ثلاث خطوات لمساعدة أفريقيا على الهروب من فخ الاستعمار الرقمي الجديد

ينبغي على الدول الأفريقية حماية نفسها من الاستعمار الرقمي الجديد عن طريق اتباع ثلاث خطوات منها نقل التكنولوجيا وحماية الخصوصية

ثلاث خطوات لمساعدة أفريقيا على الهروب من فخ الاستعمار الرقمي الجديد
أيمن عزام

أيمن عزام

10:19 م, الأحد, 7 يوليو 19

تشمل التدابير التي  ينبغي أن تتخذها الحكومات الأفريقية حتى تفلت من فخ استغلال شركات التكنولوجيا  تعزيز فرص تأسيس الأفارقة لشركات التكنولوجيا الناشئة والتأكيد على أهمية نقل التكنولوجيا من الشركات العالمية الراغبة في الاستثمار في القارة ووضع التدابير اللازمة لحماية خصوصية المستهلكين الأفارقة، حسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز وموقع فيز اورج.

التكنولوجيا تمنح الأفارقة أمل جديد

أشار تقرير الفاينانشال تايمز إلى أن بعض المحللين استبشروا خيرا باندلاع ثورة التكنولوجيا بالتأكيد على الامكانات الكامنة في هذه الثورة وقدرتها على انقاذ القارة من الفقر وماضيها الاستعماري أصبحت القارة، على سبيل المثال، تستطيع الانتقال فورا إلى أجهزة التليفونات المحمولة والاستغناء بالتالي عن المراحل المبكرة من مراحل تطور ثورة التكنولوجيا.

لكن المخاوف المعتادة المتعلقة بالملكية والتحكم قد بددت الكثير من  الآمال التي قدمتها هذه التكنولوجيا، حيث ثارت مخاوف تحول شركات التكنولوجيا، لتصبح أحد أشكال الاستعمار الجديدة بدلا من أن تكون قوة قادرة على تحرير القارة، وبدلا من استغلال القارة للحصول مثلا على البترول، أصبحت شركات مثل جوميا تسرق البيانات والأرباح.

كينيا تدشن نظام لنقل الأموال عبر المحمول

دشنت كينيا في العقد الماضي نظام M-Pesa لنقل مبالغ صغيرة بالتليفون المحمول أو لشراء البضائع. توسع النظام منذ ذلك الحين حتى أصبح يستخدمه  حاليا  مئات الملايين من الأفارقة، وبفضله أصبح أكثرهم  فقرا قادرا على الحصول على القروض.

نشوء وادى سليكون السافانا

تأسس في العاصمة الكينية مركز تكنولوجيا مفعم بالحياة حتى أصبح يعرف باسم “وادى سليكون السافانا”.

وتأسست هناك مئات الشركات المعنية بنقل الأموال وقدمت خدمات مثل تأجير الألواح الشمسية عبر المحمول.

وتم كذلك تدشين صيدليات تمارس نشاطها عبر الانترنت مما ساهم في الحد من الأدوية المزيفة والوسطاء المستغلين.

وتأسست شركات مماثلة اعتمدت على التليفونات المحمولة  في لاجوس عاصمة نيجيريا والكاميرون.

وبفضل العديد من التطبيقات، أثبتت هذه الشركات قدرتها على إيجاد حلول لمشاكل تردي مستويات التعليم والبنية التحتية وفساد نظام المزايدات والمناقصات.

وساهمت تطبيقات الصحة في رواندا في توفير خدمة الاستشارات الطبية رخيصة الثمن باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وقامت شركة كارز 45 في نيجيريا بتقديم تطبيقات لمحاربة مشكلة تفشي السرقة والفساد في السوق الأفريقي الضخم  للسيارات المستعملة عن طريق إقامة المزايدات عبر الانترنت.

وقامت شركات أخرى مثل شركة بريدج بتقديم حلول تكنولوجية لمشاكل التعليم المتردي.

قطاع التكنولوجيا الأفريقي لا يزال صغيرا

قالت شركة وو تراكر البحثية أن   نجحت العام الماضي في جمع تمويلات قياسية بلغت 726 مليون دولار. لكن هذه التمويلات تزيد قليلا عن عشر التمويلات التي حصلت عليها الشركات الهندية خلال الفترة ذاتها والتي بلغت 7 مليارات دولار.  

شركة جوميا ليست أفريقية

يقول  المتشائمون الذين يثيرون مخاوف استمرار استغلال القارة عبر شركات التكنولوجيا  أن شركة جوميا مجرد امتداد للشركات القديمة التي نهبت ثروات القارة.

احتفلت جوميا يوم 12 أبريل من العام الجاري بتحولها لتصبح أول شركة تجارة اليكترونية أفريقية  يتم قيدها في بورصة أمريكية مرموقة، هي بورصة نيوريورك.

وحصلت جوميا على لقب أمازون أفريقيا لأنها تعمل في 14 دولة أفريقية مثل نيجيريا ومصر وساحل العاج وكينيا.

ويقول منتقدو الشركة أنها ليست شركة أفريقية على الإطلاق.

وتأسست الشركة في برلين عام 2012 ولا يديرها أفارقة بل مدراء تنفيذيين فرنسيين انتقلوا من باريس إلى المقر الحالي في دبي.

ويتولى برتغاليون  تصميم والمحافظة على أنظمة جوميا عبر الانترنت. ويعني هذا الشركة لا تختلف كثيرا عن شركة شل أو كوكاكولا برغم قيام الشركتان بتوظيف  الآلاف من الأفارقة.

الشركات الأجنبية تحرم الشركات الناشئة من التمويل

تقول ربيكا انينتشونج، رائدة أعمال كاميرونية، إن جوميا تندرج ضمن الشركات الأجنبية التي أسستها شركة روكت انترنت الالمانية والتي يقتصر دورها على تقليد الأفكار التي تطورها شركات وادى التكنولوجيا في أمريكا ثم تطبيقها في بقية دول العالم.

وتضيف ربيكا أن شركات التكنولوجيا الأجنبية مثل جوميا  تمتلك تمويلات ضخمة، وهو ما ” يحرم الأفارقة من فرصة التميز.”

وتقول دراسة نشرت عام 2018 حول شركات التكنولوجيا الناشئة في شرق أفريقيا إن الشركات الأجنبية قد حصلت على 90 % من التمويل الموجهة نحو تأسيس شركات التكنولوجيا الناشئة.

ويقول الكثير من رواد الأعمال الأفارقة إن الشركات الأجنبية تدعي أنها شركة أفريقية كوسيلة لجمع التمويلات.

عقدة الخواجة مهيمنة على الأفارقة

ويرصد رائد الأعمال الأوغندي، تي أم اس روج، ما يسميه “الاستعمار الرقمي الجديد،”.

وأكد على أن الشركات الناشئة الأفريقية محرومة من رأس المال بسبب انحيازات نفسية تفضل الأجنبي على الوطني.

وتابع: “عقولنا لا تزال تعيش تحت الاستعمار الغربي. والكثير من الأفارقة يعتقدون أننا لا نملك القدرة على فعل أي شئ، وأن ما نفعله يظل بلا قيمة حتى يباركه شخص من الغرب”.

الأفارقة مدعوون لضخ استثمارات في الشركات الناشئة

تقول ربيكا إن مشكلة ضعف التمويلات الموجهة لشركات التكنولوجيا الإفريقية يمكن حلها بدعوة الرأسماليين الأفارقة إلى الاستثمار في هذه الشركات.

وتابعت: “لا ينبغي أن نتوقع قيام شركات وادي السليكون بضخ استثمارات في الشركات الناشئة الأفريقية. نحن مسئولون عن امتلاك المزيد من الحصص في شركات التكنولوجيا”.

نقل التكولوجيا ينقذ القارة من الاستغلال

أورد موقع فيز اورج رأي توادرس ابيبي الباحث في جامعة أديس ابابا في أثيوبيا بشأن الاتهامات الموجهة لشركات التكنولوجيا، مثل فيسبوك وجوجل، بممارسة  استعمار سيبراني.

أضاف ابيبي: “الأفارقة ينبغي أن يتحملوا مسئولية تقديم الحلول للمشاكل لأن الأفارقة وحدهم هم القادرون على فهم مشاكل القارة”.

واعتبر أن نقل التكولوجيا إلى القارة هو الضمان الوحيد لعدم استغلال القارة من قبل الشركات الأجنبية.

ضرورة حماية سرية البيانات

قال نائب الرئيس النيجيري يمي اوسنباجو إن وضع قوانين حماية الخصوصية  تخلق المناخ اللازم لتطوير قطاع التكنولوجيا.

وأشار موقع فيز أورج إلى تخلف  البلدان الإفريقية عن أوربا في مجال وضع قوانين جديدة صارمة لحماية البيانات.

وقالت منظمة  جلوبال جيستس ناو المناهضة للفقر، إن شركات التكنولوجيا أصبحت تمتلك الحرية الكاملة لإنشاء دولة عالمية خاضعة للمراقبة اللصيقة.