يضع حظر الرئيس جو بايدن لواردات النفط الروسي ضغوطاً جديدة على شركات الحفر الأمريكية لتعويض نقص المعروض الذي دفع بأسعار الخام لأعلى مستوى منذ 2008.
ومن بينها: “إي أو جي ريسورسيز”، و”ديفون إنرجي كورب”، وهما عملاقتا النفط الصخري، كما أنَّ لديهما الآلاف من تصاريح الحفر الفيدرالية، والتي يمكن استخدام العديد منها لإنتاج المزيد من النفط من حوض بيرميان الزاخر.
ضغوط على شركات الحفر الأمريكية
تمتلك “إي أو جي” و”ديفون” تصاريح أكثر من أي شركة أخرى، وفقاً لتحليل “بلومبرج” لبيانات التصاريح الفيدرالية البرية، لكنَّهما لا تخططان لزيادة الإنتاج فوق 5%، حتى مع تجاوز عقود النفط الأمريكي الآجلة 120 دولاراً للبرميل، ومواجهة الأسواق العالمية اضطرابات تاريخية.
يأتي هذا التنافر في قلب التوتر بين قطاع النفط الصخري الأمريكي – الذي يجادل بأنَّه بحاجة إلى دعم حكومي طويل الأجل قبل أن يتمكّن من زيادة الإنتاج بشكل مستدام – وحكومة بايدن التي تقول إنَّه على شركات النفط استخدام تصاريح الحفر التي تزيد على 9 آلاف تصريح التي كانت لديها بالفعل قبل طلب المزيد من الامتيازات.
اشتدت الحرب الكلامية بين الطرفين مع تحرك الولايات المتحدة لحظر واردات النفط الروسية رداً على غزو الدولة لأوكرانيا.
وقال الرئيس جو بايدن أمس الثلاثاء، إنَّ المنتجين الأمريكيين “لديهم 9000 تصريح للتنقيب الآن – يمكنهم الحفر الآن، وكان بإمكانهم الحفر أمس، أو الأسبوع الماضي، أو العام الماضي.. لديهم 9000 تصريح للتنقيب على اليابسة موافق عليها بالفعل، لذا اسمحوا لي أن أكون واضحاً، دعوني أكون واضحاً: إنَّهم لا يستخدمونها للإنتاج الآن”.
بيانات التأجير الأمريكية
وجاءت التعليقات بعد يوم من اتهام معهد البترول الأمريكي، أكبر مجموعة ضغط لصالح شركات النفط في الولايات المتحدة، الحكومة بـ”إساءة استخدام الحقائق” عندما يتعلق الأمر ببيانات التأجير الفيدرالية.
قال مايك سومرز، الرئيس التنفيذي لمعهد البترول الأمريكي: “لا يعني مجرد امتلاكك عقد إيجار أنَّ هناك فعلياً النفط والغاز في هذا البقعة المؤجرة، ويجب أن يكون هناك الكثير من التطوير بين التأجير، ثم التصريح في النهاية لهذه المساحة بأن تنتج”.
تظهر مراجعة لتصاريح الحفر الفيدرالية أنَّ نصف التصاريح البرية غير المستخدمة هي لمساحات في مقاطعات ليا وإيدي في نيو مكسيكو، وهي جزء من حوض بيرميان المسؤول عن أغلب إنتاج النفط الأمريكي، وتمتلك “إى أو جي” أغلب التصاريح هناك، ثم تليها “ديفون” و”أوكسيدنتال بتروليوم”.
قالت الشركة في بيان: “إيه أو جي” واحدة من أكثر المنتجين نشاطاً في حوض بيرميان العام الجاري، وتشغل ما متوسطه 17 حفاراً في 2022.. وممارستنا المعيارية هي الحفاظ على مخزون جيد من التصاريح اللازمة لتوفير المرونة لخطط التنمية الحالية والمستقبلية”، وامتنعت “ديفون” و”أوكسيدنتال” عن التعليق.
من جهته، رفض “مجلس الاستكشاف والإنتاج الأمريكي” -وهو مجموعة تجارية تمثل “إي أو جي”، و “ديفون” وشركات أخرى- فكرة أنَّ امتلاك التصاريح يشكل التزاماً بالتنقيب، وقالت آن برادبري، المديرة التنفيذية للمجلس: “يُظهر هذا الادعاء سوء فهم جوهري لكيفية عمل الاستكشاف والإنتاج”.
مشاكل تعيق زيادة الانتاج
في حين يعد الإنتاج الأمريكي مفتاح استبدال النفط الروسي؛ فإنَّ ذلك لن يحدث على الفور أو دون المزيد من الدعم من حكومة بايدن، بحسب ما قالت الرئيسة التنفيذية لشركة “أوكسيدنتال”، فيكي هولوب، لتلفزيون “بلومبرغ” على هامش مؤتمر “سيراويك” الذي نظّمته “ستاندرد آند بورز غلوبال” في هيوستن أمس الثلاثاء.
ولا تستطيع شركات التنقيب عن النفط الأمريكية أن تزيد الإنتاج ببساطة بقدر كبير على المدى القريب بسبب نقص الموظفين وعقبات سلسلة التوريد.
ربما تعتقد شركات النفط أنَّه من الحكمة التمسك بتصاريح الحفر الآن في حال ضيّق بايدن – الذي قامت حملته الانتخابية على تعهدات بمكافحة تغير المناخ، وتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، والحد من تصاريح النفط والغاز الجديدة في الأراضي والسواحل العامة – الخناق على عمليات الحفر في وقت لاحق.
أوقفت الحكومة في البداية مبيعات عقود إيجار النفط والغاز – وهي خطوة ألغتها لاحقاً محكمة محلية فيدرالية مقرها لويزيانا – ولم يعقد مكتب إدارة الأراضي بوزارة الداخلية أي مزاد بعد لعقود إيجار النفط البرية تحت رئاسة بايدن.
ما يزال المكتب يُصدر التصاريح لعقود الإيجار الحالية، وقدّم ما يقرب من 4000 تصريح بري العام الماضي، وهو ما يتماشى مع المستويات المشهودة قبل 2020، ولدى أغلب عقود الإيجارات تلك بالفعل آبار منتجة، وفقاً لبيانات مكتب إدارة الأراضي، والتي يستشهد بها القطاع.
توليد كميات أعلى من الغاز الطبيعي والمياه
لكن هناك عوائق أمام زيادة الإنتاج في مقاطعتي ليا وإيدي؛ إذ يميل النفط المنتج على هذا الجانب من حوض بيرميان إلى توليد كميات أعلى من الغاز الطبيعي والمياه، ويكون التخلص منهما أكثر تكلفة في نيو مكسيكو حيث تعد لوائح الهواء والماء أكثر صرامة من ولاية تكساس.
أيضاً تحاول شركات النفط والغاز المدرجة في البورصة الحد من نمو الإنتاج، وإعادة المزيد من السيولة إلى المساهمين من خلال توزيعات الأرباح، وعمليات إعادة الشراء بعد عقد من الإنفاق المفرط على حساب المستثمرين.
وأوضح الرؤساء التنفيذيون لقطاع النفط في الأسابيع الماضية أنَّهم يريدون إيماءة من بايدن قبل تسريع الإنتاج، لمنحهم جزئياً مبرراً أمام المساهمين.
قال آرون ويس، نائب مدير مركز الأولويات الغربية ، الذي يجري تحليلاته الخاصة عن تصاريح الحفر الفيدرالية: “قطاع الطاقة لا يعاني من مشكلة مع التصاريح.. إنما يواجه مشكلة تمويل”.