من المتوقع أن تصب تشريعات مكافحة غسيل الأموال العالمية في صالح مكافحة عمليات تهريب الآثار بدخول تشريعات في بريطانيا والاتحاد الأوربي حيز التنفيذ عام 2020 بينما تسير الولايات المتحدة على الطريق نحو تفعيل تشريعات مماثلة.
ودخل حيز التنفيذ أمس الجمعة تشريع جديد في بريطانيا لمكافحة عمليات غسيل الأموال.
ويسري تشريع مماثل على دول الاتحاد الأوربي بحلول 2020 .
وقالت وكالة بلومبرج إن القانون الجديد الذي ستطبقه بريطانيا لمكافحة غسيل الأموال سيسري على صالات المزادات ذات الحجم الصغير والمتوسط.
أما الكيانات الكبيرة مثل صالة كريستيز التي باعت رأس الإله عنخ آمون في يوليو الماضي فهي تطبق بالفعل إجراءات امتثال لمكافحة غسيل الأموال.
وفشلت الجهود المصرية لوقف بيع التمثال في ذلك الوقت لأن السلطات البريطانية تذرعت بقانون يجيز التصرف في الآثار بعد مرور 40 عاما على خروجها من بلد المصدر.
وبرغم هذا، ستسهم التشريعات الجديدة التي تستهدف مكافحة عمليات غسيل الأموال في الحد بشكل كبير في الكشف عن جرائم سرقة الآثار ومنعها، حسب تقرير لموقع ارتسي ارت.
سمعة سيئة
تحتفظ بسمعة سيئة لدى المصريين لتورطها في مطلع يوليو الماضي ببيع رأس تمثل الإله آمون بسعر 4 ملايين جنيه إسترليني.
تحديد الهوية
ويلزم القانون المشترين بتحديد هوياتهم كشرط لإتمام صفقات بقيم تزيد عن 10,000 يورو (11,000 دولار)، حسب التشريعات التي أقرها البرلمان في جلسة انعقدت قبل ليلة رأس السنة.
ويلزم القانون الزبائن الذين يقبلون على عرض وشراء القطع الآثرية والأعمال الفنية من صالات المزاد بضرورة التأكد من مشروعية الصفقات.
تبييض الأموال
ويهدف القانون لضمان عدم لجوء المجرمين بمن فيهم تجار المخدرات والإرهابيين لشراء مقتنيات من هذه المعارض الفنية كوسيلة لتبييض أموالهم غير المشروعة عبر ضخها في القنوات الشرعية.
مركز عالمي
ظلت بريطانيا مركزا مهما يستقطب الراغبين في غسل أموالهم من جميع أنحاء العالم.
وتحركت إلى هناك مليارات الدولارات المكتسبة بشكل غير شرعي عبر نحو 86 مؤسسة مالية و81 شركة قانونية و62 محاسب و2.200 شركة في بريطانيا ومستعمراتها حول العالم، بحسب تقرير حديث لمجموعة الشفافية العالمية في بريطانيا.
وتوضح الخريطة التالية ترتيب دول العالم من حيث ازدهار غسيل الأموال:
شعور بالصدمة
وعبر كينث مولن الشريك لدى شركة ويزرز وورلد وايد عن صدمة أصحاب المعارض جراء تمرير هذا القانون.
قال مولن: “بعض المعارض تنعم بعدم درايتها بما حدث”، وتم تمرير هذه التشريعات “في اللحظات الأخيرة مما منح المنظمات وقت قليل للغاية لإبداء اعتراضها”.
الثانية عالميا
وتقول وكالة بلومبرج إن بريطانيا تشغل المرتبة الثانية عالميا في قائمة البلدان صاحبة أهم المعارض الفنية عالميا.
وتسهم معارضها بنسبة الخمس من مبيعات هذه المعارض العالمية التي بلغت 67.4 مليار مليار دولار عام 2018، بحسب تقرير مجموعة يو بي اس جروب.
ويوضح الجراف التالي الحصص السوقية لبلدان العالم من حيث إزدهار نشاط عرض الأعمال الفنية والتحف والآثار:
العملات المشفرة
التشريعات الجديدة، حسب مولن، تستهدف كذلك العملات المشفرة والعقارات المطروحة للاستئجا، وهي تشتمل على مجموعة من القواعد الصارمة التي تحظى بموافقة الاتحاد الأوروبي الذي يفرض على أعضائه تنفيذها بداية من الجمعة كحد أقصى، ومررت ألمانيا تشريعات مماثلة.
سوثبيز وكريستيز
وتقول بلومبرج إن صالات سوثبيز وكريستيز البريطانيتين ظلتا تطبقان إجراءات امتثال طيلة سنوات عديدة ماضية.
أما المعارض الصغيرة ومتوسطة الحجم، فستصبح مضطرة لأن تحذو حذوهما وتحمل أعباء إضافية تشمل تدريب الموظفين وإنشاء عمليات مكافحة غسيل الأموال.
وقال مولن أن الكيانات الخاضعة للقانون الجديدة ستصبح ملزمة بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب البريطانية وإجراء الاستقصاء اللازم عن العميل.
إثبات الملكية
وسيصبح الزبائن من الشركات ملزمين بإثبات الملكية للأصل المطروح للعرض أو الشراء وتحديد هوية المالك النهائي المستفيد.
وسيتم مقابل هذا فحص الأفراد للتأكد من عدم إدراجهم ضمن قوائم المشمولين بعقوبات أو الأشخاص من أصحاب التوجهات السياسية المحظورة.
المالك الأصلي
وبموجب هذا القانون، ستعد الصفقات عالية المخاطرة عندما تكون مشتملة على مدفوعات نقدية أو بلا أصل واضح للملكية أو عند الإحجام عن تحديد هوية المشتري أو البائع.
قانون أعاق وقف البيع
وقالت هبة عزيز رئيسة رابطة إنقاذ الآثار المصرية في مكالمة هاتفية مع أحد البرامج التليفزيونية أن الرابطة أرسلت خطابا للسفير البريطاني في مصر لوقف بيع التمثال.
وأضافت أن القوانين السارية هناك تعيق تلبية المطالب المصرية.
ويرجع السبب إلى لأنها تبيح لمالك الأثر التصرف فيه حال عدم المطالبة به من قبل الدولة التي خرج منها بعد مرور أربعين عاما.
النائب العام
وبحسب عزيز، الطريقة الوحيدة لوقف بيع التمثال إصدار قرار من النائب العام البريطاني بوقفه بيعه.
وقامت النيابة العامة المصرية بإرسال إنابة قضائية إلى نظيرتها البريطانية لوقف بيعه دون جدوى.
أشهر صالة مزادات
وقالت ماجدة صقر عضوة الرابطة أن صالة كريستيز تعد واحدة من أشهر صالات المزادات في العالم.
وأكدت أن القوانين السارية في بريطانيا تحميها.
ويرجع السبب إلى أن التمثال خرج من مصر في الستينات ولم يرد أي بلاغ بشأنه وانتقلت من مالك لآخر بأوراق موثقة.
الولايات المتحدة
وقال تقرير موقع ارتسي المتخصص في شئون المعارض أن مسودة قانون بالتضييق على عمليات غسيل الأموال التي تمارسها المعارض الفنية في الولايات المتحدة تم التقدم به في مايو 2018.
وهي محالة حاليا للجنة الخدمات المالية داخل المجلس للبت فيه.
وبحسب التقرير، تقتضي المسودة إلزام موردي التحف والآثار والأعمال الفنية وكذلك صالات المزادات بتلبية إشتراطات مضنية ستكون مرهقة للغاية للمعارض الصغيرة ومتوسطة الحجم على وجه الخصوص.
يوضح الجراف التالي التشريعات ومشروعات قوانين مكافحة غسيل الأموال:
سرية البنوك
وتسعى المسودة إلى تطبيق قانون سرية البنوك على موردي التحف والآثار بعد تمريره فعليا عام 1970.
وقال عضو الكونجرس لوك ميسر الذي اقترح المسودة: “الهدف من القانون المقترح التصدي لعمليات تمويل المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم داعش”.
أول تشريع أميركي
الغرض المبدئي من اقتراح هذه المسودة كان مكافحة عمليات تهريب الآثار في الشرق الأوسط.
وبرغم هذا تعد هذه المسودة أول تشريع أميركي سيؤثر بشكل عام على جميع مشتملات سوق الفن بما في ذلك الفن المعاصر والآثار.
وبجانب هذا، لم تفرق المسودة بين بائعي الأنواع المختلفة من الفنون.
ويعني هذا أن المسودة ستكافح جرائم مالية أخرى مثل الفساد والتزوير وسرقة الأعمال الفنية والآثار.
سرقة الآثار
وحسب موقع ارتسي ارت، التشريعات التي تستهدف مكافحة عمليات غسيل الأموال ستسهم في الكشف عن جرائم سرقة الآثار ومنعها.
ويعني هذا أنها ستحد بشكل كبير من ممارسة هذه العمليات في سوق الفن والمعارض وصالات المزاد.
تشريعات متماثلة
مسودة القانون الأمريكي تشبه إلى حد كبير تشريع مكافحة غسيل الأموال الذي صدق عليه الاتحاد الأوروبي ربيع 2019 ليصبح ساريا في 2020 ومطبقا على بيوت المزاد والمعارض الفنية.
ومن المرجح أن يؤثر على الصفقات التي ستتم بين المعارض الفنية في الولايات المتحدة ونظيرتها في دول الاتحاد الأوروبي.
بيوت المزاد الكبرى مثل سوثبيز وكريستيز تطبق بالفعل بروتوكلات مكافحة غسيل الأموال، حسب ارتسي ارت.
ضغوط على السوق
الأعباء المقررة بموجب مسودة القانون الأمريكي لن يتحملها فقط تجار التحف والآثار.
فهناك أعباء أخرى سيتحملها العملاء الذين يقبلون على شراء الأعمال الفنية والآثار من الصالات والمعارض.
ويعني هذا أن سوق المعارض بأكمله سيتعرض لضغوط كبيرة.
و”سيتم ردع هؤلاء الذين اعتادوا استخدام سوق الفن كوسيلة لنقل الأموال فور سريان هذه المسودة، وسيؤدي هذا إلى تقليص أعداد صفقات الأعمال الفنية والآثار في نهاية المطاف” بحسب التقرير.
قرار غير ملزم
وفي 13 مارس 2019 وافق مجلس النواب الأمريكي على قرار 206 غير الملزم الذي ينص على الطبيعة العالمية لعمليات غسيل الأموال.
ونص القرار على أن تجار الآثار والأعمال الفنون لا يخضعون لقانون سرية البنوك.
وبسبب هذا أصبحت الولايات المتحدة أكبر سوق لعرض التحف الآثرية والعرقية الواردة من جميع أنحاء العالم.
وحسب تقرير ارتسي ارت، هناك مؤشرات على أن الولايات المتحدة ستحذو حذو الاتحاد الأوربي وبريطانيا في مكافحة غسيل الأموال.
والقرار الأخير غير ملزم لصدوره من مجلس النواب فقط.
لكن اقتراح مسودة القانون من قبل عضو جمهوري هو لوك ميسر يشير إلى أن تشريع مماثل سينال دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في المستقبل القريب.