعار المرتفعة عالميا، مدللة على ذلك بقرار وزارة التموين فى السابق إلغاء 3 مناقصات لاستيراد القمح 3 مرات متتالية نتيجة زيادة الأسعار عالميا.
وأوضحت أن نجاح الطرح الحكومى الذى أُجرى مؤخرا، والذى رغم أنه غير مخصص لتمويل عجز الموازنة، ولكن عوائده ستؤثر فى النهاية بشكل إيجابى على الموازنة.
ولفتت إلى أن قرار الحكومة المُعلن مؤخرا بترشيد برنامج الإنفاق العام، يؤكد أن الموازنة متأثرة فى بعض قطاعاتها.
وتابعت:” ستؤدى الارتفاعات العالمية للأسعار إلى التأثير على المستهدفات الموضوعة لعجز الموازنة لترتفع هامشيا إلى %7، مقارنة مع %6.7 الموضوعة بالموازنة العام المالى الحالي، لافتة إلى أن ذلك سيتضح بشكل أكبر مع معرفة المدى الزمنى الذى ستستغرقه هذه الموجة التضخمية، وأنها كلما استغرقت فترة أطول كان تأثيرها على الموازنة أكبر”.
وحول أثر ذلك على طروحات مصر من أدوات الدين فى الأسواق الدولية، والتى تُعد من أهم مصادر تمويل الموازنة، قالت “سعادة” إنها ستؤثر بالتأكيد، إلا أن اتجاه الفائدة فى الأسواق العالمية سيكون أحد المحددات المهمة، فضلا عن أن استباق مصر أى تحركات للفيدرالى الأمريكى برفع الفائدة، من خلال طرح عالمى قيمته 3 مليارات دولار فى سبتمبر الماضي، وطرح آخر إسلامى بمليارى دولار فى أغسطس كافيان لحين استطلاع المستجدات التى ستحدث.
كانت وزارة المالية أعلنت فى سبتمبر الماضى تنفيذها طرح سندات دولية دولارية بقيمة 3 مليارات دولار وبلغ حجم الاكتتاب فيها نحو تسعة مليارات دولار، على ثلاث شرائح ( 6 -12- 30 سنة) وبقيم مصدرة تبلغ 1.125 مليار دولار و 1.125 مليار دولار و 750 مليون دولار على التوالي.
وفى أغسطس الماضى، قالت الوزارة إنها وقعت أول تسهيل تمويلى تقليدى وإسلامي، بقيمة 2 مليار دولار، بهدف تمويل الموازنة العامة للدولة، تمت تغطيته بواقع 1.75 مرة.
كانت معدلات التضخم سجلت ارتفاعا فى سبتمبر مقارنة مع أغسطس ليصل إلى %8 مقابل %6.4، ليشهد بذلك ارتفاعات للشهر الخامس على التوالي.
وذكرت “سعادة” أنه رغم تأثر مصر بالأسعار العالمية فإن معدلات التضخم التى ترتكز على قاعدة منخفضة حالت دون تداعيات قوية، وأنه فى حالة انحسار الموجة التضخمية خلال الربع الأول من 2022 سيظل التضخم فى نطاق %7 وإذا لم يحدث ذلك قد يرتفع إلى %9.
وتتوقع أن يقوم البنك المركزى بالإبقاء على أسعار الفائدة الحالية حتى نهاية العام الحالي، وأنه سيتضح مع بداية العام المقبل التوجهات الجديدة التى سيتم تحديدها بناء على تحركات الأسواق العالمية، وقرارات الفيدرالى الأمريكى بشأن سعر الفائدة، وتوجهات استثمارات الأجانب.
وتستقر أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند مستويات %8.25 و%9.25 على الترتيب، إذ قررت لجنة السياسات النقدية بالمركزى تثبيت هذه النسب لـ7 اجتماعات متتالية .
وأكدت “سعادة” أن سعر الصرف سيظل مستقرا عند المستويات الحالية حول 15.70 جنيه، مدعوما باستقرار التضخم، واستثمارات الأجانب فى أدوات الدين، لافتة إلى أنه حال حدوث أى تخارج للأجانب سيقابله تدفقات جديدة مع دخول مصر مؤشر «جى بى مورجان»، مما سيحقق توازنا للأوضاع.
«برايم»: ارتفاع تكاليف الاستيراد والنفاذ لأسواق الدين الدولية
وقالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى فى إدارة بحوث بنك استثمار “برايم” إن العالم لايزال يعيش تداعيات «Covid-19» وما خلفه من ندوب فى هيكل الاقتصاد العالمى نتيجة العوامل التى ترتبت عليه، إضافة إلى المسار غير المتساوى فى التعافى بين الاقتصادات النامية، والمتقدمة، مثال أوروبا والولايات المتحدة، التى نجحت فى سرعة نشر اللقاح بين مواطنيها، وضخ حزم تحفيز مالى التى سرعت من وتيرة نمو الطلب مقارنة مع الدول المُصنعة فى آسيا والتى كانت فى هذه الأثناء لاتزال تصارع الفيروس ومتحوراته، وتواجه موجات إغلاق جديدة، حيث لا ننسى أن الاقتصاد العالمى يعتمد على سلاسل التوريد، أى حدوث إنتاج فى دولة يقابله استهلاك فى دولة أخرى.
وتابعت: إضافة إلى ذلك هناك تحديات تتمثل فى التحول عن الطاقة التقليدية، واضطرابات المناخ، والتوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوروبا والتى أثرت على أسواق مثل الغاز الطبيعي، وتأخر حركة الشحن عالميا، وارتفاع تكاليفه نتيجة الاضطرابات فى الموانيء، فضلا عن الفترة التى أغلقت فيها قناة السويس وكان لها تأثير أيضا، كل ذلك يشير إلى أننا نواجه أزمة عرض تسببت فيها تداعيات الفيروس، وتأثيرات عوامل أخرى كانت فى هيكل الاقتصاد العالمي.
وأوضحت أنه عند الحديث عن مصر يجب الإشارة إلى أنها ليست منخرطة بشكل كبير فى سلاسل الإمدادات العالمية، وحجم صادراتها لا يتجاوز %1 من الصادرات العالمية، لكن الأزمة تكمن فى اعتمادها على الاستيراد، خاصة مدخلات الإنتاج، مما سيؤثر على تنافسية صادراتها، وارتفاع تكلفة الواردات بسبب ارتفاع سعر استيراد السلع الأساسية، حيث إن هيكل النمو فى الاقتصاد المحلى معتمد على قطاعات كثيفة رأس المال مثل البترول، والغاز، والبناء والتشييد، وهى قطاعات معتمدة بشكل كبير على واردات المواد الخام، ومدخلات الإنتاج، لذا لا نستطيع تجاهل تأثير ارتفاعات الأسعار عالميا على الاقتصاد المحلي، رغم وجود مساحة كبيرة للنمو بفضل استمرار تعافى قطاعات أخرى مثل السياحة.
وأكدت وجود مخاطر على الموازنة العامة من موجة التضخم العالمية تنشأ من فكرة الدعم خاصة دعم الغذاء البالغ قيمته نحو 44 مليار جنيه، جزء كبير منه موجه لدعم السلع الأساسية والتى تواجه ارتفاعات قوية فى أسعارها عالميا، وأبرزها القمح.
وأشارت إلى وجود تحدٍ آخر مهم لمصر يتمثل فى تكلفة الحصول على التمويل من الأسواق الدولية بفائدة مقبولة، لافتة إلى أن ارتفاع معدلات التضخم خاصة فى الدول المتقدمة مثل أوروبا، والولايات المتحدة ظهرت معه بوادر الاتجاه نحو السياسة النقدية التشددية عبر زيادات جديدة لأسعار الفائدة مما سيخلف ضغوطا جديدة على قدرة الدول الناشئة على الاقتراض الخارجي، والذى بدوره قد يحد من قدرة مصر على التنويع فى أدوات التمويل، نتيجة ارتفاع تكلفته، وخفض مدفوعات الفائدة ، وبالتالى لن يكون هناك سبيل سوى للاقتراض المحلي، المرتفع التكلفة فى الأساس.
وتطرقت إلى مخاطر احتمالية خروج معدلات التضخم عن نطاق السيطرة عالميا، مما يدفع الفيدرالى الأمريكى إلى اتخاذ قرارات جديدة بمزيد من رفع الفائدة، مما سينعكس سلبا على استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية.
وترى أن استقرار معدلات التضخم فى نطاق مستهدفات البنك المركزي، مع عدم وجود إشارات إلى أن الأزمة العالمية بدأت تغذى التضخم محليا بطريقة تهدد ارتكازه حول مستهدفات «المركزى»، يتوقع معه أن تظل معدلاته حول الـ %6 حتى نهاية العام.
وأشارت إلى تحركات السياسة النقدية المتوقعة فى مواجهة هذه التحديات، لافتة إلى أن تمحور معدلات التضخم حول مستهدفات “المركزى” لن تحتاج لإعادة النظر فى السياسة النقدية حاليا، فضلا عن أنه فى ظل حالة عدم اليقين الحالية ستكون الخيارات المتاحة إما المحافظة على المعدلات الحالية أو التشديد النقدى حتى 2022.
وأوضحت أن جزءا كبيرا من حفاظ البنك المركزى على أسعار الفائدة الحالية والتى تعد تنافسية هو حاجته إلى الحفاظ على استقرار سعر فائدة مستقر لأطول فترة ممكنة خلال هذه الأزمة، حيث إن أى انخفاض لسعر العملة سوف يغذى الضغوط التضخمية.
وحول توقعات تحركات سعر الصرف، قالت «بدير» إنه على الرغم من الضغوط على سعر الجنيه منذ بداية العام الحالى مع سرعة التعافى فى نشاط التجارة العالمية، وسرعة نمو الصادرات، و زيادة عجز الميزان الجاري، خاصة وأن السياحة لم تتعاف بشكل كلي، هناك عوامل تحد من هذه الضغوط تتمثل فى استمرار جاذبية أدوات الدين المحلية للمستثمرين الأجانب، وقدرة مصر على تمويل عجز الميزان التجارى من خلال الوصول لأسواق الدين العالمية، وتوفر مستويات من احتياطى النقد الأجنبى مناسبة لمواجهة التقلبات، والضغوط على سعر صرف الجنيه، والتى تعد مستمرة لفترة ما.
واستبعدت اتجاه وزارة المالية لتخفيض مستهدفات الدعم بالموازنة الحالية، لافتة إلى أنها ستلجأ إلى عقود التحوط على السلع الأساسية للحماية من التقلبات، فى المقابل ستمضى قدما فى سياسات التى تستهدف الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الإستراتيجية المستوردة لتقليل الضغوط على الأسعار المحلية للسلع الأساسية، وخطوات سريعة لدعم القطاع الزراعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع المطلوبة.
«مصر كابيتال»: %1.5 ارتفاعا متوقعا للتضخم حتى نهاية العام
ويرى أحمد عادل، رئيس بحوث إدارة الأصول فى شركة مصر كابيتال، أن التحركات التى تشهدها أسعار الغذاء والطاقة عالميا، سترفع عجز الميزان التجارى نتيجة أن زيادة أسعار الواردات البترولية، وغير البترولية، وهو ما سيظل مستمرا لفترة طويلة تضع ضغوطا على الموازنة العامة للدولة، ليتجاوز العجز المستهدفات الموضوعة للعام المالى الحالى بصورة ملموسة حيث إن الموازنة كانت موضوعة على افتراضات معينة شهدت تغيرا كليا.
وسجلت أسعار خام برنت منذ بداية 2021 وحتى 20 أكتوبرالحالى صعودا قويا بنسبة %64 من مستويات 51.7 دولار للبرميل، إلى 84.9 دولار للبرميل، فيما تعتمد موازنة العام الحالى سعر برميل برنت عند 60 دولارا للبرميل.
وارتفعت أسعار القمح أيضا بواقع %29 منذ بداية العام الحالي، وحتى تعاملات 20 أكتوبر، لترتفع من 213.25 دولار للطن، إلى 275.75 دولار للطن، بينما تعتمد موازنة العام الحالى سعر طن القمح عند 255 دولارا.
وتعد مصر صاحبة أعلى تعداد سكانى عربيا، أكبر مستورد للقمح عالميا، بنحو 10 ملايين طن سنويا، موزعة بواقع 6 ملايين طن لوزارة التموين، و4 ملايين للقطاع الخاص، وفقا لتصريحات سابقة لوزير التموين دكتور على المصيلحي.
وتصل مستهدفات العجز بموازنة العام المالى الحالى %6.6 من الناتج المحلى الإجمالي.
وحول معدلات التضخم المتوقعة يرى «عادل» أنه من المتوقع زيادتها بنسب تتراوح بين 1 و%1.5 من المستويات الحالية وذلك حتى نهاية العام الحالى.
وأشار إلى أن سعر الصرف سيظل تحت السيطرة بشكل كبير، بسبب قوة الاحتياطى النقدى المتوفر، واستمرار ارتفاع العائد الحقيقى على أدوات الدين مقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى، ليظل جاذبا للمستثمرين الأجانب، والمعدلات الجيدة لتحويلات العمالة، والتحسن التدريجى لقطاع السياحة، وهى جميعها مصادر مستقرة تدعم سعر الصرف، ولفت إلى أن البنك المركزى لدية فرصة للابقاء على أسعار الفائدة الحالية حتى نهاية العام.
وسجلت احتياطيات النقد الأجنبى فى مصر بنهاية سبتمبر الماضى ارتفاعا قيمته 153 مليون دولار، ليصل إلى 40.825 مليار دولار، مقارنة مع نحو 40.672 مليار دولار فى أغسطس، بحسب تقرير حديث صادر عن البنك المركزى المصري.
وتراوحت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية بين 28 و 29 مليار دولار، بنهاية مايو الماضي، وفقا لتصريحات سابقة لوزير المالية دكتور محمد معيط.
وسجلت تحويلات العمالة المصرية من الخارج 23.4 مليار دولار أمريكى العام المالى الماضى 2020-2021، بزيادة نسبتها %8.5 مقارنة مع العام المالى السابق.
وحول استمرار قدرة مصر على تأمين تمويلات من خلال طروحات أدوات الدين فى الأسواق العالمية قال «عادل» إن الجدارة الائتمانية لمصر لاتزال مستقرة، والعوائد على أدوات الدين تتمتع بإقبال جيد من المستثمرين الأجانب، مما يؤمن لها ذلك، مشيرا إلى احتمالية ارتفاع تكلفة الطروحات إلى حد ما وهو أمر طبيعى ومتوقع وتأخذه وزارة المالية فى الاعتبار لأن ارتفاعات التضخم خلال الفترة الحالية، وأسعار الفائدة كان مطروحا منذ فترة، لكن المدى الزمنى لا يمكن توقعه.