تتزايد مخاوف شركات التأمين من تأثير أزمة الركود التضخمى العالمية على نشاط تأمين الائتمان وهو ما قد يتسبب فى تحملها تعويضات كبيرة فى حالة وقوع خطر التعثر المؤمن عليه فى وثيقة التأمين ضد مخاطر عدم السداد الناتجة عن التعثر.
ولجأت شركات التأمين إلى التعاقد مع مختصين ممن لهم خبرات مصرفية سابقة فى الدراسة الائتمانية للعملاء والتحريات قبل التوسع فى نشاط تأمين الائتمان للتعامل بحرص سواء عند إصدار الوثائق أو عند تسوية وصرف التعويضات الخاصة بتلك الوثيقة.
وكشف مصطفى الفيشاوى، نائب العضو المنتدب للشئون الفنية فى شركة «المصرية للتأمين التكافلى» –ممتلكات ومسئوليات- أن هناك اهتماما كبيرا من البنوك حاليا بنشاط تأمين الائتمان لتغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن التعثر.
وأضاف أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا النشاط فى السوق خلال الفترة الحالية فى ظل أزمات مثل وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، وأزمة الركود التضخمى التى تضرب العالم كله وتؤثر على كل الأسواق مما يزيد من مخاطر التعثر.
وأوضح أن شركات التأمين حققت أرباحا من نشاط تأمين الائتمان خلال العقد الماضى لتغطية محافظ قروض المشروعات الكبيرة والمتوسطة نظرا لتوافر ضمانات كافية من قبل العملاء بجانب الدراسة المستفيضة للعملاء.
وأكد أن مخاطر التأمين على محافظ القروض متناهية الصغر ارتفعت خلال الفترة الماضية نظرا لعدم وجود ضمانات كافية لتغطية تلك القروض، فضلا عن عدم توافر قاعدة بيانات دقيقة عن عملاء التمويل متناهى الصغر وملاءتهم المالية وحجم القروض التى يحصلون عليها من جهات التمويل المختلفة ودراسة جدوى دقيقة لتلك المشروعات.
وأوضح أن المشروعات متناهية الصغر هى أكثر المشروعات تأثرا بأزمة التضخم وقبلها وباء كورونا المستجد “كوفيد-19” مما زاد من مخاطر تعثر تلك المشروعات وتخلفهم عن سداد أقساط القروض، وبالتالى تحمل شركات التأمين تعويضات نتيجة لذلك.
ولفت إلى أن تأمين الائتمان يواجه عدة تحديات مثل ضعف الوعى التأمينى لدى العملاء وكذلك تأثره بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، بجانب تدنى أسعار تأمين الائتمان عن السعر الفنى السليم.
وكشف أن شركات التأمين بدأت تستعين بكوادر فنية مدربة وخبراء فى دراسة عملاء تأمين الائتمان ممن لهم خبرات مصرفية أو مالية بهذا النشاط، بهدف الدراسة الجيدة للعملاء وإجراء التحريات اللازمة قبل إصدار الوثيقة.
ولفت إلى ضرورة وضع ضوابط دقيقة لإثبات تعثر العميل عن السداد للتفرقة بين التعثر الحقيقى وبين عدم السداد المتعمد أو المفتعل من قبل العملاء، مشيرا إلى أنه عند التعثر الفعلى يجب أن يعلن العميل إفلاسه لإثبات أن التعثر حقيقى.
من جهته، أكد محمد ناصف، رئيس قطاع الشئون الفنية فى شركة “بيت التأمين المصرى السعودى” أن أزمة التضخم العالمى وقبلها أزمة وباء كورونا تلقى ظلالها على نشاط تأمين الائتمان، وذلك يأتى فى ظل توسع البنوك فى طلب تغطيات تأمين الائتمان لتغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن التعثر بجانب تغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن الوفاة.
وأوضح أن البنوك كانت تكتفى فى الماضى بتغطية محافظ القروض ضد مخاطر عدم السداد الناتجة عن الوفاة، أما الآن وفى ظل أزمات كورونا والركود التضخمى العالمية فزاد الطلب على تغطية مخاطر التعثر.
ولفت إلى أنه كلما انخفض سعر الفائدة البنكية كلما زاد حجم القروض، كما أنه فى ظل مبادرات البنك المركزى سواء الخاصة بالمشروعات الصغيرة أو العقارية بسعر فائدة مخفض فقد زاد الإقبال على الحصول على القروض وبالتالى ارتفع الطلب على تأمين الائتمان.
وأوضح أنه من خلال تأمين الائتمان ينتقل خطر عدم السداد والتعثر من البنك إلى شركة التأمين حيث تتحمل شركة التأمين سداد باقى أقساط القرض نيابة عن العميل فى حالة تحقق الخطر المؤمن عليه سواء وفاة العميل فى حالة تأمينات الحياة، أو التعثر فى حالة تأمينات الممتلكات والمسئوليات.
وأشار إلى أنه فى بعض الحالات يتم اعتبار التأمين ضمانة وبديلا عن صك الملكية أو الضمانات التى يقدمها العملاء مما يزيد من احتمال تحمل شركات التأمين تعويضات كبيرة فى حالة زيادة مخاطر التعثر فى السوق.
ولفت إلى أن شركات التأمين بدأت اللجوء إلى التعاقد مع مختصين فى التحريات عن العملاء وعن حجم القروض التى حصل عليها العميل من البنوك المختلفة وطرق سداد القروض، والملاءة المالية للعملاء ومعدل دوران رأس المال ومعدل دوران المخزون لدى العملاء، موضحا أنه يتم مراعاة أن يكون لدى هؤلاء الخبراء خبرات مصرفية وائتمانية لتقليل معد الخسائر التى تتعرض لها شركات التأمين.
وأكد أن ذلك يشبه ما تقوم به شركات التأمين الأجنبية والعالمية والتى لديها إدارة تحريات لدراسة العملاء سواء قبل الإصدار أو عند تسوية التعويضات، بهدف الاكتتاب الجيد والتسعير السليم للأخطار والتحكم فى التعويضات.
وبدوره، أوضح شادى السعدنى، رئيس قطاع التسويق وقنوات التوزيع فى شركة “ثروة للتأمين” أن هناك فرص نمو كبيرة فى نشاط تأمين الائتمان فى مصر فى ظل توسع الجهاز المصرفى فى إقراض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وكذلك مبادرة الإسكان الاجتماعى ذو سعر الفائدة المخفض، لافتا إلى أن ارتفاع معدلات التضخم قد يؤثر على قروض الأفراد.
وأضاف أن تأثير الاحتياج للقروض أكبر من تأثير التضخم على الطلب على القروض فى مصر لذا من المتوقع أن تستمر معدلات الإقراض، ولا تتأثر كثيرا بارتفاع التضخم وتأثيره الاقتصادى على القوة الشرائية للمواطنين.
وأكد أن هناك طلبا كبيرا على تأمين الائتمان من قبل البنوك لتغطية مخاطر التعثر وهو ما يساهم فى زيادة حجم أقساط شركات التأمين، إلا أن ذلك يجب أن يصاحبه الدارسة الائتمانية الجيدة للعملاء وملاءتهم المالية ومدى قدرتهم على السداد حتى لا تتعرض شركات التأمين لسداد حجم تعويضات كبيرة.
وشدد على ضرورة أن تتعامل شركات التأمين مع تغطيات تأمين الائتمان لتغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن التعثر بدقة وعناية وحرص، مع الاستعانة بمتخصصين فى دراسة الملاءة المالية للعملاء وإلا سوف يتحول تأمين الائتمان إلى قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر فى أى وقت.