تأثر قطاع المقاولات بعدد من التحديات التى أدت إلى تراجع أرباحه خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019 ولعل من أهم تلك التحديات جائحة فيروس كورونا التى أدت أدى إلى خسائر كبيرة لدى العديد من شركات القطاع سواء كبيرة أو متوسطة الحجم، بحسب ما أكده مجموعة من أصحاب الشركات لـ «المال»، بالإضافة إلى صعوبات أخرى.
أكدت قوائم مالية لمجموعة من شركات المقاولات التى قامت «المال» بالاطلاع عليها خلال إفصاحها للبورصة هذا التراجع، ومن بينها شركة الفنار للمقاولات العمومية التى حققت أرباحا خلال العام الماضى بقيمة 402 ألف جنيه مقابل 971 ألف جنيه، بنسبة هبوط %59.
وكذلك كشفت القوائم المالية التى أعلنت عنها شركة أوراسكوم كونستراكشون عن تراجع الأرباح خلال الـ 9 أشهر المنتهية فى سبتمبر 2020 والتى بلغت 66 مليون دولار مقابل حوالى 100 مليون دولار عن نفس الفترة المنتهية فى عام 2019.
أما بالنسية لشركة الجيزة العامة للمقاولات والاستثمارالعقارى، كشفت القوائم المالية للشركة أيضا عن تراجع صافى الأرباح خلال عام 2020 حيث بلغت حوالى 47 مليون جنيه مقارنة بصافى الأرباح لعام 2019 التى بلغت حوالى 53 مليون جنيه.
يوسف: ضرورة مراجعة قانون التعاقدات الحكومية الجديد الصادر فى أواخر عام 2018
وفى هذا الإطار، قال المهندس شمس الدين يوسف، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، وعضو لجنة التعويضات ورئيس مجلس إدارة شركة الشمس للمقاولات، إن الدولة دعمت القطاع من حيث تسهيلات البنوك وسرعة الصرف حتى لا تتوقف عجلة التنمية فى ذلك القطاع من حيث تشغيل العمالة والمصانع والصناعات التكميلية وغيرها.
وأرجع يوسف أسباب تراجع الأرباح لدى شركات القطاع خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019، إلى عدد من العوامل أهمها جائحة فيروس كورونا، لافتا إلى أنه على الرغم من استقرار الأسعار خلال فترة «كورونا»، إلا أن أسعار حديد التسليح والنحاس ارتفعت وكذلك خامات المواسير الخاصة بمشروعات الصرف الصحى والمياه وغيرها بنسب تتراوح بين 50 و%60.
وأضاف شمس يوسف ، أنه عندما «سعّرنا فى 2019 من أجل أعمال 2020»، كانت الأمور يبدو عليها الاستقرار تماما وكانت تعطى تخيلات وردية، ولكن فيروس كورونا جاء بتأثيراته وتداعياته السلبية التى أثرت بالسلب على القطاع، وعلى الرغم من أن الأمواج ضدنا تماما إلا أننا نجتهد، ولولا دعم الحكومة لكان القطاع توقف تماما.
وتابع، «لو أننا نستطيع العمل بـ 100 مليون جنيه فى سنة، ففى هذا العام بالرغم من الدعم لا نستطيع العمل بـ 80. والبنوك اليوم تدعم من خلال تقليل نسبة الفائدة ومن خلال التسهيلات التى تقدمها والتى أصبحت أسهل من ذى قبل. وفى معظم الفترات نجد أن الإدارات المالية فى الجهات تعمل بنصف القوة أوبثلثى القوة بسبب إصابة البعض منهم بالفيروس أو بهدف تحقيق التباعد الاجتماعى».
وأشار، إلى أن المستخلص الذى كان يُصرف فى شهر أصبح يصرف فى شهرين، فعندما ننظر للظروف المحيطة فمن الجيد أننا استطعنا صرف مستخلص فى شهرين، حيث أن قطاع المقولات دائما ما يكون مستمرا فى عمله رغم أحلك الظروف.
وطالب يوسف، بضرورة مراجعة قانون التعاقدات الحكومية الجديد الصادر فى أواخر عام 2018، لأن آثاره بدأت تعطل بعض الأعمال والمشاريع.
وأوضح، أن قطاع المقاولات دائما ما يواجه تحديات مستمرة مع العقود الحكومية، معبرا عن أماله فى أن يتم زوال أو انحسار جائحة كورونا، وهو ما سينعكس على حجم الأعمال التى ستتزايد خلال العام 2021 عن العام السابق عليه 2020 وعن عام 2019 أيضا.
وتابع، أن تأخر استلام شركات المقاولات لمستحقاتها أحد أسباب التراجع، لكن تسهيلات البنوك التى أصبحت ميسرة أكثر من السابق قد تعالج هذا الأمر، لافتا أن المقاول اليوم يتحدث عن مصاريفه الإدارية وغيرها خاصة أنه يتحملها لو أن المشروع استغرق وقتا طويلا.
وأضاف، أن المقاول حينما يحصل على تسهيلات من البنك لتسريع الانشاءات بمشروعه فأى الأمرين أوفر له؟ أن يتحمل مصاريف إدارية أم يتحمل فوائد بنوك ؟ ، فحقيقة تقليل الفوائد تشجع المقاول على تسهيل عمل مشروعه وينهيه أفضل من الانتظار.
وأوضح شمس الدين يوسف، أن القوائم المالية للشركات لا تعبر عن السنة المالية المنتهية بالضبط، ولكن قد يكون الأمر ناتجا عن تأثير مشاريع قديمة.
عمر: انخفاض الإيرادات فى العام الماضى لـ 4 ملايين جنيه مقابل 13 مليونا فى 2019
ومن جانبها قالت داليا عمر العضو المنتدب لشركة المجموعة المتكاملة للأعمال الهندسية، إن الشركة تفاوضت على 4 مشروعات مع أول عام 2020 ولكن مع بداية جائحة فيروس كورونا تم سحب المشروعات المتعاقد عليها.
أوضحت ، أن الـ 4 مشروعات التى كانت تعتزم الشركة تنفيذها خلال العام 2020 هى مشروعات «كباري» تم التعاقد عليها مع شركة أبناء حسن علام.
وأضافت، أن الشركة فوجئت بأن شركة «علام» إتخذت قرارا بتخفيض أعداد العمالة والمهندسين، وبالتالى كان البديل سحب مشروعات من المقاولين، وأن يتم تنفيذ أعمالهم من خلال العاملين لديهم لتوفير المصروفات.
وأشارت، إلى أنه بعد أن وضعت «المجموعة المتكاملة» خطتها لأعمال 2020 تمهيدا للإفصاح عنها وعمل اللازم من حيث حجز أماكن إقامة للعاملين المنفذين للمشروعات وشراء المعدات وغيرها فوجئت بتوقف كل تلك الأعمال الأمر الذى أدى إلى خسائر تكبدتها الشركة بعد أن تم سحب الأعمال التى كان من المفترض تنفيذها.
وأفادت داليا عمر، أنه حتى المشروعات القومية توقف معظمها ومنها مشروع تنفيذ أعمال البنك المركزى بالعاصمة الإدارية الجديدة لصالح شركة «ديفزا» للمقاولات والذى كان من المفترض تنتفيذه أيضا منذ بداية 2020، لافتة إلى أنه تم توقيع العقد مؤخرا مع «ديفزا».
وأوضحت، أن إيرادات الشركة تراجعت بشكل كبير خلال عام 2020 حيث بلغت 4 ملايين جنيه مقابل 13 مليون جنيه فى عام 2019 الأمر الذى اعتبرته خسارة فادحة للشركة.
وأضافت العضو المنتدب، أن مع ذلك التوقف فى الأعمال والمشروعات التى كانت ستنفذ خلال عام 2020 تكبدت الشركة خسائر أخرى من خلال التزامها بدفع رواتب العاملين بها كاملة على الرغم من اتخاذ الإجراءات الاحترازية بعدم تزاحم المكاتب بالموظفين.
وأفادت، أن الشركة تمكنت من العودة مرة أخرى إلى أعمالها بداية من أكتوبر الماضى، حيث تم التعاقد على عدد من المشروعات الجديدة التى يبلغ إجمالى قيمتها 13 مليون جنيه تقريبا، منها مشروع تنفيذ مقر البنك المركزى بالعاصمة الإدارية الجديدة بقيمة 8 ملايين جنيه والذى من المنتظر الانتهاء منه مع نهاية عام 2021، وكذلك مشروع الرمال السوداء حيث كانت الشركة قد وقعت عقدا مع شركة «اتش إيه» للإنشاءات لتركيب الأعمال الحديدية بالمشروع بقيمة 4 ملايين جنيه.
وأوضحت عمر، أن مشكلة السيولة لا تزال تواجه القطاع، لافتة إلى أن عام 2020 تأثر بتراجع الأعمال وانخفاض السيولة ولكن مع بداية 2021 كان هناك العديد من الأعمال حيث بدأت دورة عجلة الإنتاج مرة أخرى ولكن مع هبوط فى السيولة.
وتابعت، أن مشكلة السيولة أثرت على حجم أعمال الشركات وبالتالى أدى ذلك إلى تأخر المستخلصات وهو ما يؤدى بدوره إلى كوارث للشركات الكبرى، مشيرة إلى أن البنوك لازالت تعتبر قطاع المقاولات من القطاعات عالية المخاطر.
وأفادت، أن الشركة دخلت فى مبادرة الـ %5 التى كان البنك المركزى أعلن عنها وقت جائحة فيروس كورونا لتسيير أعمال الشركات حتى لا تتوقف تلك الأعمال.
قال المهندس محمد السيد رئيس مجلس إدارة شركة العمرو للمقاولات، إن جائحة فيروس كورونا لم تكن هى العامل الرئيسى لتراجع قطاع المقاولات خلال العام الماضى.
وأضاف السيد، أن قطاع المقاولات بصفة عامة يشهد بمرور الوقت العديد من التحديات التى تشكل عائقا أمام نموه، لافتا إلى أن شركات المقاولات وخاصة متوسطة وصغيرة الأعمال هى الأكثر تأثرا بتلك التحديات والتى من أهمها عدم تقديم التيسيرات المالية اللازمة لتلك الشركات حتى تتمكن من شراء ما يلزمها من آلات ومعدات لتنفيذ المشروعات المسنده لها.
وأشار، إلى أن شركات القطاع كانت تعانى من عدم صرف التعويضات الخاصة بالمقاولين وإن كانت هناك تحركات من الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء نحو تسوية هذا الأمر.
وأضاف، أن من العوامل المؤثرة كذلك على قطاع المقاولات زيادة أسعار المواد الخام بين وقت وآخر، لافتا إلى أن فروق تلك الأسعار تؤثر فيما بعد على العقود التى يتم توقيعها الأمر الذى يؤدى بالتبعية إلى التأخر فى تسليم المشروعات المطلوبة وفقا للجداول الزمنية لها.