رحبت مجموعة من مسئولى شركات تمويل عاملة فى السوق المحلية بالدارسة التى تجريها الهيئة العامة للرقابة المالية حاليًا حول الترخيص لشركات التمويل لمنح قروض شخصية لعملائها.
وأكد مسئولو الشركات -الذين استطلعت «المال» آراءهم- أن الهيئة لديها رغبة كبيرة فى تعظيم أنشطة الخدمات المالية غير المصرفية بإتاحة هذا النموذج، فى إطار مسئوليتها لدعم الاقتصاد المحلى وإتاحة آليات وأشكال مختلفة من التمويل أمام المواطنين.
وتوقع مسئولو شركات التمويل أن تكون الملاءة المالية للعميل والاستعلام الائتمانى من أهم الضوابط المنظمة للعملية، مؤكدين أن التسعير المسئول سيكون مرجعية أساسية فى التعامل على الإقراض الشخصى من شركات التمويل بغرض حماية العملاء.
يذكر أن الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أكد مؤخرًا أنه جارٍ دراسة إمكانية منح رخص لشركات التمويل لتقديم قروض شخصية لعملائها وفقًا لمجموعة من الشروط، ضمن قانون التمويل البديل الذى يجرى إعداده حاليًا، بالتعاون مع البنك المركزى المصرى.
قال هشام رمضان، مساعد رئيس الهيئة، إن الدراسة تتضمن إمكانية حصول شركة تمويل قائمة على رخصة إضافية لمنح قروض شخصية للعملاء، ولكن بشرط أن تكون هناك قوائم مالية مستقلة للنشاط وملاءة مالية منفصلة، ويمكن أيضًا تأسيس شركة مستقلة للعمل فى مجال منح قروض شخصية للعملاء.
بداية، قال محمد الكحكى، العضو المنتدب لمجموعة «تمويل القابضة للاستثمار» إن هيئة الرقابة المالية تحاول أن تعطى لشركات التمويل دورًا أكبر بالتوازى مع الدور المحورى للبنوك، بحيث تتمكن الشركات من تقديم جميع الخدمات بوسائل متنوعة وتناسب جميع العملاء.
ورجح أن تضع الهيئة ضوابط معينة ومنظمة لشكل القروض الشخصية المنتظرة، وهل ستكون فى شكل نشاط جديد أم رخصة منفصلة أم سيصدر لها قانون محدد أم ستدخل تحت أحد الأنشطة المختلفة التى تقدمها شركات التمويل.
وأشار إلى أن الرقابة المالية لا تتدخل مطلقًا فى هوامش ربحية أى نشاط من أنشطة الخدمات المالية غير المصرفيةـ، لكنها تتحدد وفقًا لمعدل المخاطر الذى تتعرض له كل نشاط، وهو الأمر الذى من المتوقع تطبيقه على رخصة القروض الشخصية.
ولفت إلى أن أى رخصة جديدة لمزاولة نشاط من أنشطة الخدمات المالية غير المصرفية تكون مرتبطة بقاعدة رأسمالية «حد أدنى من رأس المال»، وهى أمور من المرجح تطبيقها على أنشطة أو رخص الإقراض الشخصى المرتقبة.
وقال إن شركات التمويل تختلف عن البنوك فى سرعة الحصول على التمويل، وبالتالى من المتوقع زيادة الإقبال عليها، مع منح رخص القروض الشخصية، موضحًا أن شركات التمويل أصبحت تقدم غالبية الأنشطة البنكية وأصبح الفارق الحالى بين شركات التمويل والبنوك يمكن اقتصاره فى نشاط الودائع فقط.
ولفت «الكحكى» إلى تجارب منح القروض الشخصية عبر شركات التمويل الموجودة فى دول خارجية كثيرة، مثل الإمارات على سبيل المثال، إذ تصدر شركات التمويل هناك ما يشبه «كريديت كارت» الذى تصدره البنوك التقليدية.
وقال أحمد لبيب، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذى لشركة «ريفي” لخدمات تمويل المشروعات متناهية الصغر –إحدى الشركات التابعة لمجموعة «سى آى كابيتال القابضة»– إن الجهات الرقابية لديها رغبة فى تنظيم القطاع المالى غير المصرفى عبر إتاحة رخص القروض الشخصية لشركات التمويل المختلفة.
وأوضح «لبيب» أن السوق كان تترقب صدور مثل هذه القرارات «المميزة» نظرًا لحالة الاقتصاد العالمى وازدياد الحاجة إلى التمويل، فى ظل هذه الظروف، موضحًا أن مثل هذه التجارب مطبقة فى عدد من الدول خارج مصر.
ولفت إلى أن أوقات الكساد الاقتصادى يتسارع الطلب على التمويل، لكن ترفع فيه معدلات التعثر، وبالتالى يجب أن تشهد عملية الإقراض الشخصى ضوابط محددة ومشددة.
وأشار إلى أن أهم الضوابط التى يجب توافرها فى الإقراض الشخصى التركيز على الاستعلام بشكل أكبر عن العميل «I-SCORE»، ودارسة حالة العميل بشكل جيد والملاءة المالية له، إلى جانب التزامات واشتراطات ملزمة لشركات التمويل.
وأوضح الرئيس التنفيذى لشركة «ريفى» أن التصور الأولى قد يتمثل فى البدء بإصدار قروض شخصية للعميل بمبالغ منخفضة كبداية، وتكون محددة بسقف معين، لاختبار رد فعل السوق.
ولفت إلى أن الأنشطة المالية غير المصرفية وشركات التمويل يتعاظم دورها فى مصر بشكل ملحوظ، وبالتالى قرار الهيئة بإتاحة هذه الرخص انطلاقًا من ثقتها فى القطاع والكيانات المشاركة.
وقال إن شركات التمويل بكل أنشطتها لديها ملاءة مالية قوية، وخطوط تمويل وائتمان وعلاقات طيبة مع البنوك تسمح بإضافة مثل هذه الأنشطة أو الرخص بشكل سهل.
وأضاف: «أعتقد أن الهيئة ستضع شروطًا على الشركات الراغبة فى التمويل الشخصى، نتيجة اختلاف هذا التمويل عن الإقراض المعتاد لشركات التمويل، والذى يرتبط فى الغالب بنشاط معين».
وذكر أن فكرة الإقراض الشخصى حل يساعد المواطنين على مواجهة الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة التى ترتفع فيها معدلات التضخم، ويرتفع فيها الاحتياج للتمويل، إلى جانب تحقيق رؤيتها للاستدامة والشمول المالى ودعم الاقتصاد المحلى.
وأشار إلى أن الشروط المكملة التى من المرجح أن تصدرها الرقابة المالية ستتعلق بتحديد شريحة التمويل وفقًا للمكان أو الفئة العمرية أو الجنس أو غيرها.
وتابع: “أعتقد أنه من المرجح طرح حوار مجتمعى حول ضوابط الإقراض الشخصى للعملاء يضم الاتحاد العام للتمويل متناهى الصغر وشركات التمويل والجمعيات وغيرها من الجهات”.
وتوقع أن يكون الأفضلية للحصول على القروض الشخصية وفقًا للملاءة المالية، والعميل المنتظم، والعميل الذى لديه سابق تعامل مع شركة التمويل، بالتزامن مع توافر كل الضمانات لشركات التمويل من سند الأمر وغيرها.
وقال إن البنوك تقدم تمويلات بأسعار تنافسية لشركات التمويل، وذلك تنفيذًا لتعليمات البنك المركزى بتخصيص نحو %25 من المحافظ المالية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وتوقع «لبيب” أن يعتمد الإقراض الشخصى على مبادئ التسعير المسئول الذى أقرته الرقابة المالية، بما يحمى حقوق العملاء والشركة على حد السواء، بأسلوب علمى ومنظم.
تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية أصدرت مؤخرًا القرار رقم 20 لعام 2022، والمتضمن ضوابط واعتبارات التسعير المسئول فى نشاط تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، عقب حوار مجتمعى متعدد الأطراف استمر لمدة شهرين.
ويرى طارق فهمى، الرئيس التنفيذى، العضو المنتدب لشركة «التوفيق» للتأجير التمويلى، أن رخص القروض الشخصية تعد إضافة كبيرة لسوق التمويل، وتتطلب استعدادا واضحا من الشركات من الناحية التنظيمية.
وذكر «فهمى» أن القروض التى توجهها شركات التمويل لمختلف الأنشطة حاليًا تختلف عن نظيرتها الموجهة للأفراد من ناحية الخبرات والإجراءات التنظيمة والاشتراطات، وبالتالى ستحتاج إلى دراسات متأنية من الكيانات الراغبة فى الدخول اليها.
وأوضح أن الهيكل التنظيمى وطريقة العمل محتلفة فى الناحيتين، ويجب ألا يتم تطبيق نفس الآليات الخاصة بالشركات على الإقراض الشخصى.
ولفت إلى أن البنوك سبقت فى وضع الضوابط الخاصة بإقراض الأفراد التى سيتم تطبيق بعضها على الأفراد فى تمويل الشركات.
وأوضح أن الاستعلام الائتمانى عن العميل من الأدوات المهمة فى تطبيق الإقراض الشخصى، لكن هناك ضوابط أخرى يجب توافرها منها الاستعلام الكافى عن مصدر دخل العميل ودراستها دراسة وافية.
وأشار إلى أن الدراسة يجب أن تتضمن سن العميل وحالته الوظيفية «يعمل قطاع خاص أم عام أم معاش»، إلى جانب وضع ضوابط تتعلق بالتأمين على العميل حال وافته، وحال تخطى المديونية حدود معينة، فكلما زادت أحجام القروض زادت معها معدلات المخاطرة.
ولفت إلى أن الفائدة على القروض الشخصية ستكون مرتبطة بفائدة متغيرة، مثلها مثل أنشطة إقراض الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقًا لسعر الكوريدور، وتكون مرتبطة أيضًا بهامش ربح يتناسب مع مخاطر كل عميل.
قال محمد عفيفى، رئيس مجلس إدارة شركة «ترو فاينانس» للتأجير التمويلى، إن الآلية تأتى فى إطار عزم الدولة نحو التحول الرقمى والشمول المالى فى كل القطاعات.
وأوضح أن القروض الشخصية يجب ألا توجه إلى تمويل سلع ترفيهية أو خدمات أساسية أو رهن عقارى أو أنشطة خاصة، لانها تخص قطاع التمويل الاستهلاكى والذى ازدهر بقوة الفترة الأخيرة.
وأشار «عفيفى» إلى أن الآلية الجديدة ستشجع الاستثمار فى القطاع المالى غير المصرفى، وتدر عائدًا للاقتصاد المحلى، خاصة أن شركات التمويل لديها ملاءة مالية قوية تمكنها من ذلك.
وتوقع أن تتراوح حدود التمويل فى قطاع التأجير من 2 إلى 15 مليون جنيه كحد أقصى وذلك بضمان الملاءة المالية للعميل.
وأكد الرئيس التنفيذى لترو فاينانس أن نموذج التمويل الشخصى معمول به فى كثير من دول العالم، ويندرج تحت السياسات المالية للحكومات والبنوك المركزية.
وشدد على ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على رخصة القروض الشخصية تطبيقًا لمبدأ الشمول المالى الذى تنادى به الدولة كثيرًا، ويحظى باهتمام رئاسى كبير.
وأشار إلى أن التحول الرقمى سيفرض على جميع شركات التمويل وغيرها الدخول فى مثل هذه الرخص أو الأنشطة الجديدة.
ولفت إلى ان الهيئة العامة للرقابة المالية ترغب من إتاحة القروض الشخصية فى تخفيف الضغط من على كاهل البنوك بشأن التوسع فى القطاع المالى غير المصرفى.
وذكر الرئيس التنفيذى أن الرخص الجديدة لها أبعاد استراتيجية إذ ستعمل على تسريع حركة «الكاش» داخل سوق التمويل.
يذكر أن قانون التمويل البديل سينظم مجموعة من أشكال التمويل الجديدة، مثل إقراض الند للند والتمويل الجماعى و«الجمعية»، أو ما يعرف بالـ «ROSCA».
وتدرس هيئة الرقابة المالية إمكانية تنظيم عمليات التقسيط لأقل من 6 أشهر، علمًا بأن هذا ليس مرتبطًا بتمويل السلع فقط، وإنما قد يمتد للقروض الشخصية غير المرتبطة بشراء سلعة أو إنشاء مشروع.
وأعلن الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة مؤخرًا عن إطلاق استراتيجية الرقابة المالية (2026-2022) والتى تحدد أولويات عمل الهيئة فى المرحلة المقبلة، وتتضمن عدة محاور رئيسية وهى: تعزيز استخدام التكنولوجيا المالية، وتسريع التحول الرقمى، وتحقيق الشمول المالى، وتعميق مستويات الاستدامة وإدارة المخاطر، وبناء نظام فعال للإنذار المبكر، وتطوير البنية التشريعية، وتعزيز مستويات الثقافة المالية وبناء القدرات وتطوير الأسواق.
وأضاف «عمران» أن حجم التمويلات التى مُنحت من جانب القطاع المالى غير المصرفى بنهاية عام 2021 بلغت 370 مليار جنيه.
وأشار إلى أن هذه التمويلات تتضمن جميع الأنشطة التابعة للقطاع والخاضعة لرقابة الهيئة، موضحًا أن قيمة التمويلات التى تم منحها من خلال نشاط التأجير التمويلى بلغت حوالى 80 مليار جنيه.
وارتفع إجمالى قيمة عقود التأجير التمويلى بنحو %14.8 خلال أبريل 2022، لتصل إلى 4.642 مليار جنيه، مقابل 4.044 مليار خلال أبريل 2021، فيما تراجع إجمالى عدد عقود التأجير التمويلى بنحو %12.5 لتصل إلى 225 عقدًا خلال أبريل الماضى، مقابل 257 خلال أبريل 2021.
واستحوذت العقارات والأراضى على %77.55 من قيمة عقود التأجير التمويلى خلال الأربعة شهور الأولى من العام الحالى، فيما استحوذت سيارات النقل على %4.99 من قيمة العقود، والآلات والمعدات على %3.48، والمعدات الثقيلة على %3.64، وخطوط الإنتاج على %2.67، والبواخر على %2.2.