إيمان القاضي وعبدالغفور أحمد محسن
لم يتوقع عارف نقفي مؤسس أبراج أن تحاسبة هيئات الرقابة المالية العالمية (الجهات التنظيمية في الدول التي تعمل فيها أبراج) على مافعله في المؤسسة من تلاعب بأموال المستثمرين، قائلا إنه قد يخضع فقط لتحقيق من الهيئة التنظيمية الرئيسية التي يتبع لها (هيئة دبي للخدمات المالية في هذه الحالة) والتي ستتحول إلى درع يحيمه خوفا على سمعة البلد، وفقا لما كشفته سلطات الادعاء الأمريكية.
“لن يبدأ أحد في إجراء تحقيق عندما تقوم الجهة التنظيمية الرئيسية بإجراء التحقيق، هذا بروتوكول متبع بين جميع الجهات التنظيمية، وكما أقول دائما ستعمل تلك الهيئة (الرئيسية) كدرع لنا من أجل مصلحة الأسواق الناشئة وسمعة البلد وأبراج”، قال نقفي في أبريل 2018 – قبل شهرين من انهيار الشركة – خلال مكالمة هاتفية اعترضتها لاحقا جهات التحقيق الأمريكية وأوردتها ضمن الأدلة التي تثبت عن طريقها تعمد نقفي و5 من مساعديه تضليل المستثمرين ونهب أموالهم فضلا عن عدة تهم أخرى.
ونشرت جهات الادعاء الأمريكية فحوى المكالمة ضمن لائحة اتهام جديدة موسعة، الخميس الماضي، وقد حصلت “المال” على نسخة من تلك اللائحة.
من يحاسب أبراج؟
الطرف الثاني في المكالمة كان أحد مديري علاقات المستثمرين في الولايات المتحدة وقد استعان به نقفي لإقناع مؤسسات في الولايات المتحدة بضخ أموال في صندوق جديد كان يعتزم إطلاقه بقيمة 6 مليارات دولار، قبل أن تفشل المهمة بعد جمع نصف المبلغ.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قد نشرت تحقيقا في أبريل الماضي سلطت فيه الضوء على هياكل أبراج التي أنشأت شركات وصناديق في ولايات قضائية بينها دبي وجزر كايمان ولندن وسنغافورة وموريشيوس والولايات المتحدة، بحيث لا تكون هناك جهة تنظيمية واحدة مسؤولة عن الإشراف على الشركة بأكملها، وهو أيضا ما سمح للجهات التنظيمية في تلك الدول بتبرئة نفسها من لوم المستثمرين على عدم اكتشاف سوء إدارة الشركة مبكراً.
وتقول الصحيفة إن أبراج أبلغت المستثمرين قبل انهيارها بأن سلطة دبي للخدمات المالية هي الجهة التنظيمية الرئيسية لها.
وبعد انهيار أبراج، قالت سلطة دبي للخدمات المالية إنها لم تكن مسؤولة عن مراقبة كيانات أبراج الرئيسية لأنها كانت مسجلة في جزر كايمان.
رد من سلطة دبي
وقال متحدث باسم سلطة دبي للصحيفة الأمريكية:” سلطة دبي للخدمات المالية لم تتصرف ولن تتصرف أبداً كدرع لأي شركة أو أي فرد”. وقال إن السلطة تحقق مع أبراج وأنها على تواصل في هذا الخصوص مع وزارة العدل الأمريكية.
وفي 11 يونيو الجاري أصدر محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، للشركات العاملة في مركز دبي المالي العالمي (DIFC) يتضمن إجراءات جديدة للتعامل مع حالات سوء الإدارة والسلوك، ويعزز القواعد الناظمة لإجراءات التصفية العابرة للحدود.
ووجهت السلطات الأمريكية التي اعتمدت على مكالمات هاتفية أخرى ومراسلات البريد الإلكتروني بين نقفي ومساعديه، اتهامات لمؤسس أبراج باختلاس أكثر من 250 مليون دولار.
ومن بين المتهمين أيضا آخرين (معروفين وآخرين غير معروفين) وفقا لنص لائحة الاتهام.
وتقول سلطات الادعاء أن الأزمة المالية بدأت في الظهور بأبراج منذ عام 2014، واستمر المتهمون في التلاعب بالمستثمرين وأموالهم طوال الفترة التي انتهت بالانهيار في يونيو 2018 عندما قدمت الشركة طلبا بالتصفية المؤقتة لمحكمة جزر الكايمان.
ولا يواجه المتهمون الستة نفس التهم، التي تتنوع بين الاحتيال المالي وغسيل الأموال والاختلاس والرشوة.
وبدأت رحلة الانهيار العلنية لأبراج في أبريل 2018 عندما أعلن المستثمرون في صندوق أبراج للرعاية الصحية (قيمته 1 مليار دولار)، ومن بينهم مؤسسة “بيل آند ميليندا جيتس” الأمريكية ومؤسسة التمويل الدولية، عن مخاوفهم بشأن إساءة استخدام أموالهم، وهي التهم التي أنكرتها أبراج في البداية قبل أن تعترف لاحقا بعمليات “خلط أموال” كشفتها شركات محاسبة عينها المستثمرون، ثم تداعت المجموعة بشكل متسارع متقدمة بطلب تصفية مؤقتة يتيح لها إعادة هيكلة ديونها تحت إشراف المحكمة في جزر كايمان.
ويقبع نقفي حاليا رهن الإقامة الجبرية في لندن بعد أن نفذت السلطات البريطانية والأمريكية عمليات مداهمة مفاجئة ومتزامنة ومنسقة في أبريل الماضي للقبض على نقفي في لندن – قبل الإفراج عنه بكفالة في مايو – ومساعده عبدالودود في نيويورك، وبعد أيام تم القبض على فيتيفيتبيلاي في لندن (والاثنان تم الإفراج عنهما لاحقا واستبقائهما رهن الإقامة الجبرية).
ولم توضح لائحة الاتهام ما إذا كان المتهمين الأربعة الآخرين المشمولين في اللائحة قد جرى القبض عليهم أم لا.
وينكر نقفي ورفاقه كل التهم الموجهه لهم ويصرون على البراءة.