باتت شوارع العاصمة الليبية طرابلس تتكدس فيها أكوام القمامة في كل مكان، وصار مشهد حرق هذه الأكوام من قبل المواطنين مألوفا، حيث لا حلول نهائية لظاهرة تواجد القمامة في الطرقات وأمام المقار الحكومية.
تشويه المنظر
مشهد القمامة تشوه بفعله المنظر العام في طرابلس، إلى جانب تلوث الهواء الذي يخنق سكان العاصمة التي يقطنها أكثر من مليوني شخص بالأمراض، ليدق ناقوس الخطر ومطالبة الحكومة التحرك سريعا لإنهاء هذه الأزمة الخانقة.
وأوضح بدر الدين النجار، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم “الثلاثاء”، “أزمة تكدس القمامة ظاهرة مزمنة تحتاج إلى حلول جذرية للتغلب عليها”.
وأضاف: “الحكومة ينبغي لها تسخير كل الإمكانيات اللازمة لحل هذه المشكلة، لأنها تهدد صحة الإنسان بتفشي الأمراض والأوبئة”.
تزايد الأعباء
وأضاف النجار،”نعلم جيدا أن ظروف الحرب القائمة في طرابلس زادت من مستوى المشاكل، وجعلت أعباء كثيرة على الحكومة”
واستطرد: “على الرغم من أهمية وعي المواطن بهذه المشكلة، وعدم رميه للقمامة في الشوارع والطرقات، إلا أن الحكومة ملزمة بتوفير صناديق القمامة ونقل هذه المخلفات فور تجميعها إلى المكبات الرئيسية”.
وأشار مدير المركز الوطني، بأن البيئة في ليبيا نظيفة ومثالية، لكننا نقوم بأيدينا في تدميرها وتلويثها بشتى أنواع المخلفات الصلبة، وحرقها ليتحول الهواء إلى ملوث وبدرجة عالية.
تفشي “اللشمانيا”
كما أبدى النجار مخاوفه من تفشي مرض “اللشمانيا” الجلدي بسبب نشاط نواقل المرض من القوارض في القمامة، مؤكدا بأن الرقم الذي سجل العام الماضي بإصابة أكثر من 8 آلاف شخص، مرشحا للارتفاع في حال عدم توفر الدواء واستمرار مشاكل القمامة المهددة للصحة العامة.
ويخصص مبلغ يقترب من نصف مليار دينار (300 مليون دولار) سنويا لمعالجة القمامة والنفايات الصلبة في ليبيا، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة دون حلول، على الرغم من الحملة التي تقوم بها شركة “الخدمات العامة” المكلفة بالقمامة، بحملة ضخمة تستهدف شوارع ومناطق طرابلس.
عدم توفر صناديق
وأرجع أنور الحاج تفاقم أزمة القمامة في طرابلس لأن الحكومة لم توفر صناديق مخصصة، إلى جانب عدم نقلها بسرعة حيث تظل مكدسة لأيام طويلة، ومن الطبيعي تسبب هذه المشاكل الصحية والبيئية.
وأضاف بالحاج،” نشعر بالإحراج والألم عندما نقوم بتشويه أحيائنا، لكن الأمر يحتاج وقفة وتعاون من قبل المواطن والدولة (…)، لا اعتقد أن الظروف لو تغيرت وتم توفير أماكن مخصصة لتجميع القمامة، سيقوم المواطن برميها في الشارع متعمدا”.
إغلاق طرق فرعية
من جهتها، ترى مبروكة المحمودي بأن تكدس القمامة أصبح من الأمور العادية في شوارع طرابلس، بل وصل الأمر في بعض الأحيان، إلى إغلاق طرق فرعية بسبب زحف القمامة إلى الطريق المعبد.
وتابعت المحمودي في حديثها لوكالة أنباء ((شينخوا))،”أنا أقطن في منطقة زاوية الدهماني وتحديدا في العمارات السكنية، والمنظر المحيط بهذه العمارات سئ للغاية، حيث تحيط بنا القمامة من كل اتجاه وتحاصرنا بالرائحة الكريهة والدخان المتصاعد ليلا، نتيجة حرقها من قبل سكان الحي”.
فرصة ضئيلة للحل
وأبدت استغرابها من عدم اتخاذ أي ردة فعل من قبل الحكومة، والاكتفاء بأن المواطن هو المسؤول عن ظاهرة انتشار القمامة.
أما سارة الشيباني الباحثة الليبية في شؤون البيئة، فترى أن الصراعات والحروب المستمرة، تساهم وبشكل واضح في تفاقم أزمة النفايات، بل تجعل فرصة حل المشكلة ضئيلة تماما.
وفسرت الشيباني تفاقم هذه المشكلة، قائلة” أثر الحروب والنزاعات المسلحة بالتأكيد مدمر وينعكس على البيئة والصحة العامة، حيث بانشغال الأطراف في هذه النزاعات يتم إهمال الخدمات العامة من نظافة الطرق ونقل القمامة وغيرها من الأمور”.
مشروع لمعالجة النفايات
ولفتت إلى أن الحرب الدائرة بضواحي طرابلس تسببت بشكل مباشر في هذه الأزمة البيئية، حيث يتعذر نقل قمامة العاصمة إلى أكبر “مكب” للقمامة جنوب طرابلس.
واقترحت الباحثة أن يتم اعتماد مشاريع خاصة بمعالجة النفايات وإعادة تدويرها، حيث توفر على الدولة أموال كبيرة، إلى جانب الاستفادة من المواد الأولية التي تم معالجتها في الصناعات المختلفة، وبالتالي يتم التخفيف من انتشار القمامة وينخفض التلوث البيئي النتاج عن حرقها والأمراض التي تنتج عنها.
هجوم على طرابلس
وتشن قوات “الجيش الوطني” هجوما منذ مطلع إبريل الماضي للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق المعترف بها دوليا التي أعلنت من جانبها إطلاق عملية (بركان الغضب) لصد الهجوم.
وتسببت المعارك منذ اندلاعها في مقتل 1093 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف آخرين إضافة إلى نزوح قرابة 120 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة.
وتقع “مكبات” القمامة الرئيسية في جنوب العاصمة طرابلس، وبفعل المعارك تعذر انتظام نقلها من العاصمة إلى هذه المواقع لتردي الوضع الأمني هناك.
هذه المادة منقولة عن وكالة شينخوا بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال