خلص تقرير حديث أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المدمر الذى تعرض له في الرابع من أغسطس العام الماضي.
التقرير أعدته هيومن رايتس ووتش ويقع فى 700 صفحة
وذكرت وكالة رويترز، أن التقرير يقع في أكثر من 700 صفحة ويشمل نتائج ووثائق، وخلص إلى أن هناك أدلة على أن عددا من المسؤولين اللبنانيين ارتكبوا جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني.
وأسفر الانفجار، الذي نتج عن تخزين كيماويات في الميناء لأعوام دون مراعاة معايير السلامة والأمان، عن مقتل ما يزيد عن 200 شخص وإصابة الآلاف وتدمير مساحات كبيرة من العاصمة اللبنانية.
واستند تقرير المنظمة إلى وثائق رسمية ومقابلات مع مسؤولين كبار منهم رئيس البلاد ورئيس حكومة تصريف الأعمال ومدير الأمن العام.
وتتبع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية.
التقرير: بعض مسؤولي الحكومة توقعوا الموت الذي قد ينجم عن وجود نترات الأمونيوم في المرفأ
وجاء في التقرير “تشير الأدلة بقوة إلى أن بعض مسؤولي الحكومة توقعوا الموت الذي قد ينجم عن وجود نترات الأمونيوم في المرفأ وقبلوا ضمنيا باحتمال حدوث وفيات”.
ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد.
وتعطل تحقيق في الانفجار يقوده القاضي طارق بيطار لأن الطلبات التي أرسلت للبرلمان والحكومة لرفع الحصانة والتمكين من استجواب عدد من كبار المسؤولين قوبلت إما بالرفض أو المماطلة.
وقال تقرير هيومن رايتس، إن الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر.
وسعت رويترز للحصول على تعقيب على نتائج التقرير من عون ودياب وصليبا. ولم يعلق القصر الرئاسي، كما لم يصدر تعقيب بعد من دياب وصليبا.
وقال عون يوم الجمعة إنه مستعد للإدلاء بإفادته وإنه “لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه”.
وأفادت وثيقة اطلعت عليها رويترز وأُرسلت قبل أسبوعين تقريبا من الانفجار بتحذير الرئيس ورئيس الوزراء من المخاطر الأمنية التي تشكلها الكيماويات المخزنة في المرفأ ومن أنها قد تدمر العاصمة.
لبنانيون يطالبون الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين
فى سياق متصل، ذكر موقع ” دويتشه فيله” أنه مع استمرار تردي الوضع الاقتصادي في لبنان والفشل في تشكيل حكومة، يطالب لبنانيون الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين يحملونهم مسؤولية أزمة البلاد الخانقة.
وفيما تدرس بعض دول الاتحاد فرض عقوبات، يحذر خبراء من العواقب.
ويئن لبنان تحت وطأة ظروف اقتصادية متردية وأزمة سياسية خانقة، إذ إنه لا يزال بلا حكومة منذ أكثر من عام، فيما يحذر خبراء من أن الاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار بعد عقود من سوء الإدارة والفساد.
وشهد الشهر المنصرم الكثير من القصص، بعضها “تافه” وبعضها “مرعب”، حيال ما وصلت إليه الأمور في لبنان.
فعلى سبيل المثال، أعلن الجيش اللبناني إطلاق رحلات جوية سياحية للمدنيين للتجول فوق لبنان على متن مروحيات عسكرية مقابل 150 دولارا للرحلة لتوفير عائدات مالية للجيش.
في خطوة جاءت في وقت أفادت فيه تقارير بأن مسلحين يتجولون في شوارع مدينة طرابلس شمال البلاد ويقيمون حواجز على الطرق.
نصف اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر
تزامن هذا مع تقديرات أشارت إلى أن ما يقرب من نصف اللبنانيين باتوا الآن يعيشون تحت خط الفقر، بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد.
فيما كشف تقييم صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن أن قرابة 77 % من الأسر اللبنانية ليس لديها ما يكفي من الطعام أو حتى المال الكافي لشراء مواد غذائية.
وسبق هذا ما ذكره البنك الدولي في مطلع الشهر الجاري من أن الأزمة اللبنانية ربما تكون ضمن واحدة من أسوأ ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
فقد ذكر باحثون من البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان يشهد انخفاضا منذ عام 2018 بالتوازي مع سعر صرف غير رسمي.
وأضاف الباحثون أن “مثل هذا الانكماش الكبير والسريع يرتبط عادة بالصراعات أو الحروب”.