قد تدفع الارتفاعات الأخيرة في أسعار المستهلكين وتوقعات التضخم مسئولي الاحتياطي الفيدرالي للنظر في أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ 1994 عندما يجتمعون هذا الأسبوع، وذلك بعد أن أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول سابقًا إلى أن خطوة أصغر كانت هي النتيجة المحتملة.
يختتم محافظو البنوك المركزية الأميركية اجتماعهم الذي استمر يومين يوم الأربعاء، ومن المقرر اتخاذ قرار في الساعة 2 بعد الظهر بتوقيت واشنطن.
كان باول قد أشار، في مؤتمره الصحفي بعد الاجتماع الذي عقد في أوائل مايو، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يمضي قُدمًا في رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في يونيو ويوليو ما دامت البيانات الاقتصادية على النحو المتوقع؛ وقد كان توجيهًا دقيقًا بشكل غير عادي من قِبل رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
ارتفاع التضخم بصورة مفاجئة
لكن في الأيام القليلة الماضية، جاءت أرقام التضخم مرتفعة بدرجة مفاجئة، مما دفع المستثمرين إلى زيادة الرهانات على زيادة 75 نقطة أساس في اجتماع هذا الأسبوع،
وهو ما ظهر في توقعات العقود الآجلة لأسعار الفائدة، حيث اشتدت تلك الرهانات بعد ظهر يوم الاثنين عقب تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال يشير إلى أن الخطوة الأكبر قيد التنفيذ الآن.
واصلت ضغوط البيع ضرب الأسهم حتى صباح الثلاثاء في آسيا، بعد أن غاصت في سوق هابطة جنبًا إلى جنب مع ارتفاع في عائدات السندات.
كما واصل المشاركون في السوق استيعاب التوقعات المتزايدة برفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بشكل أكثر حدة،
حيث انخفض مؤشر “مورغان ستانلي لأسهم لآسيا والمحيط الهادئ بما يزيد عن 1.5%، وتراجعت البورصات في اليابان والصين وهونغ كونغ إلى المنطقة الحمراء.
وقد استقرت العقود الآجلة للولايات المتحدة في أعقاب خسائر استمرت ثلاثة أيام في أسهم “ستاندرد آند بورز 500” بنحو 9%.
رفع التوقعات
سارع الاقتصاديون في كبرى مؤسسات وول ستريت إلى تغيير توقعاتهم. حيث تحوّل كل من “غولدمان ساكس غروب” و”نومورا هولدينغز” يوم الاثنين لتوقع رفع مقداره 75 نقطة أساس لكلٍّ من اجتماع هذا الأسبوع وأواخر يوليو.
في حين توقع “جيه بي مورغان تشيس أند كو” أيضًا زيادة أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في اجتماع هذا الأسبوع، لينضم بذلك إلى “باركليز” و”جيفريز” اللذان عدّلا توقعاتهما يوم الجمعة إلى زيادة أكبر.
واجه باول وزملاؤه انتقادات لاذعة لبطئهم في التخلص من تحفيز الجائحة الطارئ والسماح للتضخم بالارتفاع بأسرع وتيرة منذ 40 عاماً، وقد قالوا مراراً إنهم سيفعلون كل ما يلزم لتهدئة الأسعار.
وفي حين وضع رئيس الاحتياطي الفيدرالي خط أساس لزيادة الفائدة بـ50 نقطة أساس في يونيو ويوليو، فقد تحوط أيضاً بالقول إن ذلك يتوقف على تطور الاقتصاد وفقاً للخطوط التي يتوقعها المسؤولون.
أظهرت البيانات، في صباح يوم الجمعة، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 8.6% في مايو عن العام السابق، وهو أعلى مستوى له في 40 عامًا.
حيث تجاوزت الأرقام جميع التقديرات وأكدت على تقدم واسع النطاق، في إشارة إلى أن ضغوط الأسعار أصبحت مترسخة في الاقتصاد.
توقعات التضخم
في وقت لاحق من الصباح، أظهرت بيانات جامعة ميشيغان أن ثقة المستهلك الأميركي في أوائل يونيو قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.
وتوقع المستطلَعون حدوث تضخم بنسبة 3.3% على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، وهو أكبر معدل منذ عام 2008 وبزيادة من 3% في مايو.
يُعد هذا مثيرًا للقلق بشكل خاص بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، الذي كان يشعر بالراحة لحقيقة أن توقعات التضخم على المدى الطويل ظلت ثابتة.
كما أن أي فصل للتوقعات يؤدي إلى خطر زيادة ترسخ ضغوط الأسعار في الاقتصاد، فالمستهلكون الذين يتوقعون ارتفاع الأسعار سيطالبون أيضًا بأجور أعلى.
وإذا كانت الشركات تدفع للموظفين أكثر، فسيتعيّن عليها فرض أسعار أعلى، مما يؤدي إلى استمرار الدورة.
وفي يوم الاثنين، ظهر هذا الخطر مرة أخرى في استطلاع أجراه الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، والذي أظهر ارتفاع أوسط توقعات التضخم لعام واحد في مايو إلى 6.6%، وهو أعلى قراءة منذ بدء المسح في يونيو 2013. ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات بقيت التوقعات المستقبلية ثابتة عند 3.9%.
مصداقية الاحتياطي الفيدرالي
من الناحية التكتيكية، ستكون الزيادة 75 نقطة أساس بمثابة تحول في آلية تواصل باول الذي فضّل الإخطار مقدماً عن التحركات واعتناق التدرج.
وقد سمحت هذه الإستراتيجية للاحتياطي الفيدرالي بالميل نحو سياسة أكثر صرامة، إلا أنها سمحت للأسواق بتسعير مخاطر التقدم بشكل أسرع أو أبطأ مع تداول البيانات.
وفي الواقع، فإن رفع الفائدة بـ75 نقطة أساس يمكن أن يعزّز المصداقية من خلال إظهار جدية الاحتياطي الفيدرالي بشأن حرب التضخم؛ إلا أنها تخاطر أيضًا بإرباك الأسواق بشأن ما تفعله بعد ذلك.
تعليقاً على الموضوع، كتب كريشنا جوها وبيتر ويليامز من “إيفركور آي إس آي” في ملاحظة للعملاء: “بمجرد أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في التحرك بمقدار 75 نقطة أساس، فسيكون من الصعب التوقف،
والجمع بين هذا والنهج القائم على النتائج الذي يتبعه الاحتياطي الفيدرالي للتضخم يبدو أنه يمكن أن يكون وصفة للركود”.
كذلك يمكن للتحرك بمقدار 75 نقطة أساس أيضًا أن يؤدي إلى تآكل مصداقية الاحتياطي الفيدرالي من خلال التأكيد على مدى ضعف توقعات أثناء التعافي بعد الجائحة.
ويتضمن اجتماع يونيو توقعات جديدة لأسعار الفائدة على مدى العامين المقبلين. لكن في الآونة الأخيرة، سرعان ما تصبح هذه التوقعات قديمة مع ظهور بيانات جديدة.