يهدد التطور التكنولوجى والتقنيات الحديثة المدرسة التقليدية فى العمل بشركات التأمين، والتى تعتمد على التوسع الجغرافى فى المدن، وتعامل العنصر البشرى بشركات التأمين مباشرة مع العملاء وجهًا لوجه.
وتلعب التطبيقات الذكية والمواقع الإلكترونية دورًا هامًا فى تسويق وبيع التأمين، لتحل محل فروع الشركات فى بيع الوثائق وتحصيل أقساطها، لتكون منافذ تسويق وبيع وتحصيل متكاملة.
وتواجه تلك المدرسة الحديثة فى التسويق الإلكترونى أو عن بُعد تحديات، تتمثل فى ثقافة العملاء، ومدى تقبلهم الحصول على وثائق تأمين دون التعامل مع المسوق وجهًا لوجه، وكذلك ضرورة توافر اللمسة الإنسانية لشرح الوثائق للعملاء، والرد على استفساراتهم قبل إصدار وبيع الوثيقة.
شحاتة: الثقة ارتبطت بالشراء من الشخص المباشر
كشف جمال شحاتة، رئيس قطاع الإنتاج والفروع بشركة “بيت التأمين المصرى السعودى” أنه على الرغم من التطور التكنولوجى الهائل واستخدام التقنيات الحديثة مثل الموبايل أبلكيشن والمواقع الإلكترونية وغيرها، فإن ذلك لا يغنى عن التوسع الجغرافى لشركات التأمين عبر افتتاح فروع لها فى المحافظات والمدن المختلفة على مستوى الجمهورية.
وأضاف شحاتة أنه لا شك أن التكنولوجيا الحديثة ساعدت شركات التأمين فى تقديم خدماتها لعملائها بشكل أسرع وأدق إلى حد ما، إلا أن السلبيات أو المآخذ على تلك التكنولوجيا هو ما يمكن أن يصاحبها من قرصنة إلكترونية، جعلت الكثير من العملاء مازالت ثقتهم بشركات التأمين مرهونة برؤية فروع الجغرافية الشركة التى تتواجد بها، والتعامل المباشر مع مقدمى الخدمة ومقابلتهم وجهًا لوجه، فالبنوك على سبيل المثال رغم ما تمتلكه من أدوات وبرامج تقنية حديثة إلا أنها بين الحين والآخر تتوسع فى إنشاء فروع جغرافية لها.
وأكد أنه وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن ثقة العملاء مازالت قيد تواجد المؤسسات بفروع حتى ولو توافرت شبكات معلومات توفر لهم العديد من البرامج والخدمات، لافتا إلى أنه فى الوقت نفسه لا ننكر دور وأهمية التكنولوجيا، ولاسيما دورها البارز وما ألقته بظلالها فى العمل على تخفيف تداعيات جائحة كورونا المستجد “كوفيد-19”، وكانت الحاجة إليها أم الاختراع، فجاءت العديد من البرامج التى سمحت معها بالحصول على خدمات التأمين دون الحضور الشخصى الذى حد إلى درجة كبيرة من تفشى الوباء بسبب عدم الاختلاط.
وأشار إلى أنه إجمالا لا يمكن إغفال دور التكنولوجيا، ويأتى دورها متكاملًا وملازمًا لدور انتشار الشركات عبر فروع جغرافية معًا.
محمود: أهمية توافر اللمسة الإنسانية فى التسويق
ومن جهته، أكد سمير محمود، المدير السابق لدبلومة التسويق بمعهد التأمين المصرى، أن التكنولوجيا الحديثة لا تغنى شركات التأمين عن التوسع الجغرافى بافتتاح الفروع والمنافذ لها بالمدن المختلفة.
وأضاف محمود أن التطبيقات الحديثة من موبايل أبلكيشن أو المواقع الإلكترونية لا يمكن أن تكون بديلًا عن اللمسة الإنسانية فى العمل والتسويق والبيع وغيرها من العمليات بشركات التأمين، مؤكدا أن التجربة فى أحد الدول الأفريقية والتى تضمنت بيع وثائق التأمين عبر ماكينات الصراف الآلى ATM دون تدخل بشرى ساهمت فى البداية فى زيادة مبيعات شركات التأمين، وزاد الإقبال على استخدام تلك الماكينات لشراء وثائق التأمين مباشرة.
وكشف أنه بعد فترة من تلك التجربة انخفضت مبيعات شركات التأمين عبر تلك الماكينات، بسبب عدم حصول العملاء على معلومات كافية عن الوثائق قبل شراء من خلال ماكينات الصراف الآلى، مما أدى إلى مشكلات بعدها، وإحجام العملاء عن شراء وثائق التأمين.
ولفت المدير السابق لدبلومة التسويق بمعهد التأمين المصرى، أن أهم عقبة تواجه استخدام التكنولوجيا فى بيع التأمين دون تدخل بشرى هو ضعف الوعى التأمينى للعملاء، ومدى حاجتهم للعنصر البشرى لشرح الوثائق والتغطيات وجهًا لوجه، والرد على الاستفسارات، وحل المشكلات.
واعتبر أن دور التكنولوجيا الحديثة مكمل لتواجد العنصر البشرى على الأرض وليس بديلا له، خاصة فى الوثائق غير البسيطة، والتى تحتاج المعاينة فى التعويضات، أما فى الوثائق النمطية الموحدة فى التسعير أو البسيطة فى الاكتتاب والشروط فلا تحتاج إلى تدخل بشرى أو فروع ويمكن بيعها عبر القنوات الإلكترونية مباشرة من خلال المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهاتف الجوال.
وأشار إلى أنه يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة فى تسويق وبيع التأمين متناهى الصغر دون الحاجة لفروع جغرافية، نظرًا لأن وثائق التأمين متناهى الصغر بسيطة ومنخفضة الأقساط، وكذلك مبالغ التأمين والتعويضات منخفضة، وشروطها بسيطة، وذلك فى ظل انتشار وسائل الدفع الإلكترونى للأقساط مثل الدفع عبر البطاقات البنكية أو شركات الدفع الإلكترونى وغيرها.
سودان: تجربة أمازون تدعم تقديم الخدمات عن بُعد
وبدوره، أكد أحمد سودان، مدير عام تطوير الأعمال وعلاقات الوسطاء فى شركة “ثروة للتأمين” -ممتلكات ومسئوليات- أن التكنولوجيا الحديث بالفعل يمكن أن تغنى شركات التأمين عن الحاجة لافتتاح فروع جغرافية لها بالمناطق والمدن المختلفة.
وأضاف سودان أن العائق الوحيد لكى تحل الوسائل التكنولوجية فى العمل بشركات التأمين وتعاملها مع العملاء عن بُعد دون الحاجة لفروع جغرافية هو ثقافة العملاء، ومدى تقبلهم لذلك خاصة فى مصر.
وأوضح أن ثقافة العميل المصرى هو أن يستلم الوثيقة بيده من موظف شركة التأمين فى فرع الشركة الجغرافى، ولن يتقبل بسهولة استبدال التكنولوجية الحديثة بفروع الشركات الجغرافية.
وأكد أن هناك بعض الشركات ليس لها مقر أو لها مجرد مخازن مثل أمازون، إذ يتعامل العميل مع الموقع الإلكترونى لشراء السلع المختلفة والدفع أونلاين، دون الحاجة للتوجه لفرع جغرافى.
وأشار إلى أن شركات التأمين نشاطها خدمى وليس سلعيا لذلك يمكنها تقديم خدماتها عن بُعد خاصة فى الوثائق التى لا تحتاج إلى معاينة قبل الإصدار، وذلك دون الحاجة لتوسع شركات التأمين عبر فروع جغرافية فى كافة المحافظات، إذ يمكن البيع عبر المواقع الإلكترونية وتطبيقات الجوال وحصول العميل على الوثيقة دون الذهاب إلى فرع الشركة الجغرافى.