■ بعد أن كلفت الشركات مليار دولار سنوياً
رحبت شركات السيارات العالمية، ومنها جنرال موتورز الأمريكية، وفولكس فاجن الألمانية، وتويوتا موتور اليابانية، وفيات كرايسلر الإيطالية الأمريكية، بقرار الرئيس دونالد ترامب فى نهاية الأسبوع الماضى، بتجميد قواعد متطلبات كفاءة الوقود التى أصدرتها إدارة باراك أوباما عام 2016 للحد من انبعاثات العوادم، والتى كلفت صناعة السيارات حوالى مليار دولار سنويا.
وذكرت وكالة رويترز أن الحكومات المحلية ووكالات حماية البيئة وشركات السيارات، قدمت احتجاجات مكثفة بعد أن تقلد دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة ضد قرار إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الذى رفع غرامة انبعاث العوادم الكربونية من 5.5 دولار إلى 14 دولارًا لكل خمس لترات تستهلكها السيارات والشاحنات الجديدة التى لا تلتزم بمعايير الحد من هذه الانبعاثات، بينما ارتفعت هذه الغرامة من 5 إلى 5.5 دولار على مدار حوالى 40 سنة حتى عام 1997.
وفضلت بعض شركات الطيران الفاخرة مثل مرسيدس الألمانية، وجاجوار لاند روفر المملوكة لتاتا الهندية، دفع غرامات بدلا من تعديل محركاتها لتقليل انبعاث العوادم الكربونية تلبية متطلبات كفاءة الوقود، بينما دفعت شركة فيات كرايسلر فى فبراير الماضى حوالى 77 مليون دولار غرامات عن العام الماضى؛ لعدم التزامها بمعايير الانبعاثات الكربونية من سياراتها.
وأكدت شركات السيارات أن الزيادة التى رفعتها إدارة أوباما لم يكن لها ما يبررها، كما أنها لم تأخذ فى اعتبارها الأضرار الاقتصادية التى ستنجم عنها، والتى ستؤدى لزيادة التكاليف؛ ما يقلص من الاستثمارات المطلوبة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة لتعديل المحركات أو تحويل السيارات التى تعمل بالوقود التقليدى إلى أخرى تسير بالطاقة المتجددة، مثل البطاريات الكهربائية، وخلايا الهيدروجين؛ لتلبية معايير كفاءة الوقود، والحد من العوادم الضارة بالبيئة.
ومن ناحية أخرى، تطبق أيضًا المفوضية الأوروبية معايير متشددة على الانبعاثات الكربونية لدرجة أن كبرى الشركات العالمية ومنها فولكس فاجن الألمانية وفيات كرايسلر الإيطالية الأمريكية، معرضة لغرامات تصل إلى أكثر من 1.83 مليار يورو (2.08 مليار دولار) فى حال فشلها فى تقليص الانبعاثات الكربونية إلى المستويات التى استهدفها الاتحاد الأوروبى بحلول عام 2021، رغم أن هذه الشركات تجد صعوبات فى تخفيض متوسط انبعاثات العوادم من سيارات الركوب إلى 95 جرامًا من ثانى أوكسيد الكربون المنبعث لكل كيلومتر.
وأكدت فولكس فاجن- أكبر شركة سيارات فى أوروبا- على الالتزام بقواعد الانبعاثات التى حددها الاتحاد الأوروبى، بينما أعلنت مجموعة فيات كرايسلر أنها ستبحث عن أرخص الخيارات لتلبية هذه القواعد، وقد يتضمن هذه الخيارات دفع بعض الغرامات، بينما تعد فولفو السويدية وتويوتا اليابانية هما الشركتان الوحيدتان اللتان لن تواجها أى غرامات بفضل إنتاجهما من السيارات المبتكرة التى ينبعث منها عوادم أقل بكثير من قواعد الاتحاد الأوروبى.
وأدت معايير الحد من الانبعاثات الكربونية والغرامات الباهظة المفروضة لمن لا يلتزم بها إلى اتجاه العديد من الشركات العالمية للتحالف مع بعضها لتقليل التكاليف والاستفادة من التكنولوجيا المختلفة التى تتمتع بها، ومنها تحالف فولكس فاجن وفورد الأمريكية باستثمار فى وحدة القيادة الذاتية لفورد Argo AI، بحوالى 7 مليارات دولار (6.2 مليار يورو).
وستستخدم فورد فى ظل هذه الاتفاقية الجديدة، منصة MEB الكهربائية لفولكس فاجن لتصميم وتطوير سياراتها الكهربائية بداية من 2023، إذ سترسل الشركة الألمانية قطع المنصة ومكوناتها لحوالى 600 ألف سيارة فورد فى أوروبا على مدار ستة أعوام.
ويتفق فورد وفولكس فاجن فى هذا التحالف على توحيد جهودهما فى تطوير السيارات ذاتية القيادة، وتقاسم تكنولوجيا السيارات الكهربائية، غير أن هذا التعاون سيكون تطورًا مثيرًا للقلق بالنسبة للشركات المنافسة بفضل النفوذ العالمى لاثنين من كبار مُصنعى السيارات فى العالم، يتقاسمان الخبرات والهندسة، بحسب ما نشرته صحيفة «ذى أيريش تايمز» الأيرلندية.
وكانت فورد وفولكس فاجن قد أعلنتا عن توسيع كبير لشراكتهم العالمية؛ إذ ستعمل الشركتان على عدة مشاريع إضافية مثل السيارات الكهربائية، وتكنولوجيا القيادة الذاتية، كما صرح المدير التنفيذى لفولكس فاجن أن البيئة والمزيد من العملاء سيستفيدون من منصة فولكس فاجن الكهربائية الرائدة، والشراكة العالمية مع فورد هى أقوى تعبير عن ذلك.
ومن بنود الاتفاق الموسع أن فولكس فاجن وفورد ستمتلكان حصة مساوية فى شركة Argo AI الناشئة، والمتخصصة فى تكنولوجيا القيادة الذاتية، مع التخطيط لاستخدام تقنيات الشركة فى الموديلات المستقبلية لفولكس فاجن وفورد التى تتمتع بمكانة كبيرة فى السوق الأمريكية، فى حين أن عناصر القوة لشركة فولكس فاجن تتركز فى أوروبا والصين.
وتركز فورد بشكل أكبر على سيارات النقل الصغيرة والشاحنات الصغيرة، بينما تتجه شركة فولكس فاجن لتطوير السيارات الأصغر حجمًا؛ إذ خصصت 30 مليار يورو لطرح أسطول من السيارات الكهربائية الجديدة، غير أن هذا الاستثمار يمثل مبلغًا بسيطًا مقارنةً بتكاليف تكنولوجيا القيادة الذاتية عالية المستوى حال انتقالها من مجالات البحث إلى الواقع التجارى.
ويظل مسؤولو فورد ملتزمين بإطلاق السيارات الذاتية بحلول عام 2021، لكن معظمهم يقرون بشكل خاص بأن التسويق واسع النطاق لا يزال بعيدًا لعدة سنوات، كما أنه بغض النظر عن التكاليف، تتمثل العقبة الكبيرة فى تطوير المركبات ذاتية التحكم فى تجميع البيانات، ولا يمكن فعل ذلك إلا أثناء السير على الطريق ولكن مسؤولين تنفيذيين من فورد وفولكس فاجن قالا إن التعاون بينهما يمكن أن يوفر مئات الملايين من الدولارات لكل شركة.
وبالنسبة للمستثمرين وسائقى السيارات ، فإن ذلك يعنى أن عملاقى السيارات لن يسمحا للشركات الجديدة مثل تيسلا الأمريكية للسيارات الكهربائية، أو عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وأبل بإبعادهم عن الطريق، لدرجة أن تقريرًا حديثًا لوكالة بلومبرج جاء فيه أن التحالف الجديد بين شركة فورد موتور وفولكس فاجن إيه جى الإسبانية لديه القدرة على تحويل صناعة السيارات العالمية من التقليدية إلى المبتكرة التى تعمل بالطاقة المتجددة، مع زيادة الضغط على الشركات المصنعة الأخرى التى تطور السيارات الكهربائية، والسيارات ذاتية القيادة.
وقال أنجوس تويدى، المحلل فى بنك سيتى جروب الأمريكى، إنه من خلال ترخيص منصة السيارة الكهربائية لفورد، يمكن لشركة فولكس فاجن أن تضمن بعض الأرباح من السيارات الكهربائية العام المقبل، كما أن فورد قد تستفيد من وصولها إلى هندسة السيارات الكهربائية لشركة فولكس فاجن للامتثال لقواعد الانبعاثات الأوروبية الأكثر صرامة.