إيمان القاضي وعبدالغفور أحمد محسن
“خذ نفسا عميقا .. ابتسم .. قل الحمدلله .. وقم بتحويل 300 ألف دولار إلى …. (أحد أفراد العائلة) على حسابه في بريطانيا و300 ألف دولار أخرى إلى حساب …. (شركة تابعة لسكرتيره السابق)، كلاهما مفلس ويحتاجان للمال غداَ”، كان هذا رد عارف نقفي مؤسس والرئيس التنفيذي والمدير الشريك السابق لشركة الاستثمار المباشر “أبراج كابيتال” عندما أبلغه مساعده هاتفيا بقلقه من الوضع المالي السيء للشركة.
المكالمة التي دارت في 31 مايو 2017 – أي قبل عام تقريبا من إفلاس الشركة – اعترضتها لاحقا جهات التحقيق الأمريكية وأوردتها ضمن الأدلة التي تثبت عن طريقها تعمد نقفي و5 من مساعديه تضليل المستثمرين ونهب أموالهم فضلا عن عدة تهم أخرى.
ونشرت جهات الادعاء الأمريكية فحوى المكالمة ضمن لائحة اتهام جديدة موسعة، الخميس الماضي، وقد حصلت “المال” على نسخة من تلك اللائحة.
الطرف الثاني في المكالمة هو أحد المتهمين في اللائحة أيضا.. رفيق لاخاني نائب رئيس أبراج السابق والمسؤول عن متابعة التحويلات والتدفقات المالية للشركة، والمتهم بأنه أحد المشتركين في تضليل المستثمرين عبر إمدادهم بمعلومات مزيفة عن موقف استثماراتهم والوضع المالي للمجموعة، فضلا عن تهم أخرى، وفقا للرواية الأمريكية.
ووجهت السلطات الأمريكية التي اعتمدت على مكالمات هاتفية أخرى ومراسلات البريد الإلكتروني بين نقفي ومساعديه، اتهامات لمؤسس أبراج باختلاس أكثر من 250 مليون دولار.
وشملت الاتهامات اشيش ديف المدير المالي السابق، ومصطفى عبد الودود المدير الشريك، ووقار صديق الشريك الإداري السابق والمشرف على العمليات، وسيف فيتيفيتبيلاي، الشريك الإداري السابق في أبراج ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة “أوريوس” التي استحوذت عليها أبراج لاحقا.
وتتبعت السلطات أيضا آخرين (معروفين وآخرين غير معروفين) وفقا لنص لائحة الاتهام.
تحقيقات: رواتب ضخمة رغم الأزمة
المكالمة السابقة كانت مثالا قدمته جهات الادعاء، لاستيلاء نقفي ومساعديه على أموال المستثمرين تحت بنود “توزيعات الشركاء والرواتب والمكافآت”.
وأضافت اللائحة:” في الفترة من 2011 إلى 2018 تلقى عبد الودود 8 ملايين دولار على الأقل رواتب ومكافآت، وحصل صديق على 7 ملايين دولار”.
وتابعت: “في الفترة من 2012 إلى 2018، حصل فيتيفيتبيلاي على 4.8 مليون دولار”.
وبحسب لائحة الاتهام استمر المتهمون الستة في الحصول لأنفسهم على هذه المبالغ الضخمة حتى في الفترة التي لم يتلقى فيها المستثمرون الأرباح التي وُعدوا بها، والفترات التي توقفوا فيها عن ضخ الأموال للاستثمار – والتظاهر بالعكس- وفي نفس الوقت الذي كانوا يتعاملون فيه مع أزمة سيولة حادة وعجز يتفاقم.
وتقول سلطات الادعاء أن الأزمة المالية بدأت في الظهور بأبراج منذ عام 2014، واستمر المتهمون في التلاعب بالمستثمرين وأموالهم طوال الفترة التي انتهت بالانهيار في يونيو 2018 عندما قدمت الشركة طلبا بالتصفية المؤقتة لمحكمة جزر الكايمان.
ولا يواجه المتهمون الستة نفس التهم، التي تتنوع بين الاحتيال المالي وغسيل الأموال والاختلاس والرشوة.
وبدأت رحلة الانهيار العلنية لأبراج في أبريل 2018 عندما أعلن المستثمرون في صندوق أبراج للرعاية الصحية (قيمته 1 مليار دولار)، ومن بينهم مؤسسة “بيل آند ميليندا جيتس” الأمريكية ومؤسسة التمويل الدولية، عن مخاوفهم بشأن إساءة استخدام أموالهم، وهي التهم التي أنكرتها أبراج في البداية قبل أن تعترف لاحقا بعمليات “خلط أموال” كشفتها شركات محاسبة عينها المستثمرون، ثم تداعت المجموعة بشكل متسارع متقدمة بطلب تصفية مؤقتة يتيح لها إعادة هيكلة ديونها تحت إشراف المحكمة في جزر كايمان.
أول تعد على أموال صندوق الرعاية الصحية
وتقول لائحة الاتهام الأمريكية إن عمليات التعدي على أموال الصندوق بدأت في عام 2016، وكانت بمئات الملايين من الدولارات، أما التلاعب في أموال المستثمرين من الصناديق الأخرى فقد بدأ منذ عام 2015 – فضلا عن عمليات فساد وتضليل تم رصدها في 2014 – وكان الغرض تغطية نفقات الشركة وتحويل الأموال إلى حسابات وكيانات شخصية يسيطر عليها نقفي أو أفراد عائلته، فضلا عن مدفوعات المرتبات والمكافآت للشركاء.
ويقبع نقفي حاليا رهن الإقامة الجبرية في لندن بعد أن نفذت السلطات البريطانية والأمريكية عمليات مداهمة مفاجئة ومتزامنة ومنسقة في أبريل الماضي للقبض على نقفي في لندن – قبل عنه بكفالة في مايو – ومساعده عبدالودود في نيويورك، وبعد أيام تم القبض على فيتيفيتبيلاي في لندن (والاثنان تم الإفراج عنهما لاحقا واستبقائهما رهن الإقامة الجبرية).
ولم توضح لائحة الاتهام ما إذا كان المتهمين الأربعة الآخرين المشمولين في اللائحة قد جرى القبض عليهم أم لا.
وينكر نقفي وزملائه كل التهم الموجهه لهم ويصرون على البراءة.