ارتفع إجمالى ثروات أغنياء العالم خلال العام الماضى، إلى مستوى قياسى لدرجة أن 10 مليارديرات ظهروا بثروة تزيد عن 100 مليار دولار لكل واحد منهم لأول مرة فى التاريخ، بينما شهد أغنى الأثرياء فى الصين أسوأ عام منذ أن بدأ مؤشر بلومبرج للمليارديرات فى عام 2012 يتتبع أخبارهم، وتكبدوا خسارة بلغت أكثر من 80 مليار دولار خلال العام الماضى بسبب الحملة الهجومية التى شنتها حكومة بكين وهيئاتها الرقابية على شركات التكنولوجيا، وأزمة ديون المطورين العقاريين والقيود التى تفرضها حكومة واشنطن ضد شركات التكنولوجيا الصينية بزعم حماية الأمن القومى الأمريكى.
قفز إجمالى ثروات أغنياء العالم المدرجين على مؤشر بلومبرج للمليارديرات خلال العام الماضى إلى أكثر من 8.4 تريليون دولار ليتجاوز مجموع الناتج المحلى الإجمالى لجميع دول العالم ما عدا الولايات المتحدة والصين أول وثانى أكبر اقتصادين فى العالم على الترتيب.
وظهر 10 مليارديرات مع نهاية العام الماضى تزيد ثروة كل منهم عن 100 مليار دولار لأول مرة فى تاريخ أغنياء العالم بقيادة إيلون ماسك الذى زادت ثروته إلى حوالى 273.5 مليار دولار بارتفاع 75% أو مايعادل 117.5 مليار منذ نهاية عام الوباء الأول إلى نهاية العام الماضى.
وذكرت وكالة بلومبرج أن إجمالى ثروات أغنى 500 ملياردير المدرجين على المؤشر الأمريكى زاد بأكثر من تريليون دولار فى 2021 مع استمرار انتشار وباء كورونا خلال العامين الماضيين مما ساعد على انتعاش الأسواق المالية وارتفاع أسعار أسهم الشركات التى يملك فيها هؤلاء الأثرياء حصصا ضخمة.
200 ملياردير بثروة تتجاوز 10 مليارات دولار
وارتفع أيضا عدد الأثرياء الذين تزيد ثروة كل منهم عن 10 مليارات دولار إلى أكثر من 200 ملياردير مع تزايد تقييمات جميع الأصول من العقارات إلى العملات المشفرة وحتى السلع الخام والمكونات اللازمة للتصنيع بسبب اختناقات سلاسل التوريدات نتيجة القيود التى فرضتها حكومات عديدة للحد من تفشى العدوى من فيروس كورونا الذى أصاب أكثر من 288 مليون حالة، و تسبب فى وفاة ما يقرب من 5.5 مليون ضحية على مستوى العالم حتى الآن.
ويرى لوكا شانسيل البروفيسور فى كلية الاقتصاد بباريس و مدير شركة “ورلد إنكواليتى لاب” أن حصة الثروات التى جمعها أغنى 0.01% من أغنى الأثرياء قفزت من حوالى 7% منذ منتصف التسعينات إلى 11% من إجمالى ثروات العالم مع نهاية العام الماضى لتوضح مدى تباين التعافى الاقتصادى فى الولايات المتحدة بصفة خاصة بعد صدمة كورونا إذ استفاد كبار الأغنياء من التحفيز الحكومى بينما ألقى الوباء بحوالى 150 مليون نسمة بين أحضان الفقر المدقع وفقا لتقديرات البنك الدولى مؤخرا، والذى يتوقع تفاقم هذا العدد إذا استمر معدل التضخم فى الارتفاع خلال الشهور المقبلة.
أغنى 10
وتصدر إيلون ماسك مؤسس ومدير ومالك حصة الأغلبية فى شركة “تسلا” الأمريكية للسيارات الكهربائية قائمة أغنى 10 مليارديرات على مؤشر بلومبرج بثروة تقدر بحوالى 273 مليار دولار بارتفاع 75% أو ما يعادل 117.5 مليار دولار مع نهاية العام الماضى، وبعده جيف بيزوس رئيس شركة “أمازون” أكبر مؤسسة مبيعات تجزئة على الإنترنت فى العالم والذى تتجاوز ثروته 194 مليار دولار بارتفاع 2% فقط عن ثروته فى عام الوباء.
بينما زادت ثروة الملياردير الفرنسى بيرنار أرنو صاحب مجموعة” LVMH “ التى تملك العلامات التجارية “لويس فيتون” و”كريستيان ديور” و”فيندى” و “سيفورا” للموضة والأزياء والاكسسوارات الفاخرة – بحوالى 55% أو 63 مليار دولار لتصل إلى ما يزيد عن 177 مليارا ليظهر فى المركز الثالث مع نهاية العام الماضى.
وحل فى المركز الرابع بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت الذى بلغت ثروته حوالى 138 مليار دولار مع نهاية العام الماضى بارتفاع 5 % عن مثيلتها فى ختام عام الوباء وبعده لارى بيج خبير الإنترنت وأحد مؤسسى شركة “جوجل” المحرك البحثى العملاق على مستوى العالم، والذى تقترب ثروته من 130 مليار دولار بزيادة قدرها 57% أو 47 مليار دولار خلال العامين نفسيهما.
“فيسبوك” فى المركز السادس
وجاء فى المركز السادس الملياردير المشهور مارك زوكيربيرج مؤسس موقع التواصل الاجتماعى العالمى “فيسبوك” الذى أطلقه عام 2004 عندما كان يدرس الفلسفة وعلوم الكبيوتر بجامعة هارفارد الأمريكية واجتذب هذا الموقع مليارات المستخدمين من جميع بلاد العالم، والذى حقق له ثروة تجاوزت 128 مليار دولار بارتفاع 24% خلال العام الماضى أو حوالى 25 مليارا مقارنة مع مثيلتها فى نهاية عام الوباء.
أما سيرجى برين الذى شارك فى تأسيس شركة جوجل التابعة لمجموعة “ألفابيت” فقد ظهر فى المركز السابع بثروة تزيد عن 124.6 مليار دولار بارتفاع 56% أو 45 مليار دولار عنها فى عام كورونا وبعده ستيف بالمر المدير التنفيذى السابق لشركة مايكروسوفت من عام 2000 إلى 2015 بثروة تقترب من 121 مليار دولار بزيادة 50 % أو 40 مليار دولار عنها فى عام 2020.
وارين بوفيت الملياردير الأمريكى وأنجح مستثمر فى تاريخ الولايات المتحدة والذى يتجاوز عمره 90 سنة جاء فى المركز التاسع بثروة ازدادت بحوالى 25% أو 22 مليار دولار لتتجاوز 109.5 مليار دولار وأخيرا لارى إيليسون، مؤسس ورئيس شركة أوريكل لمنتجات السوفت وير، والتى يملك فيها حصة تقدر بأكثر من 35% لتصل ثروته إلى ما يزيد على 108 مليارات دولار بارتفاع 36 % أو 28 مليار دولار خلال العامين الماضيين.
ارتفاع ثروات الأغنياء لبيع حصص فى شركاتهم
وازدادت أيضا ثروات أغنى المليارديرات الأمريكيين نتيجة بيعهم حصصهم من الأسهم التى قفزت أسعارها لمستويات قياسية خلال العام الثانى للوباء لتصل قيمة الأسهم التى باعوها إلى أكثر من 43 مليار دولار أو مايعادل أكثر من مثيلتها التى باعوها فى عام 2020 والتى بلغت قيمتها 20 مليار دولار فقط .
وأدى النمو المتزايد والسريع لثروات الأشخاص الأكثر ثراء خلال العام الماضى إلى تزايد كبير فى الطلب على الطائرات الخاصة واليخوت والقصور غير أن الشركات غير مستعدة لتلبية هذا الطلب بسبب أزمة سلاسل إمدادات المكونات الصناعية ليواجه الأثرياء نقصا فى السلع الفاخرة ومنها السيارات الفارهة.
ومع ذلك فقد ارتفع عدد اليخوت الفاخرة المباعة منذ بداية عام 2021 وحتى منتصف أكتوبر الماضى بنسبة 60% لتزداد إلى 523 يختا، مقارنة مع الفترة نفسها من عام الوباء وكان أكثر من 25 % من هذه المشتريات ليخوت جديدة.
تراكم الثروات التكنولوجية
ومن أهم العوامل التى ساعدت على تراكم ثروات مليارديرت الولايات المتحدة خلال العام الماضى التحفيزات الضريبية والارتفاعات الحادة فى أسعار أسهم شركات التكنولوجيا وشركة “تسلا” للسيارات الكهربائية وبيع الأسهم فى هذه الشركات ونمو أرباحها لدرجة أن ثروة ليو كوجوان ثالث أكبر مساهم فى شركة تسلا زادت ثروته بحوالى 11 مليار دولار.
وانتعشت أسعار أسهم كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية خلال العام الماضى للسنة الثالثة على التوالى لدرجة أن القيمة السوقية للشركات الخمس الكبار أبل ومايكروسوفت وجوجل و أمازون و فيسبوك زادت بأكثر من 2.45 تريليون دولار مع تزايد الطلب على خدماتها ومنتجاتها أثناء الوباء وبغض النظر عن الظروف الاقتصادية الناجمة عن كورونا.
الخمس الكبار
ومع ذلك فقد تباين أداء أسهم هذه الشركات الضخمة إذ كسبت أسعار أسهم جوجل 65% وسجلت شركات مايكروسوفت و جوجل وأبل أكبر مكاسب على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 S&P خلال العام الماضى بينما زادت مثيلتها لشركة أمازون بنسبة 2.4 % فقط.
وأكد مارك لوشينى خبير الإستراتيجية الاستثمارية فى شركة “جانى مونتجومرى سكوت” لإدارة الأصول والتى تدير أصولا بقيمة 125 مليار دولار أن المستثمرين واثقون فى شركات التكنولوجيا الخمس الكبار وقدرتها على الاستمرار فى تحقيق ارتفاعات متتالية فى أسعار أسهمها بفضل النمو السريع لأرباحها وقدرتها التنافسية المرتفعة ورصيدها القوى فى ميزانياتها والتى وفرت لها حماية قوية من مخاطر كورونا.
وأنهت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا العام الماضى على مكاسب واضحة بقيادة “ألفابيت” الشركة الأم لشركة جوجل العام الماضى عند مستويات 2938.3 دولاروبذلك يكون السهم قد ارتفع بنحو %68 فى عام 2021 لتسجل أفضل أداء استثمارى للسهم منذ عام 2009 وأثبتت إلى حد بعيد أنها أفضل أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى أداءً ويليه سهم شركة مايكروسوفت بنحو %51، وسهم شركة أبل %33، وسهم فيسبوك كسب 23%، بينما صعد سهم أمازون %5 وكذلك شهد سهم شركة تسلا مكاسب بلغت %51.
الشركات العالمية تكسب %17
وتراكمت الأموال على الشركات العالمية بصفة عامة لترتفع العام الماضى بأكثر من %17 لتتجاوز 12.1 تريليون دولار لأول مرة فى تاريخها بالمقارنة بعام الوباء من خلال بيع الأسهم وإصدار الديون والحصول على قروض جديدة بدعم من تحفيزات البنوك المركزية والتعافى من كوفيد- 19 للعديد من الأسواق العالمية مع تزايد التطعيمات التى بلغت حوالى 9 مليارات جرعة لسكان الكوكب.
ولكن الوضع كان مختلفا فى الصين إذ شهد أغنى الأثرياء أسوأ عام منذ أن بدأ مؤشر بلومبرج للمليارديرات فى عام 2012 يتتبع هؤلاء الأغنياء وخسارتهم أكثر من 80 مليار دولار خلال العام الماضى بسبب الحملة الهجومية التى شنتها حكومة بكين وهيئاتها الرقابية على شركات التكنولوجيا ومنها مجموعة “على بابا” أكبر شركة مبيعات أون لاين فى آسيا واختفى مؤسسها جاك ما من وسائل الإعلام وخسر 35 مليار دولار بسبب أزمة الديون المتزايدة نتيجة هجوم الحكومة على شركته وفرض قواعد متشددة على أنشطتها.
انهيار شركات صينية
وهوت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الصينية خلال العام الماضى بقيادة كولين هوانج رئيس شركة “بيندودو” للتكنولوجيا الذى هبطت ثروته بأكثر من %68.5 لتنزل إلى ما يقرب من 19.8 مليار دولار وبعده لى جون صاحب شركة تشاومى للموبايلات السمارت ومعدات التكنولوجيا المتقدمة بأكثر من 46 % لتنخفض ثروته إلى 16.8 مليار دولار بسبب أزمة سلاسل التوريد وتقص الرقائق الإلكترونية حول العالم.
وتتوقع شركة هواوى الصينية للموبايلات ومعدات الاتصالات التكنولوجية المتطورة انخفاض إيرادات العام المنصرم بأكثر من %30 وتتوقع أيضا استمرار التحديات فى العام الجديد بسبب استمرار العقوبات الأمريكية التى فرضتها إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى 2019 والتى منعتها من استخدام نظام أندرويد الذى تحتكره شركة “ألفابيت” فى هواتفها الذكية الجديدة مع تقنيات مهمة أخرى أمريكية المنشأ.
أما الملياردير المشهور جاك ما صاحب شركة على بابا للمبيعات الأونلاين فقد هبطت ثروته بحوالى 24.9 % لتتراجع إلى 38 مليار دولار، وكذلك ما هواتينج مالك شركة تينسينت للألعاب الإلكترونية والذى انخفض صافى ثروته بحوالى 18 % إلى ما يزيد قليلا عن 46 مليار دولار وخسر أيضا روبين لى رئيس شركة بايدو أكبر مجرك بحثى فى آسيا أكثر من %34 لتتراجع ثروته إلى 10.3 مليار دولار.
وانخفضت أيضا ثروة عملاق العقارات هوى كا يان رئيس مجموعة إيفرجراند الصينية للتطوير العقارى وثانى أغنى أثرياء الصين بحوالى 17 مليار دولار العام الماضى ليتكبد الخسارة الثانية له للعام الثانى مع انهيار امبراطوريته العقارية بسبب أعباء الدين الثقيلة وطالبته حكومة بكين باستخدام ثروته وممتلكاته ومنها اليخت العملاق الذى يستخدمه فى رحلاته الترفيهية ليسدد ديونه للمستثمرين.
واشنطن تضع 37 كيانا فى القائمة السوداء
وترجع خسائر المليارديرات الصينيين إلى القيود التى تفرضها حكومة واشنطن ضد شركات التكنولوجيا الصينية بزعم حماية الأمن القومى الأمريكى لدرجة أنها أدرجت أكثر من 10شركات صينية على قائمتها السوداء للتجارة وأكدت فى بعض الحالات أنها تساعد على تطوير جهود الجيش الصينى المتعلقة بالحوسبة الحكومية ويأتى أحدث إجراء أمريكى بحق شركات صينية وسط توتر متزايد بين بكين وواشنطن بشأن وضع تايوان وقضايا التجارة.
وأضافت واشنطن أيضا 27 كيانا جديدا إلى القائمة السوداء من الصين واليابان وباكستان وسنغافورة وكذلك أفراد من الصين وباكستان إلى قائمة الكيانات لدى وزارة التجارة لمساهمتهم فى أنشطة باكستان النووية أو برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية وقالت وزيرة التجارة جينا ريموندو فى بيان إن الإدراج الجديد سيساعد فى الحيلولة دون دعم التكنولوجيا الأمريكية التقدم العسكرى الصينى والروسي، بينما أعلنت حكومة بكين أن الولايات المتحدة تسيء استغلال سلطة الدولة لقمع وتقييد الشركات الصينية .
من ناحية أخرى، أدت الحملة المتصاعدة من قبل الحكومة الصينية على الصناعات التى تتراوح من التجارة الإلكترونية إلى الدروس الخصوصية، إلى عمليات بيع مكثفة للأسهم أطاحت بمئات المليارات من الدولارات من قيمة أسهم الشركات الصينية لتخسر أسهم شركة الإنترنت بيندودو نحو ثلثى قيمتها هذا العام بينما تراجعت قيمة أسهم مجموعة على بابا بنسبة %50 خلال نفس العام.
خسائر 10 مليارديرات
وتعرض 10 مليارديرات حول العالم بخسائر بلغت 152 مليار دولار خلال العام الماضى وكان منهم 6 صينيين تكبدوا انخفاضا فى صافى ثرواتهم، فى ظل عمليات البيع المكثفة للأسهم التى تعرضت لها الكثير من الشركات الصينية، والتى خسرت مئات المليارات، فى ظل قوانين صينية صارمة وغرامات مرتبطة بأمن المعلومات والممارسات الاحتكارية وبسبب القيود الأمريكية.
وخسر الملياردير الصينى تشانج بانجكسين رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الخدمات التعليمية 11.3 مليار دولار، ليصل صافى ثروته إلى 1.2 مليار دولار، بسبب تكثيف الحكومة الصينية هجومها ضد شركات التدريس بعد المدرسة هذا العام، بزعم أن هذه الصناعة، التى ازدهرت أثناء الجائحة، كانت تمارس ضغطًا كبيرًا على الأطفال والآباء.
وتعرضت أيضا الصينية تشونج هويجوان، مؤسسة شركة هانسو فارماكيوتيكال للأدوية لخسارة 10.4 مليار دولار، ليتهاوى صافى ثروتها إلى 10 مليارات دولار بعد تراجع سعر سهم الشركة بأكثر من %50 فى عام 2021 ليقل حاليا عن سعر إدراج الاكتتاب العام لينزل إلى 14.26 دولار هونج كونجى (1.82 دولار أمريكي).