حقوق الأقلية

حقوق الأقلية
حازم شريف

حازم شريف

10:26 ص, الأحد, 6 أبريل 03

احترام حقوق الأقلية، واحد من مجموعة مبادئ أساسية، أفرزتها ثورة الديمقراطية، التي اجتاحت العالم علي مدار القرون الأخيرة، مثله مثل احترام حق المواطنة، واحترام حرية التعبير، وحق المرأة في العمل، وحق المواطنين في تأسيس جمعيات أهلية، وغيرها.

وهي مبادئ باتت متغلغلة في بُني الأطر التشريعية والتنظيمية، في كافة الدول المتقدمة والمنظمات الدولية، بل وحتي في بعض الدول ذات النصيب المتواضع من الممارسة الديمقراطية، والتي تجد نفسها مدفوعة بحكم الضغوط الخارجية إلي تضمين قشور من هذه المبادئ، في دساتيرها ونظمها التشريعية ذرا للرمال في العيون، وتجنبا لمواجهة أي عقوبات أو مقاطعات قد تفرضها عليها الجهات والمنظمات الدولية.

وبصرف النظر عن السهولة التي يستطيع أي منا، أن يضبط بها قوي كبري كالولايات المتحدة الأمريكية مثلا متلبسة -عبر ممارسات فعلية علي أرض الواقع-، بمخالفة كل ما تدعيه عن احترامها وصيانتها لهذه المبادئ، فان ذلك لا ينبغي أن يؤدي بنا في نهاية المطاف إلي الكفر بكل قيم الحداثةـ -والتي هي ملك للإنسانية ككل-، والاتجاه إلي الدعوة إلي العودة إلي قيم ومبادئ ونظم ديكتاتورية، عفا عليها الزمان ولفظها التاريخ، وذلك بدلا من أن تدفعنا حالات الممارسات المتناقضة إلي المزيد من المطالبة، وتكثيف الضغوط لاحترام حقوق الإنسان وأركان الديمقراطية.

ونعود إلي مبدأ احترام حقوق الأقلية، وهو مبدأ عام، يتجلي في كافة المجالات والمناحي الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة، كما ينطبق أيضا في الجمعيات العمومية!.

وقد شهد الأسبوعان الماضيان جمعيتين عموميتين لشركتين، تجلت فيهما ممارسات، حامت حولها شبهة عدم احترام حقوق الأقلية، وذلك من جانب الطرف الأقوى، الذي يمتلك السيطرة علي الجمعية.

الحالة الثانية تمثلت في الاحداث التي شهدتها الجمعية العمومية لـ «شركة إيديال» الأسبوع الماضي، وهي ما سنتناولها في الأسبوع القادم .

أما الحالة الأولى، فيجسدها ما جري من أحداث في الجمعية العمومية غير العادية، التي عقدتها شركة أسمنت سينا الأسبوع قبل الماضي، وشهدت مواجهة ساخنة بين غالبية المساهمين وعلي رأسهم الدكتور حسن راتب رئيس الشركة من ناحية، وممثل الشركة المصرية للاسمنت.

وظهر منها اتفاق الإدارة مع أغلب المساهمين الكبار، علي قبول العرض الذي تقدمت به شركة «فيكا» الفرنسية لزيادة رأس المال بسعر 15 جنيها للسهم، وتجاهل العرض المشترك الذي تقدمت به الشركة المصرية للأسمنت والشركة الفلسطينية للخدمات التجارية بسعر 17 جنيها للسهم، وهو ما يعني من الناحية المالية، ضياع 20 مليون جنيه علي الشركة، كانت ستضاف إلي الاحتياطيات.

ومن الواضح أن عملية «التربيط» بين كبار المساهمين، والتي سبقت عقد الجمعية، قد تمت بدوافع لا علاقة لها، بمدي أفضلية المقارنة السعرية بين العرضين، وإنما وضعت في الاعتبار، عدم إعطاء الشركة المصرية للأسمنت الفرصة للحصول علي نسبة حاكمة في أسمنت سينا، قد تمكنها من التحكم بدرجة كبيرة في إدارتها.

وهنا يبدو الموقف شائكا ومركبا إلي أقصي درجة، خاصة بعد أن تلقت هيئة سوق المال شكوي من «بعض صغار  المساهمين»، يتظلمون فيها من قرار الجمعية.

لأنه إذا كان قرار الجمعية بتجاهل العرض المالي الأعلى، يمثل إخلالا واضحا بمبدأ احترام حقوق الأقلية، إلا أن قبول العرض الأعلي ــ في هذه الحالة-، قد يشكل نوعا من تعارض المصالح، من الممكن أن يتعلل به من تجاهلوه في الجمعية، وذلك خوفا من أن تفضل المصرية للأسمنت مصالحها -وهي الشركة الأم- علي «صالح» أسمنت سينا في حالة حدوث تضارب في المصالح.

وهنا يبدو أن الكرة قد أصبحت في ملعب هيئة سوق المال، التي نشفق عليها صراحة من مسئولية اتخاذ القرار المناسب في هذه الحالة، تحديدا في ظل سوق بالغ الحساسية كسوق الأسمنت، لم يعد أحد يدري بالضبط ماذا تريد الحكومة منه، وما هي آليات المنافسة التي ترغب في أن تحكمه.

فهي من ناحية -الحكومة-، أعلنت عن فتح الباب للمنافسة أمام القطاع الخاص ودخول كبري الشركات الأجنبية، ومن ناحية أخرى، تعود لتطل برأسها من جديد، في كل مرة تتعرض فيها الشركات التي تسيطر عليها للخسارة، بسبب عدم قدرتها علي الصمود في المنافسة.

ــ هل تريد الحكومة تحرير المنافسة في قطاع الأسمنت؟! لا أحد يدري.

ــ هل ترغب الحكومة في تشكيل كيانات محلية قوية يمتلكها القطاع الخاص، ويستطيع بها المنافسة والتصدير إلي الأسواق العالمية ؟! مرة أخري لا أحد يدري.

ــ هل هناك نية أو رغبة في وضع أسس قانونية محددة، للتعامل مع الحالات المختلفة، التي قد تظهر فيها شبهة عدم احترام حقوق الأقلية أو تعارض المصالح؟ أيضا، لا أحد عاد يدري.

القرار أصبح في يد هيئة سوق المال، واغلب الظن أنها ستحتاج إلى دعم من جانب دوائر أعلى، لاتخاذ القرار النهائي، الذي يبدو أنه لن يخضع لمعايير وآليات متفق عليها ومعلنة -كما يجب أن يكون-، وإنما لمعايير وسياسات سرية، لا يتم الإفصاح عنها، تتسم عمدا بالغموض!.

أقرأ أيضا: