أكدت جريتشن بيترز المؤلفة الأمريكية لكتاب “بذور الإرهاب: كيف يمول الهيرويين طالبان والقاعدة”، أن حركة طالبان التي تتولى السلطة الآن في كابول بعد القوات الأمريكية من أفغانستان لن تتوقف عن زراعة الأفيون الذي زاد بشكل كبير فيها في السنوات الأخيرة، وساعد في تمويل الحركة، لدرجة أنها تحتكر فعليًا إنتاج الأفيون والهيرويين، وتمثل بين 80 % و90 % من الإنتاج العالمي، حسب مكتب منظمة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.
وترتبط عناصر حركة طالبان بتجارة الأفيون الذى يساعد فى الإنفاق على أفغانستان الفقيرة التى لا يمكن أن يعيش دون الأفيون.
وذكرت كالة يورونيوز أن الجزء الأكبر من الأفيون والهيرويين المستهلك في العالم يأتى من أفغانستان، وينتج ويصدر من مناطق تُسيطر عليها حركة طالبان التي فرضت ضرائب على الأفيون، وقامت بتسويقه خلال تمردها الذي دام طوال العشرين عامًا الماضية، حتى استعادت سيطرتها على البلاد بعد خروج الجيش الأمريكى.
ويجمع مزارعون أفغان الأفيون الخام أثناء عملهم في حقول الخشخاش فى العديد من المناطق ومنها منطقة تشابارهار في جلال أباد، شرق كابول، بأفغانستان.
حركة طالبات تتوقف عن تجارة الأفيون والمخدرات
وأعلن قادة حركة طالبان التي تتولى السلطة الآن في كابول أنها ستتوقف عن إنتاج الهيرويين، ولكن خبراء عالميين يرون أن هذه وعود يصعب أن يفوا بها.
وأكد ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حركة طالبان في كابول في أول مؤتمر صحافي لها خلال الأسبوع الماضى أن السلطات الجديدة لن تحول افغانستان، أكبر منتج للأفيون في العالم، إلى دولة مخدرات حقيقية.
وأضاف متحدث حركة طالبان أنه يؤكد للمواطنين وللمجتمع الدولي أن إنتاج المخدرات سيتوقف، وأنه من الآن فصاعدًا لن يشارك أحد في تجارة الهيرويين ولن يتمكن أحد من المشاركة في تهريب المخدرات.
القوات الأمريكية أنفقت 9 مليارات دولار للحرب على تجارة الأفيون والهيروين فى أفغانستان
ورغم أن القوات الأمريكية أنفقت 9 مليارات دولار للحرب على تجارة الأفيون والهيروين بأفغانستان فإن تجارة المخدرات انتعشت أكثر وأكثر أثناء وجودها.
ويرى محللون فى مؤسسان عالمية، ومنها صندوق النقد الدولى، أن الخطاب المناهض للمخدرات إلى جانب وعود مماثلة باحترام حقوق الإنسان وحرية الإعلام، تندرج كلها في إطار جهود قادة حركة طالبان الجدد ليبدوا أكثر اعتدالًا ويكسبوا بالتالي دعم المجتمع الدولي وتمويل المؤسسات المالية العالمية.
وقال جوناثان جودهاند خبير تجارة المخدرات الدولية في جامعة SOAS في لندن إن هذه المخدرات أصبحت مصدرًا حيويًا لواردات الحركة التي قد تجد صعوبة في حظرها، ويتوقع أن تثير هذه القضية سلسلة من الخلافات داخل الحركة نفسها.
وأشار جودهاند إلى أن أعضاء الحركة يريدون تقديم صورة عن أنفسهم أكثر اعتدالًا وأكثر انفتاحًا على التعامل مع الغرب، ويدركون أن المخدرات هي وسيلة لتحقيق ذلك.
ومن المتوقع أن يؤثر أي قمع على المزارعين في ولايتي هلمند وقندهار المعقل السياسي لحركة طالبان التى ستحتاج إلى مساعدات دولية لتصبح “دولة خالية من المخدرات” من أجل تزويد المزارعين بمحاصيل بديلة عن الخشخاش الذي تتم معالجته لإنتاج المورفين والهيرويين.
وقد تبدو المطالبة بمساعدات دولية مثيرة للسخرية لدى العاملين في حلف شمال الأطلسي والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة الذين حاولوا من دون جدوى كسر اعتماد أفغانستان على الخشخاش منذ عشر سنوات.
وأنفقت الولايات المتحدة حوالى 8,6 مليارات دولار بين 2002 و2017 على هذه الجهود الضائعة، حسب تقرير صدر في 2018 عن مكتب المفتش العام الأمريكي الخاص لأفغانستان (سيغار).
الاستراتيجية الأمريكية تحارب تجارة الأفيون بمساعدة المزارعين ماديا على تحويل زراعاتهم إلى القمح أو الزعفران للقضاء على حركة طالبان
وكانت الاستراتيجية الأمريكية تقضي بمساعدة المزارعين ماديا على تحويل زراعاتهم إلى القمح أو الزعفران والاستثمار في طرق النقل، ورش حقول الخشخاش بمبيدات الأعشاب لإبادتها أو قصف منشآت تكرير المخدرات.
وكانت هذه الاستراتيجية تصطدم بمقاتلي حركة طالبان الذين سيطروا على مناطق زراعة الخشخاش الرئيسية وجنوا مئات الملايين من الدولارات من هذه الصناعة، وفقا لتقديرات الحكومتين الأمريكية والأفغانية.
وكشفت تحقيقات أن المزارعين في المناطق التي تسيطر عليها طالبان يتعرضون غالبا لضغوط من أمراء الحرب والمقاتلين المحليين لزراعة الخشخاش.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إن مساحة الأرض المزروعة بالخشخاش وصلت إلى مستوى قياسي في 2017 وبلغت حوالى 250 ألف هكتار على مدى السنوات الأربع الماضية أي نحو أربعة أضعاف المساحة التى كانت منزرعة في منتصف تسعينات.
ومن المقرر أن تؤدى سياسة طالبان في مجال المخدرات إلى انتعاش تجارة المخدرات فى الدول الغربية وفى روسيا وإيران وباكستان والصين التي تعد طرقا للتهريب وأسواقا ضخمة للهيرويين الأفغاني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تؤكد فيها الجماعة الأصولية حظر المخدرات فقد منعت إنتاجها في العام 2000 قبل عام من الإطاحة بنظام طالبان على يد القوات التي قادتها الولايات المتحدة.
ويعلّق صندوق النقد الدولي المساعدات المرصودة لأفغانستان بعد سيطرة طالبان على البلاد، ما سيؤدى إلى اختفاء الموارد المالية لحركة طالبان اللازمة لتحكم أفغانستان، وإن كان هناك محللون يرون أن أفغانستان تحظى بثروة من المعادن الثمينة سيستولى عليها حركة طالبان.
وأوضحت جريتشن بيترز أن سيطرة حركة طالبان على البلاد ستتيح لها إمكانية الهيمنة على شركات الطيران والمؤسسات الحكومية والبنوك واستغلالها لتسهيل تهريب المخدرات وغسيل الأموال.