اعتبر خبراء اقتصاديون أن برنامج الاصلاح الاقتصادي في مصر مهم للغاية لتطوير قطاعات الاقتصاد المصري، ويؤكد أن الحكومة عازمة على استكمال طريق الإصلاح.
استكمال الاصلاح الاقتصادي
وتوقّع الخبراء نجاح في إنجاز أهداف هذا البرنامج، دون تحميل المواطنين أية أعباء مالية.
وأطلقت الحكومة المصرية، أخيرًا “البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية”، الذي يعد المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تم تدشينه في عام 2016.
وتم خلال المرحلة الأولى تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم تدريجيًّا عن الوقود والكهرباء، وإقرار حزمة قوانين اقتصادية، من بينها قوانين القيمة المضافة والاستثمار والتراخيص الصناعية وغيرها.
بينما تستهدف الحكومة في المرحلة الثانية، التي ستجرى على مدار السنوات الثلاث المقبلة، تطوير قطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يؤدي إلى تحقيق معدل نمو يتراوح بين 6 و7% على الأقل، وخفض العجز الكلي إلى 5.5%.
في هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله إن “الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة بحكم تطور الأنظمة الاقتصادية والإدارية، وبالنسبة لمصر فإن المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي كانت تعني بالإصلاح المالي والنقدي، حتى يمكن تحسين مالية الدولة بصورة تمكنها من المضي قدما في إجراءات الإصلاح الهيكلي”.
إصلاح تشوهات الاقتصاد المصري
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن الهدف من الإصلاح الهيكلي هو “إصلاح التشوهات الموجودة في قطاعات الاقتصاد” المصري.
وتابع أن مصر كانت تقوم خلال المرحلة الأولى بتنفيذ إصلاحات هيكلية أيضًا لكن بسرعة أقل وبصورة متدرجة دون برنامج.
وأردف “أما الآن يتم الإصلاح الهيكلي من خلال برنامج محدد الإجراءات والقطاعات بصورة تؤكد التزام الدولة بالإصلاح الهيكلي وحتمية تنفيذ ذلك في مواعيد محددة، وهو أمر سيكون له مردود جيد أمام المستثمرين والمؤسسات الدولية، لأنه يعطي انطباع بأن مصر عازمة على استكمال طريق الإصلاح”.
وأوضح أن “مصر ستركز في هذه المرحلة على قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات، لأن نسبة نموها أقل من القطاعات الأخرى مثل التشييد والبناء، الذي كان يعد القطاع الأهم في المرحلة الأولى، باعتباره قائد التنمية ويقوم بتشغيل عمالة كبيرة”.
تطوير سوق العمل
ورأى أن تطوير هذه القطاعات يتطلب أن “يكون هناك جهاز إداري على كفاءة عالية، ومنظومة ضريبة وتأمينية جيدة، وتطوير سوق العمل، والتجارة الداخلية، واتخاذ كل الإجراءات التي تسمح بزيادة تنافسية المنتجات والخدمات تحت مظلة القطاعات الثلاثة المعلنة”.
وأكد أن الحكومة قادرة على تحقيق أهداف هذه المرحلة، لأنها لن تلجأ إلى إبطاء القطاعات عالية النمو مثل القطاع العقاري والثروة المعدنية والبترول، بل ستحافظ على معدلات نموها المرتفعة، مع العمل على رفع معدلات نمو القطاعات الأخرى مثل الصناعة والزراعة.
وأشار إلى أن مصر نجحت في تحقيق أهداف المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي بكل المقاييس، بل تجاوزت توقعات المؤسسات الدولية، التي تحدثت عن مصر بصورة إيجابية.
ولفت إلى أن “إجراءات الإصلاح الهيكلي لن يترتب عليها أية أعباء على المواطنين، بالعكس سوف يستفيد المواطن من هذا الإصلاح، فمثلا تعميق الصناعات وزيادة الإنتاج سوف يوفر فرص عمل إضافية، ويخفض نسبة البطالة”.
ونوه بأن المواطن شعر بنتائج المرحلة الأولى للإصلاح حيث انخفضت نسبة البطالة، وتمت السيطرة على التضخم الذي ارتفع مع بداية البرنامج إلى 33%، ووصل الآن لـ4.5%.
خطوة جيدة للغاية
وشاطره الرأي الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، بقوله إن “إطلاق المرحلة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي خطوة جيدة للغاية”.
وأوضح الدسوقي، لـ(شينخوا)، أن “الحكومة نفذت خلال الفترة الماضية برنامج إصلاح السياسات المالية والنقدية، وهو برنامج مهم ومطلوب، لكنه لا يحقق تقدم الدولة، والأساس هو الإصلاح الهيكلي”.
وأضاف أن “الإصلاح الهيكلي يختص بتنمية الصناعة والزراعة وغيرها، وهذه القطاعات هي التي تقوم بالتنمية الحقيقية، وتوفر فرص عمل مستدامة، وترفع الصادرات وتقلل الواردات، وكل هذا ينعكس على تحسين مستوى معيشة المواطن، لذلك تمثل هذه المرحلة خطوة مهمة اتمنى أن يتم إنجازها بالفعل”.
وتابع “اعتقد أن الحكومة تستطيع أن تحقق أهدافها من الإصلاح الهيكلي، والأمر ليس زيادة معدل النمو فقط، لكن الأهم هو ما القطاعات التي تسهم في معدل النمو، وهل يستمر الوضع الحالي الذي يساهم فيه قطاع التشييد والبناء بالنسبة الكبرى، أم يتغير الوضع بحيث تسهم الصناعة والزراعة بالنسبة الأكبر في النمو، لو تم التغيير سيكون مفيدًا للاقتصاد المصري”.
تحقيق أهداف المرحلة الأولى
وأشار إلى أن “الحكومة حققت أهداف المرحلة الأولى من الإصلاح، التي زادت فيها الأعباء على المواطنين، لكن من المفترض في الإصلاح الهيكلي ألا يحدث أي عبء على المواطن”.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة فأكد أن الإصلاحات الهيكلية “لا يوجد بها أعباء على المواطن”.
وقال العمدة، وهو محاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، لـ(شينخوا)، إن “الإصلاحات الهيكلية مرتبطة أكثر بتهيئة مناخ الاستثمار، وتمكين القطاع الخاص، والحوكمة وتهيئة مناخ الأعمال، لدعم إصلاح القطاعات المنتجة، وكنت اتوقع أن تبدأ هذه المرحلة منذ عام”.
وختم “أتوقع نجاح الحكومة في تنفيذ هذه الإصلاحات، وتحقيق أهداف هذه المرحلة ليس صعبًا؛ لأن اقتصاد مصر أصبح مهيأ لذلك”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلًا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.