أكد خبراء مصرفيون، أن اكتشافات الغاز فى البحر المتوسط ودعم الدولة لمشروعات قطاع النقل البحري وتطوير الموانيء ساعد فى تحويله إلى قطاع جاذب، مما دفع البنوك إلى السعى لاستغلال تلك الفرص الاستثمارية الكبيرة فى هذا القطاع.
وخلال السنوات الماضية كان يعانى قطاع النقل البحري من غياب التعاون مع القطاع المصرفى، إلا أن هناك بوادر اهتمام مصرفى بالنقل البحرى والدخول فى تمويل مشروعاته بقوة.
يذكر أن العام الجارى شهد عدة تعاقدات بين مشروعات فى النقل البحرى والقطاع المصرفى، كان أبرزها توقيع عقد التمويل المشترك لتمويل إنشاء المحطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية البحرى، بين شركة «المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض» وتحالف مصرفى يضم «البنك الأهلى المصري»، و»بنك مصر»، و»البنك التجارى الدولي»، بقيمة 5 مليارات جنيه.
كما استطاع البنك التجارى الدولى الحصول على مقاعد الأغلبية فى مجلس إدارة شركة دمياط للملاحة والخدمات البحرية بعد استحواذه على %32 من أسهم الشركة.
وأرجع محمد عبد العال، خبير مصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، اتجاه البنوك إلى تمويل مشروعات النقل البحرى إلى زيادة الطلب من قبل الهيئات الدولية خلال الفترة الأخيرة بعد اكتشافات الغاز بالبحر المتوسط والتى حققت انتعاشا فى ذلك القطاع، خاصة وأن مصر تتمتع بأنها مركز تلك الاكتشافات بشرق البحر المتوسط ،مما سيزيد مستقبلا الطلب على مشروعات بحرية تقوم بخدمة تلك الاكتشافات.
وأضاف «عبدالعال» أن انخفاض أسعار البترول وانعكاس ذلك على انخفاض تكاليف النقل مقارنة بوسائل أخرى دفع إلى ضخ استثمارات جديدة، مشيرا إلى أن المحافظ التمويلية لمشروعات النقل البحرى قليلة، واصفا القطاع بأنه «بكر» ويسمح بضخ مزيد من الاستثمارات، بعكس تركيز مخاطر التمويل فى مشروعات أخرى بلغت الحد الأقصى.
وأشار إلى منح شركات التأمين للبوالص، أصبح أكثر مرونة عن ذى قبل مما يعكس صفة الأمان على المشروعات ويزيد من الاستثمارات بجانب اتجاه الدولة إلى تطوير المناطق الاقتصادية وتطوير الموانيء يعمل على تنويع المخاطر فى تلك الأنشطة.
من جانبه، أشار محمد كامل الباحث فى اقتصاديات النقل – إلى أن قطاع النقل البحرى يعد من أكثر القطاعات جذبا للتمويل البنكى، بسبب نجاح معظم مشروعاته وزيادة العائد الاستثمار به.
وأضاف أن قطاع النقل البحرى شهد عزوفا من قبل القطاع المصرفى خلال السنوات الماضية بسبب التشريعات البحرية التى لم تتغير طوال العقود الماضية، وهى التى عملت على كون هذا النشاط طاردا للبنوك.
من ناحيته، أوضح طارق متولى نائب العضو المنتدب السابق لبنك بلوم مصر، أنه لم يكن هناك عزوف من البنوك عن تمويل أى استثمارات، ولكنه النقل البحري لم يكن جاذبا بعكس الفترة الحالية حيث تولى الدولة ذلك القطاع اهتماما كبيرا وقدمت له تسهيلات بهدف تنشطيه وبدأت تدخل استثمارات مما يشجع البنوك على الشراكة والتمويل، مشيرا إلى أن البنوك دائما تبحث عن الفرص ودراسات الجدوى الناجحة.
وقال إن النقل البحرى كان قطاعا غير نشط ودعم الدولة لذلك القطاع خلق الحاجة إلى تلك التمويلات لأنه لايزال قطاعا «بكرا»، موضحا أن تقديم الدولة لتسهيلات وحوافز خلال الفترة الحالية شجع القطاع البنكى على ضخ التمويلات لوجود فرص استثمارية قوية ناجحة.
من جانبه، أشار أحد خبراء النقل البحرى إلى إزالة الحاجز أمام البنوك فى دخول تمويلات ضخمة بقطاع النقل البحرى، والذى كان متمثلا فى تركيز عملية التمويل على السفينة فقط، مشيرا إلى أن السفن تجوب العالم، بما يعنى أن تمويلها يعد من التمويلات عالية المخاطر.
وتابع أنه فى حالة أن تقوم المركب مثلا بكسر رصيف فيمكن الحجز عليها من قبل بلد الرصيف مما قد يوقع البنك الذى أقرضها فى أزمة، وإلى الآن لا يوجد لدينا تلك الخبرات التى تتعامل مع هذه النوعية من القروض.
ولفت إلى أن التمويل فى النقل البحرى ليس مجرد مركب فقط ولكن مشروعات أيضا، خاصة أننا نربط العالم من الشرق الأقصى إلى الولايات المتحدة وأوربا، وهذا ينتج عنه محطات لوجستية وموانئ تكون كمراكز توزيع كشرق بورسعيد، مما يستدعى دخول البنوك بقوة خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن عددا من المشروعات التى تم إنشاؤها بالنقل البحرى خاصة محطات الحاويات التابعة للقطاع الخاص تم تمويلها عبر القطاع المصرفى والتى على رأسها محطة شركة قناة السويس للحاويات فقط والتى تم إنشاؤها بمشاركة بنكية من بنوك تعمل فى السوق المحلية، بالإضافة إلى عدد من محطات ميناء العين السخنة.
ولفت إلى أن البنك الأهلى والبنك التجارى الدولى من أكثر البنوك التى مولت مشروعات فى مينائى السخنة، شرق بورسعيد، إلا أن الفترة المقبلة ستحتاج إلى تمويل بنكى كبير خاصة فى المشروعات اللوجستية التى سيتم تنفيذها فى منطقة شرق بورسعيد، والمناطق التخزينية والمشروعات التجميعية.
ولفت الخبير البحرى إلى أن معظم مشغلى السفن يقومون برفع علم رخيص فى تكاليفه خاصة من ليبريا وقبرص وبنما، ولكن يمكن أن ترفع العلم الأجنبى ويتم تطبيق القانون الدولى عليها، خاصة أن هناك قانونا دوليا يمكن من خلاله الحجز على المركب فى أى منطقة فى العالم، بالإضافة إلى أن اقتصاديات السفن مختلفة، فمثلا لو تم عرض سفن أكثر للسوق فتنخفض الأسعار، وفى ظل انخفاض سعر البترول فيكون الاستثمار الأفضل فى ناقلات البترول.
واشار إلى أن هناك نوعا من التمويل فى نشاط الخدمات البترولية البحرية مثل التمويل الذى تحصل عليه وحدات شركة «ماراديف»، أما المراكب فلا يوجد لدينا أسطول يذكر من الأساس يرفع العلم المصرى، وكثيرا من الملاك يرفعون العلم الأجنبى.
وتابع إننا نحتاج إلى تعديل فى تمويل القوانين الخاصة بالقطاع البحرى، فمثلا القانون يحظر رفع العلم المصرى على السفينة التى تزيد عن 20 عاما فما الداعى من هذا البند.
وطالب بضرورة منح مزايا أكثر لرفع العلم المصرى مثل إلغاء رسوم التسجيل أسوة بدول العالم كبنما وقبرص، وتخفيض الضرائب، وتسجيل السفن بنظام المناطق الحرة.
وعلى صعيد النقل البحري ، أشار الدكتور منتصر السكرى رئيس شركة المصرية لتصنيف السفن (والخبير البحرى ) إلى أن وجود عزوف من قبل القطاع المصرفى على تمويل نشاط النقل البحرى رغم أن الحكومة أصدرت تعليمات أكثر من مرة بدخول البنوك بقوة فى هذا النشاط خاصة تشغيل السفن طالما يتم تغطيتها تأمينيا مما يضمن حق البنك.
وأضاف أن البنوك فى العالم كله أصبحت تقوم بتمويل السفن طالما هناك ضمانات لها، إلا أنه أرجع عدم دخول البنوك بقوة فى هذا النشاط بسبب عدم الوعى لديها معتقده أنه فى حالة غرق المركب أو الحجز على المركب أو تغير علمها مطالبا بأن يكون هناك قسم خاص فى كل بنك مختص فى النقل البحري ولديه الوعى للتعامل فى هذا النشاط.
من ناحية أخرى، أكد مصدر فى غرفة ملاحة دمياط أن البنوك تتخوف من سداد أصل القرض فى ظل الخسائر التى يمكن أن تتعرض لها شركات الملاحة.
وأضاف أنه على سبيل المثال كان البنك الأهلى يقوم بتمويل الشركة الوطنية للملاحة لشراء عدد من السفن، إلا أنه نتيجة صعوبة سداد تلك القروض تم دخول البنك كشريك بالشركة بنسبة تصل إلى %39 حاليا.
أما بالنسبة للمحطات سواء محطات حاويات أو صب سائل أو صب جاف فيمكن للبنوك الدخول فيها بقوة لسرعة العائد على الاستثمار من ناحية، وارتفاع الربحية من ناحية أخرى.
بدوره، أوضح اللواء إبراهيم يوسف خبير النقل البحرى أنه لضمان دخول البنوك فى نشاط النقل البحرى، فلابد من تنفيذ ما قام به قطاع النقل البحرى منذ ما يزيد عن 8 سنوات بإجراء تعديلات على القوانين المعمول بها فى هذا النشاط.
واقترح أن يتم تنقيح تلك التعديلات حتى لا يكون هدفها تمويل شراء وتشغيل السفن فقط، بقدر ما يتم تمويل مشروعات كمحطات الحاويات وأخرى للصب السائل والصب الجاف ومحطات متعددة الأغراض.
ولفت إلى أن النقل البحرى أصبح من القطاعات الواعدة لدى البنوك خلال الفترة السابقة، خاصة بعد البدء فى مشروعات قناة السويس لكونها مشروعات عملاقة، وتدر أرباحا هائلة، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فقد شارك العديد من البنوك فى تمويل محطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية مؤخرا.