ليت الجيش الوطنى الليبى أن يكف نسبياً عن سبل التصريحات التى يطلقها لنحو عام تقريباً ، عن اقترابه من اقتحام قلب طرابلس العاصمة، إذ ليس من الحكمة أن تستبق النتائج العسكرية ما يجرى واقعياً على أرض المعركة، خاصة أن سقوط العاصمة الليبية له تداعيات سوف تنعكس على دول الجوار المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء الكبرى، إضافة إلى أن خصوم الجيش (حكومة الوفاق وميليشياتها وداعميها الإقليميين والدوليين) يمتلكون زاداً لا ينفد من السلاح والمال والمرتزقة.. لإطالة أمد الحرب فى طرابلس وضواحيها من البلدات المجاورة، ليس آخرها سماحهم- على سبيل المثال- بدخول «مرتزقة» إلى ليبيا دون فحص اختبارات «الكورونا»، ما يضفى مخاوف صحية قد تهدد بإيقاف إطلاق النار.. قبل أن تحكم قوات الجيش سيطرتها على خطوط ميليشيات «حكومة الوفاق» جنوب طرابلس، التى تمكن الجيش الليبى من اختراقها 30 مارس الماضى، ولتصبح قواته أقرب من أى وقت مضي- بحسب المتحدث العسكري- من تحرير كل طرابلس فى الأسبوع المقبل من أبريل الحالى، إلا أن استيلاءه على العاصمة، رغم أهميتها العسكرية والسياسية، لا يعنى نهاية المطاف للحرب فى ليبيا- المنتصر فيها مهزوم- إذ سوف تشيع الفوضى وعدم الاستقرار جراء انتقال ميادين القتال مع الميليشيات وداعميهم الإقليميين.. إلى جبهات أخرى، سواء فى الأرض الليبية أو على حدودها فى المنطقة بين الساحل والصحراء حيث للقوى الكبرى مصالح حيوية بها، أو للعمل كذلك على تعويق محاولات التلاحم الاستراتيجية الواعدة منذ نهاية الستينيات بين ترويكا «المثلث الذهبى»، مصر- ليبيا- السودان، حيث انشغال دولتى وادى النيل باستئناف مفاوضات سد النهضة من عدمه، فيما يعكف النظام الجديد فى السودان للاتفاق بين شركاء السلطة- مدنيين وعسكريين- حول إجراءات ممتدة للفترة الانتقالية التى أعقبت الثورة السودانية العام الماضى ضد النظام السابق للحركة الإسلامية المطلوب محاكمة رموزها بتهم الفساد.. إلخ، ذلك فيما تنشغل مصر بمسئوليات التنمية إلى محاربة الإرهاب على حدودها الشرقية والغربية وفى داخل الوادى، بحيث يمكن القول بظروف غير مواتية لتفعيل آفاق التضامن بين دول المثلث الذهبى رغم حيويتها البالغة لشعوبها، ذلك بينما الساحل الأفريقى ينشغل من ناحية أخرى بحرب فرنسا الأبدية ضد المتشددين فى مالى وتشاد.. إلخ، وإلى حيث تشن «الدواعش» هجمات قوية فى الصحراء الكبرى.. وفى المناطق الحدودية بين مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وإذ بينما تجد فرنسا نفسها عالقة الآن فى منطقة الساحل، فإن الولايات المتحدة العالقة على غرارها فى أفغانستان والعراق.. تتجه إلى التفكير فى سحب قواتها وإغلاق قاعدة جوية جديدة لها من النيجر، أما عن الدول المغاربية (العربية) غرب ليبيا.. فإنها مرشحة لتنشيط حركاتها الإسلامية.. حال هزيمة الميليشيات الإسلامية فى ليبيا، وغرارها من ثم غربًا إلى (المغرب العربي)، أو جنوباً نحو منطقة الساحل والصحراء، وبحيث يجوز القول فى سياق ما سبق.. إن الحرب فى ليبيا بافتراض حسمها لصالح الجيش الليبى، ليست نهاية المطاف، إذ إن المنتصر فيها مهزوم.. من واقع تنقلات الحرب وعدم الاستقرار بين ليبيا وجيرانها.
شريف عطية
7:00 ص, الخميس, 2 أبريل 20
End of current post