كشف تقرير معلومات سوق الإنشاءات الذي أصدرته شركة “جيه إل إل” خلال النصف الأول من عام 2023، ويستند إلى المعلومات التي جمعتها الشركة من مصادر السوق وخبراء القطاع، أن قطاع الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ على أدائه القوي في ظل التحديات الاقتصادية العالمية مدعوماً بعقود مشاريع البناء التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من العام، وبلغت قيمتها 101 مليار دولار.
واستحوذت المملكة العربية السعودية على الحصة الأكبر من قيمة تلك المشاريع، بنسبة قاربت 67٪ (44 مليار دولار)، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة (23 مليار دولار)، حيث سجلت السوقان ارتفاعاً في قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وعلى الرغم من أن مصر شهدت انخفاضاً في قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها خلال الفترة مقارنةً مع ذات الفترة من العام الماضي، إلا أن البلاد ما زالت تمتلك محفظة قوية من المشاريع المستقبلية.
وفي دولة الإمارات، برز القطاع السكني باعتباره القطاع الأقوى، حيث تجاوزت قيمة عقود المشاريع التي تم ترسيتها في القطاع 9 مليارات دولار. واستحوذت دبي وحدها على ما يقرب من 75٪ من القيمة الإجمالية لتلك المشاريع.
الإمارات والسعودية ومصر يستحوذون على 60% من مشاريع البناء القائمة في المنطقة العربية والمقدّرة بـ 3 تريليون دولار
وأرست كل من السعودية ومصر عقود بناء في القطاع السكني بقيمة 5 مليارات دولار و771 مليون دولار على التوالي. بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاعا الضيافة والعقارات متعددة الاستخدامات أداءً بارزاً من حيث قيمة العقود، حيث بلغت قيمة عقود المشاريع الترفيهية في المملكة العربية السعودية 2 مليار دولار.
وتجاوزت القيمة التقديرية الإجمالية لمجموعة المشاريع القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3 تريليون دولار، مع امتلاك مصر والسعودية ودولة الإمارات مجتمعةً معاً أكثر من 60% منها.
ووفقاً للتقرير، كان للمملكة الحصة الأكبر بنسبة تقارب 35%، أي ما يقدر ب 1.3 تريليون دولار، في حين تقدر قيمة حصة كل من مصر والإمارات بـ 500 مليار دولار لكل منهما.
وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت لورا مورغان، رئيس معلومات السوق في الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة “جيه إل إل”: “في ظل تأثر قطاع الإنشاءات عالمياً بارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وارتفاع مستويات التضخم، وتباطؤ الانتعاش التجاري، برز سوق الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كحالة استثنائية تشهد نمواً مستداماً.
وتابعت: ومع وجود مجموعة كبيرة من مشاريع البناء الاستثنائية القائمة والتي تتجاوز قيمتها 3 تريليون دولار، ويتركز أغلبها في دول مثل دولة الإمارات والسعودية ومصر، يبشر قطاع الإنشاءات في المنطقة بالمزيد من الاستقرار والنمو في الفترة المقبلة، محافظاً على دوره المحوري في حفز التنمية الاقتصادية والتنويع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
تراجع قيمة القطاع السكني في مصر إلى المرتبة الثانية خلال النصف الأول 2023
وعلى صعيد قيمة سوق الإنشاءات، تتوقع شركة “جلوبال داتا” نمو هذه القيمة في مصر بمعدل سنوي وسطي قدره 9٪ بين عامي 2024 و2027، مدعوماً بقطاعات النقل، والطاقة المتجددة، والسكن.
وفي حين تربع القطاع السكني في مصر على قمة سوق الإنشاءات في عام 2022، تراجع إلى المرتبة الثانية من حيث قيمة مشاريع البناء التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من عام 2023.
توقعات بنمو سوق الإنشاءات في السعودية بمعدل سنوي وسطي قدره 4%
من ناحية أخرى، من المتوقع أن تنمو قيمة سوق الإنشاءات في السعودية بمعدل سنوي وسطي قدره 4٪ بين عامي 2024 و2027، مدفوعاً بجهود التنويع الاقتصادي الدؤوبة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من مستهدفات رؤية السعودية 2030. وأشار رئيس الهيئة السعودية للمقاولين إلى أن المشاريع البارزة مثل مشروع حي “سدرة” التابع لشركة “روشن”، ومشروع وسط جدة، وبوابة الدرعية التابع لهيئة تطوير بوابة الدرعية، فضلاً عن مبادرات صندوق الاستثمارات العام مثل مدينة “أوكساچون” الصناعية، وذا لاين، وجزيرة سندالة، وتروجينا، وغيرها من المشاريع السكنية والسياحية، تتطور بسرعة كبيرة، مع مساهمة قطاع الإنشاءات بنسبة 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعله ثاني أكبر قطاع غير نفطي في المملكة.
ومن المتوقع أن تنمو قيمة سوق الإنشاءات في دولة الإمارات بمعدل سنوي وسطي يتجاوز 3% بين عامي 2024 و2027، مدعومةً بشكل أساسي بزيادة الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والعقارات، بما في ذلك العقارات السكنية، والضيافة، والعقارات متعددة الاستخدامات، والعقارات التجارية. وتشير أبحاث بنك الإمارات دبي الوطني إلى أن مؤشر البناء في دبي ارتفع إلى 55.1 نقطة في يونيو 2023، مسجلاً بذلك أعلى معدل له خلال السنوات الأربعة الماضية.
ضغوط تضخمية على أسعار السلع الأساسية نتيجو لزيادة تكاليف المدخلات
وفيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية، أدى الطلب الإقليمي والعالمي وزيادة تكاليف المدخلات إلى ممارسة ضغوط تضخمية على أسعار السلع الأساسية، والتي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الربع الرابع من عام 2022 والربع الأول من عام 2023، ولكنها عاودت الاستقرار خلال النصف الأول من عام 2023، مع انخفاض سعر الألمنيوم (-15٪)، وخام الحديد (-13٪)، والنحاس (-7٪)، وخام برنت (-38٪). ومع ذلك، لا تزال أسعار البناء في سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متوازنة مقارنة بالعوامل الاقتصادية المحلية والدولية، مما يجعل توقع انخفاض الأسعار أو استقرارها أمراً غير مؤكد.
علاوةً على ذلك، تبلغ توقعات متوسط سعر النفط 85 دولاراً للبرميل في عام 2023، وهو أقل بمقدار 15 دولار عن سعره في عام 2022، مما قد يؤدي إلى انخفاض تكاليف الوقود والإنتاج، ويوفر فرصة لتحقيق وفورات في تكاليف الإنتاج والنقل. ومع ذلك، لا بُد من الإشارة إلى أن الاستثمار في المشاريع في المناطق المنتجة للنفط، مثل منطقة الشرق الأوسط، غالباً ما يرتبط بمستويات أسعار النفط. إذ يوفر استقرار أسعار النفط بيئة مواتية لمشاريع البناء. وفي المقابل، يمكن أن تؤثر صدمات أسعار النفط على تمويل مشاريع البناء في الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.
وفيما يتعلق بتضخم أسعار المناقصات، تشير التقديرات إلى ارتفاع نسب التضخم بمتوسط سنوي قدره 3٪ في دولة الإمارات. وتُعزى هذه الزيادة إلى عوامل السوق المرتبطة بتقلبات أسعار السلع ومواد البناء.
بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع أسعار المناقصات في السعودية بمتوسط سنوي قدره 6٪ في عام 2023. وتتوقع “جيه إل إل” في عام 2024 تضخماً في أسعار المناقصات في دولة الإمارات بنسبة 2٪ مقارنةً بالعام السابق، مستندةً في ذلك إلى استقرار أسعار السلع الأساسية اعتباراً من النصف الثاني من عام 2023، والقيمة الفعلية للمشاريع القائمة مقارنةً بالطلب المستقبلي، فضلاً عن المعلومات التي جمعتها الشركة من مصادر السوق