على عكس أغلب المؤسسات الاقتصادية التى آثرت السلامة، بالانكماش على نفسها تحوطًا للآثار الناتجة عن كورونا حينًا، وترويضًا لأعراضه أحيانًا، استمرت مجموعة مصر القابضة للتأمين ، فى خططها التوسعية على جميع المستويات، سواء فى النشاط الاستثمارى أو التأمين، وكذلك التطوير المؤسسى، مرورًا بإنشاء شركات جديدة وتوسيع رئة الكيانات القائمة فنيًّا.
برنامج «CEO Level» والذى يعرض أسبوعيًّا على قناة «المال. تى. فى» على يوتيوب، استضاف فى أولى حلقاته التأمينية- بعد شهرين على انطلاقه- باسل الحينى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة مصر القابضة للتأمين، لأسباب مرتبطة بسيطرة المجموعة على الحصة الكبرى من هذا النشاط الذى يتسم بالخصوصية، ناهيك عن كونها أكبر مجموعة مالية غير مصرفية فى مصر، وهو ما يسعى الحينى لتأكيده؛ كون نشاطها ليس مقصورًا على التأمين، بل يتجاوز إلى الاستثمار المباشر وإدارة الاستثمارات المالية والأصول العقارية، وقريبًا سينضم لها التخصيم، دون إنكار أن التأمين فى قلب كل هذه الأنشطة وبؤرة اهتمامات «القابضة» نفسها.
وتطرّق الحينى، فى الحوار، إلى إستراتيجية مصر القابضة للتأمين ، وفلسفة توسعاتها فى كل الأنشطة، وكيفية التعامل مع التحديات ومولدات النمو التى يراهن عليها، والإجراءات التى اتخذت لطرح إحدى الشركات التابعة فى البورصة، وهى «مصر لتأمينات الحياة»، وأخيرًا وليس آخرًا، موقع « مصر القابضة للتأمين » من الإعراب فى جملة الشركات القابضة الأكثر إدرارًا للربحية لصالح الدولة.
وإلى نص الحوار…
حازم شريف: بدءًا، منذ توليكم المنصب فى أكتوبر 2018 ونلاحظ أن البيانات الصادرة عن القابضة للتأمين تركز على أنها أكبر مؤسسة مالية غير مصرفية فى مصر، وهو ما لم يكن متعارفًا عليه قبل ذلك، وأنها مجرد شركة تأمين كبرى تمتلك مجموعة من الأذرع لنشاط الممتلكات والحياة، بالإضافة إلى إدارة الأصول التى تم استحداثها مؤخرًا وقبل تولّيكم المنصب، وتاريخيًّا أنتم تزاولون نشاط التأمين، فما الأنشطة التى تمارسها بنوك الاستثمار والمؤسسات غير المصرفية، التى تعتزم القابضة اقتحامها فى الفترة المقبلة؟
الحيني: تاريخيًّا، مجموعة القابضة للتأمين تشكلت من دمج شركات التأمين الحكومية تحت مظلة واحدة وهى القابضة، وفلسفة ذلك كانت تحويل تلك الشركات، بدلًا من المنافسة فيما بينها، إلى كيان كبير ينضوى تحته عملاقان؛ أحدهما يمارس نشاط تأمين الممتلكات، والآخر فى نشاط تأمين الحياة، وتم فصل الأصول العقارية التابعة لشركات التأمين الحكومية- التى كانت تزخر بها- ووضعها تحت إدارة شركة واحدة هى مصر لإدارة الأصول العقارية.
ودمج هذه الشركات جعل الموروث فى أذهان الناس أنها مجموعة تأمين، ولا أحد يشكك فى أن التأمين بالفعل هو بؤرة اهتمام هذه المجموعة، لكن أغفل البعض أننا نمتلك أكبر محفظة استثمارات مالية فى الدولة تتجاوز قيمتها الآن 65 مليار جنيه، ومن ثم من الإجحاف أن ننظر لها- رغم امتلاكها هذا الكم الهائل من الاستثمارات المالية المؤسسية، وكذلك الأصول العقارية المؤسسية التى تأتى فى المرتبة الثانية بعد الأصول التى تمتلكها هيئة الأوقاف- على أنها شركة أو مجموعة متخصصة فقط فى التأمين.
وحينما توليت المسئولية فى 2018، سعيتُ لتغيير هذا المفهوم لدى العاملين فى مصر القابضة للتأمين وتوابعها أولًا، ثم لدى العالم الخارجى، فنحن أبعد ما يكون عملنا مقصورًا على التأمين، وهذا لا يُلغى أنه فى بؤرة النشاط وأننا نمتلك أكبر وأعرق شركات تأمين فى مصر والشرق الأوسط، و«مصر للتأمين» تستحوذ على %40 من سوق الممتلكات، ومصر لتأمينات الحياة تستحوذ على %28 من سوق الحياة، لذا كان من المهم أن نغرس فى الأذهان أننا أكبر مجموعة مالية غير مصرفية فى مصر، وهو ما لم يكن متعارفًا عليه قبل توليَّ المنصب.
وددت أن يكون هذا شعارنا منذ أكتوبر 2018، وكان فى الذهن حينذاك اقتحام أنشطة أخرى، وأن نكون مستثمرًا حقيقيًّا وكبيرًا يسهم فى نماء الاقتصاد القومى، وتحسين مناخ الاستثمار، وليس فقط فى التأمين، فمن هنا جاءت الفِكرة أو الشعار، وباتت أمرًا واقعًا، بل أصبحنا مقصدًا لكل من لديه فكرة استثمار فى مجال التعليم والصحة والصناعة والتأمين والخدمات المالية، بجانب الأصول العقارية والتطوير العقارى.
حازم شريف: لدينا نموذجان للعمل فى السوق؛ أحدهما بنوك استثمار تتحول إلى بنوك شاملة، وثانيهما بنوك تجارية تتحول إلى بنوك شاملة أيضًا، «القابضة للتأمين» إلى أيٍّ من النموذجين تميل؟
الحيني: أودُّ أن ألفت النظر إلى أن البنوك التجارية بدأت منذ 2005 التخلص من الأنشطة غير المصرفية وبيعها، سواء فى متناهى الصغر والتأجير التمويلى والتخصيم، والتخصص فقط فى نشاطها المصرفى، وبعد ذلك بعشر سنوات عادت البنوك التجارية لتوسعة نشاطها، وبدلًا من التخارج أو البيع، بدأت شراء بنوك الاستثمار وشركات التأجير التمويلى الدخول والتخصيم، وهى نقطة مثيرة للاهتمام والتساؤل عن سبب التخارج فى البداية، ثم إعادة الدخول مجددًا فى هذه الأنشطة.
حازم شريف: أعتقد أن هذا لم يكن توجهًا مصريًّا بل عالميًّا أيضًا؛ أى أن التخارج من الأنشطة غير المصرفية فى البنوك المصرية لم يكن بمنأى عما يحدث فى العالم؟
الحيني: دعنى أختلف معك، فالبنوك فى الخارج كانت وما زالت فى طريقها للتخصص كبنوك تجارية وليست شاملة، وهذا لا يعنى أن تغيير المسار والعودة له مجددًا عيب، أقصد تخارج البنوك التجارية من الأنشطة غير المصرفية فى مصر، ثم إعادة دخول هذه الأنشطة مرة أخرى، فذلك يرجع للإدارة، والتى لا تعلن عن السبب أو فلسفة التخارج والعودة، ما يصيب البعض بالحيرة، لكن فى النهاية لا يوجد صح وخطأ، لكن يوجد نموذج ناجح، وآخر غير ذلك.
وبالنسبة للقابضة، التوجه منذ بداية تولى المسئولية هو أن التأمين فى القلب، لكنه لا يشكل بمفرده قوام المجموعة، لذا فنحن نتجه للتوسع.
وبهذه المناسبة، فأغلب أرباحنا لا تأتى من التأمين، لكن الإيرادات الضخمة تأتى من التأمين، لذلك فمهما توسعنا فى الأنشطة، سيظل التأمين هو المُدرّ الأكبر للإيرادات، ولكن مصحوبًا بتكلفته، لذا فالإيراد الأكبر يأتى من التأمين، ولكن الأرباح تأتى النسبة الكبرى بها من الاستثمار؛ أى استثمار هذه الإيرادات، ومن ثم يجب أن يتم الدخول بهذه الأنشطة فى مجالات أكثر ربحية.
ونحن نتجه لإنشاء كيانات فى التأجير التمويلى والتخصيم، والتوسع فى الـ Microfinance أو التمويل متناهى الصغر، وفى التأمين نفسه، من خلال إنشاء شركة للتأمين الطبى، وأخرى لتأمين الحياة التكافلى.
وتوجد مجالات نهتم بها لكن لن نقتحمها فرادى؛ كوننا لسنا متخصصين فيها، بل بالتحالف مع كيانات لديها الدراية أو «know-how» ومنها التعليم والصحة والتى أرى أنهما فرسا الرهان فى المرحلة المقبلة، وأيضًا التمويل متناهى الصغر تُكمله المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم سنتحالف مع الصناديق أو المديرين القادرين على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالاستثمار المباشر لإنشاء صناديق متخصصة.
وكل هذه التوسعات لا تجعلنا نخرج من التأمين، بل الاستفادة من فوائض التأمين لدعم معامل الربحية أو تعظيم الأرباح المحققة، ناهيك عن انعكاس ذلك على الاقتصاد القومى؛ لأن المساهم الأوحد فى مصر القابضة للتأمين عبر توابعها هو الدولة، ومن ثم فأية أرباح تصب فى خزانتها، وأصبحنا منذ عامين الشركة الأولى المملوكة للدولة فى دعم الخزانة العامة، سواء من خلال الأرباح الموزعة أو الضرائب والرسوم السيادية.
حازم شريف: ذكرت أن أغلب أرباح التأمين تأتى من عوائد الاستثمار أكثر من النشاط التأمينى أو فوائض الاكتتاب، فما نسبة كلٍّ منهما فى القابضة للتأمين؟
الحينى: أى شركة تأمين وليس فقط مصر القابضة للتأمين ، تأتى بنسبة تتراوح من 60 إلى %70 من أرباحها من عوائد الاستثمار، والنسبة الباقية من النشاط التأمينى أو ما يُعرف بفوائض الاكتتاب التأمينى.
وهذه النسب من الشركات التى يقتصر نشاطها على التأمين، أما القابضة للتأمين فالنسب أكبر نسبيًّا؛ لأسباب مرتبطة بعدم تركيز نشاط القابضة عبر أذرعها على النشاط التأمينى فقط، لوجود إرث من الأصول العقارية والأرصدة النقدية والاستثمارات المالية، لذلك فنسبة الأرباح المحققة من الاستثمارات قد تتراوح بين 70 و%80 وباقى الأرباح تأتى من التأمين.
ضاعفت حصة الدولة من الأرباح فى أول عام من رئاسة الشركة
حازم شريف: كم حجم الأرباح أو العوائد التى حصلت عليها الدولة من “القابضة للتأمين” خلال العامين الماضيين؟
الحيني: فى العام المالى 2017/ 2018، قبل أن أتولى المسئولية، تم ضخ 750 مليون جنيه كأرباح موزعة للدولة، وتضاعف هذا الرقم إلى 1.5 مليار جنيه، فى أول عام من توليَّ رئاسة القابضة 2018/ 2019، ثم إلى 1.8 مليار جنيه فى 2019/ 2020، ونتوقع أن تتجاوز الأرباح الموزعة للدولة العام المالى 2020/ 2021- بنهاية الشهر المقبل- حاجز المليارى جنيه، وهذا الرقم يفوق الأرباح الموزعة للدولة من جميع الشركات القابضة مجتمعة فى مصر، والقابضة للتأمين الأولى على مستوى مصر كلها، وليس فقط على مستوى قطاع الأعمال العام توزيعًا للأرباح على الدولة، وبإضافة الرسوم والضرائب، تصل قيمة ما يتم سداده لخزانة الدولة إلى 4 مليارات جنيه.
أتوقع أن تصل حصة الدولة من صافى الأرباح لمليارى جنيه فى يونيو بخلاف الضرائب
حازم شريف: نشاط التأجير التمويلى والتخصيم، هل سيتم تأسيس شركة له أم الاستحواذ على شركة؟
الحيني: قرار دخول هذا النشاط تم صدوره بالفعل، وكان هناك خياران إما تأسيس كيان جديد، أو الاستحواذ على شركة قائمة، وكان الخيار الثانى هو الأفضل؛ نظرًا لطول الإجراءات والوقت المُستغرق لتأسيس كيان جديد.
وتم البحث عن الفرص المتاحة والاستقرار على 3 شركات متاحة بالفعل، وتمّت دراستهم، ونعكف حاليًّا على المفاضلة فيما بينهم، وأتوقع أن يتم الانتهاء من عملية الاستحواذ قبل نهاية العام.
وبالنسبة للتأمين الطبى، تمت دراسة هذه الفرصة لفترة طويلة، من خلال الاستعانة بواحدة من أكبر شركات إعادة التأمين فى العالم للمساعدة فى الدراسة؛ وهى ميونخ رى الألمانية، والتى أثبتت جدوى هذا النشاط، وتم تقديم طلب للرقابة المالية لتأسيس الشركة منذ شهر للحصول على الموافقة المبدئية.
وبالنسبة لشركة الحياة التكافلى، تقدمنا بطلب للرقابة المالية منذ عام ونصف العام تقريبًا، بالتحالف مع البنك الأهلى المصرى وبنك مصر، ويتوزع هيكل الملكية بواقع %52 للقابضة للتأمين، والباقى موزع مناصفة بين البنكين، ونتمنى الحصول على الموافقات قريبًا لبدء مزاولة النشاط وإضافة الشركة الجديدة مع شقيقتها فى تأمين الممتلكات التكافلى.
وفيما يتعلق بالتمويل متناهى الصغر، لم نبدأ حتى الآن دراسة دخول هذا المجال، هل من خلال تأسيس كيان أو الاستحواذ على شركة قائمة، وأن الأمر لا يعدو كونه دراسة للفكرة وطرحها على مساهمين «محتملين».
حازم شريف: هل تمتلك القابضة للتأمين وتوابعها شركة التأمين الطبى بالكامل؟
الحيني: بالفعل وحصة القابضة منها %60 مقابل %40 موزعة على شركتى مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة، وبعد بدء مزاولة النشاط سيتم نقل تبعية شركة إدارة البرامج الطبية التى نمتلك %40 منها تحت شركة التأمين الطبى، أى أن الأخيرة ستقوم بإدارة البرامج وفق آلية الـ TPA.
حازم شريف: قطاعا التعليم والصحة أصبحا جاذبين كالخدمات المالية غير المصرفية وقلت إنهما فرسا رهان وأنه سيتم اقتحامهما من خلال صناديق الاستثمار، فهل هناك إجراءات أو البدء فى التفاوض مع صناديق الاستثمار بخصوص أيٍّ من القطاعين المستهدفين؟
الحيني: بالفعل تم اتخاذ قرار اقتحام مجالى التعليم والصحة، نهاية العام الماضى، وكان تتم دراسته قبل جائحة كورونا، ولكن بعد الجائحة بدأ بعض غير المتخصصين- ونحن منهم- يشك فى جدوى الاستثمار بمجال التعليم، لكن بعد إعادة الدراسة بتأنٍّ اكتشفنا أن هذا المجال لا يندثر، لأنه يتعدى كونه مناهج يتم تدريسها بل حياة كاملة.
ولكون القابضة غير متخصصة فى مجال التعليم، لكنها تملك الفكر الإدارى والتمويل، بدأنا نبحث عن المتخصصين فى هذا المجال وتلاقت الرغبات مع هؤلاء المتخصصين الباحثين عن التمويل والفكر الإدارى والتمويل.
حازم شريف: وكيف سيتم اقتحام هذا المجال؛ أقصد التعليم؟
الحينى: لن يكون من خلال صندوق، بل من خلال شركة تضم مجموعة من المؤسسات المالية كالقابضة للتأمين ومتخصصين فى التعليم وآخرين متخصصين فى private equity.
تأسيس شركة جديدة للاستثمار فى التعليم بـ750 مليون جنيه
حازم شريف: كم يبلغ رأسمال هذه الشركة وحصة القابضة للتأمين منها؟
الحيني: رأس المال 750 مليون جنيه، حصة القابضة منها 125 مليون جنيه، أو ما يتجاوز %16.5.
حازم شريف: هل ستبدأ الشركة بإنشاء مدارس أم جامعات؟
الحيني: البداية ستكون بإنشاء مدارس، وبعدها بإنشاء جامعات، وتوجد الكفاءات القادرة على ذلك من المساهمين أو من خلال استقطاب كفاءات من الخارج، إذا لزم الأمر.
حازم شريف: هل سيتم استهداف شرائح معينة من المجتمع داخل المدارس؟
الحيني: ستكون مدارس متوسطة، بمعنى استهداف الشرائح المتوسطة، وهو ما يحتاج إليه المجتمع فى الوقت الحالى.
حازم شريف: ومتى سيتم البدء فى الإجراءات؟
الحيني: خلال شهر.
حازم شريف: ما التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولى للمدارس التى سيتم إنشاؤها؟
الحيني: سيتم استهلاك رأس المال خلال 3 سنوات، وأعتقد أنه خلال المرحلة الأولى سيتم استهلاك 700 مليون جنيه منه.
حازم شريف: وبالنسبة للرعاية الصحية أو المجال الطبى، كيف سيتم اقتحامه كنشاط استثماري؟
الحيني: نفس الأمر كما فى قطاع التعليم، ولكن التركيز فى البداية على التعليم، وقد نصل إلى تصور نهائى خلال شهرين أو ثلاثة.
ولكن أودُّ أن ألفت الانتباه إلى أنه بعكس التأجير التمويلى والتخصيم والتأمين الطبى والتكافلى حياة، ثم بعد ذلك التمويل متناهى الصغر، هذه الفرص- أقصد التعليم والمجال الطبي- لا نبحث فيها على الهيمنة؛ لأننا لسنا متخصصين فيها، لذلك فلدينا القدرة على الدخول فى أكثر من فرصة، جنبًا إلى جنب فى نفس القطاع الواحد.
حازم شريف: ما التغييرات التى يجب إحداثها فى هيكل الشركة القابضة للتأمين نفسها للتواؤم مع المرحلة الجديدة للتوسعات؟
الحيني: الفكرة أننا توجهنا للتخصص؛ بمعنى الخروج من عباءة الفكر، بتخصص القابضة للتأمين فى النشاط التأمينى فقط، وكان ذلك يتضمن مخاطرة، فالتأمين لا يزال فى القلب، وهو بؤرة النشاط، لكن كان يجب التركيز على الاستثمارات المالية والأصول العقارية، فكان لا بد من انتهاج منهج التخصص.
التخصص بمعنى أن نساعد أنفسنا فى مجال الاستثمار، أو التعامل معه كنشاط منفصل، وهو يستحق لأننا نمتلك محفظة استثمار هى الأكبر فى مصر تفوق 65 مليار جنيه، ومن ثم كانت البداية بإحياء شركة مصر للاستثمارات المالية “MAM” التى أنشئت عام 2008/2009 بغرض المساعدة فى إدارة الأصول المالية للمجموعة، وللأسف هذه الشركة لم تُستخدم على الإطلاق، وحينما توليت، كانت هذه الشركة- مصر للاستثمارات المالية MAM- تدير نصف مليار جنيه، كلها استثمارات من خارج القابضة للتأمين.
فمن وجهة نظرى أن الإدارات السابقة للقابضة للتأمين أخفقت فى تشغيل هذه الشركة أو استثمار تواجدها بالشكل المطلوب، ولكن حصلت على توجيه من هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال، باستخدام وإنجاح هذه الشركة، وقد كان بالفعل، وهى الآن تدير استثمارات تصل إلى 15 مليار جنيه، كلها مملوكة بالكامل للقابضة للتأمين.
وبعد تفعيل الشركة أو إنجاحها يكون قد تم تحقيق هدفين، أولهما إحياء الشركة، والثانى تحويلها لتكون مدير مديرى الاستثمار، بمعنى توليها إدارة جزء من محفظة أسهم الشركات التابعة، وقيامها بإسناد هذه الأسهم لمديرين متخصصين وصل عددهم إلى 5 شركات إدارة محافظ.
5 شركات إدارة محافظ تدير 3 مليارات جنيه لصالح المجموعة.. وقد يتم إدخال آخرين معهم
حازم شريف: كم حجم الاستثمارات التى تم إسنادها لشركات إدارة المحافظ الخمس؟
الحيني: فى حدود ثلاثة مليارات جنيه، لكن الأهم من ذلك أن مكونات محافظ الأسهم التى تم إسنادها للشركات الخمس كانت ضعيفة، وتواجدها السوقى ضحل، لكن شركات الإدارة المتخصصة نجحت فى تحويلها إلى محافظ ثرية ونشطة.
حازم شريف: وما هى الشركات الخمس؟
الحيني: الشركات الخمس هى «Azimut Egypt Asset Management» و«مصر المالية للاستثمارات MCI» التابعة لبنك مصر، و«برايم» و«سى آى كابيتال»، وأخيرًا «إى إف جى هيرميس».
وتعكف هذه الشركات الآن على تقييم الموقف مع مرور عام على إسناد جزء من محفظة الاستثمارات، للشركات الخمس، وقد يتم إدخال مديرين آخرين فى هذه الإدارة.
إعادة إحياء شركة «MAM» لتدير 15 مليار جنيه من استثمارات المجموعة
حازم شريف: وبالنسبة لمحفظة الدخل الثابت؛ من يديرها؟
الحيني: محفظة الدخل الثابت والتى تصل قيمتها إلى 12 مليار جنيه، تديرها بالكامل مصر للاستثمارات المالية “MAM”، التابعة للقابضة للتأمين، وهى تدير الأموال الحُرة، أما الاستثمارات المخصصة فمصر للاستثمارات المالية تساعد فى إدارتها، لكنها لا تنتقل لإدارتها ولايزال جزء كبير منها داخل شركات التأمين.
يتبقى المساهمات المباشرة غير المتداولة، وكان التفكير فى البداية انتقال إدارتها لمصر للاستثمارات المالية “MAM”، لكن الشركة ما زالت صغيرة، لذلك قررنا، العام الماضى، الإبقاء على إدارتها داخل الشركات، لذلك أعددنا برنامجًا لرفع كفاءة قطاعات الاستثمار داخل الشركات، سواء مصر القابضة للتأمين، أو مصر لتأمينات الحياة، أو مصر للتأمين، والاستعانة بمتخصصين لوضع المنهجية والسياسة الاستثمارية وتقييمها، وكل ذلك تحت إدارة الشركة القابضة للتأمين.
ومن ناحية أخرى ونظرًا لهذه الإجراءات، تم تركيز شركات التأمين التابعة على النشاط التأمينى أو الفنى لتحقيق الأهداف المطلوبة منه، ما أدى إلى تحقيق طفرات، فمصر لتأمينات الحياة بلغت مرحلة متقدمة، بعد أن انتهت من التحول الرقمى والتطوير المؤسسى، لذلك وُضعت فى برنامج الطروحات، لطرح %25 منها فى البورصة وهى مؤهلة لذلك بقوة.
حازم شريف: ومتى سيتم طرح الـ %25 من مصر لتأمينات الحياة فى البورصة؟
الحيني: نحن نعمل لطرح النسبة بنهاية العام الحالى أو مطلع 2022، لكن ظروف السوق هى التى ستحسم توقيت الطرح، ولا سيما أن الدولة كانت على مقربة من طرح بنك القاهرة قبل أن يتفشى فيروس كورونا وتأجّل بسببها الطرح.
على كلٍّ، نحن نعمل بحيث نكون مستعدين للطرح بنهاية العام الحالى، والمالك- أى الدولة- هو من سيصدر القرار فى حالة سماح السوق، ولديّ تفاؤل كبير أن السوق ستسمح بذلك، ولا سيما أن مصر للحياة شركة مميزة، والاقتصاد المصرى فى طريقه للتعافى، وسوق المال ضحلة وتحتاج لأن تكون أكثر عمقًا، وما زالت مصر من أكثر الدول التى تمنح عوائد للمستثمرين.
الإعلان عن المستشار المالى الخارجى لطرح «مصر حياة» فى البورصة النصف الأول من يونيو
حازم شريف: هل تم تعيين مستشار مالى للطرح؟
الحيني: المستشار المالى الحصرى هو شركة «إن إى كابيتال» وهو المستشار المالى لطروحات الحكومة كلها، لكن نحن الآن فى مرحلة تعيين المستشار المالى الخارجى، وتمّت مخاطبة بنوك الاستثمار العالمية والمحلية، ونتوقع أن نتلقى الردود خلال اليومين المقبلين، ثم نلتقى بهم أو أغلبهم واختيار أحدهم خلال النصف الأول من شهر يونيو المقبل.
حازم شريف: كم تقييم الحصة التى سيتم طرحها تقريبًا؟
الحيني: لا نعرف لسببٍ بسيط هو أن التقييم الدفترى الحالى يتضمن أمورًا كثيرة، قد تخرج أثناء الطرح منها الاستثمارات المالية والأصول العقارية، فلا يوجد تقييم فى الوقت الحاضر.
حازم شريف: حينما تم الإعلان عن طرح شركة تأمين، لم تكن مصر لتأمينات الحياة بل مصر للتأمين أو مصر لتأمين الممتلكات، فما كواليس تعديل التوجه ليتم طرح حصة من مصر حياة وليس مصر للتأمين؟
الحيني: عمومية مصر لتأمينات الحياة ومصر للتأمين وافقتا فى عموميتهما فى 2017 على طرح فى حدود %30 من كلتا الشركتين، والفرق أننا حينما اجتمعنا مع وزير قطاع الأعمال، الفترة الأخيرة، لدراسة تنشيط برنامج الطروحات، سئلتُ عن اقتراحى بطرح الشركتين، فقلت إن مصر للتأمين ليست جاهزة للطرح؛ لأنها لم تنته بعدُ من التطوير المؤسسى، وكذلك التحول الرقمى، وأن مصر لتأمينات الحياة هى الجاهزة، ولأن لها قبولًا أكبر لدى المستثمر؛ لأسباب لها علاقة بأن أصولها طويلة الأجل بما يتماشى مع فكر البورصة، وما زالت مصر للتأمين على برنامج الطروحات، ولكن مصر لتأمينات الحياة هى من سيتم طرحها فى البداية.
حازم شريف: ما الاستثمارات المشتركة التى تم الاتفاق عليها مع بنوك مصر والأهلى والاستثمار القومى على التخارج منها لصالحهم أو تجميع حصصهم لصالحكم؟
الحيني: لا يزال التنسيق جاريًا بشأن هذه المساهمات، لكن هذه المساهمات بعضها مُفتت، وبعضها غير مُجدٍ، والتخارج منها حينها كان صعبًا بسبب مناخ الاستثمار والبورصة.
لكن أودّ أن ألفت النظر إلى أن تخارج المساهمين من حصصهم لصالح آخر كان صعبًا قانونيًّا ولوجستيًّا، لذا تم الاتفاق على التنسيق لتخارج كل مساهم، وليس تجميع الحصص لصالح واحد بعينه.
حازم شريف: بالنسبة للتوجه للمدفوعات الإلكترونية، ما موقع هذا الملف من التطوير الذى شمل القابضة للتأمين وتوابعها؟
الحيني: التطوير التكنولوجى فى مصر لتأمينات الحياة هائل، بما فى ذلك الدفع الإلكترونى، ومصر للتأمين لديها مبادرات عديدة، لكنها لم تصل لمرحلة مصر حياة؛ كون الأخيرة بدأت هذا التوجه مبكرًا.
حازم شريف: وهل تتم دراسة الاستثمار المباشر فى هذا المجال؟
الحيني: الفكرة قائمة لكن لم نتخذ أية خطوات حتى الآن؛ لأسباب مرتبطة بالتركيز على التطوير التكنولوجى داخليًّا، ثم الاستثمار فيه بعد ذلك.
حازم شريف: ما الإستراتيجية المرتبطة بنشاط التأمين على مستوى القابضة وشركاتها التابعة؟
الحيني: التأمين فى مصر غير محظوظ، وهو يستحق أن يكون مشروعًا قوميًّا، فليس مقبولًا أن تكون مساهمة التأمين فى الدخل القومى أقل من %1 فى دولة بحجم مصر، وكل شركة جديدة تدخل السوق تقتطع جزءًا من الحصة السوقية للشركات القائمة، لذلك توجد مشكلة فى معدلات الادخار، وأخرى فى معدلات الاستثمار، وثالثة أن التأمين لا يسهم فى الاقتصاد بالقدر الكافى.
لكن أمام هذه المعطيات، هل نستمر فى البكاء على اللبن المسكوب؟ أم نسعى لتوسعة رئة السوق؟
والخيار الثانى هو ما نجاهد من أجله منذ عامين، من خلال زيادة الحصة السوقية للشركات التابعة عبر زيادة حجم السوق نفسه وليس من خلال اقتطاع حصة من الكعكة الحالية.
ولك أن تتخيل أن دولة بحجم مصر، عددها سكانها يتجاوز 100 مليون نسمة، ولا يعمل فيها سوى 13 ألف وسيط تأمينى نِصفهم فى الشركات التابعة للقابضة للتأمين، لذلك أخذنا على عاتقنا زيادة عدد وسطاء التأمين فى مصر، خاصة فى شركة مصر لتأمينات الحياة، ولدينا خطة لزيادة عدد وسطاء التأمين فى مصر من 13 إلى 26 ألف وسيط فى مصر لتأمينات الحياة، سواء بطرق تقليدية أو غير تقليدية.
مفاوضات مع البنك الأهلى لترويج كل منتجات مصر حياة فى فروعه
وللوصول لهذا الهدف، تم التركيز على التأمين البنكى؛ لأنها قناة تساعد على زيادة سوق التأمين، والدليل على ذلك أن التحالف الذى أُبرم بين مصر لتأمينات الحياة والبنك الأهلى ساعد فى جلب مليار جنيه أقساطًا من هذه القناة وحدها خلال عام واحد، ومن وثيقة تأمين واحدة هى «معاش بكرة».
ونتفاوض مع البنك الأهلى حاليًّا على تسويق كل منتجات مصر حياة من خلال فروع البنك البالغ عددها 150 فرعًا وليس اقتصار التسويق على وثيقة واحدة، ما يسهم فى إحداث نقلة نوعية لسوق التأمين بأكملها.
التفاوض مع البنك الزراعى لإبرام تحالف تأمين مصرفي
ونفس التحالف الذى أبرمناه مع ، تم إبرامه مع هيئة البريد، ونتفاوض حاليًّا مع البنك الزراعى لإبرام هذا التحالف، بالإضافة إلى بنوك أخرى؛ بهدف تنشيط هذه القناة التسويقية الهامة.
ومن بين مداخلنا لزيادة رئة سوق التأمين، إنشاء شركات جديدة، لذلك فنحن ما زلنا فى انتظار موافقة الجهات المختصة على طلب تأسيس شركة الحياة التكافلى، والمساهمين فى الشركة؛ وهم مصر للتأمين، ومصر حياة، والقابضة، والبنك الأهلى، وبنك مصر، لديهم 20 مليون عميل.
وإذا انتظرت القابضة للتأمين زيادة الوعى التأمينى، لزيادة رئة السوق، فإنها ستنتظر عشر سنوات مقبلة، لذلك فهى تحركت من جانبها من خلال التوسعات الخاصة بالشركات القائمة أو تأسيس شركات جديدة لزيادة رئة السوق، دون إغفال دورنا فى زيادة الوعى التأمينى، وفلسفتنا أن نكون قاطرة السوق للأمام.
حازم شريف: بالنسبة للمحافظة على حصتكم السوقية؟
الحيني: حصتنا السوقية كبيرة، لكنها تضاءلت بمرور السنوات؛ لأسباب منها عدم توسعة رئة السوق، واقتطاع الشركات الجديدة جزءًا من الكعكة المتاحة دون زيادتها، ونحن كقابضة نسعى للتوازن بين الحصة السوقية والأرباح المحققة، ولو ضحينا بالحصة السوقية سيكون لصالح مؤشر الربحية الذى لن نتنازل عنه.
حازم شريف: ألا يوجد تنسيق مع كيانات أخرى من داخل السوق للعمل على زيادة الوعى من خلال الحملات فى المدارس على سبيل المثال، ولا سيما أن البورصة المصرية اتخذت هذا التوجه ولكن على استحياء؟
الحيني: بعد أن توليت المنصب اجتمعت مع كل شركات التأمين الأجنبية، وطلبت منهم التعاون لزيادة الوعى، لكن لم يحدث أى تطور فى هذا الملف، لذلك قررنا أن نعتمد كقابضة على أنفسنا وأن نتخذ كل الإجراءات التى تسهم فى زيادة سوق التأمين دون انتظار أحد.
حازم شريف: وماذا عن التوسعات الخارجية؟
الحيني: الملف الوحيد الذى تأثر بسبب كوفيد- 19، هو التوسعات الخارجية، وأفتخر بأن خطط المجموعة لم تتأثر منذ تفشى الجائحة، العام الماضى وحتى الآن، سواء المرتبطة بالتوسعات الاستثمارية أو التأمين أو التوسع الفنى أو التطوير المؤسسى، وكذلك إنشاء الشركات الجديدة، باستثناء التوسعات الخارجية؛ لأسباب لها علاقة بأنها مرتبطة بركود عام خارجى.
على كلٍّ، لدينا ثلاثة فروع خارجية، فى الكويت وقطر ودبى، وثلاثتهم تابعون لمصر للتأمين، ونسعى حاليًّا لتحسين أداء هذه الفروع عوضًا عن التفكير فى التوسع بأماكن أخرى، ولا سيما أننا درسنا التوسع فى السعودية وأفريقيا، ونحن ذراع التأمين الرئيسية لمبادرة «جسور» الخاصة بوزارة قطاع الأعمال العام، لكن نتيجة الركود العام بسبب كورونا تم تجميد هذا الملف مؤقتًا حتى عودة الحياة لطبيعتها.