بدأت الجهات الرقابية والتنظيمية -الرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين- منذ عدة سنوات القيام بمجهودات كبيرة بهدف تعزيز أداء صناعة التأمين من خلال الشمول المالى، وآليات التحول الرقمى، وقدرة الصناعة على صياغة المستقبل بعد كورونا، ومواكبة المتغيرات الحديثة.
ومنذ بدأ قطاع التأمين خوض سباق الرقمنة أثير الكثير من الجدل حول قدرة الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات فى قيادة هذا الماراثون الضخم، والذى سيفرز كل ما هو جديد لسوق التأمين خلال الفترة المقبلة، خاصة ابتكار المنتجات الجديدة، والتسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وغيرها من المفاجآت كتغير ترتيب شركات وتقدمها على غيرها بفضل التحول الرقمى بغض النظر عن حجمها.
سعيد : الفيصل فى طرفى المعادلة الرغبة والقدرة المالية للكيانات أيا كان حجمها
قال خالد سعيد، رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع بشركة «طوكيو مارين» إن الفيصل فى الاستثمار فى البنية التكنولوجية يكون بتوجه الإدارة بشركة التأمين، ولا يرتبط بكونها محلية، ولدت من رحم شركة متعددة الجنسيات أو من كبريات الشركات العاملة فى السوق.
وأضاف أن الاستثمار فى البيئة الرقمية لا يرتبط بحجم الشركة، ولكن يرتبط بما إذا كانت أساليب الإدارة فى شركة التأمين مُلمة بالتحديات الموجودة فى السوق، ولديها الوعى الكافى لإدراك قيمة التحرك السريع فى ذلك الاتجاه أسوة بالأسواق المتقدمة فى هذا الشأن.
وأكد سعيد أن الشركات متعددة الجنسية أو الكبرى –ذات الملاءة المالية الضخمة- التى أحرزت تقدمًا فى التحول الرقمى كانت بسبب اجتماع الرغبة والقدرة والدراسات المستمرة للسوق واحتياجات عملائها والاهتمام بالاستثمار فى العنصر البشرى ونظم المعلومات بها، وهو ما جعلها تخوض التجربة مبكرًا، لافتًا إلى أن ذلك لا يعنى أنها ستقود الماراثون، خاصة أن ظروف السوق تتغير من آن لآخر، والدليل تآكل حصص شركات لصالح أخرى، وهو ما يُثبت فكرة من السهل الوصول للقمة، ولكن من الصعب الحفاظ عليها.
وأشار إلى أن الأسواق الناشئة ومنها السوق المصرية مازالت واعدة أو بِكرًا، وتعتمد حتى الآن بصورة كبيرة على التسويق المباشر، لكن هناك شركات صغيرة لديها الرغبة فى اتخاذ الرقمنة كاتجاه حتمى ضمن أهداف نموها حتى ولو ببدايات مالية صغيرة.
وأوضح أن هناك شركات تأمين ووساطة فى التأمين بدأت بالفعل فى اختراق السوشيال ماركت أو التسويق عبر أدوات التواصل الاجتماعى، والذى له تأثير كبير على التكلفة، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المستهلك، وتحديد الفئات المستهدفة تحديدًا.
وأضاف رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع بشركة «طوكيو مارين» أن للسوشيال ميديا مخاطر يجب أن تُدرس جيدًا، ويجب اختيار العاملين عليها باحتراف، لأنه كما قال إن الخطا فيها لا يسهل تداركه إذا ما قورن بالتسويق المباشر.
ولفت إلى أن قيادة الماراثون ستكون أهم أولويات الشركات الكبرى، خاصة أن الإنفاق من آن لآخر يزيد لديها فى هذا الاتجاه بعدما تغيرت بيئة العمل أثناء الجائحة، وأصبحت عن بُعد، مع البقاء على اتصال مع قنوات التوزيع والعملاء، وهو أيضًا ما يجب الاهتمام به وبتطويره، إذ إنه عامل هام جدا فى التواصل مع قاعدة عملاء هى موجودة بالفعل، وتمثل نسبة لا بأس بها.
وتابع أن اتجاه الدولة الحالى هو تحفيز استخدام الوسائل الإلكترونية فى السداد على غرار توجهاتها نحو الشمول المالى والتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
وشدد سعيد على أن عامل النجاح فى تحقيق نمو كبير فى المستقبل بشركات التأمين سيكون مبنيًا على مقدار التعامل الرقمى فيها، لكونه سيكون المسئول الأول عن زيادة قاعدة عملائها، وتعظيم محفظة الأقساط التأمينية بها.
وقال إن هناك سؤالا يطرح نفسه هل ستضاف تحديات جديدة مثل استحواذات أو اندماجات خلال الفترة المقبلة؟ وهو ما يراه تحديًا جديدًا ضمن التحديات القادمة، ولكنها مبشرة بالخير.
رضا : التحول التكنولوجى يدفع وحدات السوق للتميز عن منافسيها
ومن ناحيته، قال محمد رضا، رئيس قطاع التسويق والإنتاج والفروع بشركة «أروب» للتأمين، إن اتجاه الدولة الحالى هو تقليل التعامل بالكاش، لذا سيتم التوجه نحو الشمول المالى، والتعامل مع شركات التحصيل الإلكترونى، لذلك لا يوجد أمام شركات التأمين أى مجال آخر سوى التحول الرقمى فى شتى مناحى عملها.
وأضاف رضا إلى أن شركات التأمين متعددة الجنسيات والشركات الكبرى خاضت تجربة التحول الرقمى مسبقًا –قبل أزمة كورونا- وهو ما جعلها فى مصاف الشركات القادرة على جذب عملاء من فئة بعينها، والتى تقوم بالتحرى دومًا عن إنهاء كافة احتياجاتها «أونلاين».
وأوضح أن هناك شركات تأمين تخوض سباق الرقمنة حاليًّا وأحرزت فيه تقدمًا كبيرًا بسبب توجه الإدارة الخاصة بالشركة، ووضعها ميزانية للإنفاق فى البنية التكنولوجية، والاستعداد للمخاطر التى فى الأفق.
وأكد توصل شركات التأمين إلى عدد من النتائج الرئيسية لإدارة أزمة «كورونا» وإدارة المستقبل أيضًا أبرزها فكرة تسريع التغيير التكنولوجى، مما يدفع الشركات إلى الابتكار المستمر من أجل تحويل أعمالها، وتميز نفسها عن منافسيها.
وأضاف أن التكنولوجيا ترفع من كفاءة الخدمة التأمينية المقدمة للعملاء، إذ تكون وسيلة فعالة لجذبهم، كما تؤدى إلى توفير الوقت والجهد، وتصبح إحدى قنوات التسويق لوثائق ومنتجات شركات التأمين.
ولفت رئيس قطاع التسويق والإنتاج والفروع بشركة «أروب» للتأمين، إلى أن الشركات الكبرى والشركات متعددة الجنسيات لديها القدرة على قيادة ماراثون الرقمنة من خلال استعدادتها ببنية تكنولوجية قوية، وعمل نظام تكنولوجى للشركة كخطوة أولى ضمن خطوات أكثر فاعلية، علاوة على إطلاق منصاتها الإلكترونية وإصدار حزمة خدمات جديدة تسمح للشركة بتفعيل كل منتجاتها.
وتابع أن التسويق الإلكترونى ساعد فى جذب شرائح مختلفة من العملاء، بجانب قدرته على التواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعى لعمل مسح شامل لاحتياجات عملاء التأمين ومحاولة تلبيتها، فضلًا عن اكتمال المنظومة بوجود وسائل دفع إلكترونى للعميل دون صعوبات.
وأكد رضا أن تبسيط المعاملات بين المُؤَمِّن والمُؤَمَّن عليه وتغيير مدة دورة حياة التأمين باستخدام شركات التأمين التقنيات التكنولوجية سيعمل على زيادة حجم أعمالها ومضاعفة انتشارها.
حسن: الملاءة المالية تتيح الفرصة للاستثمار فى الديجيتال وخوض السباق
قال شريف حسن، مستشار الاتصالات والتسويق لشركات التأمين والوساطة، إن شركات التأمين الكبرى ومتعددة الجنسيات ستقود ماراثون الرقمنة فى البداية حتمًا، وبشكل عام عمل شركات التأمين كالسابق لن يعود كما كان فى صورته الكاملة نهائيًّا، وذلك على غرار كل القطاعات فى الدولة التى أجبرت على تغيير الكثير من ممارساتها بفعل فيروس كورونا «كوفيد – 19».
وأشار حسن إلى أن شركات التأمين متعددة الجنسيات والأخرى الكبرى ستقود السباق لعدة أسباب، أهمها الملاءة المالية التى ستتيح لها القدرة على الاستثمار فى البنية التحتية بشكل أسرع، لكن يمكن أن تقوم شركات أخرى صغيرة فى الحجم بذلك ولكن بشكل أكثر تميزًا.
وأوضح أن تدارك المستجدات الحديثة فى قطاع التأمين وأى قطاع آخر يسهم فى أخذ حصة سوقية حقيقية من السوق ليس من خلال كم الأقساط التأمينية ولكن عن طريق عملاء جدد قرروا دخول دائرة التأمين بالشكل الرقمى، ولن يخرجوا منه لإدراكهم قيمة التأمين أولا ثم الحصول عليه بطريقة سهلة عن طريق الشركة التى تستطيع عرض وشرح منتجاتها بصورة مبسطة ومفيدة ومحببة للعميل وقادرة على جذبه.
واعتبر حسن أن سباق الرقمنة ليس خاليًا من التحديات بل بالعكس فهو شائك إذا لم تستطع الشركة الوصول للعميل، وخاصة فئات بعينها، بالإضافة إلى الحفاظ على خصوصية بيانات العميل من أى اختراق لها مثلما حدث مؤخرًا بالبنوك.
وأشار إلى أن الاتحاد المصرى للتأمين عليه دور كبير فى إرشاد الشركات إلى أهمية التحديث المستمر لبيانات شركة التأمين على موقع جوجل كالفروع وعددها وبياناتها وأرقام هواتفها، وكذلك الموقع الإلكترونى لها والوثائق التى عليه، وشكل عرضها والمحتوى الموجود بها.
وأضاف أنه لا بد أن تحدث ثورة تكنولوجية فى المقام الأول بشركات التأمين ثم الخروج منها إلى عملائها الافراد والمؤسسات، مما يعزز أداء صناعة التأمين، وصياغة المستقبل، ونماذج العمل الجديدة، وقدرة صناعة التأمين على مواكبة المتغيرات الحديثة.
ولفت إلى أن الشركات متعدة الجنسيات تعمل فى دول عديدة، لذا فالتحول الرقمى لديها متقدم للغاية منذ عدة سنوات فى غالبية الدول، لذلك فتوجهات إدارة هذه الشركات أدركت قيمة الرقمنة مبكرًا.
وتابع أن فكرة تسريع التغيير التكنولوجى ستدفع الشركات إلى الابتكار المستمر من أجل تحويل أعمالها وتمييز نفسها عن منافسيها.
وطالب شركات التأمين كافة بمواجهة سباق المواهب والمهارات مع زيادة التركيز على مهارات تكنولوجيا المعلومات الضرورية للنمو المستقبلى.