تستعد أكبر بورصات الأصول الرقمية في الهند لشتاء طويل الأمد في أعقاب تراجع أسعار العملات المشفرة ، وتتخلله بعض التقلبات المحلية غير المرحب بها.
مع انخفاض أسعار العملات المشفرة، وعجز العملاء عن تحويل الأموال إلى حساباتهم، واقتراب فرض ضريبة المعاملات التي يُخشى منها على العملات، لجأت البورصات مثل “وازيرإكس” المدعومة من “بينانس” إلى وضع خطط التوسع ضمن آخر أولوياتها.
قال راجاغوبالان مينون، نائب رئيس “وازيرإكس”، مستخدماً الأوصاف التي تدل على سوق هابطة ممتدة: “لقد خفضنا جميع تكاليفنا غير المهمة، ونحن نوظف الموظفين الأساسيين فقط، ولا ننفق الأموال على الإطلاق”.
تراجع أسعار العملات المشفرة
لا تُعدّ “وازيرإكس” وحدها في تلك الخطوة، حيث تستجيب البورصات المتنافسة “يونوكوين” و”باي يو كوين” أيضاً لأحجام التداول المتلاشية في السوق، التي احتلت العام الماضي فقط المرتبة الثانية في العالم من حيث تبني العملة المشفرة.
من غير المفاجئ أن تكون سوق العملات المشفرة في وضعية خفض التكاليف، حيث أعلنت شركتا “كوين بيس جلوبال” و”كريبتو دوت كوم” عن تسريح موظفيها الأسبوعين الماضيين فقط، إلا أن البورصات الهندية تواجه العبء الإضافي لنظام ضريبي جديد يخشى التنفيذيون أنه سيقضي على ما تبقّى من تداول ضئيل. وانخفض حجم التداول اليومي لـ “وازيرإكس” بنسبة 95% منذ أكتوبر، وفقاً لبيانات من “كوين غيكو”.
في الأول من يوليو المقبل، من المقرر أن يسري مفعول الضريبة المقتطعة من المنبع بنسبة 1% على جميع تحويلات الأصول الرقمية التي تزيد عن حجم معين، وذلك على الرغم من تحذيرات الصناعة من أن تلك الضريبة ستؤدي إلى ضعف السيولة.
وتأتي الضريبة بالإضافة إلى معدل 30% الحالي على الدخل من هذه الأصول، بجانب زيادة ضريبة القيمة المضافة المقترحة التي تشق طريقها عبر البيروقراطية. كذلك لا تسمح الحكومة بتعويض خسائر التداول على العملات المشفرة، وتعاملها بشكل مختلف عن الأسهم والسندات.
قطع بورصات العملات المشفرة عن النظام المصرفي العادي
زاد من الطين بلة، أن بورصات العملات المشفرة تم قطعها، بشكل كبير، عن النظام المصرفي العادي منذ منتصف أبريل؛ وهو ما حدث حينما أصبحت واجهة المدفوعات الموحدة في الهند غير متاحة لتلك البورصات دون تفسير، ما دفع بعض البنوك وبوابات الدفع إلى قطع الخدمة أيضاً، ما يعني بدوره عدم تمكن المتداولين من تغذية حساباتهم نقداً.
تمثل تلك التطورات تحولاً ملحوظاً عن العام الماضي، عندما كانت الهند واحدة من أهم أسواق العملات المشفرة في العالم، حيث توسعت السوق بأكثر من 600% في 12 شهراً حتى يونيو 2021، وفقاً لشركة الأبحاث “تشين أناليسس” التي استخدمت مقياساً لتقدير المبلغ الإجمالي للعملات المشفرة التي يتم استلامها في بلد ما.
كذلك نشرت بورصات العملات المشفرة إعلانات على صفحة كاملة في الصحف، وتعاقدت مع نجوم بوليوود للترويج لعروضها لشعب يُعدّ الأكثر شباباً في العالم. وأصبحت “كوين دي سي إكس” المدعومة من “كوين بيس” الراعي الرسمي لسلسلة مباريات “الكريكيت” بين الهند وسريلانكا.
قال “مينون”: ” كان العام الماضي العصر الذهبي؛ حيث انتقلنا من ستة مبرمجين إلى 50 في سبعة أشهر”. وأشار إلى أن “وازيرإكس” أضافت “عدداً قليلاً من المطورين، وبعض كبار الموظفين المهمين” منذ طفرة التوظيف تلك.
الإنفاق على المؤثرين
لا تنطبق خطط خفض الإنفاق على الجميع، إذ قال فيناي تيواري، نائب الرئيس الأول للشؤون المالية في “كوين دي سي إكس” خلال مقابلة أُجريت معه إن المنصة، التي جمعت 135 مليون دولار في أبريل من الصناديق، بما في ذلك “بانتيرا كابيتال ، لا تخطط لخفض التكاليف، وهو ما يجعلها بعيدة عن باقي البورصات.
كما ذكر الرئيس التنفيذي شيفام ثاكرال أن منصة “باي يو كوين”، وهي بورصة صغيرة تضم 45 موظفاً، تقوم فقط بتعيين مطورين ومهندسين. كما أنها تُخفِّض الإنفاق على أشياء مثل الشراكات مع المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وتجنب الإعلانات الجماهيرية، وأضاف أن حجم تداول “باي يو كوين” انخفض بنحو 80% منذ أن بلغ ذروته العام الماضي.
فضلاً عن ذلك، صرّح ساتفيك فيشواناث، الرئيس التنفيذي لبورصة العملات المشفرة “يونوكوين”، لـ”بلومبرغ” بأن: “جميع الشركات تتوخى الحذر عندما يتعلق الأمر بالنفقات الآن، والأمر نفسه ينطبق علينا أيضاً، نحن مستمرون في التوظيف للمناصب الرئيسية، لكننا لا نقوم بالتعيين بشكل فائض عن الحاجة”.
كما أضاف “فيشواناث” أنه سيُقيّم تأثير ضريبة المعاملات، المعروفة بالاختصار “تي دي إس” ، قبل اتخاذ أية قرارات رئيسية بشأن الإستراتيجية. وذكر أن القطاع ضغط، دون جدوى، على الحكومة لخفض نسبة الضريبة.
ومع غياب توقعات الهدوء الفوري، قد يضطر الموظفون الحاليون في “وازيرإكس” إلى تحمل المزيد من العمل، حيث قال “مينون”: “إذا غادر شخص ما الشركة، فإن الاستبدال السريع كان فورياً إلى حدا ما؛ أما الآن، فإننا نتحقق مما إذا كان يمكن لشخص ما تحمّل أعباء هذا المنصب بالإضافة إلى منصبه”.