تتأرجح أسهم التكنولوجيا فوق أرضية غير مستقرة على الرغم من الارتفاع الذي شهدته هذا الأسبوع، حيث تشير الشركات المصنّعة للرقائق إلى أن المزيد من المشكلات قد تكون بانتظارها وسط قطاع محفوف بالسمعة السيئة خلال فترات ازدهاره وانهياره.
تراجعت أسهم أشباه الموصلات وسط سلسلة من تحذيرات الشركات بشأن تباطؤ الطلب على الرقائق المستخدمة في مجموعة من الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة.
تراجع أسهم التكنولوجيا
انخفض مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات بـ11% خلال الأسابيع الأربعة الماضية، معمّقاً الخسائر التي تكبّدها بـ7% ضمن مؤشر “ناسداك 100″، في ظل تباطؤ بعض الأسهم مثل “إنفيديا” التي سجّلت أدنى مستوياتها لعام 2022.
تسود حالة من القلق بين أوساط المستثمرين بشأن تباطؤ الطلبات الذي يعاني منه بالفعل صانعو شرائح الذاكرة والمكوّنات الأخرى المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الشخصية يمكن أن ينتشر إلى بقية صناعة أشباه الموصلات.
على الرغم من تعافي مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 4% هذا الأسبوع، فقد تعرضت أسهم التكنولوجيا بالفعل لضغوط بسبب تصميم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة بشكل كبير للقضاء على التضخم.
قال جيسون بينويتز، مدير محفظة في “روزفلت إنفستمنت جروب” : “هناك خوف ملموس من أن دورة أشباه الموصلات بدأت تتحول إلى حالة سلبية وأن الطلب يتباطأ. إذا تبيّن أن الانكماش الاقتصادي كان أعمق وأطول مدى وأوسع نطاقاً، فإننا نتوقع أن يكون أداء التكنولوجيا ضعيفاً أيضاً”.
مسار معاكس
تعد عمليات البيع منذ منتصف أغسطس الماضي مساراً معاكساً لما كانت عليه قبل شهرين عندما قادت أسهم التكنولوجيا انتعاشاً ضمن مؤشر “إس آند بي 500” وسط تفاؤل بأن التضخم كان آخذاً في الانحسار، وهو سيناريو تصوّر المتداولون أنه كان سيمنح “الاحتياطي الفيدرالي” المرونة لإبطاء حملته لزيادة أسعار الفائدة. وقد أُطيح بهذا التفاؤل في 26 أغسطس من قبل رئيس البنك المركزي جيروم باول، الذي رفض فكرة أن ذلك سيتخذ مساراً عكسياً قريباً.
فاقمت شركة “سامسونج إليكترونيكس” المخاوف هذا الأسبوع بعد أن قال مسؤول تنفيذي كبير في أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم إن التوقعات للنصف الثاني من العام قاتمة ولا تشهد زخماً للانتعاش في عام 2023. وجاء ذلك بعد توقعات مبيعات ضعيفة من عددٍ من الشركات، مثل”مايكرون تكنولوجي” و”ويسترن ديجيتال”.
تستغرق أشباه الموصلات شهوراً قبل أن تمضي في عملية تصنيع معقّدة، ويشعر مشترو الرقائق بقلق شديد بشأن تكرار نقص سلسلة التوريد الذي نشأ بعد أن تسببت جائحة “كوفيد-19” في ارتفاع الطلب، مما يجعل طلبيات الصناعة مؤشراً على الطلب المستقبلي على الإلكترونيات والسلع الأخرى.
إنفيديا” تخسر نصف قيمتها
بالنسبة إلى “إنفيديا”، التي تصنّع معالجات الرسومات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الشخصية ومراكز البيانات، فقد خسرت أكثر من نصف قيمتها السوقية هذا العام وسط تراجع في الأسهم ذات التقييمات العالية. وقالت شركة الأبحاث “فاندا” (Vanda) يوم الأربعاء الماضي إنه على الرغم من ذلك، فإن السهم لا يزال هو المفضّل لدى مستثمري التجزئة الذين حققوا صافي مشتريات تتجاوز قيمتها 600 مليون دولار خلال الأسبوعين الماضيين.
خفض المحللون تقديراتهم بشأن أرباح شركات أشباه الموصلات أكثر من مجالات أخرى بقطاع التكنولوجيا. ومن المتوقع أن تظل أرباح الشركات المرتبطة بالرقائق المدرجة ضمن مؤشر “إس آند بي 500” ثابتة في عام 2023، بانخفاض عن توقعات نمو بنسبة 12% قبل ثلاثة أشهر فقط، وفقاً للبيانات التي جمعتها “بلومبرج إنتليجنس”. وعلى النقيض من ذلك، فمن المتوقع أن تتوسع أرباح قطاع تكنولوجيا المعلومات الأوسع بـ6%، منخفضة من 11% خلال الفترة نفسها.
تحديات متزايدة
قال جوزيف مور، المحلل في “مورجان ستانلي” هذا الأسبوع إنه يرى تحديات متزايدة أمام شركات صناعة الرقائق جرّاء ارتفاع المخزونات. وكتب في مذكرة بحثية، في إشارة إلى صناعة أشباه الموصلات: “نتوقع أن يُظهر كل قطاع درجة معينة من تصحيح المخزون خلال 12-18 شهراً القادمة”.
يرى المستثمرون المتفائلون بأن معظم الأخبار السيئة يتم أخذها في الحسبان بالفعل من خلال الأسهم، مما يخلق فرصة لشراء صانعي الرقائق بتقييمات منخفضة. تم تسعير مؤشر الرقائق بـ15 ضعفاً للأرباح المتوقعة خلال الـ12 شهراً القادمة، بانخفاض من أعلى مستوى عند 24 ضعفاً في يناير 2021 وأقل من المتوسط البالغ 16 ضعفاً على مدار العقد الماضي.
مع ذلك، ففي المرة الأخيرة التي شرع فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي في حملة مماثلة لرفع أسعار الفائدة في عام 2018، مما تسبب في انهيار أسهم التكنولوجيا، لم يصل مؤشر “فيلادلفيا” لأشباه الموصلات إلى أدنى مستوياته حتى بلغ المضاعف 11.
يرى كريستوفر دانيلي، من “سيتي جروب”، أن هناك أوجه تشابه مع الركود الذي عصف بأشباه الموصلات منذ حوالي عقد من الزمان. وأضاف: “لا نزال حذرين بشأن أسهم أشباه الموصلات، ونعتقد أن هذا التراجع مشابه لتراجع 2011/2012، بسبب الانكماش المتعدّد وتقلّص الطلب وتصحيح المخزون”.