تتراجع ثروات الأمريكيين منذ بداية عام 2022، بحوالي 5 تريليونات دولار على الأقل، وفق تقدير بنك “جيه بي مورجان تشيس أند كو”، ومن الممكن أن يبلغ هذا النزيف 9 تريليونات دولار بحلول نهاية العام.
يقع العبء الأكبر على أغنى الأمريكيين حتى الآن، إذ هبطت ثروات المليارديرات بنحو 800 مليار دولار من مستوى ذروتها، في ظل الخسائر الهائلة بسوق الأسهم والعملات المشفرة والأصول المالية الأخرى.
لكنَّ أسعار الفائدة العالية بدأت تزعزع سوق الإسكان أيضاً، حيث تختزن عائلات الطبقة المتوسطة والعاملة النصيب الأكبر من ثروتها.
كل هذا يُضاف إلى الإقصاء المفاجئ لدعامة أساسية للثقة، ألا وهي المدّخرات التي وصلت العام الماضي لمعدل قياسي.
ولمواجهة أعلى معدل تضخم منذ عقود؛ يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن يحد المواطنون من إنفاقهم، حتى لو أدّى ذلك لحدوث تباطؤ اقتصادي.
ثروات الأمريكيين تتراجع
بحسب جون نوريس، كبير خبراء الاقتصاد في شركة “أوكوورث كابيتال بنك” : فإنَّ “عودة الأمور لطبيعتها موجعة، بعد أن كان الناس بعالمٍ خيالي خلال 2021. ويولّد ذلك الشعور بأنَّ الأمور أسوأ كثيراً ممّا هي عليه فعلياً”.
منذ مطلع العام الحالي، هبط مؤشر”ستاندرد أند بورز 500″ بنسبة بلغت 18%، وسجل مؤشر “ناسداك 100” خسارةً بنسبة بلغت 27%، وتراجع مؤشر “بلومبرج” للعملات المشفَّرة بنسبة وصلت إلى 48%.
كتب خبراء اقتصاديون في مصرف “جيه بي مورغان”، بقيادة مايكل فيرولي، في رسالة يوم الجمعة، أنَّ كل ما يجري يصل إلى مستوى “صدمة خسارة الثروة التي يُنتظر أن تعطّل النمو خلال السنة المقبلة”.
كما أعلن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه مرّات عديدة أنَّهم يهدفون بقوة لحدوث تباطؤ بهذا الشكل، مما يجعل تحرك صنّاع السياسة النقدية للتصدي للهبوط الكبير بحجم الثروة في 2022 غير مرجح.
كان المليارديرات أكبر الفائزين خلال 2020 و2021. لكنَّهم حالياً يتكبّدون الخسارة أكثر من أي أحد آخر تقريباً. إذ هبط مؤشر بلومبرج للمليارديرات، وهو عبارة عن مقياس يومي لثروة أغنى 500 شخص على مستوى العالم، بمقدار 1.6 تريليون دولار منذ بلوغه مستوى الذروة في نوفمبر الماضي.
يتقدّم الأثرياء الأمريكيون مسيرة الخسارة، حيث فقدوا 797 مليار دولار منذ وصولهم للذروة.
إيلون ماسك أكبر الخاسرين
وربما يكون أشد الناس تضرراً هو أغنى شخص في العالم إيلون ماسك؛ إذ خسر 139.1 مليار دولار، أو 41% من قيمة ثروته، منذ شهر نوفمبر، عندما تجاوز صافي ثروته لفترة محدودة 340 مليار دولار.
كما خسر مؤسس شركة “أمازون” جيف بيزوس، ثاني أغنى أثرياء العالم، 82.7 مليار دولار، أو 39% من مستوى ذروة ثروته.
في حين أنَّ خسائر الثروة بين أغنى 0.001% تحد من ظاهرة عدم المساواة؛ فإنَّ ذلك لن يكون بمثابة أمر مريح لغالبية الناس الذين يساورهم القلق إزاء الفوارق التي تتسع في الولايات المتحدة.
ترى رينا أغروال، مديرة مركز “بساروس” للأسواق المالية والسياسات بجامعة جورجتاون الأمريكية، أنَّه “في الإطار النسبي، سيسفر ذلك عن الحد من مستوى عدم المساواة بشكل طفيف. لكن في الإطار المطلق، سيتأثر الجميع”.
على غرار كثيرين، يساور أغروال القلق من أنَّ أسواق الأسهم الهابطة ستولّد مشكلات للاقتصاد على نطاق أوسع. معتبرةً أنَّ “حدوث قدر من التصحيح كان مطلوباً، لكنْ هذه عملية تصحيح هائلة للغاية، وبلا توقف”.