جدد التوتر في باريس في السبت الثالث والعشرين لاحتجاجات “السترات الصفراء” الذين يواصلون تحركهم منذ خمسة أشهر، وذلك قبل بضعة أيام من الردود المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون على هذه الأزمة، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
فبعد أسبوع طغى عليه حريق كاتدرائية نوتردام ودفع الرئيس الفرنسي إلى إرجاء موعد إعلان إصلاحاته في ضوء “النقاش الوطني الكبير”، شكل يوم التعبئة هذا “إنذارا” جديدا لرئيس الدولة الذي سيتحدث الخميس.
وأفادت وزارة الداخلية الفرنسية، أن عدد المتظاهرين تراجع في مختلف أنحاء البلاد بحيث بلغ 27 ألفا و900 مقابل 31 ألفا و100 الأسبوع الفائت، لكنه كاد يبلغ الضعف في العاصمة (تسعة آلاف). أما “السترات الصفراء” فاحصوا أكثر من مئة ألف متظاهر في فرنسا.
ويطالب المحتجون منذ منتصف نوفمبر 2018 بتعزيز القدرة الشرائية ومزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية المباشرة.
وقال المتظاهر جويل بلايون وهو صياد بحري متقاعد “نريد العيش بكرامة. صحيح انني أتلقى بدل تقاعدي لكنني هنا من أجل الأجيال المقبلة”
المواجهات الأولى
اندلعت المواجهات الأولى بعيد الظهر في وسط العاصمة قرب ساحة الباستيل ثم في محيط ساحة الجمهورية.
وخلال بعد الظهر، غطت أنحاء الساحة سحابة من الغاز المسيل للدموع فيما كان المتظاهرون يرشقون قوات الأمن بالحجارة ومقذوفات أخرى.
وازداد التوتر مع إطلاق متظاهرين هتافات “انتحروا، انتحروا” مخاطبين قوات الأمن، علما بأن الشرطة تشهد موجة انتحارات غير مسبوقة.
وبعد ساعات من المواجهات، تفرق الجمع ببطء في ساحة الجمهورية وعادت حركة السير الى طبيعتها.
وأوضح المساعد الأول في بلدية باريس ايمانويل غريغوار أن الأضرار “كبيرة جدا”، وخصوصا في المتاجر، مضيفا لفرانس برس “يجب أن تتوقف أعمال العنف”.
ونشرت السلطات الفرنسية نحو ستين ألف شرطي في البلاد خشية تكرار ما حصل في 16 مارس في جادة الشانزليزي وما شهدته من تخريب.
واعتقلت الشرطة في باريس 227 شخصا ونفذت أكثر من 20 ألفا و500 عملية تدقيق احترازية. وقالت النيابة إن 178 شخصا تم توقيفهم بينهم ستة قاصرين.
وفي أنحاء أخرى من فرنسا، سجلت تجمعات راوح عدد المشاركين فيها بين المئات والالاف، كما في مونبيلييه حيث اندلعت مواجهات ومرسيليا (جنوب شرق) وبوردو وتولوز (جنوب غرب) وليل (شمال). لكن التظاهرة الكبرى كانت في العاصمة
حظر التجمع في نوتردام
والعنصر الجديد هذه المرة في العاصمة أن قائد شرطة باريس حظر أي تجمع في محيط كاتدرائية نوتردام حيث كان بعض المحتجين يعتزمون التحرك.
وأعرب بعض المحتجين عن أملهم في أن يتمكنوا من التوفيق بين احترام موجة “التعاطف الوطني” التي أثارتها كارثة الكاتدرائية، والتنديد بسياسة رئيس الدولة الذي يطالبون كل سبت باستقالته.
وأثار هذا الإجماع الوطني حول الكاتدرائية استياء بعض المحتجين، ولا سيما مع تعهد بعض كبار أثرياء فرنسا منح مئات ملايين اليورو للمساهمة في إعادة بناء نوتردام، مع اعفاء ضريبي كبير.
وتداول العديد من السترات الصفراء على تويتر تغريدة ساخرة نشرها الكاتب أوليفييه بوريو غداة الحريق وجاء فيها “فيكتور هوغو يشكر جميع المانحين الأسخياء الذين هبوا لنجدة نوتردام دو باري ويدعوهم للقيام بالأمر نفسه من أجل البؤساء”، في إشارة إلى اثنتين من أبرز روايات الكاتب الفرنسي من القرن التاسع عشر “أحدب نوتردام” (نوتردام دو باري) و”البؤساء”.