استعدت أمريكا وأوروبا لطرح برامج لدعم رواتب العمالة تتيح مساعدة الشركات المتضررة من أزمة فيروس كورونا على سداد رواتب موظفيها.
وطرحت ألمانيا برنامج بدأ تدشينه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقالت شركة ألمانية لتنظيم المعارض إنها لن تضطر لتسريح العمالة لديها بل ستمنحهم أجورهم كاملة برغم الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، اعتمادا على برنامج حكومي تم تدشينه في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وقالت شركة كالوزا شميدت لتنظيم المعارض إنها كانت تمارس بشكل معتاد، وتتلقى طلبيات كثيرة، كانت تضطر لرفض بعضها حتى أواخر شهر فبراير الماضي.
أزمة «كورونا» تجتاح العالم
وفي ذلك الحين، أقبلت الحكومات في ألمانيا وغيرها من دول العالم إلى تنفيذ تدابير لاحتواء فيروس كورونا.
وتسبب هذا في فقدان الشركة أكثر من 30 مشروع بقيمة 1.6 مليون دولار، حسب العضو المنتدب للشركة رودجر كوخ.
وطرح كوخ خيارا غير متخيل بالنسبة لمعظم المديرين في أمريكا: عدم تسريح العمالة بل سداد رواتبهم أثناء بقائهم في منازلهم.
وتقول وكالة بلومبرج إن كوخ استفاد من برنامج ممول حكوميا يعمل تحت اسم Kurzarbeit، وهي كلمة ألمانية تعني العمل لنصف الوقت.
مزايا البرنامج
تم تدشين هذا البرنامج عقب الحرب العالمية الثانية في ألمانيا وهو مخصص لمساعدة الشركات على التأقلم مع الظروف الصعبة، وذلك دون الحاجة لتسريح أعداد كبيرة من العمالة.
ويسهم هذا البرنامج في تخفيف حدة الأضرار التي ستلحق بالأعمال والاقتصاد بشكل عام جراء تسريح أعداد كبيرة من العمال.
وقال كوخ:” لو لم نتخذ هذا الأجراء كنا سنضطر لتسريح جميع العمالة. أصبحنا الآن قادرين على الإبقاء على عمالنا دون التفريط في مهاراتهم”.
ويغطي برنامج Kurzabeit نسبة 60% من أجر الموظفين الأفراد ونسبة 67% من أجر الموظفين الذين يعولون.
وتلتزم الشركات بسداد الأجر المتبقى. وهي تحتاج لتقديم طلب للاستفادة من البرنامج الحكومي.
برامج لدعم رواتب العمالة في أمريكا
وحسب تقرير لوكالة بلومبرج، يختلف هذا جذريا عما يحدث في الولايات المتحدة التي تقبل شركاتها على تسريح العمالة دون أن تتحمل أية إلتزامات مالية.
وتحرم العمالة هناك من أي مزايا خلافا للتأمين الصحي والتأمين على الحياة.
وفي أوروبا، توصف قوانين العمالة بأنها تعد بمثابة عائق يمنع النمو الاقتصادي لأنها تحرم الشركات من حرية توظيف وتسريح العمالة دون قيود.
برامج شبيهة بالنموذج الألماني
ويعد البرنامج الألماني بمثابة حل وسط بين النموذجين الأوربي والأمريكي، وذلك بفضل منحه الشركات الألمانية ميزة الاستفادة من الدعم الحكومي دون الحاجة لتسريح العمالة.
وتطبق بلدان أوروبية أخرى مثل فرنسا وإيطاليا وهولندا برامج شبيهة بالنموذج الألماني.
وتسمح هذه البلدان للشركات المتعثرة بالحصول على الدعم الحكومي لسداد الرواتب خلال فترات انكماش إيرادات هذه الشركات.
وتعهدت العديد من حكومات هذه الدول بدعم هذه البرامج وزيادة مخصصاتها المالية.
برامج في 26 ولاية أمريكية
وتطبق 26 ولاية أمريكية برامج شبيهة بالنموذج الألماني لكن بقدر أقل من الدعم بجانب أنها غير معروفة للكثير من الشركات، وخلافا للبرنامج الألماني، تشترط هذه البرنامج عمل الموظفين عدد معين من الساعات.
وتعد الشركات الألمانية الصناعية هي الأكثر استفادة من برنامج Kurzarbeit وسبق لها التقدم لهذا البرنامج أثناء الأزمة المالية العالمية.
وأقبلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على حث الشركات العاملة في القطاعات الخدمية التي تلقت أكبر الأضرار خلال الأزمة الحالية على الاستفادة من البرنامج.
تيسير اشتراطات البرنامج
وقرر المسئولون الألمان كذلك على تيسير القواعد التي تحدد عدد العمالة المتضررة قبل أن يسمح للشركات التقدم للحصول على دعم يغطي الرواتب ، واستفاد من البرنامج إجمالي يصل إلى 1.5 مليون عامل خلال عام 2009.
ويتوقع المسئولون في حكومة ميركل أن أعداد المستفيدين سيقفز إلى ما لا يقل عن 2.15 مليون شخص خلال العام الجاري، وذلك بتكلفة تصل إلى 10 مليارات يورو.
وتقدم حتى الآن نحو 76,700 شركة ألمانية للاستفادة من البرنامج حتى الأسبوع المنتهي يوم 20 مارس، وذلك صعودا من 600 شركة خلال العام الماضي عندما كانت البلاد جراء احتدام التوترات التجارية العالمية، حسب بيانات مكتب العمل الفيدرالي.
ويوضح الجراف التالي عدد الطلبات التي تقدمت بها الشركات الألمانية للاستفادة من البرنامج:
وقالت شركة فولكس فاجن التي أعلنت اعتزامها غلق مصانعها في أوروبا أنها ستتقدم للحصول على البرنامج الألماني لتغطية مرتبات نحو 80 ألف موظفي في ألمانيا.
وأقبلت شركة دايملر المنافسة على الاستفادة من البرنامج في دعم مرتبات نحو 170 ألف عامل في ألمانيا بداية من 6 أبريل.
وتقدمت شركة بوما لتصنيع الملابس الرياضية بطلب للاستفادة من البرنامج في دعم مرتبات 1,400 شخص.
وقال دويتش بنك أنها يدرس الاستفادة من البرنامج.
شكاوى من البرنامج الألماني
وتقول النقابات العمالية في ألمانيا أن البرنامج الحكومي لدعم المرتبات ليس كبيرا.
وأضافت أنه لا يكفي لمساعدة العمالة في القطاعات منخفضة الأجور مثل الفندقة والمطاعم.
وقال سام كامران الذي يدير خمس مطاعم وكافيهات في فرانكفورت ويوظف 140 عاملا أنه لا يستطيع انتظار عدة أيام أو أسابيع قبل الحصول على الدعم الحكومي.
وبرغم هذه الشكاوى، فمن المتوقع أن ينجح البرنامج في خفض معدلات البطالة في البلاد.
وتوقع الكسندر هيرتزوج-شتاين من معهد أ.أم.ك للاقتصاد الكلي خفض معدلات البطالة حال نجاح حكومة ميركل في توسيع رقعة الاستفادة من البرنامج لتشمل قطاع الخدمات والمشروعات الصغيرة والعمالة الحرة.