أقرت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرًا مجموعة من التعديلات الجديدة على قواعد قيد وشطب الأوراق المالية فى البورصة المصرية، فى إطار خطتها المستمرة لتسهيل الإجراءات وتيسير الإدراج فى السوق بغرض جذب رءوس أموال جديدة.
ومن بين التعديلات الأخيرة السماح للشركات المقيدة بالاستحواذ على كيانات أخرى غير مقيدة، وذلك دون أن تستوفى الأخيرة شروط ومتطلبات القيد، عقب تعديل المادة «44» من قانون سوق المال.
تجدر الإشارة إلى أن الشروط السابقة كانت تنص على عدم جواز استحواذ أى من الشركات المقيدة على أخرى غير مدرجة، بدون أن تستوفى الأخيرة متطلبات القيد فى سوق الأسهم المصرية.
«المال» رصدت آراء مجموعة من الخبراء بسوق المال حول هذا التعديل، ليشهد إشادة كبيرة، موضحين أنهُ سيساهم بشكل كبير فى تسهيل عمليات الاستحواذ وزيادتها، ومن ثم تحقيق الغرض الأساسى للجهات الرقابية بتوسيع قاعدة سوق الأسهم المصرية وزيادة حجمها .
واعتبروا أن هذا القرار قد يكون بديلا مؤقتا لزيادة أحجام شركات البورصة المصرية، فى ظل غياب وتأخر الطروحات الجديدة، بالإضافة إلى أنه سيعمل على تشجيع عمليات زيادة رءوس الأموال عن طريق عمليات مبادلة أسهم الشركات المستحوذ عليها فى نظيرتها المقيدة .
محمد ماهر : بمثابة دعوة لنمو الكيانات من خلالها
بداية، قال محمد ماهر الرئيس التنفيذى بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن التعديلات بمثابة دعوة للشركات للنمو من خلال الاستحواذات .
وأضاف أن التقييم الجيد للشركات غير المقيدة والمشروعات والأصول التابعة لها، هو الأساس خلال الوقت الحالي، منعًا لحدوث أى ضرر لأى من الأطراف، أن تعرض الغير للتلاعب .
ولفت إلى أن هذا القرار سيؤدى إلى زيادة نمو السوق، خاصة فى ظل الغياب الراهن للطروحات الجديدة، على الرغم من كثرة الحديث معها، مشيرًا إلى أن الظروف الأخيرة كانت لها تأثيرات واضحة على الأوضاع الاقتصادية ككل ومن بينها أسواق المال .
تجدر الإشارة إلى أن صندوق مصر السيادى قام بتأسيس صندوق فرعى يهدف إلى تهيئة الشركات الحكومية للطرح فى البورصة، حيث سبق أن أعلنت الحكومة أنها تستهدف طرح حصص فى شركات حكومية بالبورصة خلال 2022 ما بين طرح عام وثانوى على أن تكون من قطاعات متنوعة.
وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، قد صرحت مؤخرًا بأن صندوق الطروحات يعكف حاليا على إجراء الدراسات المبدئية لتقييم 8 إلى 10 شركات حكومية تمهيدا لطرح حصص تتراوح من 20 إلى 30 % من أسهمها فى البورصة المصرية، وعلى مستثمرين إستراتيجيين أو صناديق خارجية.
وقالت الوزيرة حينها إن قيمة الحصيلة المستهدفة من طرح الدفعة الأولى المتمثلة فى 8 إلى 10 شركات تقدر بـ 2.5 إلى 3 مليارات دولار، على أن تكون هناك دفعة ثانية من الشركات مستهدف طرحها بعوائد مرتقبة بقيمة مماثلة ليبلغ إجمالى الحصيلة المستهدفة من 5 إلى 6 مليارات دولار، مؤكدة على أن الحكومة لديها ملكية فى 770 شركة من ضمنها 200 ناجحة ومؤهلة للطرح وجار العمل على تأهيل باقى الشركات.
ياسر عمارة: الترويج ضرورى لنجاح الآلية الجديدة وزيادة شرائح المتعاملين أبرز العوامل المُنتظرة
وقال ياسر عمارة رئيس مجلس الإدارة بشركة «إيجل للاستشارات المالية» إن التعديلات الحالية تمت بناء على العديد من المطالبات السابقة من العاملين بسوق المال .
وأشار إلى أن شرط ضرورة توافق الكيانات محل الاستحواذ مع قواعد القيد سابقًا، كان عائقا للعديد من الصفقات فى السوق خلال الفترة الماضية .
وأضاف أن العوائق السابقة كانت تتمثل فى تعثر قدرة الكيان المقيد فى الاستحواذ على آخر يكبرهُ فى الحجم، وهو ما كانت تُقره الجهات الرقابية منعًا للتلاعبات، بالإضافة إلى عوامل أخرى متعلقة بتقييمات الشركات غير المقيدة .
ونوه بأن خيارات الاستحواذ أما أن تتم بشكل نقدي، أو عن طريق عمليات مبادلة أسهم، موضحًا أن الخيار الثانى هو الأكثر إقبالا بين الشركات .
ولفت إلى أن خيار مبادلة الأسهم مع التعديلات الجديدة سيؤدى إلى زيادة عمليات الاستحواذ والاندماج فيما بين الشركات وبعضها، ومن ثم التأثير بشكل إيجابى على السوق .
وأوضح ياسر عمارة الرئيس التنفيذى بشركة «إيجل للاستشارات المالية» أن الاستفادة الثانية ستكون متعلقة بخلق كيانات كبيرة مقيدة مباشرة فى السوق دون إجراء أى طرح جديد، إلى جانب توسيع قاعدة المتعاملين بدخول شرائح جديدة .
وتابع إن العامل الثالث الإيجابى يتعلق بتنشيط وزيادة أحجام التداول اليومية فى البورصة المصرية، مقارنة مع حالة الضعف الحالية، لافتًا إلى ضرورة الترويج للقرار حتى يتم الإقبال من جانب الشركات.
محمد حسن: صغيرة الحجم والناشئة الأكثر استفادة
وقال محمد حسن العضو المنتدب بشركة «بلوم مصر لإدارة الأصول» إن الجهات الرقابية تحاول منذ فترة تيسير العديد من الأسهم لتحقيق غرضها الأساسى بالنهوض بسوق المال وتحسين أوضاع البورصة المصرية .
وأشار إلى أن القرار سيصب بشكل أساسى فى مصلحة الشركات صغيرة الحجم والناشئة سواء أكانت مقيدة أو غير مقيدة .
وأضاف أن القرار جاء استجابة للمطالبات السابقة، موضحًا أنه من المفترض أن يجذب سيولة جديدة بدافع عمليات زيادة رءوس الأموال.
وأوضح أن التعديل بمثابة إدراج غير مباشر لكيانات جديدة من خلال اندماجها مع كيانات مقيدة فى السوق بشكل فعلى
إيهاب رشاد: غياب الاكتتابات الجديدة بضغط تأثيرات الأوضاع الاقتصادية الراهنة دافع قوى للصدور
من جانبه، قال إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس الإدارة بشركة «مباشر كابيتال هولدنج» إن الهدف الأساسى من تعديل شرط الاستحواذ للشركات المقيدة، هو توسيع قاعدة الملكية وزيادة حجم السوق .
ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة الماضية، أثرت على وجود أى من الاكتتابات الجديدة، وبالتالى لزم ذلك أن يكون هناك تحرك لزيادة حجم السوق بأى من السبل المتاحة .
وأوضح أن السماح للشركات المقيدة بالاستحواذ على كيان غير مدرج قد يكون أكبر منه فى الحجم، سيؤدى بشكل غير مباشر إلى زيادة رأس المال السوقى للبورصة المصرية دون اكتتابات جديدة عبر اندماج الكيانين فى بعضهما .
وأشار إلى أن التعديل يساعد الكيانات المستحوذ عليها فى تنفيذ خططها التوسعية بشكل أسرع عبر اندماجها مع كيان آخر.
وتابع إن هناك تخوفا من إساءة استخدام هذا التعديل من خلال اندماج كيانات مقيدة مع أخرى غير مقيدة مجهولة الهوية، ولكنه اعتبر أن الجهود التى تبذلها الجهات الرقابية لحماية حقوق المتعاملين قد تحد من حدوث تلك الأمور.
وتوقع أن تظهر التأثيرات الإيجابية للقرار بإتمام عمليات استحواذ فعلية خلال النصف الثانى من العام المقبل.
تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية كانت قد أصدرت مؤخرًا القرار رقم (149) لسنة 2022 لإدخال تعديلات على قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بجداول البورصة المصرية، وذلك لتهيئة بيئة مواتية تساعد و تحفز الشركات على الاستفادة من سوق الأوراق المالية كمنصة تدعم عملية تنمية وتطوير الكيانات الاقتصادية المختلفة.
إذ تم تعديل المادة (6) من قواعد القيد بالسماح للهيئة فى حالات استثنائية مؤقتة الموافقة للشركات المقيدة لها أوراق مالية بالبورصة الجمع بين منصب رئيس مجلس الإدارة ومنصب العضو المنتدب أو الرئيس التنفيذى للشركة، وذلك فى ضوء المبررات التى تقدمها الشركة وتقبلها الهيئة، بالإضافة إلى المادة (7) الخاصة بتجميد الأسهم، وأيضًا المادة (8) المتعلقة بشروط قيد أسهم الشركات المصرية حديثة التأسيس ولم تصدر قوائم مالية عن سنتين ماليتين، وأيضًا المادة (44) سالفة الذكر والخاصة بمتطلبات الاستحواذ على أصول أو استثمارات.
وقالت الهيئة حينها إن تعديل المادة (44) جاء بهدف تحفيز عمليات الاستحواذ التى تساعد الشركات على تنمية وتطوير وزيادة حجم أعمالها، بما يعود بالنفع على السوق والاقتصاد ككل.
وفيما يتعلق بحماية حقوق المتعاملين، ألزمت التعديلات الشركات المقيد لها أوراق مالية بالبورصة متى بلغت إيراداتها السنوية 2 مليار جنيه أو أكثر بموافاة البورصة باللغتين العربية والإنجليزية.