.
توقع اتحاد النقل الجوى الدولى «إياتا» تراجع إيرادات قطاع الطيران فى العالم بنهاية العام الحالى بنسبة تصل إلى %63.2 بإجمالى 328 مليار دولار، مقارنة مع إيراداتها خلال 2019 والتى سجلت 838 مليار دولار، مؤكدًا أن كتب التاريخ ستذكر 2020 بأنها أسوأ سنة مالية على قطاع النقل الجوى على حد وصفه.
ويطالب «إياتا» حكومات الدول بتقديم دفعة ثانية من المساعدات العاجلة لشركات الطيران للتغلب على محنتها الحالية بقيمة تتراوح ما بين 70 وحتى 80 مليار دولار، مع العلم أنها حصلت على مساعدات بقيمة 160 مليار دولار مع ظهور الموجة الأولى من فيروس كورونا المستجد.
وقال إن أزمة فيروس كورونا تسببت فى إحداث صدمة تاريخية لشركات الطيران فى ظل اتباع الدول لسياسات التباعد الاجتماعى بهدف السيطرة على الفيروس، وتقليل معدلات الإصابة به، الأمر الذى أثر بالسلب على معدلات الرحلات الجوية، موضحًا أن فحوصات الكشف عن المرض يمكن أن تسهم فى الحد من الخسائر التى تواجه شركات الطيران لحين ظهور لقاح آمن وفعال.
وتوقع الاتحاد، الذى يضم 290 شركة طيران، استمرار تراكم خسائر القطاع بصورة غير مسبوقة، خاصة مع بدء الموجة الثانية من جائحة كورونا، على الرغم إعلان الجمعية العامة للاتحاد أن شركات الطيران خفضت تكاليفها بقيمة تصل إلى مليار دولار يوميًا.
الخسائر الصافية تقفز %40 وتسجل 118.5 مليار دولار
كما تكهن «إياتا» بأن ترتفع الخسائرالصافية لشركات الطيران %40.5 لتصل بنهاية العام الحالى إلى 118.5 ملياردولار، مقارنة مع قيمتها خلال يونيو من العام ذاته والتى سجلت 84.3 ملياردولار، مضيفة أن الخسائرالصافية للعام 2021 من المتوقع أن تصل إلى 38.7 ملياردولار.
ووصف ألكسندردوجونياك، المدير العام لاتحاد النقل الجوى الدولى «إياتا»، الأزمة التى تعانيها شركات الطيران بـ «المدمرة والتى لا ترحم»، مضيفًا أنه يجب على الدول إعادة فتح الحدود مرة أخرى دون فرض أى تدابير احترازية كى يتمكن الناس من ركوب الطائرات مجددًا بلا أى قيود على السفر والتنقل، مطالبًا فى الوقت ذاته الشركات باستخدام سيولتها حتى الربع الأخير من 2021 وذلك للحد من الخسائر التى شهدتها على مدار هذا العام.
وأشار «إياتا» إلى أنه على المدى الزمنى الطويل، سيسمح توفراللقاحات على نطاق واسع بإبقاء الحدود مفتوحة مما يسهم فى زيادة معدلات السفر عبر الطيران، لكن الجدول الزمنى فيما يخص توفراللقاح غيرمؤكد حتى الآن.
«براينبيرس»: حركة النقل الجوى لن تعود إلى طبيعتها قبل 2024
وقال براين بيرس، المدير المالى للمنظمة، إن الإعلان عن لقاحات ضد فيروس كورونا هو نبأ سار لشركات الطيران ويجعلها أكثر ثقة بالمستقبل، متوقعاً فى الوقت ذاته عدم عودة حركة النقل الجوى إلى طبيعتها قبل حلول عام 2024.
وبعد توقف شبه كامل لحركة الطيران فى أبريل 2020، بدأت صناعة النقل الجوى استئناف نشاطها مرة أخرى وان كان بوتيرة أبطأ فى يونيو فى ظل اعتمادها على رحلات الطيران الداخلية، ولم يستمر هذا النشاط المحدود كثيرًا، إذ ساد التراجع عليها مرة أخرى منذ سبتمبر الماضى مع ظهور الموجة الثانية من فيروس كورونا (كوفيد-19)، وإعلان عدد من الدول عودة التدابير الاحترازية وإغلاق الحدود واتباع سياسات التباعد الاجتماعى لتجنب تزايد الحالات.
ويسعى«إياتا» إلى إعادة إحياء حركة الطيران، من خلال مطالبته بتعميم فحوص للكشف عن فيروس كورونا لجميع ركاب الرحلات الدولية، وبالفعل أُقيمت مراكز لإجراء الفحوصات والتحاليل فى عدد كبير من المطارات مما يتيح للركاب إجراء فحوص لكشف المستجدات أو فحوص فيروسية، لكن نتيجتها تتطلب وقتاً أطول لإصدارها، وذلك وفق متطلبات بلدان المقصد.
وبحسب دراسة أجراها «إياتا»، إذا تم تعميم تحاليل فيروس كورونا على جميع الركاب، فسيكون خطر صعود راكب مصاب إلى متن الطائرة لايزيد عن %0.06 أى 12 إصابة غير مكتشفة من أصل 20 ألف راكب عند الوصول، ويقوم الاتحاد حاليًا على تطوير تطبيق لجوازات سفر صحية رقمية، يمكن أن تضمن بشكل خاص صحة الفحص الذى أجراه الراكب أو وثيقة اللقاح.
ويتوقع اتحاد النقل الجوى الدولى تعميم لقاح آمن وفعال ضد كورونا بحلول صيف عام 2021، لإعادة تسيير الرحلات على المستوى الدولي، إلا أن شركة كوانتاس الأسترالية للطيران أعلنت فى وقت سابق عن عزمها طلب المسافرين الدوليين تلقى لقاح «كوفيد-19» قبل السفر على متن خطوطها، لتكون بذلك أول شركة طيران كبرى تتبنى هذا الإجراء.
ويطارد الإفلاس كبرى شركات الطيران حول العالم مع استمرار شلل حركة السفر والطيران بسبب الإجراءات الاحترازية التى أعلنتها حكومات ودول العالم لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، فالأزمة لم تتوقف حدودها عند شركات الطيران الخاصة أو الصغيرة، بل تسللت إلى شركات ضخمة وحكومية، الأمر الذى دفع الدول لتقديم حزمة من المساعدات فى محاولة للحفاظ على تلك الشركات، وتمكنها من التغلب على أزمتها الحالية.
وخلال الفترة الماضية، أعلنت شركة فيرجن أستراليا، عدم القدرة على الوفاء بسداد ديونها نظرًا لما تتعرض له من ضائقة مالية، لتصبح بذلك أضخم شركة طيران فى العالم تنهار جراء تداعيات فيروس كورونا، مؤكدة فى بيان أرسلته إلى البروصة الأسترالية أنها تعتزم الاستمرار فى تشغيل رحلاتها الجوية على الرغم من أن مصيرها أصبح فى أيدى حرّاس قضائيين.
ويبلغ عدد موظفى فيرجن أستراليا 10 آلاف، وتعانى من ديون تتجاوز 3.2 مليار دولار، وطلبت من الحكومة الأسترالية إقراضها 930 مليون دولار للبقاء على قيد الحياة، لكنّ السلطات رفضت إنقاذ شركة مملوكة بأغلبيتها لأجانب.
وبسبب تفشي»كورونا» أعلنت شركة طيران أفيانكا الكولومبية، إفلاسها، بعد فشلها فى الالتزام بالموعد النهائى لسداد السندات، بعد عدم استجالبة الحكومة الكولومبية لمطالب الشركة بالحصول على المساعدة المادية، لتعلن الأخيرة إفلاسها رسمياً.
وتعد شركة طيران أفيانكا الكولومبية ثانى أقدم شركة طيران تعمل باستمرار فى العالم بعد «كى إل أم» الهولندية، والتى تعانى من تفاقم هائل فى الديون تصل قيمته إلى 7.3 مليار دولار بنهاية العام الماضى.
كما أعلنت شركة الطيران الوطنية فى جنوب أفريقيا إفلاسها وتسريح كافة موظفيها بعد الخسائر المالية الفادحة التى مُنيت بها، والبالغ عددهم 4700 موظف، بعد فشلها فى الحصول على المزيد من المساعدات المالية من الحكومة، وعجزها عن استكمال التزاماتها ودفع الرواتب لموظفيها لتوقف الرحلات بسبب كورونا.
وأغلقت شركة الطيران الوطنية فى جنوب أفريقيا للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1934 أى قبل 86 عاماً، وتعتبر شركة الطيران الجنوب أفريقية أكبر ناقل جوى فى القارة السمراء بنحو 88 طائرة إلى 42 وجهة.
وأعلنت 4 شركات طيران عالمية تقدمها بطلب لحمايتها من الإفلاس وإعادة هيكلة ديونها وهى خطوط لاتام الجوية، أكبر شركة طيران فى أمريكا اللاتينية، أفيانكا هولدنجزالكولومبية، وفرجين أستراليا هولدنجز، و الخطوط الجوية النرويجية.
فيما قالت خطوط لاتام الجوية إنها طلبت وشركاتها الشقيقة فى تشيلى وبيرو وكولومبيا والإكوادور والولايات المتحدة الحماية القضائية من الدائنين فى أمريكا، معلنة وقف حركة السفر الجوى بشكل شبه تام.
الشركات تتقدم بطلبات لحمايتها من الإفلاس مع تفاقم ديونها
وتعد شركة الخطوط الجوية النرويجية أحدث شركات الطيران التى تتقدم بطلب لحمايتها من الإفلاس بعد أن تراكمت الديون لها فى محاولة لحمايتها من الدائنين وإعلان إفلاسها، بما يمكنها من المضى قدمًا فى محاولاتها لإعادة الهيكلة، للتغلب على التداعيات السلبية لتفشى فيروس كورونا، والتى تسببت فى تجاوز خسائرها التشغيلية الربع سنوية 310 ملايين دولار، فى حين تضاءل النقد وما يعادله إلى 376 مليون دولار فى نهاية سبتمبر.
وتسبب تفشى فيروس كورونا المستجد فى تراجع عدد المسافرين عبر الخطوط الجوية النرويجية بنسبة تصل إلى %90.5 خلال الربع الثالث من العام الحالى، لتكتفى الشركة بنقل مليون مسافر فقط، مقارنة بعدد المسافرين عبر أسطولها خلال نفس الفترة من العام الماضى والتى بلغت 10.2 مليون شخص.
فى سياق متصل، قال محمد البكري، نائب رئيس اتحاد النقل الجوى للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن حجم خسائر شركات الطيران سجلت 24 مليار دولار، وأصبحت 1.2 مليون وظيفة مهددة بسبب توقف الحركة نتيجة انتشار فيروس كورونا.
وأوضح أن اقتصادات الدول المدعومة بالطيران خسرت نحو 66 مليار دولار، كما يواصل قطاع الطيران على المستوى العالمى انحساره بسبب الأزمة الحالية ومن دون أى استثناء لأى منطقة.
وأشار إلى تراجع متوسط عدد الرحلات حول العالم إلى %81 فى نهاية الربع الأول من العام الحالي، بسبب توقف الطائرات فى المطارات حول العالم باستثناء الرحلات المحلية فى أمريكا وآسيا.
وأوضح أن حجم خسائر شركات الطيران الأفريقية من الإيرادات بلغ نحو 6 مليارات دولار، وأصبحت 3 ملايين وظيفة بالقطاع والقطاعات ذات الصلة بطريقة غير مباشرة مهددة، وبلغت خسائر اقتصادات الدول المدعومة بالطيران نحو 28 مليار دولار.
وسجلت أفريقيا والشرق الأوسط عدداً أقل للرحلات الجوية بنسبة %95 خلال الربع الأول، حيث سجل عدد الرحلات فى أفريقيا انخفاضاً بلغ %94 مع نهاية أبريل الماضي، بينما سجل عدد الرحلات فى الشرق الأوسط انخفاضاً بنسبة %88 فى الفترة نفسها، مؤكداً أن شركات الطيران على مستوى العالم أصبحت تواجه معركة من أجل الاستمرار فى الساحة.