تراجعت الفائدة على أدوات الدين الحكومى قصيرة ومتوسطة الآجل فى تعاملات الأسبوع الماضى، باستثناء عطاء أذون الخزانة لآجل 3 شهور، وسط ترجيحات باستمرار الإبقاء على أسعار الفائدة الأساسية لدى البنك المركزى المصرى خلال الفترة المقبلة، مع عدم استبعاد الخفض كأحد آليات مواجهة التداعيات السلبية المتوقعة لفيروس كورونا على الاقتصاد المحلى.
يرى محللون أن انتشار الفيروس يهدد بارتفاع معدلات التضخم نتيجة لتباطؤ النشاط التجارى عالمياً، بجانب سيناريو الدخول فى نفق الركود جراء الحظر على السفر وتداول السلع وعمليات البيع والشراء.
أعلن البنك المركزى عن تسجيل التضخم الأساسى لأسعار المستهلكين معدلاً شهرياً بلغ %0.4 فى مارس الماضى، مقابل نحو %0.2 فى فبراير و%0.5 فى ذات الشهر من العام السابق.
وقال المركزى إن معدل التضخم الأساسى السنوى ظل عند ذات المعدل مسجلا 1.9% فى مارس 2020.
وأشار إلى أن معدل التضخم العام للحضر سجل %0.6 فى مارس مقابل صفر فى فبراير، فيما تراجع المعدل السنوى إلى %5.1 مقابل 5.3 %، ويستبعد التضخم الأساسى سلعًا شديدة التقلب مثل الغذاء.
وكشفت تعاملات سوق الدين فى الأسبوع الماضى عن تراجع معدل الفائدة على أذون (6 و9 و12شهرًا) بواقع (0.55 و0.78 و0.59) نقطة مئوية على التوالى، فيما صعدت على عطاء الأذون آجل 91 يوما بنسبة طفيفة بلغت 0.013 نقطة.
«المالية» ترفع مبيعاتها من الأذون %37.4 وتبقى السندات عند الحدود المعلنة
وشجع تراجع الفائدة وزارة المالية على رفع مبيعاتها من الأذون بنسبة %37.46 لتحصل على 54.985 مليار جنيه، مقارنة بنحو 40 مليارا القيمة المستهدفة.
وساهمت نتائج العطاءات فى تراجع مؤشر جريدة “المال” لقياس متوسط العائد على الأذون بنحو 0.6 نقطة مئوية لتصل إلى %12.848 فى تعاملات الأسبوع الماضى، مقابل %13.455 فى الأسبوع السابق.
وتعرض المؤشر الذى يقيس متوسط عائد الأذون استنادا على أوزانها النسبية لموجة تراجع أفقدته 194 نقطة منذ منتصف ديسمبر 2019.
كما انخفضت الفائدة على السندات لآجل 5 أعوام بواقع 0.52 نقطة مئوية، بينما استقرت على 10 سنوات، جاء ذلك بعد أن حافظت وزارة المالية على مبيعاتها من الطرحين عند نفس المستوى المعلن بقيمة 6.5 مليار جنيه.
ويرى رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال لدى أحد البنوك المحلية، أن العوائد على الأذون والسندات رغم انخفاضها إلا أنها لا تزال جيدة عند المقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، وفى ضوء المخاطر الشديدة التى تجتاح الأسواق خلال الفترة الراهنة بسبب وباء كورونا.
وكانت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين شهدت نزوحًا كبيرًا من بعض الأسواق الناشئة خلال 2018 بسبب رفع الفائدة من جانب الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبى، قبل أن تعود للتدفق بقوة خلال العام الماضى، ما أدى لتحسن وضع صافى الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفى المحلى، ليسجل 23.75 مليار دولار بنهاية يناير الماضى، مقابل 21.613 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2019، طبقا لبيانات البنك المركزى.
كان وزير المالية الدكتور محمد معيط، قال فى لقاء مع قناة العربية الأسبوع الماضى، إن حيازات المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية المصرية تراجعت من 28 مليار دولار مطلع العام، إلى ما يتراوح بين 13 و14 ملياراً حالياً بسبب الصدمة الاقتصادية من فيروس كورونا، ما سيؤدى لخفض إيرادات الموازنة بما يتراوح بين 25 إلى 50 %.
وقال مسئول أدوات الدخل الثابت لدى إحدى الشركات المحلية، إن الإبقاء على أسعار الفائدة المنخفضة قد يستمر فترة طويلة بسبب مخاوف الركود كأحد تداعيات انتشار فيروس كورونا، ما يجعل الاستثمار فى شراء أدوات الدين أحد الوجهات المفضلة للمستثمرين، بالنظر للمخاطر فى الأسواق خلال الفترة الحالية.
إقبال هائل من المستثمرين يدفع معدل التغطية لمستوى 3.3 مرة فى المتوسط
وأضاف :”المستثمرون على وعى بذلك مما دفعهم للإقبال على الشراء، وبالتالى تضاعفت معدلات التغطية الخاصة بالعطاءات إلى 3.3 مرة فى الأسبوع الماضى، مقابل 1.82 مرة فى المتوسط خلال النصف الثانى من شهر مارس”.
وفى خطوة استباقية لمواجهة تداعيات كورونا قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماع استثنائى منتصف مارس الماضى، خفض معدلات العائد الأساسى على الجنيه بواقع 300 نقطة أساس لتسجل %9.25 و%10.25 و%9.75 على التوالى للإيداع والإقراض والائتمان والخصم.
متعاملون: تعليق المركزى لأدوات السوق المفتوحة ساهم فى توفير سيولة قوية
وأشار مدير أدوات الدخل الثابت إلى أن تعليق البنك المركزى لآلية السوق المفتوحة، التى تتمثل فى ربط ودائع بنكية بعائد ثابت أو مرتبط بالكوريدور، ساهم فى توفير سيولة قوية دفعت البنوك للإقبال على استثمارها فى أدوات الدين، ما تسبب فى تراجع العائد عليها.
وتراجع العائد على السندات فى تعاملات الأسبوع الماضى ليصل إلى %13.415 على الطرح لآجل 5 أعوام، مقارنة مع %13.939 الأسبوع قبل الماضى بفارق 0.524 نقطة مئوية، فيما استقر على الطرح لآجل 10 سنوات عند مستوى 13.44 %.
ودأبت الوزارة منذ بداية العام الماضى على مضاعفة اقتراضها فى الأجل الطويل، ضمن استراتيجية تستهدف تمديد آجل الدين العام مع تقليص نسبته إلى %80 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2022.
وقال معيط، وزير المالية فى تصريحات مؤخراً، إن حصة السندات فى الديون المحلية لمصر زادت بالفعل متجاوزة %30 فى السنة المالية الماضية، بدلاً من %5 العام قبل الماضى.
وحقق الطلب على السندات تزايداً مستمراً منذ الربع الأخير من 2018، ما أعتبره البنك المركزى المصرى فى تقريره الأخير عن تطورات السياسة النقدية تأكيداً على التحول الإيجابى فى نظرة المستثمرين بشأن آداء الاقتصاد الكلى فى مصر.
وقال تقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك المركزى المصرى منذ أسابيع، إن الفائدة على الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية انخفضت لتسجل سعر عائد مرجح بعد خصم الضرائب بلغ %12.3 خلال أكتوبر 2019، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو 2016، يأتى ذلك مقارنة مع %13.9 فى المتوسط خلال الربع الثانى من 2019.
وحققت الفائدة على أذون الخزانة المحلية خسائر تجاوزت 300 نقطة أساس (كل 100 نقطة تعادل 1 %) منذ استئناف التيسير النقدى من جانب البنك المركزى مطلع أغسطس الماضى.
وقلص المركزى معدلات الفائدة الأساسية على الجنيه بنحو 750 نقطة خلال العام الجارى، من بينها 350 نقطة منذ أغسطس الماضى.
وأكدت شركة الأبحاث الدولية فيتش سوليوشنز، أن المستثمرين لا يزالوا ينظرون إلى أدوات الدين المحلية على أنها جذابة – عند الأخذ فى الاعتبار قراءات التضخم المنخفضة فى الآونة الأخيرة، رغم خفض سعر الفائدة الرئيسى بمقدار 450 نقطة أساس فى 2019.
وأكد المركزى أن معدلات التضخم المستهدفة لا تزال العامل الأول والأخير فى تحديد أسعار الفائدة المستقبلية، موضحاً فى بيان لجنة السياسة النقدية أن «اتخاذ قراراتها بناء على معدلات التضخم المتوقعة مستقبلاً، وليس معدلات التضخم السائدة، وبالتالى ستستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية فى أسعار العائد الأساسية فى الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة لضمان الاستمرار فى تحقيق المسار النزولى المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط».
وأشارت اللجنة إلى مواصلتها متابعة التطورات الاقتصادية وعدم التردد فى تعديل سياستها للحفاظ على الاستقرار النقدى.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز فى تقرير لها حول مدى جاذبية أوراق الدين المحلية لاسيما الاستثمارات قصيرة الأجل للأجانب الذين يطمحون إلى تحقيق مكاسب سريعة، إنهم لا يهتمون كثيرا ببعض المؤشرات التى تعنى المستثمرين الآخرين، ومن بينها ارتفاع مستوى الديون، أو تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر، أو زيادة عجز الموازنة.
وقال كبير الاقتصاديين لدى جولدمان ساكس، فاروق سوسة، إن مصر لا تزال وجهة مفضلة للمستثمرين بفضل ارتفاع العوائد التى تتسم بالاستقرار النسبى والجاذبية، خاصة إذا ما قورنت بالأسواق الناشئة الأخرى، بسبب استقرار اقتصادها الكلى، واستبعد سوسة حدوث «تقلب كبير» فى سعر الصرف فى ضوء ارتفاع الاحتياطات الأجنبية.
وشهدت تعاملات سوق الدين الأسبوع الماضى، تراجع متوسط الفائدة على أذون 364 يوماً بمعدل 0.593 نقطة مئوية، مسجلاً %12.967 الأسبوع الماضى مقابل %13.56 فى آخر طرح، تزامنا مع تصاعد إقبال المستثمرين ليصل معدل تغطية الطرح لمستوى 3.36 مرة فى المتوسط من 1.63 مرة فى السابق، وطلبت المؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 36.9 مليار جنيه، ووافقت وزارة المالية على طلبات بقيمة 11 مليار جنيه، نفس القيمة المستهدفة من الطرح.
كما هبط متوسط الفائدة على أذون 273 يوماً إلى مستوى %12.829 بانخفاض 0.78 نقطة عن الأسبوع قبل الماضى، وصعد معدل تغطية العطاء إلى 4.54 مرة فى المتوسط من 1.67 مرة الأسبوع قبل الماضى، وعرضت البنوك والمؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 47.673 مليار جنيه، قبلت منها وزارة المالية 20.48 مليار جنيه، بزيادة 9.98 مليار عن القيمة المستهدفة.
أيضا انخفض متوسط عائد أذون آجل 182 يومًا بمعدل بلغ 0.55 نقطة مئوية ليصل إلى 12.996 %، مقابل %13.55 فى تعاملات الأسبوع قبل الماضى، وصعد معدل تغطية البنوك والمؤسسات المختلفة للطرح إلى مستوى 3.72 مرة فى المتوسط، مقابل 1.71 مرة الأسبوع قبل الماضى، وبلغت عروض البنوك والمؤسسات المختلفة للاكتتاب 37.249 مليار جنيه، ووافقت وزارة المالية على 20.632 مليار جنيه، بزيادة 10.632 مليار عن القيمة المستهدفة.
فيما صعد متوسط عائد أذون آجل 91 يومًا بمعدل طفيف بلغ 0.013 نقطة مئوية، ليصل إلى %12.546 مقابل %12.533 فى تعاملات الأسبوع قبل الماضى، وتقلص معدل تغطية البنوك والمؤسسات المختلفة للطرح بشكل كبير لتصل لمستوى 1.51 مرة فى المتوسط، مقابل 2.28 مرة الأسبوع قبل الماضى، وبلغت عروض البنوك والمؤسسات المختلفة للاكتتاب 12.808 مليار جنيه، ووافقت وزارة المالية على 2.865 مليار جنيه فقط، أقل بنحو 5.634 مليار عن القيمة المستهدفة.
فى سياق متصل تراجعت الفائدة على السندات المحلية آجل 5 سنوات، بينما استقرت على الطرح لـ 10 أعوام وسط ارتفاع الإقبال من جانب المستثمرين على الاكتتاب.
وخسر متوسط العائد على السندات 200 نقطة منذ بدء دورة التيسير النقدى الحالية نهاية أغسطس الماضى، بينما بلغت الخسائر ما يتجاوز 450 نقطة أساس “كل 100 نقطة تعادل 1%” خلال 2019.
وحافظت وزارة المالية على مبيعاتها من الطرحين عند المستوى المعلن بقيمة 6.5 مليار جنيه.
وبلغت قيمة الطرح لآجل 5 أعوام 3.5 مليار جنيه، وتقدم المستثمرون بنحو 67 عرضا للشراء بقيمة بلغت 18.446 مليار جنيه، وسجلت أعلى فائدة مطلوبة %14.75 وأقل %13.4 والمتوسط 13.52 %، بينما وافقت وزارة المالية على 6 عروض فقط بقيمة 3.5 مليار جنيه، بفائدة بين %13.4 و %13.44 ومتوسط 13.415 %.
وطرحت الوزارة سندات 10 أعوام بقيمة 3 مليارات جنيه، تقدم لها 22 عرضاً بقيمة 5.4 مليار جنيه بفائدة بين %13.4 و%14.45 ومتوسط 13.54 %، فيما وافقت الوزارة على 5 عروض بقيمة 3 مليارات جنيه، بمتوسط فائدة 13.44 %.
وقال مدير أدوات الدخل الثابت بإحدى الشركات، إن العائد على السندات المحلية تراجع بشكل كبير خلال الفترة الماضية، عاكسا توقعات خفض الفائدة التى تحققت فى الاجتماعات الثلاث الأخيرة للجنة السياسة النقدية، لافتا إلى أن العائد الحالى البالغ أقل من %10 بعد خصم الضرائب غير مناسب للمستثمرين المحليين، مثل البنوك وصناديق الدخل الثابت وشركات التأمين وغيرها، عند المقارنة بأدوات التوظيف الأخرى مثل سندات توريق الشركات التى تمنح عائدا %13 معفى من الضريبة، وقروض التجزئة المصرفية والائتمان للشركات.
تنفيذ طروحات بقيمة 46.5 مليار جنيه الأسبوع الجارى
وتعتزم وزارة المالية طرح أدوات الدين خلال الأسبوع الحالى بقيمة 46.5 مليار جنيه، بينها 39.5 مليار من الأذون والباقى من السندات.
وعلى صعيد إدارة السيولة واصل المركزى تعليق العمل بأدوات السوق المفتوحة لامتصاص السيولة، ولم يقم للأسبوع الثالث على التوالى بطرح ودائعه الدورية ذات العائد الثابت، أو المرتبطة بمؤشر الكويدور.
وقال مصدر مصرفى إن التوقف يأتى بهدف دعم البنوك فى توفير الكاش للعملاء، خاصة أصحاب المرتبات والمعاشات.
ويستخدم البنك المركزى أدوات السوق المفتوحة للتحكم فى السيولة بالأسواق، ضمن أدواته للسيطرة على التضخم، وتوظيف فائض السيولة لدى البنوك فى ظلِّ انخفاض معدلات الائتمان.
وقام المركزى بتعديل آلية عمل الودائع متغيرة العائد، لتصبح مرتبطة بسعر فائدة الكوريدور، وتتقاضى البنوك نسبة (Spread هامش فائدة ثابت) فوق سعر الإيداع بالبنك المركزى البالغ 17.75 %، وبالتالى فإن عائد ودائع السوق المفتوحة يكون مرشحًا للصعود أو الهبوط، حسب تطور معدل الإيداع.
وتستهدف آلية الودائع المربوطة تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
وأعاد المركزى تفعيل آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد بآجال قصيرة، بالتزامن مع تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، بهدف خفض المعروض النقدى من الجنيه.