اتجه عدد من البنوك العاملة فى القطاع المصرفى المصرى، منذ العام الماضى، نحو تأسيس أو الاستحواذ على أذرع مالية غير مصرفية، وكان فى مقدمتها بنكا الأهلى ومصر.
ويرى محللون ومصرفيون أن سعى البنوك نحو تأسيس أو الاستحواذ على شركات مالية غير مصرفية؛ يهدف إلى تحويل البنوك نحو النموذج المصرفى الشامل.
وأضافوا أن البنوك الحكومية كانت الأكثر توجها نحو الاستحواذ على أذرع مالية غير مصرفية، بخلاف بنوك القطاع الخاص، مشيرين إلى أن البنوك الحكومية تعمل على هيكلة تواجدها، وتحقيق تكامل فى خدماتها المصرفية وغير المصرفية.
ورفع بنك مصر، فى مارس الماضى حصته فى «سى آى كابيتال» القابضة إلى %90 بعد أن كانت %24.13 بعد تنفيذ عرض الشراء الإجبارى المقدم على أسهم الشركة المصدرة لعدد 652.8 مليون سهم بقيمة 4.7 جنيه للسهم تمثل حصة %66 .
وبخلاف كونه بنك استثمار، تمتلك شركة «سى آى كابيتال» القابضة عددًا من الأذرع التمويلية منها «سى آى» للتمويل العقارى، وشركة ريفى للتمويل المتناهى، وكوربليس للتأجير التمويلى.
وفى وقت سابق من عام 2020 استحوذ البنك الأهلى المصرى عن طريق «الأهلى كابيتال» على حصة بلغت %100 من شركة فاروس القابضة فى صفقة قيمتها 123 مليون جنيه، كما قامت شركة الأهلى كابيتال القابضة بتأسيس شركة الأهلى للتمويل متناهى الصغر، بالإضافة إلى الاستحواذ على %75 من شركة التوزيع والاتصالات الدولية «ديستل- ممكن».
أبانوب مجدي: هناك توجه لإعادة هيكلة تواجد «الحكومية» لتكون أكثر شمولية
وقال أبانوب مجدى نائب رئيس البحوث لقطاع البنوك والمؤسسات المالية فى بنك الاستثمار بلتون، إن البنوك الحكومية كانت الأكثر توجها نحو تأسيس أو الاستحواذ على أذرع مالية غير مصرفية خلال السنوات الماضية.
وأضاف أن ذلك التوجه من قبل البنوك الحكومية، يأتى فى الوقت التى تحقق فيه الأذرع المالية غير المصرفية التابعة لهم نموًا كبيرًا، خاصة شركات التأجير التمويلى، وانعكس ذلك على الحصص السوقية لتلك الشركات؛ بالرغم من حداثة تواجدها فى السوق المصرية.
وذكر أن تملك البنوك لأذرع مالية غير مصرفية يعزز دورها فى القطاعين المصرفى وغير المصرفى، لخلق النموذج المصرفى الشامل، الذى من خلاله تستطيع البنوك تقديم جميع الخدمات للعملاء سواء تمويل أو أدوات حقوق ملكية للشركات من خلال الطرح فى البورصة.
وأوضح أن هناك توجها لإعادة هيكلة تواجد البنوك الحكومية فى القطاع المصرفى بحيث تكون أكثر شمولية، لتصبح مصارف شاملة «UNIVERSAL BANKING MODEL»، مشيرًا إلى أن القطاع المصرفى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمتلك العديد من نماذج البنوك الشاملة الناجحة.
ويرى أن ذلك التوجه تقوده البنوك الحكومية الكبرى، بخلاف البنوك الخاصة والتى ليس لديها القدرة على تحمل أعباء الاستثمار على الأجل القصير وتأثيره على معدلات ربحيتها.
وأشار إلى أن القطاع المصرفى لديه سيولة كبيرة تمكنه من الاستثمار سواء كانت البنوك الحكومية أو الخاصة، وأن البنوك الخاصة لديها أذرع مالية غير مصرفية ولكن تواجدها فى السوق لن يتغير خلال السنوات الماضية، مقارنة بأذرع البنوك الحكومية التى تحقق نموًا كبيرًا فى حجم أعمالها.
ووفقًا لبيانات البنك المركزى المصرى، سجل معدل توظيف القروض إلى الودائع %47.6 بنهاية شهر مارس الماضى، وبلغ معدل توظيف القروض إلى الودائع بالعملة المحلية %43.5 ومعدل توظيف الودائع بالعملات الأجنبية %74.4 .
وبلغت ودائع القطاع المصرفى المصرى بما فيها الحكومية فى نهاية الربع الأول من العام الجارى، نحو 5.515 تريليون جنيه.
شهاب حلمي: تركز على تنويع أعمالها من خلال المشاركة فى بنوك الاستثمار وشركات الوساطة
وقال شهاب محمد حلمى محلل قطاع البنوك فى بنك الاستثمار برايم، إن دخول البنوك المصرية إلى نشاط بنوك الاستثمار، يشير إلى أنها تركز على تنويع أعمالها من خلال المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر فى بنوك الاستثمار وشركات الوساطة.
وأضاف أن توجه البنوك يأتى بدافع تكامل خدماته وإيجاد الدعم والمساندة من قطاعات أخرى فى ربحيته وحجم الأعمال وتنويع محافظها.
وذكر أن القطاع المالى غير المصرفى، يمتلك فرصا استثمارية كبيرة للبنوك، فى ظل توافر السيولة، والتى ستعمل على ضخها فى سوق الأوراق المالية، مشيرًا إلى البنوك التجارية التى لا تمتلك أذرع مالية غير مصرفية لا تفكر فى المخاطر وضخ استثمارات فى سوق الأوراق المالية.
ويرى أن البنوك أيضًا تعمل على توزيع مخاطرها بشكل أو بآخر، فى ظل امتلاك المصارف الحكومية سيولة كبيرة تعمل على استثمارها، مما يدعم فى نفس الوقت توجه البنوك لتصبح بنوكا شاملة.
وطبقا لبيانات البنك المركزى، بلغت محفظة استثمارات البنوك فى الأوراق المالية وأذون الخزانة نحو 2.838 تريليون جنيه فى نهاية مارس الماضى.
محمد عبدالعال: تهدف إلى تطوير الخدمات التقليدية وتكاملها مع «غير المصرفية»
وقال محمد عبدالعال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن توجه البنوك نحو امتلاك أو الاستحواذ على حصص فى شركات مالية غير مصرفية، يأتى فى ظل التطور والتوسع فى المتطلبات المصرفية للعملاء ومنها الخدمات الرقمية، والسعى نحو تطوير الخدمات المصرفية التقليدية وتكاملها مع الخدمات المالية غير المصرفية.
وأضاف أن قانون البنك المركزى الصادر العام الماضى، أعطى البنوك دفعة فى ذلك القطاع وسمح لها بالمساهمة فى الشركات المالية غير المصرفية أو تأسيس شركات خصوصا فى التكنولوجيا المالية.
وقال إن هناك بعض القطاعات التى أصبحت أساسية فى البنوك والتى ستكون لها الغلبة فى المستقبل، مقارنة بمدى أهميتها فى مراحل سابقة.
وأشار إلى أن استحواذ البنوك على الشركات المالية غير المصرفية، ليس بسبب قوة وجودة رأسمالها، ولكن بفعل رأس المال البشرى المتواجد فى الشركة وإمكانيات فريق العمل، خاصة أن البنوك تمتلك السيولة الكافية لدعم أى شركة.
ويرى أن أنشطة الشركات المالية غير المصرفية مثل التأجير التمويلى والتخصيم والتمويل العقارى، تعد من الأنشطة المستقبلية الجاذبة بشكل قوى فى ظل وجود مشروعات قومية كبرى فى القطاع العقارى والتى من المتوقع أن يتم إتاحتها للعملاء من خلال برامج التقسيط.
وأوضح أن الجمع ما بين الشكل المصرفى التقليدى والأذرع المالية غير المصرفية، يدعم التكامل فى الخدمات التى تقدمها المصارف المصرية، خاصة فى ظل التطورات التى تشهدها السوق والمنافسة المرتبطة بالتكنولوجيا المالية، قائلًا: “كل ذلك يدعم مسيرة البنوك فى اتجاه واحد”.
وأعلن مصرف أبوظبى الإسلامي-مصر، فى فبراير الماضى، عن البدء فى إجراءات تأسيس شركتين جديدتين بغرض اختراق نشاطى التمويل متناهى الصغر، والتمويل الاستهلاكى، وذلك ضمن خططه التوسعية فى السوق المحلية.
وكشف تقرير الحوكمة الصادر عن مصرف أبوظبى الإسلامى، عن موافقة مجلس الإدارة على تأسيس الشركة الأولى فى مجال التمويل متناهى الصغر برأسمال 25 مليون جنيه، يستحوذ البنك على %98 منها بقيمة تعادل 24.5 مليون جنيه، بينما يبلغ رأسمال شركة التمويل الاستهلاكى 10 ملايين جنيه، بحصة مساهمة أيضا %98 من جانب مصرف أبوظبى الإسلامى مصر، تعادل 9.8 مليون.
ماجد فهمى: المصارف أكثر القطاعات التى يمكنها دعم ومتابعة الشركات المالية غير المصرفية
وقال ماجد فهمى رئيس مجلس الإدارة السابق لبنك التنمية الصناعية، إن استثمار القطاع المصرفى فى الأنشطة المالية غير المصرفية يمثل إضافة حقيقية وأن وجودها أمر طبيعى لدعم أعمال البنوك جنبًا إلى جنب مع أعمال الشركات.
وأضاف أن البنوك تدخل مساهمات أو تؤسس أذرع مالية غير مصرفية، وفقًا لضوابط وتعليمات البنك المركزى، مشيرًا إلى أن البنوك تعد أكثر القطاعات التى يمكنها دعم ومتابعة الشركات المالية غير المصرفية.