ملفات وأفكار مهمة على أجندة لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب تتعلق بآليات استمرار التعافى الاقتصادى الحالي، وجذب مزيد من الاستثمار للسوق المحلية، ومشاركة ودعم القطاع الخاص فى التنمية، إلى جانب تصور لأهم بنود الموازنة العامة للعام المالى المقبل.
التقت «المال» النائب أحمد سمير رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب فى حوار خاص وكاشف تطرق خلاله إلى تطلعات اللجنة إلى رفع حجم الاستثمارات المرصودة بالتوازى مع خفض التمثيل الضريبى والعمل على زيادة إيرادات الدولة من موارد متنوعة بمشروع الموازنة العامة للعام المالى المقبل.
ضرورة القضاء على ظاهرة «الاستيراد العشوائى» ووضع معايير واضحة لما يتم استيراده
وأكد أهمية العمل على عدة محاور أبرزها زيادة معدلات النمو الاقتصادى والمكون المحلى فى العملية الإنتاجية وتعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية، إلى جانب ضرورة القضاء على ظاهرة الاستيراد العشوائى وجعل العملية أكثر تنظيما..وإلى نص الحوار.
فى البداية، أكد «سمير» أن اللجنة الاقتصادية تولى أهمية كبيرة لحجم الاستثمارات المنتظر رصدها فى الموازنة العامة للعام المالى الجديد، والمحدد لها الباب السادس، مشددا على ضرورة أن تتضمن الموازنة الجديدة فرص تشغيل أكبر مقارنة مع موازنة العام المالى الحالي.
استحواذ الضرائب على %75 من إيرادات الدولة «غير منطقى».. ولا بد من تنمية جميع الموارد الأخرى
وأضاف: ليس من المنطقى أن تستحوذ الضرائب على 70 – %75 من حجم الموازنة»، مطالبا بتنمية موارد وإيرادات الدولة بشكل عام.
و دعا إلى بناء مزيد من الثقة بين الممول ومصلحة الضرائب، متوقعا أن تحقق منظومة «الفاتورة الإلكترونية « فارقا كبيرا عند تطبيقها.
كانت مصلحة الضرائب أصدرت قرارا بإلزام الشركات المسجلة فى مأموريتى الاستثمار والمساهمة بالقاهرة، بإصدار فواتير ضريبية إلكترونية عما تبيعه من سلع أو تؤديه من خدمات.
أتمنى انتهاء «التقدير الجزافى» للضرائب.. و«الحجز» من الإجراءات الصعبة التى تحتاج إلى وقت لإصلاحها
وأشار»سمير» إلى إشكالية العلاقة ما بين الممول الضريبى والمصلحة إذ أبدى تحفظه على بعض الإجراءات التى اتخذتها مصلحة الضرائب ضد عدد من الممولين، ومنها الحجز والتقدير الجزافي، قائلا:» أتمنى أن ينتهى التقدير الجزافى تماما وأن تقوم المصلحة بالفحص قبل انتهاء مهلة الـ5 سنوات الخاصة بالإصلاحات الضريبية».
وأضاف: «أرى أن الحجز من الإجراءات الصعبة التى تحدث أضرارا ستحتاج إلى وقت لإصلاحها لاحقا»، داعيا إلى زيادة الإعفاءات وإزالة الغرامات بدلا ذلك.
زيادة معدلات الإنتاج
وأكد ضرورة العمل على زيادة الناتج القومى ومعدلات النمو والصادرات المصرية وزيادة المكون المحلى عبر تعظيم الاستفادة من الثروات والمعادن النفيسة ذات القيمة الاقتصادية.
و أضاف:»ليس من المعقول أن قطاع الثروة المعدنية يمثل 0.5 % فقط من إجمالى الناتج القومي، فى الوقت الذى ظهرت فى مصر اكتشافات كثيرة».
وشدد على أهمية الاهتمام بهذه الأمور ووضع قيمة مضافة حقيقية لما يتم اكتشافه من معادن وثروات طبيعية بدلا من تصديرها كما هى واستيرادها مرة أخرى بقيمة مضافة تمثل عبئا على الميزان التجارى.
وتابع: « تشجيع الصناعات التى لها مواد أولوية محلية وتطبيق الزراعات الحديثة وزيادة التصنيع الغذائى ضرورة لتحسين مؤشرات الاقتصاد».
ودعا «سمير» إلى القضاء على ظاهرة «الاستيراد العشوائي» والتى ينتج عنها دخول منتجات غير مطابقة للمواصفات تضر بصحة المواطن.
وأوضح أن هذا لا يعنى منع الاستيراد أو وضع قيود عليه بل تحديد معايير ومواصفات لما يتم استيراده بالسوق المصرية بما لا يضر البيئة أو المواطن.
مشاركة القطاع الخاص
وعن آليات تنشيط مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية، أوضح «سمير» أن القطاع الخاص يحتاج بشكل أساسى إلى أن تكون لديه رؤية سليمة و واضحة للمستقبل لكى يعمل وينمو وهو ما يتحقق من خلال الثبات التشريعي.
وأضاف أن البرلمان عكف على إعداد بعض التشريعات التى ساعدت القطاع الخاص بشكل كبير ومنها تيسير العديد من الإجراءات وتحديد جهة الولاية على الأراضي.
ولفت إلى أن القطاع الخاص عانى من عدة صدمات خلال الفترة الماضية نتيجة تحرير سعر الصرف – رغم كونه قرار صائب %100 – إلى جانب ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج وغيرها من الأمور.
وقال إن الإصلاح الاقتصادى حقق استقرارا من شأنه دعم مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية وعدم حدوث صدمات مشابهة كما فى السابق.
وشدد على أهمية مساهمة القطاع الخاص فى تعميق المنتج المحلى سواء فى القطاع الصناعى أو التجارى، مطالبا بتشجيع الصناعات التى لها مواد أولية متوفرة فى مصر.
الدولة تحملت موروثا ثقيلا من الستينيات.. وشركاتها تعمل فى قطاعات تمس أمن المواطن ولا تنافس القطاع الخاص
وردا على ما يثار بشأن منافسة الشركات التابعة للدولة للقطاع الخاص، أكد أن الدولة لا تنافس القطاع الخاص،مشيرا إلى أنها تحملت موروثا ثقيلا للغاية من الستينيات، اضطرها للتدخل فى وقت معين لحماية المواطنين الأكثر احتياجا، وتجنب سقوطهم فريسة سهلة لجشع التجار.
وقال إن القطاعات التى تعمل بها الشركات التابعة للدولة تمس أمن المواطن وعلى رأسها توفير ما يحتاجه من سلع أساسية.
وبالنسبة للقطاع الزراعى، أكد على تطبيق الزراعات الحديثة وآلية الرى بالتنقيط والتى من شأنها زيادة إنتاجية الفدان وهو ما يعود بالنفع على الفلاح والدولة ككل، داعيا إلى ضرورة العمل على زيادة التصنيع الغذائى فى بعض المجالات التى لدينا بها فجوة.
وأوضح «سمير» أن التصنيع والزراعة بالأساليب الحديثة من شأنه تقليل فجوة الاستيراد لتحسين المؤشرات الاقتصادية ككل والميزان التجارى بشكل خاص، بالإضافة إلى زيادة القدرة التصديرية.
حلم الصادرات
تحقيق حلم 100 مليار دولار صادرات يتطلب دعم صعود مؤشرات القطاع الصناعى والزراعى والسلع والخدمات
ولفت إلى أن تحقيق حلم الـ 100 مليار دولار صادرات فى حاجة إلى زيادة الناتج القومى الأجمالى من خلال زيادة مؤشرات القطاع الصناعى والزراعى والسلع والخدمات إلى جانب تشجيع الصناعة فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والبرمجيات، والذى تعمل عليه العديد من الدول و تجنى منه مليارات من الدولارات.
حياة كريمة
وعن مبادرة «حياة كريمة» ودورها فى تطور الاقتصاد، قال «سمير» إنه مشروع أكثر من رائع، خاصة وأنه أول مشروع فى تاريخ مصر بهذا الحجم، حيث يمس 58 مليون مواطن، بتكلفة مبدئية 700 مليار جنيه.
وأشار إلى أن تكلفة المشروع من داخل السوق المحلية بما تشمله من مواد بناء وعمالة و خبرات موجودة لمساعدة قرى ظلت لسنوات طويلة محرومة من الخدمات الأساسية.
ونوه إلى عدم وجود دولة فى العالم قدمت مشروعا بهذا الحجم يستفيد منه 58 مليون مواطن، وهو ما سينتج عنه إحداث نوع من التنمية ستمثل بداية لقيام نشاطات اقتصادية مختلفة تنعكس إيجابيا على الاقتصاد ككل.
تشريعات استثمارية
وتطرق الحوار إلى الجانب التشريعى ليرد «سمير» قائلاً: «فى حال وجود مستثمر أجنبى يرغب فى الاستثمار فى مصر، وذهب إلى أحد المكاتب التجارية المتواجدة فى سفاراتنا بالخارج، فمن الضرورى أن يتوفر لديه كل الأجوبة على كل ما يستفسر عنه».
وأضاف: «الوتيرة التى نعمل بها تشريعيا فى الوقت الراهن مرضية إلى حد كبير، مقارنة بالـ30 عاما الماضية ولكن الأمر يحتاج إلى التعامل بميزان حساس فيما يخص التشريعات، بمعنى أنه لا يجوز القيام بتعديل تشريعى كل فترة.
وتابع: «حال الحاجة إلى التدخل و إدخال بتعديل تشريعى فى شيء ضرورى نقوم بذلك «، موضحا أن المجلس قام بمعالجة جزء كبير للغاية من المشكلات والعقبات التى كانت تواجه المستثمرين، ضاربا المثل بقانون « تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية».
وتابع: «قانون تراخيص المنشآت الصناعية يمثل طفرة هائلة فى تاريخ الصناعة المصرية إذ تصدر رخصة المصنع خلال 30 يوما كحد أقصى فى %15 من الصناعات، كما تصدر تراخيص باقى الصناعات – %85 – خلال أسبوع فقط، بعد أن كان إصدار الرخصة يستغرق سنوات».
وأشار إلى أن المجلس بات حريصا على تقديم تشريعات تخدم قطاعات أخرى، مثل إصدار تشريع للتكنولوجيا المالية غير المصرفية وغيرها من القطاعات، مضيفاُ:» التغييرات التى يشهدها العالم من الوارد أن تدفعنا لإجراء تعديلات تشريعية للحفاظ على مكانة مصر، أو الوصول إلى مكانة أفضل منها».
وأوضح «سمير» أن القانون ينقسم إلى جزأين أحدهما تنفيذى والآخر تشريعى ومن الضرورى عند التقدم بمشروع قانون أن يكون التشريع واقعيا وقابلا للتطبيق.
وشدد على ضرورة التعامل مع الوضع الاقتصادى فى مصر، بطريقة ديناميكية ومتحركة، خاصة وأن مصر ليست فى معزل عن ما يدور حولها بالمنطقة من وجود تنافسية شديدة بين الدول، لجذب مزيد من الاستثمارات، خاصة وأن العالم أصبح سوقا مفتوحة.
وتابع: من الضرورى مواكبة كل المتغيرات المحيطة وتقديم مزيد من التسهيلات والحوافز لجذب وتشجيع الاستثمار للحفاظ على مكانة مصر والعمل على تحسينها.
تمويلات خارجية
وحول رؤيته عن مدى حاجة مصر إلى تمويلات جديدة من مؤسسات التمويل الدولية، أكد «سمير» أن هذا الأمر من اختصاص الجهاز التنفيذى للدولة.
وأضاف: «حال حدوثه يجب الأخذ فى الاعتبار أن حصول مصر على قرض الـ 12 مليار دولار من الصندوق فى 2016، كان ضروريا لأخذ شهادة دولية بأن الاقتصاد المصرى يسير على الطريق الصحيح، وهو ما قامت به الدولة بالتزامن مع تنفيذ برامج حماية للمواطن الأكثر احتياجا ونجحت فيه».
ولفت إلى أن حصول مصر على شهادة صندوق النقد وفقا لمؤشرت التقييم العالمية ساهم فى تحسين تصنيفها بشكل جيد، وهو ما سينعكس إيجابيا حال سعيها للحصول على تمويل بتكلفة تناسب ظروفها الاقتصادية.
وأشار إلى أنه حال حصول مصر على تمويل جديد من الصندوق فمن المؤكد أن الدولة ستسعى لأن تضع برامج حماية للمواطنين الأكثر احتياجا كما فى السابق.