شهدت سوق السيارات العديد من التغييرات الهيكلية فى خريطة المبيعات وذلك تزامنًا مع تفاقم الأزمات والتداعيات السلبية التى نتجت عن جائحة «كورونا» ونقص الكميات الموردة من جانب المصانع الأم خلال الفترة الماضية.
وبالرغم من حالة التخبط التى شهدها أغلب أسواق السيارات فى مختلف دول العالم إلا أن مبيعات «الملاكي» فى مصر شهدت نموًا بنسبة %63 لتصل إلى 101 ألفًا و46 مركبة خلال النصف الأول من العام الحالى، مقارنة بنحو 62 ألفًا و171 مركبة فى الفترة المقابلة من العام السابق؛ وفقًا للبيانات المعلنة من مجلس معلومات سوق السيارات «أميك».
فى المقابل، رصدت «المال» تغير الحصص السوقية للعلامات التجارية بشكل عام خلال تلك الفترة؛ حيث زادت إجمالى مبيعات السيارات اليابانية المنشأ بنسبة %91 لتصل إلى 29.1 ألف مركبة مقابل 15.2 ألف وحدة على أن ترتفع حصتها السوقية من مبيعات قطاع سيارات الركوب إلى %28.8 خلال الفترة من يناير حتى يونيو الماضى، مقارنة بنحو %24.5 فى الفترة المقابلة من العام السابق.
تعود زيادة مبيعات السيارات اليابانية فى مصر إلى تحسن نتائج أعمال بعض الماركات ومن أبرزها «تويوتا، ونيسان» اللتين قد شهدتا نموًا فى المبيعات بنسب مرتفعة.
أما عن العلامات الأوروبية فقد تراجعت حصتها السوقية إلى %22.6 خلال الفترة المذكورة مقابل %33.5 فى نفس فترة المقارنة؛ وذلك بالرغم من ارتفاع إجمالى مبيعاتها بنسبة %9.6 مسجلة نحو 22.8 ألف مركبة مقارنة بنحو 20.8 ألف سيارة.
فى حين استطاعت السيارات الصينية تحقيق طفرة فى المبيعات بتسجيل معدلات نمو تصل إلى %104.9 بإجمالى 22.2 ألف سيارة خلال النصف الأول من العام الحالى، مقابل 10.8 ألف مركبة خلال الفترة المقالبة من عام 2020.
كما ارتفعت الحصة السوقية للماركات الصينية من مبيعات السيارات «الملاكي» إلى %22 مقارنة بنحو %17.5.
أرجع «أميك» نمو مبيعات السيارات الصينية المنشأ إلى تحسن نتائج أعمال بعض العلامات التجارية ومنها»إم جي، وشيري» اللتين قد حققا مبيعات قياسية فى السوق المحلية خلال تلك الفترة.
ومع تقديم الطرازات والموديلات الجديدة من السيارات الكورية فى السوق المحلية، زاد إجمالى مبيعاتها فى مصر بنسبة %101.6 لتسجل 20.7 ألف مركبة، مقابل 10.2 ألف سيارة. لتصل حصتها السوقية إلى %20.5 من إجمالى مبيعات السيارات «الملاكي» خلال تلك الفترة، مقارنة بنحو %16.5 فى نفس فترة المقارنة.
على الجانب الآخر، تراجعت الحصة السوقية للعلامات الأمريكية من مبيعات السيارات فى مصر لتهبط إلى %6.1 مقابل %8 وذلك بالرغم من نمو مبيعاتها بنسبة %23.6 لتصل إلى 6.1 ألف وحدة مقارنة بنحو 4.9 ألف مركبة.
وتواصلت «المال» مع عدد من مسئولى شركات السيارات وعدد من الموزعين المعتمدين لمعرفة العوامل الرئيسية التى أدت إلى تغير خريطة القطاع خلال فترة تتجاوز 6 أشهر.
أكدوا أن أغلب أسواق السيارات العالمية تأثرت بالسلب من تداعيات جائحة «كوفييد- 19» ولاسيما القرارات التى اتخذتها معظم الدول الخارجية للحد من انتشار الوباء والتى كان من بينها توقف نشاط كافة القطاعات ومنها «السيارات»، بالإضافة إلى الشركات الأم عانت الآونة الماضية من أزمة نقص مستلزمات الإنتاج والرقائق الإلكترونية المستخدمة فى عمليات التصنيع وهو ما تسبب فى تراجع الطاقة الإنتاجية وانخفاض الكميات المصدرة لمختلف الأسواق الخارجية.
وأوضحوا أن أغلب شركات السيارات الصينية لم تتأثر بشكل كبير من أزمة نقص المواد الخام وارتفاع أسعارها عالميًا مما أعطى الفرصة أمام الشركات التابعة لها لتوسيع حجم نشاطها محليًا واستغلال الفرصة لزيادة حصتها السوقية من المبيعات خاصةً فى ظل غياب المنافسين وعدم توافر طرازاتهم.
خالد سعد: المصنعون المحليون لديهم فرصة لزيادة الإنتاج مع غياب المنافسين
قال خالد سعد الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، إن السوق المحلية تأثرت سلبًا من الاضطرابات العالمية التى نتجت عن تداعيات جائحة «كورونا» من خلال عدم انتظام الشحنات المستوردة من الخارج وزيادة مصاريف الشحن العالمى بنسب تصل إلى %300.
وأضاف سعد أن الفترة الماضية شهدت تغييرات كبيرة فى خريطة المنافسة تزامنًا مع تفاقم أزمة نقص المعروض من مختلف الماركات التجارية خاصة «الأوروبية» التى تراجعت حصتها السوقية من المبيعات بشكل كبير جراء تراجع الطاقة الإنتاجية بالمصانع الأم.
وأشار إلى أن أنه بالرغم من معاناة أغلب الشركات العالمية من أزمة نقص مكونات الإنتاج والرقائق الإلكترونية المستخدمة فى عمليات التصنيع، إلا أن المصانع الصينية لم تتأثر بشكل كبير من تلك الأزمة نظرًا لتوافر مخزون لديها من المواد الخام وهو ما انعكس على انتظام أعمال التوريدات وزيادة مبيعاتها محليًا، قائلًا : «الكميات المصدرة والمعروضة من الطرازات الأوروبية محدودة للغاية ولا تتناسب مع حجم الطلب».
وتطرق بالحديث عن إتاحة الفرصة أمام المنتجين المحليين للتوسع فى عمليات الإنتاج ومضاعفة الكميات التى يتم توريدها داخل السوق المحلية خاصةً فى ظل غياب المنافسين من الماركات الأخرى، متوقعًا زيادة مبيعات الطرازات المنتجة محليًا على حساب الفئات المستوردة من الخارج.
يذكر أن مبيعات السيارات المجمعة محليًا سجلت ارتفاعًا بنسبة %61.3 لتصل إلى 27 ألفًا و138 مركبة خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنحو 16 ألفًا و 829 وحدة فى الفترة المقابلة من العام السابق.
من جانبه، أكد ياسر حجازي رئيس شركة «حجازى موتورز» الموزع المعتمد للعلامات التجارية «شيفروليه، وإم جي» فى مصر، إن سوق السيارات المحلية تعانى حاليًا من نقص شديد للكميات الموردة لبعض الطرازات ومنها «إم جي» على خلفية استمرار أزمة نقص مكونات الإنتاج والرقائق الإلكترونية لدى الشركات الأم.
تابع أن «اتساع الفجوة بين حجم الطلب والمعروض من مختلف العلامات التجارية تسبب فى تراجع المبيعات الإجمالية لسوق السيارات وزيادة الأسعار بنسب مرتفعة، فضلا عن تراجع معدلات الطلب من جانب المستهلكين».
محمد فتحى: نقص المعروض تسبب فى ارتفاع الأسعار بنحو 100 ألف جنيه
أوضح محمد فتحي مدير قطاع التجارى بإحدى شركات السيارات، أن مبيعات سوق السيارات تراجعت %20 خلال النصف الأول من العام الحالي؛ نتجية تفاقم أزمة نقص الكميات والحصص الموردة من الوكلاء والمنتجين المحليين للعلامات التجارية ومنها «سيات، وفولكس فاجن، وإم جي، هيونداي، ونيسان».
وذكر فتحى أن أغلب الموزعين والتجار العاملين فى مجال بيع السيارات استغلوا أزمة نقص المعروض من خلال زيادة الأسعار بشكل غير رسمى تحت مسمى «الأوفر بريس» بقيمة وصلت إلى 100 ألف جنيه فى المركبة الواحدة.
وكشف عن تلقى الموزعين المعتمدين العديد من الإخطارات الصادرة عن وكلاء السيارات التى تتضمن استمرار أزمة نقص الكميات الموردة من بعض الطرازات خلال الشهرين المقبليين.
تابع أن «هناك شريحة كبيرة من المستهلكين فقدت القدرة المالية على تنفيذ برامج الإحلال والاستبدال للمركبات القديمة بأخرى جديدة فى ظل استمرار ظاهرة ارتفاع الأسعار بشكل عشوائى مما انعكس على تراجع حركة البيع محليًا».
وتضمنت قائمة الطرازات التى ستشهد نقصًا داخل السوق «إم جى HS وMG RX5وإم جى 6، وهيونداى إلنترا HD وأكسنت RB، ونيسان جوك وصني، وفولكس فاجن باسات وتيجوان، و سيات إبيزا وليون وأتيكا، وتويوتا فورتشنر، ورينو داستر».
فى ذات السياق، كشف محمد عرفة مدير القطاع التجارى بشركة «سبيد تك» العاملة فى مجال الإلكترونيات والأجهزة المحمولة، عن استمرار أزمة نقص الرقائق الإلكترونية المستخدمة فى عمليات تصنيع السيارات عالميًا حتى نهاية العام الحالى، موضحا أن كبرى الشركات العالمية وجهت معظم طاقتها الإنتاجية فى تصنيع الشرائح الخاصة بالأجهزة الإلكترونية ومنها أجهزة «التابلت، واللاب توب» نظرًا لزيادة معدل الإقبال عليها وتزايد نسب هوامش الربحية بها مقارنة بالأجزاء المصنعة بالمركبات.
بحسب البيانات الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، سجلت القيمة الإجمالية لواردات مكونات إنتاج السيارات بمختلف فئاتها «الملاكى، والأتوبيسات، والشاحنات» تراجعًا بنسبة %27 لتصل إلى 230 مليونا و836 ألف دولار خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالى، مقارنة بنحو 315 مليونا و769 ألف دولار فى الفترة المقابلة من العام السابق.