انطلقت الجلسة العامة بمجلس الشيوخ منذ قليل لمناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة، ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، الطاقة والبيئة والقوى العاملة، الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، عن الدراسة المقدمة من النائب أحمد أبـو هشيمة عن موضوع الشباب” وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة”.
واستعرض أبو هشيمة خلال الجلسة العامة تقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشيوخ ، مؤكدا أن قضية الاقتصاد غير الرسمي تعد من أكثر القضايا التي شغلت اهتمام مختلف الدوائر السياسية والاقتصادية المصرية، إذ مثلت ضغطا على صانع القرار من زاويتين: الأولى هي ارتفاع المخاطر المصاحبة لاتساع حجم هذا القطاع من حيث تأثيره على القطاع الرسمي الذي وجد نفسه على صعيد بعض المستويات والأنشطة في منافسة غير متكافئة مع القطاع غير الرسمي الذي لا يتحمل بدوره الأعباء المالية والإدارية التي يتحملها القطاع الرسمي.
وأضاف : أما الزاوية الثانية، تتعلق بعدم القدرة على الاستفادة من العوائد المتحققة من مخرجات هذا القطاع غير الرسمي، إذ إن بقاء هذا القطاع خارج الإطار القانوني للدولة، يفقدها موردا مهما للإيرادات الضريبية بصفة خاصة، وللدخل القومي الإجمالي على وجه العموم.
ولذلك، وبعد استعراض مفهوم الاقتصاد غير الرسمي وسمات هذا النوع من الاقتصاد وأسباب تفاقمه وانعكاساته وتأثيراته على مختلف المستويات، والجهود التي بذلتها الدولة المصرية في سبيل الحد من هذه التأثيرات مع طرح مقاربة شملت عديد الأبعاد والمحاور التي تستهدف معالجة هذا الخلل في الاقتصاد المصري، إذ أنه من شان دمج هذا الاقتصاد في الاقتصاد الرسمي تحقيق جملة من الفوائد التي تعود على الدولة والمجتمع والفرد، وهو ما يمكن أن نجمله في تعظيم مصالح أصحاب الأعمال غير الرسمية إذا ما تم دمجهم في الاقتصاد الرسمي، بما يساعدهم على نمو وتطور أعمالهم، ويوفر لهم فرص النفاذ إلى الأسواق المحلية والأجنبية.
وقال خلال الجلسة العامة ” بالإضافة للمحافظة على حقوق العمالة، حيث يتم أداء ذات الأعمال بعقود رسمية تتضمن الحصول على المعاشات والتأمينات ورفع مستوى معيشتهم. إلى جانب ضمان حصول الدولة على حقوقها الضريبية بما يمكنها من تنفيذ خطط التنمية وتقديم خدمات عامة أفضل للمواطنين، فضلا عن تحقيق أهداف الشمول المالي بما يضمن بدوره إدارة نسب السيولة والسيطرة على معدلات التضخم بشكل أكثر دقة.
إضافة إلى ضمان حقوق المستهلك في حصوله على سلع وخدمات ذات جودة عالية بعد إخضاع العملية الإنتاجية إلى المنظومة الرقابية ومعايير الجودة. ضمان استقرار منظومة الاقتصاد الكلي وتعظيم المردودات الاقتصادية المتحققة على المدى الطويل.
وأوصى تقرير اللجنة المشتركة في مجلس الشيوخ بأهمية الربط بين التعليم ومخرجاته ومتطلبات سوق العمل، إذ إن الأهداف المبتغاة من التعليم لم تعد كما كانت في السابق، بل أصبحنا اليوم في حاجة إلى تعليم يعتمد على الحوار وحل المشكلات وبناء خريجين قادرين على التفكير والإبداع والإقناع، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال ما يأتي:
توصيات في الشيوخ بتشجيع الانضمام إلى القطاع الرسمي من خلال مزايا تمويلية وقروض ائتمانية
وعرض النائب أبو هشيمة التوصيات، لافتا إلى أهمية تقوية التعاون بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل من خلال تعزيز ملتقيات التوظيف السنوية ، وإشراك خبراء من مؤسسات سوق العمل في عمليات صياغة المناهج وعمليات التدريب ، ومشاركة رجال الأعمال كأعضاء مجلس أمناء في بعض الكليات التي ترتبط بتخصصاتهم والاستفادة من مشروعات التخرج وكذلك رسائل الماجستير والدكتوراه. فتح قنوات للتدريب أثناء مراحل التعليم العالي والإجازات الصيفية في العديد من المؤسسات بهدف إعداد خريج قادر على العمل عقب تخرجه.
وشملت التوصيات تحسين الإطار التشريعي، حيث إن الأنظمة والقواعد المعقدة – في بعض جوانبها- التـي تفـرض على العمل الرسمي تمثل أحد الأسباب المؤدية للتوجـه إلى العمل غير الرسمي، لذا فثمة ضرورة للعمل على تطوير الإطار التنظيمي والمؤسسي لسوق العمل الرسمي، من خلال إدخال تعديلات على التشريعات والقواعد الناظمة للحد من العمليات الإجرائية طويلة الأمد مع العلم بأن تحسين الإطار التشريعي لا يعنى بالضرورة الحد من القواعد والقوانين أي رفع القيود الموضوعة، لأن الهدف ليس إلغاء القوانين والقواعد وإنما الهدف هو جعل هذه القوانين والقواعد داعمة لروح المبادرة من خلال تسهيل وتمكين تطبيق المبادئ الأساسية عبر تقديم الدوافع والضمانات والحماية.
وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى بعض الضوابط الناظمة للممارسات الجيدة في العملية التشريعية منها :
الحفاظ على برامج تشريعية وتنظيمية شاملة للإصلاح مع تبسيط الإدارة الرسمية للأعمال التجارية وترشيد تسجيل الأعمال التجارية ونظم الترخيص. تعزيز العمل على إصلاح القوانين التي تجعل من الأسهل توظيف العمالمن خلال عقود مرنة.
وشملت التوصيات ضرورة التعامل مع القطاع غير الرسمي بقدر من المرونة، خاصة من جانب الجهات الإدارية التي تتعامل معه مثل التأمينات والضرائب ومكاتب العمل والصحة والتموين. تشجيع الانضمام إلى القطاع الرسمي من خلال إعطاء مزايا تمويلية وقروض ائتمانية لكل من يسعى للعمل بشكل شرعي، على سبيل المثال أن يكون هناك اشتراط بأن يحصل هذا الكيان غير الرسمي على القرض من خلال تسجيله للنشاط الذي يعمل به.
وشملت التوصيات العمل على تحديد الكيفية التي تتم بها الاستفادة من ذلك القطاع من خلال توفير الحكومة لمجمعات أو أماكن مرخصة لمدة زمنية محددة، ولتكن خمس سنوات على سبيل المثال، ويتم تجميع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مع وجود إدارة مركزية لخدمة تلك المشروعات. ومن ثم، مساعدة المصانع العشوائية على العمل بشكل شرعي، إلى أن تخرج من تلك المجمعات بعد أن تكتسب الخبرة ويصبح بإمكانها العمل بمكان خاص بها. شريطة أن تنتشر هذه الفكرة على مستوى المحافظات كافة وليست المحافظات الكبرى فقط، حيث تكشف الملاحظة السريعة في مختلف المحافظات عن وجود صور وأشكال عديدة من الاقتصاد غير الرسمي. إعداد الخريطة الاستثمارية (زراعيا – صناعيا – تجاريا) والتعامل الاقتصادي مع الموارد المتاحة، ومحاولة استثمار كل الموارد المحلية عن طريق تصنيعها وتعظيم القيمة المضافة؛ مع الأخذ في الحسبان أن مصر تعد من الدول التي لديها مقومات وموارد طبيعية عديدة تمكنها من اللحاق بركاب الدول الناهضة.
كما تضمنت التوصيات صياغة السياسات الضريبية بكفاءة وفاعلية، بما يضمن زيادة حصيلة الضرائب دون أن يؤثر على قرارات المشتغلين في الاقتصاد غير الرسمي بما يدفعهم في الاتجاه إلى تفضيل البقاء بعيدا عن الأنشطة الاقتصادية تجنبا للضريبة وخوفا من انتقاص أرباحهم بطريقة غير عادلة، إذ تكشف الدراسات البحثية أن ثمة تناسب طرديا بين بساطة النظم الضريبية وعدالتها من جهة وبين انخفاض حجم القطاع غير الرسمي وزيادة المشاركة والانخراط في الأنشطة الرسمية والمنظومة المالية الرسمية من جهة أخرى”. – إنشاء هيئة عليا خاصة بالقطاع غير الرسمي، إذ أنه في ضوء الخبرات الدولية بشأن التعامل مع القطاع غير الرسمي، على غرار ما هو موجود في الهند حيث أسست اللجنة الوطنية للمنشآت في القطاع غير المنظم وتعمل كهيئة استشارية ورقابية للقطاع غير الرسمي، تتولى هذه الهيئة التي تعمل تحت الهيكل التنظيمي لوزارة الصناعات الصغيرة الهندية اتخاذ التدابير المناسبة لتعزيز القدرة التنافسية للقطاع وربطه مع الإطار المؤسسي في مجالات مثل الائتمان والمواد الخام والبنية التحتية، فضلا عن رفع كفاءة العاملين فيه في مجالات التكنولوجيا والتدريب والتسويق. كما أن هناك عديدا من التجارب الأخرى التي أنشأت لجانا وطنية لشئون الاقتصاد غير المنظم كما هو الحال على سبيل المثال في غانا.
وشملت التوصيات رصد الواقع بمشكلاته وتأثيراته، ورسم مسارات المستقبل بطموحاته ومستهدفاته. ولذا، فمن الأهمية بمكان أن تطلق الحكومة استراتيجية وطنية للقطاع غير الرسمي، شريطة أن يتم طرحها بعد إجراء حوار مجتمعي جدي وموسع مع المتأثرة حول أهداف عمليات الدمج بالنسبة للأطراف كافة، ومدى تأثر كل طرف وحجم المزايا والمكاسب المتوقعة أو الخسائر المحتملة على أن تتضمن هذه الاستراتيجية عديد النقاط الرئيسة، من أبرزها ما يأتي:
لذا، يصبح من الأهمية بمكان تدشين إطار تنظيمي واسع، قادر على جمع البيانات الخاصة بهذا القطاع والتعامل مع الإشكاليات الخاصة به، وطرح الحلول الممكنة للتعامل معه، وتأتى أهمية هذا الكيان في التنسيق بين الوزارات المختلفة بخصوص القطاع غير الرسمي. ويقوم هذا الكيان أيضا بطرح المقترحات الخاصة بالتشريعات والقوانين الخاصة بهذا القطاع، علاوة على طرح الحلول التنظيمية والإدارية الأخرى”، مع الأخذ في الحسبان أن الإطار المقترح ليس لجنة وزارية على غرار ما سبق في التجربة المصرية وإنما المستهدف هو وجود إطار محدد هيكله التنظيمي واختصاصاته.
وإطلاق استراتيجية وطنية للاقتصاد غير الرسمي، وذلك على غرار الاستراتيجيات الوطنية التي أطلقتها الدولة المصرية بشأن عديد الموضوعات مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي، على أن تكون استراتيجية وطنية واضحة الملامح حول كيفية دمج القطاع غير الرسمي.
كما تضمنت التوصيات البناء مبدأين رئيسين: الأول تعزيز الثقة بين الأطراف كافة. الثاني التأكيد على ثقافة الالتزام. التعامل بجدية مع هذا الملف وفقا لجدول زمني واضح ومحدد، دون تفاؤل مفرط أو تشاؤم مخيب للجهود وتنظيم عمليات الحوافز وضمانات الدمج من خلال وضع قواعد ناظمة
وإجراءات محددة ومبسطة بعيدة عن التعقيدات الإدارية والتشابكات التنظيمية، إذ بإمكان الحكومة أن تعمم تجربة الشباك الواحد في التعامل مع منشآت القطاع غير الرسمي حتى لا تتكبل بالأعباء الإدارية د أهمية تقديم خدمات الدعم الفني للعاملين في هذا القطاع، إذ يمكن أن تتضمن الاستراتيجية فكرة بناء حضانات ومراكز أعمال لهذه المشروعات بحيث تقوم هذه الحضانات والمراكز بتقديم المساعدة الفنية والإدارية والمالية والتسويقية لهذه المشروعات.
ومراعاة خصوصية التعامل مع تباينات الأنشطة المختلفة للقطاع غير الرسمي، إذ يستوجب النجاح مراعاة أن هذا القطاع يضم أنشطة عديدة ومتنوعة تتباين فـــي سماتها ومتطلباتها، وهو ما يجب أخذه في الحسبان عند وضع هذه الاستراتيجية الوطنية حتى لا يتم التعامل مع هذه الأنشطة كوحدة واحدة تتسم بنفس الخصائص والمتطلبات عند محاولات الدمج داخل الاقتصاد الرسمي.
فعلى سبيل المثال إجراءات وإدماج نشاط القطاع الصناعي تختلف كلية عن القطاعات الخدمية الأخرى مثل النقل. – أهمية العمل على إعداد قاعدة بيانات شاملة الأنشطة الإنتاجية غير الرسمية كافة، على أن يتبع في إعداد هذه القاعدة أساليب وآليات جديدة توضح حقيقة واقع هذه الأنشطة. صحيح أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقوم بجهد في هذا السبيل من حيث وضع مجموعة من المعايير لمعرفة واقع الاقتصاد غير الرسمي من خلال رصد عدد المنشآت، وعدد المشتغلين، والأجور وغيرها على مستوى الأنشطة الاقتصادية، إلا أنها تظل بيانات غير دقيقة وغير مكتملة، ولا يمكن البناء عليها في وضع سياسات واتخاذ قرارات حاسمة بما يستوجب البحث عن آلية يمكن من خلالها الوقوف على واقع هذا القطاع غير الرسمي بشكل أكثر دقة كما سبق شرحه. ۹ – التأكيد على دور وسائل التنشئة المجتمعية الإعلام) – دور العبادة – السينما والتليفزيون) في توعية المجتمع بهذا النوع من الاقتصاد غير الرسمي الذي يختلف عن الاقتصاد الحر الاقتصاد الخاص الذي يخضع إلى قواعد ناظمــة مـن جـانـب الدولة، مع توضيح الآثار السلبية المترتبة على هذا الاقتصاد ومخاطره على أمن المتعاملين في هذا النمط الاقتصادي، وتسليط الضوء على المزايا والإيجابيات التي يحصلون عليها حال تحولهم إلى الاقتصاد الرسمي “
كما أكدت التوصيات على أهمية العمل على أنسنة ظروف العمل التي تمارس فيها الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية كخطوة أولى مع أهمية فتح أبواب الحوار للتواصل مع الفئات العاملة فيه. – تفعيل الرقابة على المحليات لضمان قيامها بدورها في منع تزايد حجم العشوائية والباعة الجائلين.
و أكد التقرير. على أهمية إصلاح المؤسسات الحكومية، وتخفيف الإجراءات المتعلقة بالاستثمار وخلق المشاريع الصغيرة.