يرى مصرفيون أن قطاع التجزئة سيواصل تحقيق معدلات النمو الجيدة خلال العام الجارى، بعد أن شهد انتعاشة خلال العام الماضى بالرغم من جائحة فيروس كورونا المستجد؛ وذلك بدعم من قرارات البنك المركزى، واتجاه البنوك إلى الاعتماد على المنتجات الرقمية.
وطبقا لبيانات صادرة من البنك المركزى المصرى، نمت قروض القطاع العائلى بالجهاز المصرفى المصرى ككل بنسبة %31.4 أو بقيمة 122.4 مليار جنيه خلال 2020، لتصل إلى 512 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر الماضى، مقابل 389.7 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر 2019.
وحافظت قروض القطاع العائلى خلال العام الماضى، على نسبتها من إجمالى أرصدة قروض القطاع المصرفى ككل عند %21.
وقال المصرفيون، إن زيادة نشاط التجزئة المصرفية بالقطاع المصرفى مرهون باستهداف البنوك لشرائح جديدة من العملاء ليس لهم سابقة تعامل مع البنوك، بجانب الاتجاه نحو تنويع البنوك لمنتجاتها، واستمرار التوسع الجغرافى، مع الاستمرار فى زيادة الخدمات المصرفية الرقمية.
وذكروا أن بعض البنوك تحتاج إلى الالتزام بتعليمات البنك المركزى، وتسهيل إجراءات فتح الحسابات المصرفية، بناء على الإجراءات التى أعلن عنها خلال الفترة الماضية.
وأصدر البنك المركزى المصرى فى مارس الماضى إرشادات للبنوك بشأن تطبيق الإجراءات المبسطة لفتح الحسابات يتمكن بموجبها المواطن البسيط من فتح الحسابات الجارية أو الادخارية طرف البنوك بسهولة ويسر. قائلًا: «الإرشادات اهتمت بالفئات التى لا تُقبل على التعامل مع القطاع المصرفى من العمال البسطاء وأصحاب الحرف والمهن الحرة، وتم معالجة كافة التحديات التى كانت تواجههم أثناء فتح الحسابات عن طريق إتاحة استخدام أساليب واقعية وبسيطة قابلة للتطبيق مثل التأكد من صحة بياناتهم من خلال المتعاملين معهم أو عن طريق صفحات التواصل الاجتماعى إذا توافر ذلك وغيرها من الطرق المتاحة».
ويرى محمد عبدالعال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق، أن قطاع التجزئة المصرفية بالبنوك سيشهد طفرة كبيرة خلال الفترة المقبلة، لاسيما فى ظل رغبة البنوك فى تقديم منتجات جديدة للعملاء.
وأضاف أن البنوك تسعى لتقديم خدمات متعددة من أجل تسويق قطاع التجزئة المصرفية مثل البطاقات البلاستيكية، والقروض الشخصية، وقروض السيارات، وقروض التمويل العقارى.
وأوضح عبدالعال أن البنوك تعمل على زيادة محافظ التجزئة من خلال توفير قروض لتمويل شراء السلع الاستهلاكية لجذب عملاء جدد من خلال تيسير السداد الإلكترونى واستخدام تطبيقات الخدمات المصرفية الرقمية عبر الهاتف المحمول أو الإنترنت البنكى.
وأشار إلى أن العديد من البنوك إتجهت نحو توسيع محافظ التجزئة المصرفية خلال العام الماضى، فضلًا عن قيامها بالبحث عن منتجات جديدة تلبى طموحات ورغبة العملاء وسد احتياجاتهم؛ خاصة فى ظل طرح منتجات جديدة مرتبطة بالتكنولوجيا والرقمنة وتسهيل إجراءات الحصول على التمويلات “أونلاين”.
وذكر محمد عبدالعال أن البنك المركزى قام بتشجيع البنوك للتوسع فى قطاع التجزئة، وانعكس هذا على دعم القوى الشرائية فى السوق؛ حيث إن زيادة منح القروض الشخصية يزيد من القوى الشرائية للعملاء.
وخصص البنك المركزى المصرى نحو 100 مليار جنيه تمويلات جديدة ضمن مبادرة تمويل عقارى جديدة للعملاء محدودى ومتوسطى الدخل بفائدة %3 متناقصة لمدة تمويل تصل إلى 30 سنة، ومن المقرر أن يُكشف عن ضوابط المنح الخاصة بها خلال الأيام المقبلة، وفقًا لتصريحات سابقة لنائب محافظ البنك المركزى جمال نجم.
ماجد فهمى: القطاع يحتاج إلى زيادة عدد العمالة والأفرع مع الاستعانة بالتكنولوجيا لجذب أكبر شريحة
وقال ماجد فهمى الخبير المصرفى ورئيس بنك التنمية الصناعية السابق، إن التحول نحو توسيع نطاق الخدمات المصرفية فى قطاع التجزئة يحتاج إلى إتجاه البنوك نحو زيادة عدد العمالة وعدد الأفرع، مع الاستعانة بالتكنولوجيا المتطورة فى نفس الوقت، وتنويع فى الخدمات المصرفية، مشيرًا إلى أن البنوك عليها أن تغطى جميع المناطق داخل مصر، فى ظل العدد المحدود للأفرع حاليًا.
وأشار فهمى إلى أن تنوع الخدمات المصرفية للأفراد يدعم النشاط ويوسع من خدمات التجزئة المصرفية، التى بدورها تدعم تمويلات البنوك لتلك الفئة من العملاء.
وأوضح أن هناك بعض البنوك تحتاج إلى إعادة النظر فى القيود التى تفرضها على فتح الحساب المصرفية الجديدة؛ خاصة أن هناك العديد من العملاء يعزفون عن التعامل مع البنوك والإتجاه نحو البريد بسبب سهولة الإجراءات.
ويرى ماجد فهمى أن البنوك فى حاجة إلى تعزيز تواجدها خلال الفترة المقبلة فى الأقاليم، وبعض المناطق التى لا يتم تغطيتها بالخدمات المصرفية، والتركيز على خطط الانتشار الجغرافى لتغطى أكبر عدد من المناطق.
وأكد على أهمية زيادة عدد ماكينات الصرف الآلى، حتى تُسهل على أعداد كثيرة من الناس التعاملات البنكية، وتقضى على التكدس الناتج عن قلة التواجد البنكى.
وأوصى ماجد فهمى بتطوير المنظومة التكنولوجية لدى البنوك، والإنفاق على البنية التحتية ومواكبة التطور الحديث حتى تستطيع أن تتحول نحو الشمول المالى طبقا للمعايير التى أقرها البنك المركزى والدولة.
وبحسب بيانات البنك المركزى المصرى، ارتفع عدد ماكينات نقاط البيع التابعة للجهاز المصرفى “POS”، إلى 149.511 ألف ماكينة فى نهاية ديسمبر 2020، مقابل 88.380 ألف ماكينة فى نهاية ديسمبر 2019، كما زاد عدد بطاقات الخصم إلى 19.036 مليون بطاقة، وبلغ عدد البطاقات المدفوعة مقدمًا 21.927 مليون بطاقة والبطاقات الائتمانية نحو 3.862 مليون بطاقة فى نهاية ديسمبر 2020.
وزاد عدد ماكينات الصرف الآلى خلال العام الماضى، بنحو 1587 ماكينة، ليصل إجمالى الماكينات التابعة للجهاز المصرفى نحو 14.918 ألف ماكينة، مقابل 13.331 ألف فى 2019.
طارق متولى: نشاط حركة النشاط الاستهلاكى تدعم ارتفاع محافظ المصارف
ويتوقع طارق متولى الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم سابقًا، أن يكون هناك زيادة فى حركة النشاط الاستهلاكى ما يدعم زيادة محافظ التجزئة المصرفية بالبنوك خلال 2021، فى ظل التوقعات بانحسار الوباء.
وأوضح متولى أن البنك المركزى قدم بمبادرات قوية هدفها تشجيع البنوك على التوسع فى قطاع التجزئة، فى ظل توافر بنية تحتية قوية فى نظم وخدمات الدفع، لتحقيق أهداف الشمول المالى والتحول الرقمى.
وأشار إلى أن البنوك يجب أن تُسهل من إجراءات فتح الحسابات المصرفية؛ «لأنها المحطة الأولى لتعامل العملاء مع القطاع المصرفى، ومن غير المقبول أن يتجه العملاء إلى فتح حسابات بنكية فى ظل الإجراءات الصعبة».
ويرى طارق متولى أن الشمول المالى من حقوق المواطنين، وأن البنوك مطالبة بفتح المجال وتسهيل الإجراءات وتنوع الخدمات البنكية من أجل جذب مزيد من العملاء.
وأوضح أن البنك المركزى يقوم بمساعٍ جيدة نحو تشجيع شركات التكنولوجيا الناشئة من خلال مبادرات الشمول المالى والدفع الإلكترونى ودخول البنوك فى منافسة مع شركات دفع إلكترونى، لافتًا إلى أن زيادة خدمات الدفع الإلكترونى تتناسب طرديًا مع معدلات نمو الاقتصاد الكلى.
وكشف البنك المركزى المصرى، مؤخرًا عن تدشين البنوك المصرية نحو 109 فروع جديدة ضمن شبكة فروعها خلال العام الماضى، لتصل إلى 4532 فرعا فى نهاية ديسمبر 2020، منها 1208 فروع فى القرى.
أحمد أبوالدهب: هناك حاجة إلى جذب شرائح جديدة
ويرى أحمد أبو الدهب، رئيس قطاع التجزئة السابق فى أحد البنوك الخاصة، أن المصارف فى حاجة إلى جذب شرائح جديدة من العملاء على مستوى الجمهورية ليس لها سابقة تعامل مع القطاع المصرفى.
وأضاف: أن البنوك مطالبة بتغيير الشريحة التى تتعامل معها، لذلك يجب أن تنتقل إلى التركيز على الطبقات ذات الدخل المتوسط والمنخفض، والتوسع فى تقديم منتجات لتلك الشريحة لأنها تمثل عددًا كبيرًا جدًا من العملاء.
وقال إن تسهيل الإجراءات على العملاء فى هذه الشريحة الكبيرة سيزيد من فرص الحصول على تمويل من البنوك لتغطية احتياجاتهم التمويلية للأغراض الاستهلاكية، ويساعد فى زيادة معدل دوران رأس المال فى السوق عبر زيادة حركة البيع والشراء.
وأوضح أن سرعة دوران رأس المال تعمل على تعظيم وزيادة الربحية، وأن هذا سيكون من خلال مبالغ قليلة من العملاء وعدد كبير جدًا من الحركات، وهو ما له مردود جيد على البنوك.
وأشار إلى أن البنوك فى حاجة إلى الوصول لأكبر شريحة من العملاء فى الأقليم والمناطق التى يصعب الوصول إليها، سواء بشكل مباشر، أو من خلال شركات تمويل متناهى الصغر.
ويرى أحمد أبوالدهب أن البنوك يجب أن تأخذ زمام المبادرة لتوسيع قاعدة العملاء الغير متعاملين مع القطاع المصرفى، مشيرًا أن البنوك على موعد مع استقبال تلك الشريحة خلال الفترة المقبلة بدعم من مبادرات البنك المركزى.