أكّد الدكتور محمود ممتاز رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أن السياسة الاقتصادية للدولة المصرية قائمة على ضمان مناخ تنافسي لممارسة النشاط الاقتصادي على نحو ما ورد بالمادة (27) من الدستور المصري التي تنص على أنه: «يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر».
وأشار خلال مؤتمر تعزيز الحياد التنافسي – التجربة المصرية والدولية «الاستراتيجية الوطنية لدعم سياسات المنافسة والحياد التنافسي»اليوم الأربعاء إلى أن النظام الاقتصادي يلتزم بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيًّا وقطاعيًّا وبيئيًّا ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك.
وأكد ممتاز أن تطبيق مبادئ الحياد التنافسي داخل الأسواق المصرية من أهم العوامل التي تضمن زيادة تدفقات الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما ينعكس بالإيجاب على معدلات النمو الاقتصادي ويعود بالنفع على المستهلك والاقتصاد ككل.
ولفت إلى أن سياسة الحياد التنافسي تضمن أن جميع الشركات العاملة بالسوق سواء الشركات الخاصة المحلية منها أو الأجنبية أو الشركات المملوكة للدولة تتنافس على نفس الأساس بشكل متكافئ وفقًا لنفس الإطار التنظيمي دون أدنى تمييز بينهم.
وتابع قائلًا: «اعتمدت الدولة المصرية استراتيجية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية 2021-2025 والتي تتوافق مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة، والتي خصصت الهدف الاستراتيجي الثاني منها للحد من التشريعات والسياسات والقرارات المقيدة لحرية المنافسة».
وأضاف ممتاز أن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قام بوضع استراتيجية خاصة للحياد التنافسي والتي أقرها مجلس الوزراء خلال جلسته المنعقدة في مايو 2022.
وأكد أن مبادئ الحياد التنافسي ذات ضرورة بالغة لتشجيع الاستثمار والابتكار، ورفع المستويات الإنتاجية والتوظيف بما يضمن تحقيق مناخ تنافسي عادل والارتقاء بأداء وترتيب الاقتصاد المصري في أبرز المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح أن سياسة الحياد التنافسي ترتكز على أربعة محاور رئيسية تضمن المساواة بين الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة وبين الشركات الخاصة وبعضها البعض، منوهًا بأن المحور الأول هو الحياد الضريبي من خلال تطبيق نفس النظام الضريبي على جميع الأشخاص العاملة في السوق متى تساوت مراكزهم، مما يعني أن جميع الشركات العاملة في السوق تخضع لنفس المعدلات الضريبية ونفس الإعفاءات.
ولفت إلى أن المحور الثاني يتضمن الحياد التنظيمي والتشريعي والذي يشمل عمل جميع الشركات في السوق سواء الشركات المملوكة للدولة أو الشركات الخاصة تحت نفس الإطار التنظيمي عن طريق خضوع جميع الشركات لنفس اللوائح والتشريعات ومنها (قوانين المنافسة) لتجنب منح ميزة تنافسية لبعض الشركات دون أخرى.
وأوضح ممتاز أن المحور الثالث هو الحياد في المديونيات القائم على تمكين جميع الأشخاص العاملة في السوق من الحصول على رأس المال بنفس التكلفة والحد من الوصول التفضيلي إلى التمويل من خلال البنوك المملوكة بالدولة.
وأضاف أن المحور الرابع قائم على الحياد في المشتريات العامة من خلال اتباع وسائل طرح تنافسية في التعاقدات العامة لضمان الشفافية فيما يخص كيفية المشاركة في العمليات التعاقدية وإتاحة فرصة المشاركة أمام الشركات بجميع أنواعها.
وأكد ممتاز أن تطبيق سياسة الحياد التنافسي تعمل على إزالة عوائق الدخول والتوسع في الأسواق غير المبررة وتجنب خلق كيانات مسيطرة في الأسواق المختلفة، أو التعزيز من سيطرة كيان مسيطر، أو تسهيل التواطؤ بين الأشخاص العاملة في السوق، كما يعمل الحياد التنافسي على تشجيع المنافسة عن جدارة والتي تسمح للأشخاص التي تستخدم مواردها بشكل فعال أن تتفوق وتستحوذ على الحصص السوقية الأكبر، بينما تأتي الأشخاص الأقل كفاءة في مرتبة متأخرة من حيث الحصص السوقية أو في بعض الأحيان لا تتمكن من البقاء في السوق.
وأكد ممتاز أن الحياد التنافسي يعمل على تحقيق اليقين القانوني الذي يعزز من ثقة مستثمري القطاع الخاص لدخول السوق وتشجيع تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية وبالأخص الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة، كما يعمل على المناخ التنافسي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل الدخول والمنافسة في الأسواق وخلق فرص عمل جديدة.
ونوه ممتاز بأن الحياد التنافسي يرفع مستوى رفاهية المستهلك من خلال خفض الأسعار وتحسين الجودة وتشجيع الابتكار والتطوير، كما يساعد على تعزيز فاعلية توزيع الموارد داخل الاقتصاد المصري، سواء بين الأنشطة مختلفة الإنتاجية، أو بين الكيانات العاملة في النشاط نفسه.
وأوضح أن محاور استراتيجية تعزيز الحياد التنافسي تقوم على وضع الإطار المؤسسي؛ حيث قام الجهاز بتأسيس إدارة لدعم سياسة المنافسة والحياد التنافسي داخل الجهاز حيث تتمثل اختصاصات الإدارة في تلقي الشكاوى من المواطنين والمستثمرين كآلية لرصد الآثار الناتجة عن بعض القرارات والتشريعات واللوائح والسياسات وذلك قبل لجوئهم إلى القضاء المحلي أو التحكيم الاستثماري الدولي، كما تختص الإدارة بالعمل على رصد أية قرارات أو تشريعات أو لوائح أو سياسات ضارة والتي قد تؤثر على الحياد التنافسي في مختلف الأسواق بشكل استباقي وفعّال.
وأضاف أن الجهاز قام بإنشاء اللجنة العليا لدعم سياسة المنافسة والحياد التنافسي بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2195 لسنة 2022 تعمل على الوصول إلى حلول جذرية مع فاعلية تنفيذ القرارات الصادرة من اللجنة من كافة جهات الدولة حال تبين أي من الأدوات التنظيمية التي من شأنها الإضرار بالمنافسة.
وأوضح ممتاز أن المحور الثاني هو وضع الإطار التنظيمي وذلك لضمان توافق كافة التنظيمات مع رؤية الدولة فيما يخص الحياد التنافسي من خلال إصدار كتاب دوري من مجلس الوزراء للجهات العامة لضمان قيام تلك الجهات بمراعاة أحكام تلك المادة.
كما قام الجهاز بوضع إرشادات دعم سياسات المنافسة وتعميمها على كافة الجهات من خلال كتاب دوري يصدر من مجلس الوزراء، تتضمن توضيح مفصل ومبسط للمنهجية المتبعة لتقييم مختلف الأدوات التنظيمية المتبعة وآثارها على المنافسة.
وأضاف أن المحور الثالث قائم على نشر ثقافة المنافسة للعاملين بالجهات الحكومية منوهًا بأن رفع كفاءة العاملين بالدولة وزيادة الوعي بأحكام المنافسة والحياد التنافسي وجعلها ثقافة مدمجة لدى العاملين والمسئولين بكافة جهات الدولة هو الضمانة الحقيقية للالتزام بسياسات المنافسة والحياد التنافسي.
وأضاف ممتاز أن المحور الرابع قائم على التقييم الدوري لفاعلية تطبيق مبادئ الحياد للحفاظ على البيئة التنافسية وتهيئة مناخ الأعمال في الاسواق وبالتالي زيادة الاستثمار والابتكار ورفع المستويات الإنتاجية والتوظيف.