حكومة عنصرية جديدة فى إسرائيل.. تتسلح بالسم والرصاص لمواجهة خصومها العرب

حكومة عنصرية جديدة فى إسرائيل.. تتسلح بالسم والرصاص لمواجهة خصومها العرب
شريف عطية

شريف عطية

6:41 ص, الخميس, 21 مايو 20

عبر فراغ حكومى امتد فى إسرائيل لنحو 18 شهراً، تخللتها ثلاثة انتخابات تشريعية، لم تسفر عن غالب أو مغلوب بين المتنافسين اللدودين- زعيمى الحزبين الأكثر تصويتاً لنوابهما، الليكود – كحول لفان، إذ بالعقدة السياسية تنفك فى 5/17 بموجب تصديق الكنيست على تشكيل حكومة وحدة (طوارئ) مناصفة بالتبادل بينهما، من حيث رغبتهما العنصرية المشتركة فى التوسع صوب تحقيق خطوة «ضم الأراضى» من المستوطنات والضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، ما سوف يثير رد فعل من جانب الفلسطينيين.. يصفونه بـ«تكسير القوالب»، التى سبق التفكير فى استكمال اصطفافها.. حال حصول ائتلاف حكومى بين «التحالف الوسطى» و«القائمة العربية» (13 نائباً يمثلون ثالث كتلة نيابية فى الكنيست)، تستبعد اليمين المتطرف، إذ لكانت وفرت لـ«الوسط» تشكيل الحكومة، لولا أن عدلت الحكومة الجديدة عن اتجاهها صوب «الأبرتا هيد»، وللتغطية على الفساد، ومن دون استبعاد تعميق الانقسام الفلسطينى من خلال ترقب حصول تعاونها (الملتبس) مع حركة «حماس»، بحيث قد يليق تسميتها حينئذ- وفقاً لمعارضيها- «حكومة العدوان»، التى لا تخفى تباهيها بالغطرسة فور إعلانها، حين تصم رد الفعل العربى إزاء خطوتها القادمة بضم الأراضى.. كمجرد ظاهرة صوتية فحسب، سرعان أن تخفت، كعادة العرب، متجاهلة أن غرورها الاصطناعى.. لا يغلفه سوى الانحياز الأميركى المطلق، ليس إلى ما لا نهاية، لرغبات غير واقعية للدولة العبرية، التى يغيب عن نوازعها «السيكوباتية»، استمساك الرأى العام العربى والفلسطينى (من الجبابرة) لما يزيد على سبعين عاماً.. بحقوقهم الحيوية المشروعة.

إلى ذلك، وفى سياقه، يمكن القول إن العنصرية التى تتجه إسرائيل لتعميمها، تكاد أن تؤدى فى السنوات الأخيرة إلى الأزمة السياسية الأكبر فى تاريخ الدولة التى تتباهى بأنها واحة الديمقراطية فى الشرق الأوسط، إذ باتت محصورة اليوم بين اختيارين، إما إلى الحرب الأهلية أو القبول بـ«حل الدولتين»، بمعنى آخر.. بين عصر من الانفلات والانقسام عوضاً عن عهد من المصالحة والسلام أصبح بعيد المنال فى ظل حكومة عدوانية يغلفها حفل فساد بتنصيب رئاستها لمتهم يصفه زعيم المعارضة بأنه «يخفض عينيه.. ويطأطئ رأسه.. من العار والشنار»، ذلك فيما تسعى حكومته – بحسب وزير الخارجية الجديد «جنرال اشكينازى» للحوار مع الجيران بالتنسيق مع الإدارة الأميركية بناء على خطة «ترامب» للسلام فى الشرق الأوسط، التى تعتبر- حسب قول «اشكينازى» فرصة تاريخية لترسيم حدود ثابتة لإسرائيل.. تشكل مستقبلها لعقود مقبلة، إلا أن ملك الأردن بعكس التفاؤل الذى يبديه «نتنياهو» باقتراب حكومته للسلام.. يحذر من ضم إسرائيل أراضى من الضفة الغربية، سوف تؤدى حسب حديثه مع مجلة «ديل شبيجل» الألمانية، إلى «صدام كبير مع الأردن، وربما إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وإلى عصر من الفوضى والتطرف فى المنطقة».

على صعيد موازٍ، لا يغفل عن (الحمل الإسرائيلى) تكرار صيحته المفزوعة عن مخاطر «الذئب العربى» من حوله فى الخمسينيات والستينيات، إذ يعاد إنتاج المقولة نفسها فى السنوات الأخيرة.. لكن هذه المرة عن مخاطر «الذئب النووى الإيرانى»، ليس إزاءها فحسب وهى المؤمَّنة بالردع النووى، بل كذلك لتوظيفه- كمبرر- فى إفزاع دول الخليج بهدف دفعها للجوء إلى التطبيع معها، وبالشروط الإسرائيلية.. التى تتحفظ منذ 2002 عن القبول بمرجعية مبادرة القمة العربية للسلام (الأرض مقابل السلام)، الأمر الذى لم يدع «السادات» 1978 (تحرير سيناء بالكامل) لغيره من الحكام العرب، إمكانية عدم الالتزام بهذا المبدأ، وهو الذى يتبناه الرأى العام العربى الفلسطيني- كحائط صد ضد التوسع الإسرائيلى- حتى ولو شاء البعض الهرع لغسل الأيدى من المسألة الفلسطينية، التى لم تعد رغم مركزيتها كخط دفاع مباشر لمواجهة المشروع الصهيونى الاستيطانى، تملك ضرورات الأولوية المطلقة بالمقارنة بأهمية التحوط من مخاطر هيمنة الحقبة الصهيونية على المنطقة العربية فى مجملها، كذلك للسطو على دور مصر التى هى فى مركز الدائرة منها، وعلى ذلك فإن بقاء المسألة الفلسطينية على قيد الحياة- ضرورة- كقضية مركزية لكل من العالم العربى والدولة العبرية، ورغم عدم النجاح حتى الآن فى إعلان دولتها، فإن كفاحها الوطنى يؤرخ لها فى حقبة مواجهة الاستعمار والصهيونية طوال قرن مضى من الزمان، لا ينتقص من أهمية دورها- بل يؤكده- عمق الوعى التاريخى للمواطن العربى فى رفض نوايا حكومة عنصرية جديدة فى إسرائيل.. تتسلح بالسم والرصاص لمواجهة خصومها العرب.