توقع محللون ماليون ومسئولون بالقطاع المصرفي، أن تراجع الفائدة الأمريكية سيعزز فرص خفض العائد على الجنيه المصري، إضافة إلى أنه سيدفع الدولار للتراجع أمام العملة المحلية.
وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، أمس الأربعاء، للمرة الثالثة، خفض سعر الفائدة الرئيسي بقيمة 25 نقطة أساس، لتكون 1.5% إلى 1.75%، وبهذا التراجع تصل الفائدة بأمريكا لأدنى مستوى منذ مايو 2018؛ ما دفع لانخفاض الدولار أمام عدة عملات رئيسة منها اليورو، والفرنك السويسري، والجنيه الإسترليني.
وقرر البنك المركزى المصري في سبتمبر الماضي خفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، لتصل أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 13.25% و14.25% وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 13.75% وسعر الائتمان والخصم 13.75%.
وقال المركزي إن خفض الفائدة جاء نتيجة لاستمرار تراجع معدلات التضخم العام والأساسي السنوي، لتسجل 7.5% و4.9%، بنهاية أغسطس الماضي، وهو أدنى معدل لهما منذ أكثر من 6 أعوام.
“المركزي” سيسير على نهج الفائدة الأمريكية
وقال محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، إن تراجع سعر فائدة البنك المركزي الآمريكي، يحفز البنوك المركزية في كل أنحاء العالم لتخفيض الفائدة، مشيرًا إلى أن هذا القرار دفع دول الخليج لتخفيض أسعار الفائدة لديها.
يشار إلى أن بعض دول الخليج خفضت أسعار الفائدة، في أعقاب خفض مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي للفائدة الأمريكية، منها قررت مؤسسة النقد العربي السعودي “البنك المركزي”، أمس خفض سعر إعادة الشراء إلى 225 نقطة أساس من 250 نقطة أساس.
ومن جانبه، قرر بنك الكويت المركزي، تخفيض سعر الخصم بواقع 25 نقطة أساس، عقب قرار تخفيض الفائدة الأمريكي أمس.
وفي هذا السياق، توقع عبدالعال أن تخفض لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المقبل أسعار العائد على الإيداع والإقراض بنسبة تتراوح بين 1% إلى 1.5%، خاصة بعد قرار المركزي الأمريكي بخفض الفائدة.
وأشار عبدالعال إلى أن هناك عوامل أخرى تدفع البنك المركزي المصري لخفض سعر الفائدة، تتمثل في اتجاه الدولة للتسيسر النقدي، وتراجع معدلات التضخم الذي يعد السبب الرئيس، في دفع لجنة السياسة النقدية لاتخاذ قرار خفض الفائدة، مضيفًا إلى أن الخفض سيعمل على تنشيط الاقتصاد بشكل عام ويساعد على الخروج من حالة الركود المسيطر على الأسواق.
فيما يرى مهند ياقوت، خبير اقتصادي ومحلل فني، أن قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة بواقع ٢٥ نقطة أساس كان متوقع.
وأشار ياقوت إلى أن السياسة العالمية تتجه لخفض الفائدة؛ كأداة لمحاربة الركود الإقتصادي، والتي على إثرها قامت بعض الدول الخليجية السعودية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة بتخفيض الفائدة سيرا على نفس النهج لتعزيز النمو الإقتصادي بتلك الدول.
ياقوت: تراجع الفائدة الأمريكية يخفض العائد على الجنيه بما لن يقل عن 1%
كما يرى ياقوت أن المركزي سيتجه إلى خفض الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، بنسبة لن تقل عن ١٪ إتباعًا للسياسة العالمية المتجهة لتخفيض الفائدة.
كما أضاف ياقوت أن مؤشرات الاقتصاد المصري أظهرت مزيدًا من التحسن في أرقام التضخم السنوي العام الذي هبط لمستويات هي الأقل منذ ديسمبر ٢٠١٢، ليبلغ ٤.٧٪ في ظل معدل الفائدة الحالي الذي يقارب ١٣.٧٥٪، وهو ما يوضح ارتفاعا كبيرا بسعر الفائدة الحقيقية، وهو ما يقف عائقًا أمام المزيد من النمو للاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن النمو الاقتصادي والاستثماري بشقيه سواء الاستثمار المباشر أو غير المباشر، لا شك أنه يحتاج إلى وقود مُحرك وهي السيولة، في ظل تحرك الدولة المصرية لجذب استثمارات أجنبية وإنشاء بنية تحتية قوية لدعم النمو؛ فكل هذا يفتقر لمزيد من السيولة المدخرة بالبنوك، لطمع الأفراد بالفائدة البنكية المرتفعة؛ ما يدفع المركزي محاربته في الآونة المُقبلة.
أبو الفتوح: خفض الفائدة الأمريكية يعزز نهج التيسير النقدي في مصر
كما رجح هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي ورئيس القطاع المؤسسي بشركة ميداف للاستثمارات، أن قرار الفيدرالي الأمريكي سيعزز استئناف البنك المركزي المصري للمضي قدمًا في سياسة التيسير النقدي، إلى جانب العوامل الأخرى مثل تراجع معدلات التضخم، والرغبة في دعم النمو وتشجيع الاستثمار، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير سعر الفائدة على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المحلي من قبل المستثمرين الأجانب.
وأشار أبو الفتوح، إلى سرعة بعض البنوك المركزية العربية التي ترتبط عملتها بالدولار بخفض الفائدة بنفس القيمة، مثل البنك المركزي الكويتي، مصرف البحرين المركزي، مصرف الإمارات المركزي، ومؤسسة النقد العربي السعودي.
ناجي: العائد على الدولار والجدارة الائتمانية يتحكمان في الفائدة على الجنيه
من جانبه، قال وليد ناجي، مدير قطاع التجزئة بأحد البنوك العربية، إن تراجع سعر الفائدة الآمريكي يؤثر على سعر الدولار في مصر، والذي من المتوقع نزوله في الوقت الراهن؛ بشكل خاص بعد تراجع سعر الفائدة الأمريكية.
وأضاف ناجي، أن هناك عاملين يتحكمان في سعر فائدة الدولار في مصر، أولهما سعر فائدة الدولار في الخارج، إضافة إلى الجدارة الائتمانية الخاصة بنا، كلا العاملين يعززان خفض الفائدة على الدولار خارج مصر.
وأوضح مدير قطاع التجزئة، أن خفض فائدة المركزي الأمريكي لن تؤثر بشكل مباشر على العائد على الجنيه، كما يضع في اعتباراته مستويات الفائدة العالمية، كل تلك العوامل تساعد صانعي القرار على خفض الفائدة في اجتماع السياسة النقدية المقبل بواقع 100 نقطة.
كما أشار ناجي إلى أن هناك عدة مؤشرات اقتصادية تساهم في خفض الفائدة على الجنيه المصري، منها وصول معدلات التضخم تراجعت لمستويات قياسية.
وأعلن البنك المركزي المصري أن المعدل التضخم الأساسى السنوي سجل نحو 2.6% بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 4.9% في أغسطس من نفس العام، وهو أقل مستوى منذ يناير 2011 وفقًا للبيانات المتاحة على الموقع الإلكتروني للبنك.
وأوضح المركزي في بيان أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين سجل معدلا شهريًا سالبًا بلغ 2.3% بنهاية سبتمبر، مقابل معدلا سالبًا بلغ 0.4% في أغسطس، و0.06% في نفس الشهر من العام السابق.
وكان التضخم الأساسى السنوى قد سجل أقل مستوى 3.8% بنهاية سبتمبر 2012، وشهد التضخم زيادات مطردة بضغط برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال عامي 2017 و2018.
كتب: محمود الصباغ وفاطمة إمام