أكد عدد من خبراء ومحللى قطاع البترول والطاقة أن اشتعال أسعار النفط عالميا سلاح ذو حدين، فرغم تحقيقه عوائد ومكاسب كبيرة لمنتجى ومصدرى البترول على مستوى العالم ، إلا أنه ينتج تأثيرات سلبية واضحة على جميع دول العالم ، ومن ضمنها مصر.
تقوم مصر بشراء حصة الشركات الأجنبية العاملة داخلها بمعادلة سعرية مرتبط بخام برنت، كما تستورد كميات محددة من البترول الخام سنويا من عدة دول ، فضلا عن استيرادها نحو 25 – %30 من استهلاكها من البنزين والسولار.
وأوضح الخبراء أن اشتعال أسعار البترول عالميا ينعكس بالتبعية على مختلف السلع والخدمات وسلاسل الإمداد بالارتفاع ، بشكل يحقق خسائر فادحة وأعباء كبيرة على مختلف دول العالم المتقدمة والنامية ، الأمر الذى يستلزم ضرورة تدخل كافة الدول والمؤسسات لتهدئة الأوضاع العالمية وتحديد سعر عادل على المستوى العالمى لبرميل البترول.
وأكدوا ضرورة ترشيد الاستهلاك محليا والإسراع بتنفيذ مشروعات التكرير والتنمية لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتى من البنزين والسولار خلال العام المقبل ، مما سيخفف من آثار أى أزمات أو مشكلات قد تحدث على الصعيد العالمى خلال السنوات القادمة.
وتشهد أسعار البترول العالمية ارتفاعات غير مسبوقة بفعل شح الإمدادات العالمية والتوتر السياسى العالمى وتصاعد الطلب على النفط.
وتفاقمت الأزمة منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية بشكل تجاوز مع سعر الخام العالمى «برنت» حاجز 110 دولارات للبرميل ، وسط توقعات باستمرار الزيادة حال استمرار الحرب والتوترات العالمية.
بداية، أكد مسئول حكومى بقطاع البترول ، أن ارتفاع أسعار الخام عالميا ألقى بتأثيراته على مختلف دول العالم وليس مصر فقط ، موضحا أن الوضع يحتم الإسراع فى تنفيذ المشروعات التنموية محليا، ومشروعات تطوير معامل التكرير ، وذلك ما يقوم قطاع البترول بتنفيذه حاليا.
ولفت إلى أن مصر تقوم بشراء حصة الشريك الأجنبى من الخام بمعادلة سعرية مرتبط بخام برنت ، والزيادات المستمرة فى سعر «الأخير» يتبعها زيادة فى قيمة ما يتم دفعه للشركاء مقابل حصتهم ، وقيمة ما يتم استيراده من نفط خام ومشتقات بترولية من الخارج.
وقال إن أعباء كبيرة تتحملها الدولة والموازنة تسعى لامتصاصها وتمرير أقل قدر منها للمواطن ولابد أن يتحمل الجميع حتى نمر من تلك المرحلة الصعبة.
وحددت الموازنة العامة الجديدة للدولة سعر برميل البترول فى موازنة العام المالى 2022 – 2023 عند متوسط 85 دولارا ، بينما يصل متوسط سعر برميل البترول فى موازنة 2021 /2022 يبلغ 65 دولارا.
وكشف البيان المالى للموازنة أن الزيادة تأتى بعد الارتفاع الكبير فى سعر النفط وخام برنت عالميا ووصول سعر البرميل إلى 110 دولارات.
أسامة كمال يقدم روشتة لتقليل تداعياتها السلبية على الموازنة والمواطن
وعلى صعيد متصل، قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق إن قفزات أسعار البترول العالمية تحقق عوائد للشركات المنتجة والمصدرة ولكن فى ذات الوقت تخلق حالة من التضخم والركود على مستوى جميع الدول المتقدمة والنامية.
وأكد «كمال» أن وضع وتحديد تسعير عادل لبرميل البترول على مستوى العالم ضرورة ملحة ، ويكون فى حدود 60 دولارا مع إضافة أو تخفيض 5 دولارات منها.
ولفت إلى أن تحديد ذلك التسعير العادل على المستوى العالمى يلزمه تعاون وتكاتف جميع الدول والمؤسسات لتنفيذ ذلك.
وقال إن سعر برميل الخام العالمى يتحكم بالتبعية فى مختلف أسعار السلع والخدمات وسلاسل الإمداد، وتتأثر بالارتفاع نتيجة اشتعال أسعاره.
ومن هذا المنطلق أوضح “كمال” ضرورة تطبيق سعر متوازن يحقق التوازن والاستقرار لكل من المنتج والمستهلك.
وعلى الصعيد المحلى قال «كمال» إن مصر تتأثر بالقفزات العالمية حيث تقوم بشراء حصة الشريك الأجنبى بالسعر العالمى وتستورد الخام والمشتقات بالسعر العالمى.
وقدم روشتة من محورين لتقليل الآثار السلبية والتضخمية لاشتعال أسعار النفط ، المحور الأول اقتصادى يتضمن العمل على ضخ مزيد من الاستثمارات لاستكمال تنفيذ مشروعات التنمية والتكرير بهدف تحقيق مستهدفات الدولة فى تحقيق الاكتفاء الذاتى، فضلا عن تحفيز الشركاء على ضخ المزيد من الاستثمارات عن طريق المرونة فى تعديل بنود التسعير والشراء فى الاتفاقيات.
والمحور الثانى: يتضمن الجانب التوعوى للمواطن بأهمية ترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد والمهدر ، لا سيما فى قطاع الطاقة حيث تصل نسبة الفاقد إلى 30 – %35 فى هذا القطاع تحديدا ، ومع تقنين الاستهلاك ومنع الفاقد سينعكس ذلك على الموازنة العامة للدولة والمواطنين.
رمضان أبو العلا : مصدرو الخام أكبر المستفيدين.. وانفراجة متوقعة قبل نهاية العام
من جانبه، أكد الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول والطاقة ، أن مصر تحتاج إلى مليارات الدولارات سنويا لتأمين احتياجاتها من المشتقات البترولية ، ومع قفزات أسعار البترول العالمية سترتفع قيمة مدفوعاتها نظير الكميات المستوردة من الخارج.
جدير بالذكر أن قيمة واردات مصر من المشتقات البترولية سجلت 5.3 مليار دولار خلال العام الماضى.
وأوضح «أبو العلا» أن الوضع الحالى صعب للغاية ليس على مستوى مصر فقط بل على مستوى كافة دول العالم ، متوقعا بدء الانفراجة خلال الشهور القليلة المقبلة.
وقال إن منتجى ومصدرى الخام على مستوى مصر والعالم هم المستفيد الأكبر من اشتعال أسعار الخام العالمية.
وتابع: «نأمل فى تحسن الأوضاع خلال الفترة القادمة وهدوء التوترات العالمية ، لتحقيق صالح جميع دول العالم».