رحب مصدرون ومنتجون لزيوت الطعام بقرار وزارة التجارة والصناعة باستثناء جميع الشحنات التى تم التعاقد عليها مسبقا من قرار حظر التصدير لمدة 3 شهور.
ويتضمن الاستثناء كل الاعتمادات المستندية والتحويلات من القرارات الجديدة الخاصة بالصادرات التى صدرت الأسابيع الماضية، إضافة لجميع البضائع الموجودة بالدائرة الجمركية والبضائع التى على قوة عقود، والتى تم ربط وحجز سفن شحن لتصديرها قبل صدور قرار الحظر.
وكانت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة قد أصدرت قرارا خلال الأسابيع الماضية بوقف تصدير الزيوت بجميع أنواعها والفريك والذرة لمدة 3 أشهر، اعتبارا من تاريخ صدور القرار، ما آثار حفيظة المصانع التى تعمل فى سوق التصدير، إذ سبب حالة من الغضب والجدل بينهم.
ووصف البعض قرار الحظر بأنه «سلاح ذو حدين»، وانقسم على إثره المصدرون والمنتجون إلى فريقين: الأول أكد أن القرار سيلحق الضرر بتعاقداته والتزاماته التصديرية للخارج ولابد من إعادة النظر فيه أو تطبيق إجراءات موازية للحد من تأثيراته على المصدرين.
وأكد الفريق الثانى أن القرار سيكون له الفضل فى استقرار الأسعار محليا، إذ كان لابد من اتخاذه بسبب الظروف القهرية التى يمر بها العالم بشكل عام ومصر بصفة خاصة، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية والأوبئة وما نتج عنها من قفزات الأسعار عالميا ومحليا.
وفى ذات السياق، كشف زكريا الشافعى رئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات، أن عددا من الكناتر تم ترحيلها للجمارك تتبع شركات عديدة متطابق عليها الشروط التى تم وضعها فى قرار الاستثناء، وهى المتبعة سابقا فى إجراءات التصدير بالفعل.
وأعرب الشافعى عن سعادته فى تصريح خاص لـ«المال»، قائلا: «أفضل من الإغلاق تمامًا نظرا لأن المصدرين بذلوا مجهودًا عنيفا فى فتح أسواق جديدة ونجحوا»، مشددا على ضرورة زراعة المحاصيل الزيتية فى مصر والتوسع فى المساحات المنزرعة حتى نحقق الاكتفاء الذاتى وفائض للتصدير.
وأوضح أن قرار الاستثناء يشمل من لديهم تعاقدات تم الاتفاق عليها قبل صدور القرار، لافتا إلى أنه فى حالة مد فترة الحظر ، فعلى من لديهم عقود آجلة التقدم بطلب للوزارة للبت فيه.
وأشار إلى أن هناك اجتماعا مرتقبا بين شعبة الزيوت باتحاد الصناعات ووزارة التجارة والصناعة لمناقشة ما سيحدث لاحقا بخصوص التصدير ووضع الرؤى والحلول بمشاركة الجانبين.
وقالت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة فى تصريحات سابقة إنه سيتم دراسة كل حالة على حدة، بحيث لا يقع ضرر على المصدرين ولا السوق المحلية.
وأشارت إلى أن المجلس التصديرى للصناعات الغذائية لفت إلى أن بعض الشركات تضررت من وقف التصدير فى ظل التعاقدات السابقة عن القرار.
يذكر أن شعبة الزيوت عقدت فى وقت سابق، اجتماعًا طارئًا بناء على طلب الشركات أعضاء الشعبة لمناقشة تأثير القرار على القطاع فى ضوء التعاقدات التصديرية القائمة خلال مدة سريان القرار.
وقال زكريا الشافعى إن قرار الحظر الذى صدر جاء بشكل مفاجئ وتنفيذه كان سريعًا ما أربك المصدرين والمصنعين، لافتا إلى أن قرار الاستثناء بضرورة تنفيذ جميع التعاقدات القائمة الخاصة بالتصدير سينقذ سمعة مصر دوليًا.
وقال أيمن قرة الرئيس السابق لشعبة الزيوت باتحاد الصناعات إن الأزمة الحقيقية كانت فى الأسواق الجديدة التى نجحنا بالمنافسة فيها فى ظل طموحاتنا بزيادة حجم الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار خلال 5 سنوات حسب التوجهات الرئاسية.
وأضاف قرة فى تصريح خاص لـ«المال»، أن قرار الاستثناء إيجابى لأنه يحافظ على التعاقدات المسبقة للقرار، وبالتالى يحافظ على الأسواق الجديدة التى تم دخولها مسبقا.
وأوضح أن الظروف القهرية التى تعرض لها العالم جراء الوباء وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية هى التى تتحكم فى مد قرار الحظر أو إنهائه، مشيرا إلى أنه من حق كل دولة أن تتخذ جميع الإجراءات التى تحميها من العواقب الوخيمة التى من المتوقع أن تحدث مستقبلا جراء تلك الظروف الصعبة الخارجة عن إرادتها.
يذكر أن رئيس غرفة تجارة عمّان خليل الحاج توفيق، ناشد الحكومة المصرية فى السماح بالحصول على «استثناء» للتجار والمصانع المصرية التى تم التعاقد معها مؤخرا لتوريد كميات من الزيت للسوق الأردنية، وتم دفع جزء من ثمنها أو كامل ثمنها.
وأكد هانى برزى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية أنه تم التواصل مع وزيرة التجارة والصناعة منذ صدور قرار الحظر للحصول على استثناءات لتصدير الكميات المتعاقد عليها، التى كانت جاهزة للشحن قبل صدور القرار وبالفعل استجابت الوزارة لذلك دعما منها للتعاقدات المبرمة فعليا بين المصدرين والأسواق العالمية.
وأشار برزى فى تصريح خاص لـ«المال»، إلى أن أهم الدول المستقبلة لزيت الطعام المصرى هى المجاورة لحدود مصر الجغرافية، منها: «الأردن، والعراق، وليبيا»، والدول الإفريقية.
وحققت الصادارات المصرية من الزيوت نموا بنسبة %72 للعام السابق 2021 بإجمالى 371 مليون دولار مقابل 215 مليون دولار لعام 2020 وفقا للمجلس التصديرى.
وأكد حازم الشاذلى أحد المستثمرين بقطاع تصنيع زيوت طعام، أن هناك تهويلا بين المصدرين فى حجم الضرر جراء حظر التصدير، لافتا إلى أن أسعار التصدير أقل من السعر المحلى.
وتوقع الشاذلى خلال تصريحات خاصة لـ«المال»، مد فترة الحظر، لافتا إلى أنه أرجأ جميع تعاقدات التصدير من قبل صدور قرار الحظر بسبب الخلل فى أسعار الشحن الدولى على خلفية تداعيات فيروس كورونا، إذ أن قيمة تأمين وشحن الكونتينر الواحد قفز إلى 20 ألف دولار حاليًا، بدلًا من 1600 دولار من قبل.
من جانبه، أوضح سيد خضر الخبير الاقتصادى أن قرار الحظر الذى اتخذته مصر لبعض السلع الغذائية لا يعرضها للمسألة الدولية على الإطلاق، نظرا لأنها من حقها أن تحافظ على استقرار السوق المحلية فى ظل ما يشهده العالم من تداعيات خطيرة.
وأضاف خضير فى تصريح خاص لـ«المال»، أن التوترات على الساحة الدولية تخلق أزمات من نوع جديد وهى الصراعات التجارية، خاصة فى حركة التجارة الدولية، لافتا إلى أن قرار حظر بعض السلع هو قرار جريء، إذا كان لابد من اتخاذه.
وتساءل الخبير الاقتصادى عن كيف يكون لدى عجز فى سلع معينة وليس لدى فائض ونتطلع كمصدرين لتصديرها؟، متابعا: «لا تكليف إلا بمقدور»، ولابد أن ننظر للوضع بهدف أكبر وهو الصالح العام للدولة ومواطنيها.
وقالت الدكتورة سمر منير الرئيس السابق لقسم المحاصيل الزيتية، إنه تم الاختلاف على سعر توريد الطن من فول الصويا وعباد الشمس، خلال اجتماع وزارة الزراعة السابق بحضور مزارعين للمحاصيل الزيتية وشركات منتجة للزيوت، لافتة إلى أن الشركات المنتجة عرضت سعرا غير مجز على المزارع لا يحقق له الربح على الإطلاق، إذ أن المزارع طلب 10 آلاف للطن الواحد والشركات عرضت سداد 6 آلاف للطن ما أثار حفيظة المزارع للسعر.
وأضافت سمر فى تصريح خاص لـ«المال»، أن الشركات المنتجة للزيوت لديها الرغبة فى الاستيراد سواء بذور أو زيوت.
وقال الحسين مرسى باحث أول لقسم المحاصيل الزيتية بوزارة الزراعة، إن مصر تستورد ما يقرب من 4 ملايين طن من بذور دوار الشمس من أوكرانيا.
وأضاف مرسى فى تصريح خاص لـ«المال»، أن معدل استهلاك زيوت الطعام فى مصر بلغ 2.7 مليون طن لعام 2021، قائلا: «ننتج 300 ألف طن سنويا من احتياجاتنا من زيوت الطعام، ونستورد الكميات المتبقية لسد الفجوة حسب بيانات وزارة الزراعة».
وأكد أن الاستثمار الزراعى خلال الفترة القادمة سيكون من أقوى أنواع الاستثمار، وسيفوق الاستثمار فى الذهب، مقترحا على المنتجين والمصدرين التكاتف والتعاون للتوسع فى الإنتاج المحلى.
وأوضح مرسى أن تداعيات الأزمة الأوروبية ستجبر الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، وبالتالى سترفع الدولة سعر توريد المنتجات الزراعية، لافتا إلى أنه عندما يورد المُصنع المنتج للدولة بالسعر الجديد سيحقق هامش ربح أعلى من السوق الخارجية، فضلا عن أنه سيتلاشى المعوقات التى تقابله دائما فى العملية التصديرية والشحن الملاحى.
ودعا مرسى المستثمرين إلى استغلال الأراضى الصحراوية فى محافظتى الوادى الجديد وأسوان، إذ تلائم زراعة محصول دوار الشمس طوال السنة بسبب ارتفاع درجة حرارتهما، كما دعا الدولة إلى إنشاء مصنعين جديدين على أطراف الوادى الجديد وأسوان لتصنيع الزيوت المنتجة من المحاصيل المزروعة بهما، ما يرفع الإنتاج ويحقق الاكتفاء الذاتى.
وحول الخطة الاستراتيجية التى تتبناها الدولة بقطاع الزيوت، أكد وزير التموين على المصيلحى فى تصريحات سابقة أن الدولة تتبنى خطة لتطوير مصانع الزيت التابعة لها، مشيرا إلى أنه جار تطوير مصانع الزيوت بتكلفة مبدئية تصل إلى 5.5 مليار جنيه، وذلك فى نطاق 5 مصانع «برج العرب، سوهاج، كفر الزيات، طنطا».
كما يجرى حاليا العمل على زيادة المساحات المنزرعة بالمحاصيل الزيتية، على أن تقوم الحكومة بشراء بذور دوار الشمس من المزارع بسعر 10 آلاف جنيه للطن، وكذلك تشجيع زراعة فول الصويا وشراء الطن بسعر 8500 جنيه للطن.
وتسعى الحكومة للتوسع فى زراعة المحاصيل المنتجة للزيوت، وعل رأسها بذور القطن والتى تبلغ نسبة الزيت بها %20، حيث تستهدف الدولة رفع تلك النسبة إلى %25، كذلك زيادة إنتاجية محاصيل فول الصويا والذرة ودوار الشمس والكانولا، لتقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير احتياجات السوق المحلية من زيوت الطعام، وتشارك فى تنفيذ تلك الخطة وزارات الزراعة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية.