تقترب عملة تيذر المستقرة من التعافي واستعادة كل القيمة السوقية التي خسرتها في أعقاب انهيار منافستها الخوارزمية “تيرا يو إس دي” قبل أقل من عام، بحسب وكالة بلومبرج.
وتمتلك شركة تشغيل العملة المستقرة أصولاً يبلغ مجموعها حوالي 81.4 مليار دولار تدعم عملة “يو إس دي تي” (USDT) الخاصة بها اعتباراً من 21 أبريل، وفقاً لشركة تتبع البيانات “كوين ماركت كاب”.
ففي مايو الماضي، بلغ إجمالي قيمة الأصول ذروته عند حوالي 83 مليار دولار، عندما دفع انهيار “تيرا” المستثمرين إلى التخلص من العملات المشفرة في جميع المجالات، وتراجعت قيمة أصول “تيذر” 20% تقريباً في الربع الثاني من العام الماضي.
استفادة “تيذر” من الأزمات
ويعد هذا الانتعاش بمثابة دليل على الدور المهيمن الذي تلعبه “تيذر” في قطاع العملات المشفرة كوسيلة لإجراء المعاملات وتخزين القيمة.
ويهدف رمز “يو إس دي تي” -الأصل المشفر الأكثر تداولاً في العالم- إلى الحفاظ على ربط يجعله متساوياً من ناحية القيمة مع الدولار من خلال الاعتماد على احتياطي النقد وما يعادله.
وانخفضت عملة “يو إس دي تي” المستقرة لفترة وجيزة إلى أقل من دولار واحد عندما انهارت عملة “تيرا يو إس دي”، ومرة أخرى في نوفمبر، بعد انهيار “إف تي إكس”.
وفي الماضي، تم التشكيك في جودة الأصول التي تستخدمها “تيذر” لهذا الاحتياطي، وسلّط المنظمون على مستوى العالم الضوء على مُصدري العملات المستقرة.
استفادت “تيذر” هذا العام من الاضطرابات المصرفية التي أثّرت على المنافسين مثل عملة “يو إس دي كوين” التابعة لشركة “سيركل” ، بالإضافة إلى مسلسل الصعود الذي أسهم في ارتفاع مؤشر “بتكوين” في السوق نحو 70%. وبحسب أليكس ثورن، رئيس الأبحاث في “ديجيتال غالاكسي” ، ترتفع كمية “تيذر” المتداولة عادة أثناء الصعود المتسلسل، وتتسطح أو تنخفض بشكل طفيف في الأسواق المُرجحة للهبوط.
ووفقاً لقول هنري إلدر، رئيس التمويل اللامركزي في شركة “ويف ديجيتال أسيتس”، فإن المستثمرين الكبار الذين يُشار إليهم عادةً باسم “الحيتان” كانوا يتخارجون أيضاً من صفقات مربحة ويودعون العائدات في “تيذر”.
بيئة تنظيمية أميركية متشددة
في الوقت نفسه، يُنظر إلى أن تطورات البيئة التنظيمية الأمريكية تدفع المزيد من المتداولين إلى الخارج.
يقع مقر “تيذر” في جزر فيرجن البريطانية. وتُدار شركة “سيركل” -التي شهدت انخفاضاً 30% في أصول “يو إس دي سي” هذا العام- من بوسطن.
ويقول إلدر: “نشهد تحولاً واسع النطاق من الدولار الأمريكي إلى عملات مستقرة أخرى أقل تركيزاً على الولايات المتحدة.. سيستمر هذا التطور بالتكشف طالما بقيت الولايات المتحدة عدائية بشكل غير منطقي تجاه العملات المشفرة بشكل عام والعملات المستقرة على وجه الخصوص”.
عُقِدَت جلسة في مجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي تركّزت على العملات المستقرة، وأظهرت وجود خلاف عميق بين السياسيين الجمهوريين والديمقراطيين، وهو ما لا يبشر بالخير بالنسبة للتشريع.
في الوقت نفسه، عززت “هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية”، والجهات التنظيمية الحكومية إجراءاتها التنفيذية. وتوقفت شركة “باكسوس ترست” (Paxos Trust) عن إصدار عملتها المستقرة “بي يو إس دي” (BUSD) التي تحمل العلامة التجارية لـ”بينانس” بعد ممانعة من قبل ولاية نيويورك، و”هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية”.
نجاح “تيذر” في كسب ثقة المستثمرين
انخفضت القيمة السوقية لعملة “بي يو إس دي” المستقرة نحو 60% منذ بداية العام، وفقاً لـ”كوين ماركت كاب”. أعلنت “هيئة الأوراق المالية والبورصات” أيضاً أن “يو إس تي” – وهي العملة المستقرة التي أدى إلغاء ربطها إلى انهيار نظام “تيرا-لونا” البيئي، وهي ورقة مالية غير مُسجلة.
وقال كونور رايدر، محلل الأبحاث في “كايكو” : “استفادت (تيذر) بشكل كبير من نهج تنفيذ الإجراءات في الولايات المتحدة، حيث لا يبدو أنها معزولة عن هيئة الأوراق المالية والبورصات فحسب، لكنها أيضاً لم تتعرض لأي حوادث كبيرة في الآونة الأخيرة، ما يكسبها الثقة بين المستثمرين”.
يبدو أيضاً أن “تيذر” استفادت من الموجة الأخيرة من تخلي المؤسسات المالية عن عملاء العملات المشفرة. ما ترك عملات مستقرة مثل “تيذر” واحدة من الخيارات البديلة العملية القليلة للدخول في العملات المشفرة.
يعتبر هذا الأمر من المفارقات، حيث ما يزال العديد من مراقبي السوق ينظرون إلى “تيذر”، من نواحٍ عديدة، على أنها صندوق أسود؛ إذ لم يتم تدقيق احتياطياتها بشكل مستقل. وقبل عدة سنوات، توصلت إلى تسوية مع ولاية نيويورك بشأن خلط أموالها بأموال عملائها والكذب بشأن الاحتياطيات، رغم أن الشركة لم تعترف بأي مخالفة ارتكبتها.
يقول كامبل هارفي، أستاذ المالية في “جامعة ديوك”: “بالنسبة لي، يعتبر تدفق الناس على (يو إس دي تي) أمراً لا يمكن تفسيره.. فهي غير شفافة بدرجة كبيرة”.