استعادت شركة “جنرال موتورز” صدارة شركات صناعة السيارات من حيث المبيعات في الولايات المتحدة، مدعومة بطلب ثابت، وانتعاش في الإنتاج خلال الربع الأخير من 2022، على الرغم من ارتفاع تكاليف التمويل الذي يحمل علامات إنذار لما يمكن أن يكون عليه الوضع في العام الجديد.
وحققت شركة “جنرال موتورز” و”تويوتا موتور” أرقام نمو من خانتين خلال الربع الأخير من العام الماضي، مع إعلان عديد من شركات صناعة السيارات الكبرى، الأربعاء، عن أرقام المبيعات في السوق الأميركية خلال العام الماضي، بما في ذلك “ستيلانتيس” (Stellantis) و”هيونداي موتور” (Hyundai Motor).
وتنتظر الأسواق الآن شركة “فورد موتور” وبيانات مبيعاتها في الولايات المتحدة، فيما يتوقع أن تعلن شركة “تسلا” عن أرقامها في الأسواق العالمية يوم الاثنين المقبل.
مبيعات جنرال موتورز
وبالنسبة إلى نتائج المبيعات السنوية، حققت “جنرال موتورز” ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 3% لتصل إلى 2.3 مليون سيارة، ما سمح لها باستعادة صدارة مبيعات السيارات في الولايات المتحدة، في وقت تراجعت فيه مبيعات شركة صناعة السيارات اليابانية في السوق الأميركية بنسبة 9.6% في كل فئات السيارات، لتسجل خلال العام الماضي 2.1 مليون سيارة.
ومن المحتمل أن يكون إجمالي مبيعات السيارات في الولايات المتحدة قد انخفض خلال عام 2022 إلى ما دون 14 مليون سيارة، وهو أدنى مستوى تشهده السوق منذ عام 2011، عندما كانت البلاد لا تزال تتعافى من الأزمة المالية عامَي 2008 و2009.
ويُتوقع أن يرتفع هذا الرقم في عام 2023، إذ تخفف زيادة إمدادات أشباه الموصلات من اختناقات عملية الإنتاج، وتعزز مخزون الوكلاء والموزعين من السيارات المتاحة للبيع.
تحسن المبيعات
وفي أبرز علامة على تحسن المبيعات، باعت شركات صناعة السيارات مركبات جديدة بمعدل سنوي بلغ 13.3 مليون سيارة في ديسمبر، أي بزيادة 7.3% مقارنة العام السابق، وفقاً لمتوسط توقعات ستة باحثين في السوق.
ويُرجح أن تكون مبيعات السيارات الجديدة خلال الشهر الماضي قد ارتفعت بنسبة 4% على أساس سنوي لتصل إلى 1.27 مليون سيارة مع استمرار تحسن المخزونات والأسعار، وفقاً لشركة الأبحاث “كوكس أوتوموتيف” (Cox Automotive).
ومع ذلك، يُعتبر هذا الارتفاع أقل من المبيعات العادية التي شهدتها قبل الوباء، والبالغة 1.5 مليون سيارة في ديسمبر، أي في الوقت الذي أطلقت فيه شركات صناعة السيارات حملاتها التاريخية لمبيعات نهاية العام، سعياً منها لتحقيق أهدافها السنوية.
من جهته قال جاك هوليس، رئيس المبيعات في “تويوتا” في أميركا الشمالية، خلال مكالمة مع الصحفيين: “الصورة ليست كلها كئيبة وقاتمة”.
وأضاف: “نتوقع أن تسجل الشركة في عام 2023 ارتفاعاً في المبيعات، قد لا يكون الارتفاع الذي نطمح إليه، لكنه يتحرك في الاتجاه الصحيح”.
مشكلة التكلفة
ولا تزال التكلفة تُعتبر مشكلة كبيرة يواجهها مشترو وبائعو السيارات، ففي حين أن الزيادات في الأسعار المعلنة بلغت ذروتها، فإن رسوم التمويل تواصل ارتفاعها نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، إذ أصبح التمويل أكثر تكلفة من أي وقت مضى لكل من السيارات الجديدة والمستعملة.
وارتفع متوسط النسبة المئوية للفائدة السنوية على تمويل شراء السيارات الجديدة إلى 6.5% في الربع الأخير من عام 2022، مقارنةً بـ5.7% في الربع الثالث، و4.1% في مثل هذا الوقت من العام الماضي، وفقاً لشركة الأبحاث “إدموندز دوت كوم” (Edmunds.com)، إذ ارتفع عدد المشترين الذين تتجاوز دفعتهم الشهرية ألف دولار إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
ويدفع هذا الأمر بعض المشترين إلى التفكير مرة أخرى بشأن المركبات التي طلبوها مسبقاً، ويزيد كذلك عدد السيارات الموجودة في صالات العرض.
قال ديفيد كريست، رئيس مبيعات علامة “تويوتا” في الولايات المتحدة: “للمرة الأولى منذ نحو عامين يتراجع العملاء عن بعض عمليات شراء السيارات التي حجزوها مسبقاً، وهناك كثير من السيارات التي لم تُحجَز أصلاً”.
وأضاف: “إنه الارتفاع في تكاليف الاقتراض، الفائدة على تمويل شراء سيارة جديدة ارتفعت بشكل كبير”. وتابع: “العدد ليس كبيراً، لكن هذا الأمر يحدث للمرة الأولى”.
ارتفاع ملحوظ في مبيعات جنرال موتورز
وأشارت “جنرال موتورز” إلى ارتفاع تسليماتها من السيارات في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 41% لتصل إلى 623,261 سيارة. ويعود هذا الارتفاع إلى تحسن قدرة الوصول إلى أشباه الموصلات. يتناقض ذلك مع الفترة الصعبة التي شهدتها الشركة قبل عام، عندما واجهت نقصاً حاداً في إمدادات الرقائق وتعليق عمليات الإنتاج.
وجاءت الزيادة بفضل ارتفاع المبيعات من الشاحنات إلى العملاء من الشركات، التي زادت 44% خلال العام الماضي، على الرغم من تراجع المبيعات إلى العملاء الأفراد بنسبة 5%.
وقال المتحدث باسم “جنرال موتورز”: “كان على مدار العام قدر كبير من الطلب المكبوت، وهذا ينطبق على العملاء من الشركات وأصحاب أساطيل المركبات أيضاً”.
كان ما يقرب من نصف مبيعات “جنرال موتورز” عبارة عن شاحنات صغيرة وسيارات دفع رباعي كبيرة، إذ أعطت الشركة إنتاج المركبات الأكبر حجماً ذات الهامش المرتفع الأولوية، في سنة ضاقت فيها إمدادات أشباه الموصلات.
وارتفعت مبيعات علامة “كاديلاك” التجارية بنسبة 75% في الربع الأول، فيما باعت طراز “شيفروليه بولت” وطرازات “بولت” الكهربائية الأكبر حجماً بأرقام قياسية بلغت 38 ألف سيارة خلال 2022.
في هذا الإطار أعلنت “جنرال موتورز” استئناف إنتاج سيارتها الكهربائية “هامر” (Hummer)، والتوسع في إنتاج “كاديلاك ليريك” (Cadillac Lyriq) الكهربائية هذا الشهر.
مبيعات “تويوتا” المتنوعة
ارتفعت تسليمات “تويوتا” في الولايات المتحدة بنسبة 3.5% الشهر الماضي، إذ عوّضت المبيعات القوية لسيارات “تاكوما بيك أب” (Tacoma pickup) و”كورولا” (Corolla) و”كامري” (Camry)، انخفاضاً بنسبة 16.4% في مبيعات “لكزس” (Lexus) الفاخرة التابعة لشركة صناعة السيارات.
في الربع الرابع، ارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 13% لتصل إلى 536,740 سيارة، أما بالنسبة إلى عام 2022 بأكمله، فقد تراجعت عمليات التسليم بنسبة 9.6%، مدفوعة بتراجع عمليات تسليم سيارات “لكزس” بنسبة 15%.
تتصدر سيارة “تويوتا راف فور” (RAV4) الرياضية المدمجة قائمة السيارات الأكثر مبيعاً، إذ بلغت عمليات التسليم 399,941 للعام بأكمله، أي بانخفاض 1.9% عن العام السابق. كما تراجعت مبيعات “تويوتا بريوس” (Toyota’s Prius) الهجينة، التي تعمل بالوقود والكهرباء معاً، بنسبة 37% في عام 2022.
قال هوليس: “ما نشهده اليوم دليل على تحسن سلاسل التوريد، وهو الأمر الذي يسهم بدوره في تحسين المخزونات”. وأضاف: “يُعتبر هذا التحسن بطيئاً، إلا أنه متواصل”.
ارتفاع قوي في مبيعات “هيونداي”
حققت “هيونداي” قفزة في المبيعات بنسبة 40% في الشهر الماضي لتصل إلى 72,058 سيارة، إذ يُعتبر شهر ديسمبر أفضل شهر تشهده “هيونداي” على الإطلاق. حققت الشركة نمواً في تسليم سيارات الدفع الرباعي من طرازات “توكسون” (Tucson) الرياضية المدمجة و”كونا” (Kona) و”إلنترا” (Elantra) المدمجة.
وفي الربع الأخير من العام ارتفعت المبيعات بنسبة 29% لتصل إلى 195,967 سيارة، إذ يرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى الطلب القوي على سياراتها الهجينة والكهربائية، في حين تراجعت مبيعات العام بأكمله بنسبة 2% لتصل إلى 724,265 سيارة.