قال خبراء إن تأثير الذكاء الاصطناعى على البنوك المركزية، يمنح العديد من الفرص تتضمن تحسين الكفاءة والإنتاجية، وتبسيط الإجراءات وتقليل الأخطاء، وتحسين تجربة العميل من خلال تخصيص الخدمات، واتخاذ قرارات أفضل وتحليل البيانات بشكل أكثر دقة، واكتشاف الاحتيال والتنبؤ بالمخاطر بشكل أفضل، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة.
وأوضحوا أن هناك بعض التحديات التى تواجه البنوك المركزية عند تطبيقها للذكاء الاصطناعى، منها البنية التحتية حيث الحاجة إلى استثمارات كبيرة لتحديث الأجهزة والبرامج وبناء قواعد بيانات ضخمة، بالإضافة إلى نقص الخبراء المؤهلين فى مجال الذكاء الاصطناعى، وخطر التعرض للهجمات السيبرانية، وضرورة التأكد من أنه يتوافق مع القوانين واللوائح.
وأضافوا أن تطبيق الذكاء الاصطناعى يمكن أن يغير من طبيعة الوظائف فى البنوك المركزية، لكنه أيضًا يفتح المجال لمهام وفرص جديدة تتطلب مهارات مختلفة لضمان تحول سلس.
واستضاف البنك المركزى المصرى للعام الثانى برنامجا تدريبيًا بالتعاون مع المعهد النقدى للكوميسا (CMI)، حول “تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى وأثرهما على البنوك المركزية” خلال الفترة من 18 إلى 22 أغسطس الحالى.
الذكاء الاصطناعى يمنح البنوك فرصا جديدة
وقال أحمد مصلوح، خبير التحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات إن الذكاء الاصطناعى سيحدث ثورة فى القطاع المصرفى والبنوك المركزية بفضل قدرته على محاكاة وظائف الإنسان بشكل أبسط.
وأوضح “مصلوح” أن التحول الرقمى الذى تشهده البنوك يتمثل فى تحويل البيانات التقليدية إلى إجراءات ذكية تعتمد على الأتمتة عبر قنوات حديثة كالصراف الآلى و”الموبايل بانكينج” والدفع الإلكترونى.
ومن أهم فوائد دمج الذكاء الاصطناعى فى البنوك؛ تحسين الكفاءة الإنتاجية، تبسيط الإجراءات، تقليل استخدام الموارد، تحسين تجربة العميل، اقتراح توصيات أكثر دقة، وتسهيل الوصول للخدمات، كما يساعد فى اتخاذ قرارات أفضل وتحليل البيانات الضخمة، إضافة إلى التنبؤ بالمخاطر والكوارث وخلق وظائف جديدة.
ورغم مخاوف البعض من استبدال البشر بالذكاء الاصطناعى، إلا أن “مصلوح” يؤكد أن هذه المخاوف موجودة منذ ظهور الآلة الحاسبة، لكن فى المقابل سيخلق وظائف جديدة.
ومن التحديات التى تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعى فى البنوك حسب خبير تكنولوجيا المعلومات الحاجة إلى بنية تحتية قوية، والتكلفة الأولية المرتفعة، وتوافر كوادر بشرية مؤهلة ذات خبرة كافية.
وبالمثل؛ أوضح علاء أبو المجد، الخبير المصرفى فى التحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات، أن التحديات الرئيسية التى تواجه البنوك المركزية فى تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى تشمل؛ الحفاظ على الأمن السيبرانى، حيث تعتمد بشكل كبير على البيانات الضخمة، والبنوك المركزية تتعامل مع بيانات حساسة وحرجة، لذا يمكن أن تكون عرضة للهجمات السيبرانية التى تهدف إلى سرقة أو اختراق البيانات.
الخصوصية وحماية البيانات
مع تطبيق الذكاء الاصطناعى، تزداد المخاوف المتعلقة بخصوصية الأفراد وحماية بياناتهم، لذا يجب على البنوك المركزية الالتزام بالقوانين واللوائح التى تحمى خصوصية المستخدمين وتضمن عدم استخدام البيانات بطريقة غير مشروعة، وفقًا لخبير التحول الرقمى.
وأفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعى تعتمد على البيانات التى تُغذى بها، إذا كانت غير دقيقة أو متحيزة، يمكن أن تؤدى إلى نتائج غير موثوقة، لذلك، يجب على البنوك المركزية التأكد من جودة البيانات وتحييد أى تحيزات.
الامتثال القانونى والتنظيمي
وأكد “أبو المجد” ضرورة أن يتوافق تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى مع القوانين واللوائح المحلية والدولية، وفهم البنوك المركزية بمدى التحديات القانونية وضمان الامتثال لها.
كيفية ضمان أمن وخصوصية البيانات
وأفاد بأن استخدام تقنيات التشفير لحماية البيانات أثناء نقلها وتخزينها يمنع الوصول غير المصرح به إلى البيانات، بالإضافة إلى أنه يكون محصورًا على الأشخاص المصرح لهم فقط، مع تطبيق سياسات صارمة لإدارة الوصول.
وتابع أن البنوك المركزية تنفذ أنظمة مراقبة مستمرة لتتبع أى نشاط غير معتاد أو محاولات اختراق، بالإضافة إلى إجراء تدقيق دورى للأنظمة لضمان سلامتها.
وأكد أهمية تدريب العاملين على حماية البيانات وكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعى بأمان، وهذا يشمل توعية الموظفين بالتحديات والمخاطر المتعلقة به.
وذكر الخبير المصرفى أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يؤدى إلى تحول فى طبيعة بعض الوظائف على سبيل المثال، الأعمال الروتينية مثل إدخال البيانات أو المعاملات البسيطة قد تصبح مؤتمتة بالكامل، مما يعنى تقليل الحاجة إلى الموظفين الذين كانوا يقومون بهذه المهام ولكن سوف يتم نقلهم لعمل أكثر إفادة لهم وللمؤسسة.
إعادة تدريب الموظفين
وأوضح أن البنوك المركزية قد تحتاج إلى استثمار موارد كبيرة فى إعادة تدريب موظفيها ليكونوا قادرين على العمل مع التكنولوجيا الجديدة، وهذا قد يشمل تدريب العاملين الحاليين على كيفية استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى أو تقديم برامج تعليمية متخصصة.
وعلى الجانب الإيجابى، يمكن أن يؤدى الذكاء الاصطناعى إلى تحسين كفاءة العمليات، مما يسمح للعاملين بالتركيز على المهام الأكثر تعقيدًا وإبداعًا والتى تتطلب تدخلا بشريًا، وفقًا لـ “أبو المجد”.
وقال الدكتور إبراهيم فاروق خبير مصرفى، إنه مع التطورات السريعة فى التكنولوجيا المالية، بدأ الذكاء الصناعى (AI) يلعب دورًا متزايدًا فى القطاع المصرفى على مستوى العالم، ولا تعد مصر استثناءً.
وأضاف أنه على الرغم من الفرص العديدة التى يقدمها الذكاء الصناعى، تواجه البنوك المركزية تحديات متعددة عند محاولة تطبيق هذه التكنولوجيا.
التحديات التقنية واللوجستية
وأفاد بأنه على سبيل المثال لا الحصر، أحد أكبر التحديات التى تواجه البنوك المركزية هو البنية التحتية التقنية، حيث يتطلب تطبيق أنظمة الذكاء الصناعى استثمارات كبيرة فى تحديث الأجهزة والبرمجيات، بالإضافة إلى الحاجة لبناء قاعدة بيانات قوية ومعقدة يمكنها التعامل مع الكميات الكبيرة من البيانات المالية “Big Data “ مما يشكل عبئًا كبيرًا على البنوك، خاصة الصغير منها.
وأفاد بأن تطبيق الذكاء الصناعى يتطلب كوادر بشرية مؤهلة قادرة على تطوير وإدارة هذه التكنولوجيا، ومع قلة عدد الخبراء فى هذا المجال، يصبح العثور على الكفاءات المناسبة تحديًا كبيرًا.
لذا نصح الخبير المصرفى بنوك الاستثمار بتدريب وتطوير فرق العمل لديها، وهذا قد يستغرق وقتًا طويلًا.
المخاطر المرتبطة بتطبيق الذكاء الصناعي
مع جميع الفوائد التى يمكن أن يجلبها الذكاء الصناعى، فإن هناك مخاطر مرتبطة بتطبيقه، ومن أبرزها، وفقًا لـ “فاروق” الأمن السيبرانى، حيث يعتمد على البيانات الضخمة والتحليل المتقدم، إلى جانب التحيز، فقد تؤدى خوارزميات الذكاء الصناعى إلى اتخاذ قرارات متحيزة إذا لم تكن مصممة أو مبرمجة بشكل صحيح، مما قد يؤدى إلى مشكلات قانونية وسمعة سيئة للبنك.
أثر تطبيق الذكاء الصناعى على البنوك والوظائف
وأوضح أنه على الرغم من التحديات والمخاطر، يمكن أن يؤدى تطبيق الذكاء الصناعى إلى تحسين كفاءة العمليات المصرفية، تقليل التكاليف التشغيلية، وزيادة القدرة على التنبؤ بالمخاطر والفرص، بالنسبة للبنوك، وهذا يعنى تقديم خدمات أفضل وأكثر تخصيصًا للعملاء، وتعزيز الابتكار فى المنتجات المصرفية.
ومع ذلك، قد يتسبب هذا فى تحول كبير فى سوق العمل، بعض الوظائف التقليدية مثل الصرافين وموظفى خدمة العملاء قد تصبح زائدة عن الحاجة، مما يفرض على العاملين فى القطاع المصرفى التكيف مع الوضع الجديد من خلال اكتساب مهارات جديدة أو الانتقال إلى وظائف ذات طبيعة تحليلية أو تقنية، وفقا للخبير المصرفى.
مصلوح: قادرعلى محاكاة وظائف الإنسان بشكل أبسط
أبو المجد: يجب التأكد من جودة البيانات وتحييد أى تحيزات
فاروق: يزيد القدرة على التنبؤ بالمخاطر والفرص