يحذر خبراء تمويل واقتصاديون عالميون من هرولة بعض الدول صوب خيارات ملوثة للبيئة بديلًا للغاز الروسي، وحذّروا أيضًا من استمرار ضخ رءوس أموال عالمية في الوقود الأحفوري، مقابل ضخّ القليل منها في الطاقة النظيفة، بحسب وكالة بلومبرج.
وفي أحدث تقييم لها بشأن الجهود العالمية لاحتواء التغير المناخي، حذرت لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة من أن العالم يتجه صوب التخلف عن مستهدَفه المتعلق بخفض الدفيئة العالمية.
وأشارت اللجنة إلى أن التمويل بوسعه مفاقمة المشكلة، لكنه يستطيع أيضًا تحقيق إنجاز حاسم يعزز فرص التحول للطاقة النظيفة.
تقرير اللجنة يضيف سببًا إضافيًّا للحذر من بين مؤشرات على تعثر التحول نحو الطاقة النظيفة، وسط هرولة بعض الدول صوب اعتماد خيارات ذات معدلات تلويث عالية، بديلًا للغاز الروسي في أعقاب اجتياح روسيا لأوكرانيا.
تمويل خيارات ملوثة للبيئة
تمويل المشروعات المرتبطة بالفحم يجري بوتيرة تزيد على الضِّعف، مقارنة بمعدلات العام الماضي.
يواجه العالم بالفعل مصاعب ضخمة على مستوى الاقتصاد الكلي، مما يعرقل التمويل الموجَّه لخدمة المناخ، حتى قبل جائحة كوفيد- 19، بحسب التقرير.
وتسهم الحرب في استمرار السير بهذا الاتجاه، بينما تضيق نافذة اتخاذ إجراءات مضادّة.
ويرى إدوارد ماسون، مدير شركة إدارة توليد الاستثمار المعنية بالطاقة الخضراء والمشارك في تأسيسها نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور، أن العالم يقف عند نقطة حاسمة، مشيرًا إلى الحرب في أوكرانيا وتبعاتها على جهود التحول للطاقة النظيفة، قائلًا: “لا يجب أن نغفل الصورة الأكبر”.
وأشار التقرير إلى أن تلبية المستهدف العالمي للمناخ تتطلب “خفضًا ملموسًا في إجمالي استخدامات الوقود الأحفوري”، وهو ما يستدعي عدم حرق كَميات معتبرة من الوقود الأحفوري. ورغم هذا لا يزال القطاع المالي يواصل تمويل تطوير الوقود الأحفوري.
وبحسب تقريرين منفصليين للمنظمات غير الحكومية، ما يزيد على 150 مؤسسة مالية عالمية كبرى لا تفرض قيودًا على تمويل النفط والغاز.
وبجانب هذا، يخفق ثلثا البنوك العالمية ومديرو الأصول في وضع مستهدفات مُناخية ملموسة خلال العقد الحالي.
وتوصّل تحالفٌ استثماري رائد إلى أن نسبة 83% من كبرى الشركات العالمية الملوِّثة للبيئة لم ترسم خططًا جِدّية بعد صوب الوصول إلى انبعاثات صفرية صافية.
مثل هذه الإخفاقات من جانب المموِّلين والشركات يعد بمثابة استخفاف نظامي بالمخاطر البيئية على النظام المالي، بحسب التقرير الأممي.
تعهدات علنية
وهي تهدد كذلك التعهدات العلنية التي أطلقتها شركات التمويل هذه، خصوصًا تلك المتعلقة بتحالف جلاسجو للتمويل من أجل الانبعاثات الصفرية الصافية.
وتعهّد أعضاء التحالف في مؤتمر المناخ (كوب 26)، المنعقد في نوفمبر الماضي، بتحقيق مستهدف الانبعاثات الصفرية الصافية بحلول عام 2050 على أقصى تقدير وإنجاز حصصهم العادلة بشأن تخفيضات بنسبة 50% من الانبعاثات خلال العقد الحالي.
وقال أحد مُعِدّي التقرير لوسيا بنسون: “نحن نرى كثيرًا أن هذه المبادرات يتم إطلاقها بغرض التسويق، وأنها غير مؤدية إلى إجراءات ملموسة. الوقت الراهن هو الوقت الذي يجب أن تثبت فيه المؤسسات المالية أن تعهدات المناخ التي تصدرها ليست زائفة، وأنها تعتزم اتخاذ إجراءات جِدّية العام الحالي”.
وقالت كريستا كلاب، التي شاركت في إعداد التقرير، إن قدرًا ضئيلًا من التمويل يذهب لمعالجة مشكلة التغير المناخي، خصوصًا في البلدان النامية.
وتوصّل التقرير إلى تعثر جهود ضخ تمويلات لمنع التغير المناخي. ورغم أن تدفقات الأموال زادت، خلال العقد الماضي، لكنها لا تزال موزعة بطريقة غير منتظمة على مستوى المناطق والقطاعات، كما اتجه نموها صوب التباطؤ.