«تعاون بريكس الأكبر» يسهم بحيوية وحكمة في الحوكمة العالمية

في مدينة قازان الروسية

«تعاون بريكس الأكبر» يسهم بحيوية وحكمة في الحوكمة العالمية
المال - خاص

المال - خاص

10:47 ص, الثلاثاء, 22 أكتوبر 24

تبدأ أعمال قمة بريكس الـ16 (الثلاثاء) في مدينة قازان الروسية، ما يمثل أول اجتماع مباشر بين قادة المجموعة بعد توسعها التاريخي.

وفي هذه المدينة متعددة الثقافات، سيرسم الرئيس الصيني شي جين بينغ ورفاقه في مجموعة بريكس المسار نحو “تعاون بريكس الأكبر”.

ومن المتوقع أن يتوصل القادة، خلال القمة التي ستستمر ثلاثة أيام، إلى توافق حول تعزيز الجهود المشتركة من أجل تحقيق التنمية المشتركة، وأن يعملوا من أجل الدفع نحو تعاون متعدد الأطراف يتسم بالحيوية، والمساهمة بحكمتهم من أجل بناء عالم أفضل للجميع.

الازدهار للجميع

قال مكري علييف، المدير التنفيذي لمعهد الاقتصاد الرقمي والأنظمة الاصطناعية في مركز الابتكار لشراكة بريكس بشأن الثورة الصناعية الجديدة، في حديث إلى وكالة أنباء ((شينخوا))، إن “هدفنا الرئيسي هو توفير منصة خدمات مفهومة وواضحة للغاية للدول الأعضاء في مجموعتي بريكس وبريكس بلس، من أجل دخول السوق الصينية”.

وفي كلمة ألقاها عبر رابط فيديو في قمة بريكس الـ12 في نوفمبر 2020، أعلن شي خطة الصين لإنشاء مركز ابتكار في شيامن، وهي مدينة تقع في مقاطعة فوجيان شرقي الصين، لشراكة بريكس بشأن الثورة الصناعية الجديدة.

وعقب إطلاق مركز الابتكار بعد شهر من إعلان شي، أصبح معهد الاقتصاد الرقمي والأنظمة الاصطناعية أحد المشاريع الأولى التي دعمها ووقعها مركز الابتكار التابع لشراكة بريكس بشأن الثورة الصناعية الجديدة.

وإلى جانب تعزيز تعاون بريكس، تم تكريس مركز الابتكار لتنمية المواهب. ومنذ عام 2023، عقد المركز أكثر من 10 دورات تدريبية، استقطبت ما يزيد على 100 مشارك من أكثر من 70 دولة. وكان من بينها دورات مصممة خصيصا للمجالات الثمانية ذات الأولوية في مبادرة التنمية العالمية، وهي دورات حظيت بإقبال خاص.

وقال خوسيه أورلاندو جوميز، أستاذ الهندسة الصناعية في الجامعة الفيدرالية في ريو دي جانيرو، إن آلية بريكس توفر فرصا عظيمة لتنمية الدول، وخاصة الدول ذات الموارد البشرية المؤهلة، مضيفا بقوله “نحن بحاجة إلى تدريب المواهب الجديدة، وبحاجة إلى المزيد من التعاون من أجل مستقبل مستدام”.

ويعد إنشاء مركز الابتكار شهادة على تركيز دول مجموعة بريكس على التنمية والتعاون. ومع الشروع في عصر جديد من تعزيز التعاون بين دول بريكس، تعمل الدول الأعضاء بالمجموعة على حشد المزيد من الجهود في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء وسلاسل الإمداد.

وفي كلمة قرأها وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو في منتدى أعمال بريكس 2023، قال شي “إننا بحاجة إلى تعزيز التنمية والازدهار للجميع،” مضيفا أنه بالمثابرة والعمل الجاد والتضحيات الكبيرة، نجحت العديد من الأسواق الناشئة والدول النامية في الحصول على استقلالها ،”وكل شيء نفعله هو من أجل توفير حياة أفضل لشعوبنا”.

والآن، يتقدم عدد متزايد من الدول بطلبات للحصول على عضوية مجموعة بريكس، وتبدي العديد منها اهتماما كبيرا بالمشاركة في تعاون بريكس من أجل تحقيق المنافع لشعوبها. وأعلنت تايلاند، بين دول أخرى، تقدمها بطلب للانضمام إلى المجموعة في يونيو.

وقال تانغ تشي مين، مدير دراسات الصين والآسيان في معهد بانيابيوات للإدارة في بانكوك، إن “الانضمام إلى مجموعة بريكس سيعود بالنفع على تايلاند في عدة جوانب، ما يشمل تعزيز التعاون مع الدول النامية الأخرى وزيادة تأثيرها على الساحة الدولية”.

وأضاف أن بريكس “أصبحت محركا للنمو في الاقتصاد العالمي، وتقوم بدور مهم في صناعة السياسات في العالم”.

مجتمع مربح للجميع

حقق بنك التنمية الجديد التابع لبريكس إنجازات مذهلة منذ تأسيسه قبل تسع سنوات، إذ منح البنك، الذي يقع مقره في شانغهاي، قروضا بلغ إجماليها 35 مليار دولار أمريكي لأكثر من 100 مشروع.

ويعد بنك التنمية الجديد مشروعا رائدا للتعاون في إطار بريكس يحظى بدعم وتشجيع من الرئيس شي. وباعتباره أول بنك تنمية متعدد الأطراف تؤسسه اقتصادات ناشئة، فإن بنك التنمية الجديد يوفر دعما تمويليا لتطوير البنية التحتية والطاقة النظيفة وحماية البيئة وبناء بنية تحتية سيبرانية عبر دول بريكس.

وخلال محادثات مع رئيسة بنك التنمية الجديد، ديلما روسيف، في أكتوبر 2023، قال شي إنه يتعين على البنك، باعتباره قوة صاعدة مهمة في النظام المالي الدولي، تأدية دوره الواجب، وبناء نفسه كمؤسسة تنمية متعددة الأطراف من نوع جديد في القرن الحادي والعشرين، تهدف إلى جعل النظام المالي الدولي أكثر عدالة وإنصافا، فضلا عن تعزيز تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والدول النامية بشكل فعال.

وفي غضون السنوات القليلة الماضية، أظهر بنك التنمية الجديد التزاما بدعم التعاون بين بلدان الجنوب بطريقة فعالة وعملية. وعبر تمويل البنك مجموعة من المشاريع مثل السكك الحديد الحضرية في الهند ومجمعات توليد الكهرباء من طاقة الرياح في البرازيل وتطوير الطرق في الصين، أقر البنك مبدأ توجيهيا للتعاون متعدد الأطراف وقدّم إسهامات كبيرة في تحسين الحوكمة العالمية.

وفي شهر أغسطس الماضي، وقع بنك التنمية الجديد اتفاقية قرض بقيمة 5 مليارات راند جنوب إفريقي (ما يعادل 284 مليون دولار أمريكي) مع شركة ترانسنت، وهي شركة رائدة في مجال نقل البضائع وتقديم الخدمات اللوجستية في جنوب إفريقيا، لدعم تحديث وتحسين قطاع الشحن عبر السكك الحديد في جنوب إفريقيا. وعبر تقديم التمويل بالعملة المحلية لجنوب إفريقيا، يظهر بنك التنمية الجديد التزامه بتعزيز التمويل بالعملية المحلية بين الدول الأعضاء فيه. ويخدم هذا النهج مصالح الأسواق الناشئة والبلدان النامية على نحو أفضل، ويعزز قدرتها على الصمود المالي.

وخلال الاجتماع السنوي التاسع للبنك في أغسطس، قالت روسيف إن زيادة استخدام العملات المحلية هي أحد الأهداف الاستراتيجية الرئيسية لبنك التنمية الجديد.

وأضافت “استخدام العملة المحلية هو خيار استراتيجي”، مشيرة إلى أن البنك يهدف إلى توفير 30 بالمئة من إجمالي التمويل بالعملات المحلية للأعضاء المقترضين.

نظام عالمي أكثر عدلا

خلال كلمته في النسخة الـ15 من قمة بريكس في جوهانسبرغ في أغسطس من العام الماضي، قال شي “دول بريكس تحتاج إلى دعم روح الشمول، والدعوة إلى التعايش السلمي والوئام بين الحضارات، وتعزيز احترام جميع البلدان في اختيار مسارات التحديث الخاصة بها بشكل مستقل”.

وحث دول بريكس على الاستفادة من الآليات المختلفة لتعميق التبادلات الشعبية، وتعزيز الروابط بين شعوبها.

وعلى مر السنين، أنشأت دول بريكس مجموعة متنوعة من المنصات، ولا سيما قمة بريكس الإعلامية، وندوة بريكس بشأن الحوكمة، والحوار الحضاري لدول بريكس، ومنتدى قادة بريكس الشبان، لتسهيل الحوار والتواصل بين المسؤولين والباحثين والشبان.

وقال فاسيلي بوشكوف، مدير دائرة التعاون الدولي في وكالة الأنباء والإذاعة الدولية ((سبوتنيك)) الروسية، إن آلية بريكس تمثل التعددية القطبية والمصالح والحضارات المتنوعة.

وأضاف بوشكوف إنه يتعين على دول بريكس الاستمرار في تعزيز تضامنها وتعاونها، وتعزيز التفاهم المتبادل والحوار بين الحضارات، ومواصلة إعلاء صوت غالبية الشعوب على هذا الكوكب.

وقال كارلوس مارتينيز، الكاتب والمعلق السياسي البريطاني، “إن الغالبية العظمى من سكان العالم مهتمون ومتحمسون لهذا التحول نحو نظام حوكمة عالمي أكثر توازنا وتمثيلا”.

وأشار مارتينيز إلى أن مجموعة بريكس برزت باعتبارها “جوهر هذا العالم متعدد الأقطاب” إلى جانب المنظمات العالمية والإقليمية الأخرى، وقال “من الضروري الابتعاد عن هيمنة الأصوات الغربية والسماح للدول من الجنوب العالمي بأن يكون لها قول مسموع في العلاقات الدولية”.

واختتم مارتينيز قائلا: “إن مجموعة بريكس، بتركيزها على الشمول والمساواة، تعمل كنجم ساطع في هذا النوع الجديد من العلاقات الدولية”

يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.